صناعات مستدامة

البلاستيك الحيوي… مَا بينَ غُموضِ التَّعريفِ وحقيقةِ التَّأثيرَات

البَلاستيكُ الحَيوِي… مَا بينَ غُموضِ التَّعريفِ وحقيقةِ التَّأثيرَات

البلاستيك الحيوي… مَا بينَ غُموضِ التَّعريفِ وحقيقةِ التَّأثيرَات

نمَا إنتاجُ البلاستيك العالميِّ في العُقودِ الأخيرة. يُساعدُنا البلاستيكُ في الحفاظِ على الطَّعام، وعزلِ المُنشآت، واستخدامِ الإلكترونيَّات، وجعلِ المَركباتِ أكثرَ كفاءةً في استهلاكِ الوقود، إلى غيرِ ذلكَ مِنَ الاستخداماتِ التي لا حصرَ لهَا. ومعَ ذلك، فإنَّ الحجمَ الهائلَ لاستهلاكِ البلاستيكِ في مُجتمعاتِنا يَنتجُ عنْهُ بَصمةٌ كربونيَّةٌ عاليةٌ مرتبطةٌ بالإنتاج، وكمياتٌ كبيرةٌ مِنَ النفايات، وتلوثٌ مُستمرٌ يَقودُ إلى الإضرارِ بالحياةِ البريةِ والنظامِ البِيئي.

في السنواتِ الأخيرَة، أدَّى الوعْيُ المُتزايدُ بالتلوُّثِ البلاستيكيِّ المنتشرِ في كلِّ مكانٍ إلى توجيهِ الرأيِّ العام، ومهَّدَ الطريقَ لتدخُّلٍ سياسي، ما بينَ قوانينٍ لتنظيمِ إدارةِ المخلفات، ومبادراتِ تقليلِ استخدامِ البلاستيكِ وتوفيرِ البدائلِ الصديقةِ للبِيئة.

يَملأُ البلاستيكُ مَكاتِبَنا ومنازلَنا. يُلحقُ التلوثُ البلاستيكيُّ خسائرَ فادحةً بالحياةِ البريَّة: أكثرَ منْ 700 نَوع، بمَا في ذلك: السلاحفُ البحريَّةُ والأسماكُ والحِيتان، تأكلُ البلاستيكَ أو تتشابكُ فِيه، وقريبًا سيتفوقُ البلاستيكُ (كوزن) على جميعِ الأسماكِ الموجودةِ في البحر، كمَا أنَّهُ تسلَّلَ ليُصبحَ مَوجودًا في مياهِ الشربِ لدينا وعلى أطباقِنا.

وعلى الرَّغمِ منْ كلِّ ما سَبق، تُخططُ صِناعةُ النفطِ لزيادةِ إنتاجِ البلاستيكِ بنسبةِ 40 في المائةِ خلالَ العقدِ المُقبِل، وسيُؤدِّي ذلكَ إلى زيادةِ المعروضِ مِنَ الغازِ الطبيعي؛ لتزدادَ مصانعُ البلاستيكِ في جميعِ أنحاءِ العالمِ التي تقومُ بِتحويلِ الوَقودِ الأُحفوريِّ إلى بلاستيك، وهو ما دَقَّ نَاقُوسُ الخَطرِ لإيجادِ بدائلَ أكثرَ استدامةً وصداقةً للبِيئة، لعلَّ أبرزَها هو البلاستيك الحيوي.

كيفَ يتمُّ تصنيعُ البلاستيك؟

بشكلٍ عام، يتكونُ البلاستيكُ -سواءً الحيوي أو غير الحيوي- منْ مجموعةٍ مِنَ السلاسلِ الكيميائيةِ المرتبطةِ ببعضِها، يُطلقُ على كلِّ سلسلةٍ منها اسم «بوليمر-Polymer»، تتكونُ كلُّ سلسلةٍ منْ هذهِ السلاسلِ منْ مجموعةٍ مِنَ الجزيئاتِ المرتبطةِ ببعضِها، ويُطلقُ على كلِّ جُزَيءٍ منها اسم «مونومير-Monomer»، وتتحكَّمُ طريقةُ ارتباطِ هذهِ السلاسلِ ببعضِها ونوعيةُ الجزيئاتِ المُشَكَّلةِ لكلِّ سلسلة في نوْعٍ وخصائصِ البلاستيكِ الناتج.

