بداية جديدة لبناء الإنسان المصري وفق أهداف التنمية المستدامة
بداية جديدة لبناء الإنسان المصري وفق أهداف التنمية المستدامة
تتجلى أهمية تنمية الطفولة المبكرة باعتبارها ركيزةً أساسيةً في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهي المرحلة التي تكون في الأعوام الستة الأولى من عُمْرِ الطفل؛ أي المرحلة الذهبية التي تُبنى فيها قدراتُ ذهن الإنسان وجسدُه ونفْسُه؛ ولهذا فإنَّ الاستثمار في هذه المرحلة يُعدُّ من أنجح الاستثمارات في حياة الأمم.
انطلاقًا من هذه الأهمية الكبرى، ودعمًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بشمولية وعدالة؛ أطلقت مبادرة رئيس الجمهورية للتنمية البشرية “بداية جديدة لبناء الإنسان” برنامجَ البداية الذهبية للأُسرة والطفل من سن صفر إلى 6 سنوات، وهذه البداية الذهبية الحقيقية سوف تتشكل ملامحها بتوفير رعاية صحية وتعليمية ونفسية متكاملة للأطفال كلهم، علَى أنْ تكون رعايةُ صحة الأمهات في المقام الأول من هذا البرنامج الوطنيّ، مع تهيئة بيئة مستدامة تضمن حَمْلًا آمنًا وولادةً صحيةً، ثم بعد ذلك إتاحة مناخ ملائم للتربية الإيجابية، وتحفيز قدرات الطفل علَى التعلم.
وفي إطار تحقيق هذه الأهداف التنموية الوطنية تتضافر الجهود المصرية الحكومية، حيث تتولى وزارة الصحة والسكان دورًا محوريًّا في هذا البرنامج؛ فبالإضافة إلى ما سبق من خطوات رعاية الجنين حتى يصير طفلًا، فإنَّ وزارةَ الصحةِ سوف تعمل علَى توفير رعاية صحية ذات جودة عالية في ما يتعلق بتأمين تغذية الطفل تغذيةً سليمةً؛ لضمان نموه وتطوره بصورة صحية، والحد من معدلات الأنيميا والتقزُّم، ومكافحة سوء التغذية، وكذلك تقليل معدلات وفيات الرُّضَّع وحديثِي الولادة.
ومِن بين الوزارات التي تشارك في تفعيل برنامج البداية الذهبية للأسرة والطفل وزارةُ التضامن الاجتماعيّ، التي يتمثل دورها في تمكين الأُسر تمكينًا اقتصاديًّا، وتوفير تغطية شاملة للحضانات، وضمان حماية حقوق الطفل داخل أسرة واعية، وحمايته من العنف. وهناك أيضًا وزارة التربية والتعليم، المعنية برفع معدلات التحاق الأطفال بالتعليم قبل المدرسيّ، وتطوير مهاراتهم بما يضمن استعدادهم للتعليم الابتدائيّ. كما تقوم وزارة الثقافة برفع الوعي الثقافيّ بين الآباء والأمهات؛ حتى يدركوا أهميةَ هذه المرحلة من خلال برامج تثقيفية، وندوات توعوية. وكذلك تشارك وزارة الشباب والرياضة في إعداد برامج تنشئة بدنية سليمة للأطفال؛ لأجل بناء جيل يتمتع بصحة بدنية ونفسية.
أمَّا تفاصيل أهداف البرنامج -برنامج البداية الذهبية للأسرة والطفل من سن صفر إلى 6 سنوات- فتتمثل في رفع نسبة تغطية الحضانات المرخصة للفئة العمرية من 0 إلى 4 سنوات في خلال ثلاثة أعوام، وزيادة نسبة تغطية التعليم قبل المدرسيّ من 30% إلى 60%.
يستهدف البرنامج -أيضًا- خفضَ معدلاتِ الأمراضِ التي ذكرناها سابقًا -الأنيميا والتقزُّم وسوء التغذية- بنسبة تصل إلى 10% سنويًّا، بالإضافة إلى تقليل معدلات وفيات الأطفال الرُّضَّع وحديثِي الولادة بنسبة 10% سنويًّا، كما يسعى البرنامج إلى رفع نسبة الرضاعة الطبيعية عند عُمْرِ 4 – 5 شهور من 13% إلى 50% في خلال ثلاثة أعوام.
كل تلك الأهداف وذلك التعاون الوزاريّ يساعد علَى بناء جيلٍ ذي صحة جيدة، وتعليم يتسق مع متطلبات التحضر ومعايير نهضة المجتمع المصريّ -علميًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا- في المجالات جميعها؛ تحقيقًا لرؤية مصر 2030، وهو أمر يتوافق مع كثيرٍ من أهداف التنمية المستدامة، مثل الهدف الثالث: الصحة الجيدة والرفاه، حيث يعمل “برنامج البداية الذهبية للأسرة والطفل من سن صفر إلى 6 سنوات” علَى تحسين صحة الأطفال، والحد من معدلات سوء تغذيتهم، ومكافحة الأمراض التي قد تصيبهم بصورة عامة.
ثم هناك الهدف الرابع: التعليم الجيد، وهو ما يظهر في محاور هذا البرنامج الوطنيّ من خلال رفع معدلات التحاق الأطفال بالتعليم قبل المدرسيّ، وتطوير بيئة تعليمية ملائمة. ولو نظرنا أيضًا إلى ذلك التعاون الوزاريّ الذي يقوم عليه البرنامج لوجدناه يحقق -بطبيعة الحال- الهدفَ السابع عشر من أهداف التنمية المستدامة؛ هو: عَقْدُ الشراكات لتحقيق الأهداف.
في الختام تؤكد حماة الأرض ما لهذه المبادرة الرئاسية من أهمية حاسمة في تعزيز مستقبل الأجيال القادمة، فهي تعمل في أرض الواقع علَى تحسين صحة وتعليم الأطفال الذين سيشكلون مستقبل مصر؛ وهو ما يعكس أهدافَ التنمية المستدامة عامةً ورؤيةَ مصر 2030 خاصةً.