يتمُّ استخراجُ الجزيئاتِ المختلفة “Monomers” الخاصَّةِ بصناعةِ البلاستيكِ بشكلٍ أساسيٍّ منْ مشتقاتِ الوَقودِ الأحفوري، عبرَ مجموعةٍ مِنَ التفاعلاتِ الكيميائية، ليتمَّ بعدَ ذلكَ المزجُ بينَ هذهِ الجزيئاتِ تحتَ ظروفٍ محددةٍ في عمليةٍ تُعرفُ باسمِ البَلْمَرَة “Polymerization” لإنتاجِ البوليمرات المختلفة.

البوليمراتُ التي يتمُّ إنتاجُها تَتَّجِهُ بعدَ ذلكَ إلى مصانعِ التشكيل، والتي تَقومُ بتحويلِ هذهِ البوليمرات إلى منتجاتٍ نهائيةٍ يمكنُ استخدامُها في مُختلفِ الأغراض.

مَاذَا نَعنِي بالبلاستيك الحيوي؟

يمكنُ تعريفُ البلاستيك الحيوِي على أنَّهُ البلاستيكُ القابلُ للتحلُّلِ والمصنوعُ منْ موادَّ بيولوجيةٍ مُتجدِّدَة، بدلًا منْ إنتاجِ البلاستيكِ بِالطُّرقِ التقليديَّةِ عنْ طريقِ استخدامِ مُشتقَّاتِ البترولِ أوِ الغازِ الطبيعي، معَ الاعتمادِ على مصادرِ الطاقةِ المتجددة. البلاستيك الحيوي يمكنُ أن يَدخُلَ في العديدِ مِنَ المُنتجات، بالإضافةِ لكونِهِ أكثرَ فائدةً للبِيئةِ مِنَ البلاستيكِ المصنوعِ مِنَ الوَقودِ الأحفوري.

في عام 2022 مثَّلتْ صناعةُ البلاستيك الحيوي 1٪ فقط منْ إنتاجِ البلاستيكِ في العالم، حيثُ تُعتبرُ صناعةُ البلاستيك الحيوي صناعةً حديثةَ العَهد. وحتى الآنَ لا يوجدُ نظامٌ عالميٌّ مُوَحَّدٌ لتمييزِ البلاستيكِ الحيوي -القابل للتحلُّل- مِنَ البلاستيكِ العادي، وهوَ الأمرُ الذي يجعلُ مِنَ الصعبِ على المُستهلكِينَ الحُكمَ إذَا كانوا يَقومونُ بشراءِ منتجاتٍ غيرِ ضارةٍ بالبيئةِ أم لا.

وعلى الرغمِ منْ ذلك، فإنَّ الوعيّ المتزايدَ بمدَى ضررِ الموادِّ البلاستيكية، بالإضافةِ إلى زيادةِ الأُطرِ التنظيميةِ الحكوميةِ في التعامُلِ معَ النفاياتِ البلاستيكية، أدَّى إلى زيادةِ الاهتمامِ والاستثمارِ في البلاستيك الحيوي، هذهِ الصناعةُ التي مِنَ المُتوقعِ أن تنموَ بنسبةٍ تفوقُ الـ 10% في السنواتِ القليلةِ المُقبِلة. هذا النموُّ مِنْ شأنِهِ توفيرُ  المساعدةِ في حلِّ واحدةٍ منْ أسوأِ المشاكلِ البيئيةِ التي يُواجِهُهَا العالمُ وهي «التلوثُ البلاستيكي».

لماذَا تَكرَهُ البِيئةُ البلاستيك؟

العديدُ مِنَ العلماءِ والباحثِينَ يَعتبرونَ أنَّ التلوُّثَ البحريَّ بمخلفاتِ البلاستيكِ بِمَثابةِ أزمةٌ بِيئيةٌ عالميةٌ متزايدةٌ معَ عدمِ وجودِ علاماتٍ على تراجُعِها، والمثالُ الأبرزُ على ذلكَ هوَ بُقعةُ القُمامةِ الكبرَى في المحيطِ الهادِئ. ومنْ بينِ حوالي «380 مليون» طنٍّ مِنَ البلاستيكِ يتمُّ إنتاجُها كلَّ عام، يتمُّ إعادةُ تدويرِ 12٪ فقطْ في الولاياتِ المتحدةِ على سبيلِ المثال، وَفقًا لوِكالةِ حِمايةِ البِيئة، في حينٍ يتمُّ إعادةُ تدويرِ ما يقرُبُ من 5٪ فقط منْ ذلكَ في جميعِ أنحاءِ العالم.

وتشيرُ الأرقامُ إلى أنَّهُ في كلِّ عام، يتمُّ التخلُّصُ منْ حوالي 9 ملايينِ طنٍّ مِنَ النفاياتِ البلاستيكيةِ في المحيطاتِ المختلفة، حيثُ يتحلَّلُ البلاستيكُ ببطْءٍ إلى جزيئاتٍ أصغرَ وأصغرَ تُسمَّى دقائقُ البلاستيك، وفي هذهِ اللحظة، ما يصلُ إلى «51 تريليون» جُزَيءٍ مِنَ البلاستيكِ الدقيقِ يطفُو في محيطاتِنا.

أمَّا على الجانبِ البشري، فتشيرُ الدراساتُ إلى أنَّ جسمَ الإنسانِ البالغِ في المتوسطِ يَستقبلُ ما يُقدَّرُ بنحو 883 جُسَيمٍ مِنَ الجُسَيماتِ البلاستيكيةِ كلَّ يوم، وهيَ مدخلٌ يتراكمُ في أنسجةِ الجسمِ دونَ أن يتمَّ التخلُّص منه. على جانبٍ آخر، عندمَا تتغذَّى الكائناتُ البحريةُ والبريةُ على هذهِ الدقائقِ البلاستيكية، يمكنُ أن تتعرَّضَ لآثارٍ صحيةٍ وَخِيمَة، ما بينَ الاستجاباتِ المَناعيَّةِ والتلوُّثِ السَّامِّ إلى سُوءِ التغذية.

الطرقُ المختلفةُ لصُنعِ البلاستيك الحيوي

لإنتاجِ البلاستيك الحيوي، يتمُّ استخراجُ البُولِيمراتِ مِنَ المصادرِ الحيويةِ لتشكيلِ المنتجاتِ البلاستيكيةِ المُختلفة. يمكنُ أنْ تشملَ هذهِ المصادرُ الحيويةُ نباتاتٍ مثل: قصبُ السُّكر، والذرة، ومصادرُ نباتيَّةٍ أخرَى صالحةً للأكلِ يُطلقُ عليها «اسمُ الجِيلِ الأول» مِنَ المصادرِ الحَيوية، ولكنْ هُناكَ مُشكلِةٌ هُنا، فإنتاجُ البلاستيك الحيوي مِنْ المصادرِ السابقةِ للذكر (الجيل الأول) تُعدُّ أمرًا مثيرًا للجدَل، نظرًا لِمَا قد يَنتجُ عنها منْ تَعريضِ الأمنِ الغذائيِّ للخَطر.

أمَّا عَنِ الجيلِ الثاني مِنَ المصادرِ الحيويَّة، فيشملُ النفاياتُ الزراعيةُ والصناعيةُ والمخلفاتُ البلديةُ وغيرُها، حيثُ إنَّ هذهِ المصادرَ غيرُ صالحةٍ للأكل، وبالتالي فإنَّ إنتاجَ البلاستيك الحيوي منها لنْ يتسبَّبَ في أيِّ مشكلةٍ تتعلقُ بالأمنِ الغذائي.

الجيلُ الثالثُ مِنَ المصادرِ الحيويةِ التي يُمكنُ إنتاجُ البلاستيكِ منْها يَشملُ الأعشابُ البحريةُ والبكتيريَا الزرقاءُ والطحالبُ الدقيقة، حيثُ يمكنُ زراعةُ هذهِ الأخيرةِ في مياهِ الصرفِ الصحي، بما في ذلكَ مرافقُ معالجةِ المياهِ البلديَّة، ممَّا يعنِي أنَّ زراعتَها لنْ تؤثرَ على استخداماتِ الأراضي الأخرى. يمكنُ أيضًا تصنيعُ البوليمراتِ البلاستيكيةِ الحيويةِ مِنَ البلاستيك الحيوي المُعادِ استخدامُهُ أوِ المُعادِ تدويرُه، ممَّا يجعلُها جزءًا منْ مفهومِ الاقتصادِ الدائري.

كيفَ يُمكنُ للبلاستيكِ الحيويِّ خَفضُ الانبعاثَات؟

تُساهمُ الموادُّ البلاستيكيةُ القائمةُ على الوَقودِ الأُحفوريِّ بما يقرُبُ من 4٪ من انبعاثاتِ الغازاتِ الدفيئةِ السنويةِ على مستوى العالم. يأتي ما يقرُبُ منْ ثُلثَي هذهِ الانبعاثات (63٪) منْ إنتاجِ النَّفطِ الخامِّ وتكريرِهِ وتحويلِه إلى بوليمرات (المادة الأساسية في البلاستيك)، في حين تأتي 22٪ أخرى مِنَ الانبعاثاتِ منْ تحويلِ البوليمراتِ إلى المنتجاتِ المختلفة، بينما تضيفُ إدارةُ النفايات 15٪ أخرى، نظرًا لحقيقةِ أنَّ معظمَ الموادِّ البلاستيكيةِ يتمُّ حرقُها بدلًا من إعادةِ تدويرِها.

أهميةُ البلاستيك الحيوي تكمُنُ في القضاءِ على الاعتمادِ على البترولِ والغازِ الطبيعيِّ في إنتاجِ البلاستيك، وهوَ الأمرُ الذي منْ شأنِهِ تقليلِ البَصمةِ الكربونيةِ لهذهِ الصناعةِ الهامَّةِ بشكلٍ كبير، ولكنْ فقط إذا قُمْنا بإنتاجِ البلاستيك الحيوي منْ مصادرِ الجيلِ الثاني أوِ الثالث، حيثُ إنَّ مصادرَ الجيلِ الأوَّلِ مثل: الذرةُ أوْ قصبُ السكر، لن تؤديَ إلا إلى تخفيضٍ بنسبة 25٪ تقريبًا من انبعاثاتِ غازاتِ الاحتباسِ الحراري لهذهِ الصناعة.

على جانبٍ آخر، فإنَّ تحويلَ عمليةِ الإنتاجِ إلى الاعتمادِ على الطاقةِ المتجددةِ الخاليةِ مِنَ الكربون سيكونُ لهُ تأثيرٌ أكبرُ بكثيرٍ منْ مجرَّدِ التحوُّلِ منَ البوليمراتِ الأحفوريةِ إلى البوليمراتِ الحَيوية، حيثُ ستُقلِّلُ مصادرُ الطاقةِ النظيفةِ مِنَ البصمةِ الكربونيةِ للبلاستيكِ بنسبة 62٪.

وعلى عكسِ البلاستيكِ الأُحفوري، يمكنُ للبلاستيكِ الحيويِّ أنْ يكونَ بسهولةٍ جزءًا كبيرًا منَ الاقتصادِ الدائري، حيثُ إنَّ البلاستيك الحيوي المشتقَّ مِنَ النفاياتِ يُعتبر مُحايدًا للكربون، لذا يُعتبرُ الجيلُ الثاني مِنَ البلاستيكِ الحيويِّ أقلَّ تأثيرٍ على الاحتباسِ الحراري.

أمَّا بالنسبةِ للموادِّ البلاستيكيةِ الحيويةِ مِنَ الجيلِ الثالث، فلمْ تَحْظَ بنفسِ العنايةِ والدراسةِ الوافية، حيثُ لمْ يصلْ معظمُها بعدُ إلى الجَدوَى التجارية، لكنَّها تُعتبرُ طريقةً واعدةً لتقليلِ انبعاثاتِ الكربونِ بشكلٍ أكبر، حيثُ تقومُ البكتيريا الزرقاءُ والطحالبُ بإزالةِ ثاني أكسيدِ الكربونِ مِنَ الغلافِ الجويِّ أكثرَ ممَّا تُنتجُهُ ككتلةٍ حيوية، ممَّا يعني أنَّ استخدامَها كموادَّ وسيطةٍ للبلاستيكِ الحيويِّ سيجعلُ الصناعةَ مُستهلكةً للكربونِ بشكلٍ أكبرَ ممَّا تنتجُه.

مشكلةُ التعريفِ والفَهم

أحدُ العَقباتِ الرئيسيةِ أمامَ الاستخدامِ الأوسَعِ للبلاستيكِ الحيويِّ هوَ تضليلُ المستهلِكِ بشأنِ مُحتوَاها وكيفيَّةِ التخلُّصِ منها، حيثُ إنَّهُ بتحليلِ دورةِ الحياةِ للأنواعِ المختلفةِ مِنَ البلاستيك الحيوي، استنتجَ الباحثونَ أنَّ العديدَ منْ أنواعِ البلاستيك الحيوي قد تكونُ غيرَ قابلةٍ للتحلُّلِ مِنَ الأساس، فاعتمادًا على تركيبتِهِ الجُزَيئيَّة، قد يكونُ البلاستيك الحيوي قابلًا للتحلُّلِ وقد لا، حيثُ وُجِدَ أن حوالي 60٪ منه غيرُ قابلٍ للتحلُّل.

ينبعُ بعضُ الارتباكِ والغموضِ من حقيقةِ أنَّ المصطلحات مثل «البلاستيك الحيوي» و«قابل للتحلُّل»، يمكنُ أن تعنيَ أشياءَ مختلفةً كثيرة، حيثُ إنَّ منتجاتِ البلاستيكِ التي تحملُ علامة «بلاستيك حيوي» قد تعني ما يلي: بلاستيك أساسُهُ البترولُ ولكنَّه قابلٌ للتحلُّل، أو بلاستيك مصنوعٌ مِنَ النباتاتِ والمصادرِ المتجددةِ ولكنَّها غيرُ قابلةٍ للتحلُّل البيولوجي، أو بلاستيك قابلٌ للتحلُّلِ ولكنَّه مصنوعٌ منْ مصادرَ متجددةٍ مِنَ الجيلِ الأولِ مثل: المحاصيلُ الصالحةُ للأكل، أو بلاستيك قابلٌ للتحلُّلِ البيولوجي ومصنوعٌ منْ مصادرِ الجيلِ الثاني أوِ الثالثِ مثل: النفاياتُ أوِ الطحالبُ الدقيقة.

ومعَ عدمِ وجودِ تعريفاتٍ واضحة، لا يتمُّ تضليلُ المستهلكينَ فحسب، بل قد يتمُّ إقناعُهم أيضًا بأنَّ المنتجاتِ التي يشترونَها أفضلَ ممَّا هي عليهِ في الواقع. الوضوحُ في التعريفات، مثل تلكَ الخاصةُ بمعاييرِ البصمةِ البيئيةِ للمنتجاتِ في الاتحادِ الأوروبي، هو خُطوةٌ في الاتجاهِ الصحيحِ نحوَ اعتمادٍ أكبرَ للبلاستيكِ الحيويِّ وتقليلِ التأثيراتِ على البيئةِ لتحقيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامة.

في عامِ 2020، دعَتْ خُطةُ عملِ الاقتصادِ الدائريِّ للاتحادِ الأوروبيِّ إلى وضْعِ ملصقاتٍ أفضلَ للبلاستيكِ الحيويِّ لتوضيحِ أنَّ الموادَّ الأوليةَ البيولوجيةَ قدْ أدَّتْ حقًّا إلى فوائدَ بيئيةٍ تتجاوزُ مجرَّدَ استبدالِ المواردِ الأحفورية، وأنَّ علامة «قابلة للتحلل» تعني إطارًا زمنيًّا «مُدَّتُه 12 أسبوعًا» وليسَ أكثرَ حتى يتحلَّلَ المنتجُ بشكلٍ كامِل.

البلاستيكُ الحيويُّ في مُستقبلِ الاستدامة

كانَ لتطويرِ الموادِّ البلاستيكيةِ القائمةِ على المَصادرِ الأُحفوريةِ عَواقبُ وخيمةٌ على صحةِ الإنسانِ والحيوانِ والكوكب. يمكنُ أنْ يكونَ البلاستيكُ الحيويُّ جزءًا مِنِ اقتصادٍ دائريٍّ سالبِ الكربونِ يُساعدُ في تخفيفٍ مَا. أصبحَ أحدُ أسوأِ كوابيسِنا البيئيةِ هو التلوثُ البلاستيكي، ولكنْ لمواجهة ذلك، يجبُ اتخاذُ عددٍ مِنَ الخُطواتِ لضمانِ توحيدِ التعريفاتِ وعدمِ تضليلِ المستهلِك.

لا شكَّ أنَّ صِناعةَ البلاستيكِ أصبحَتْ عنصرًا أساسيًّا منْ حياتِنا اليومية، إلَّا إنَّ الإدراكَ والوعيَ المتزايدَ بقضايَا التنميةِ المستدامةِ وحمايةِ البيئة، سلَّطَ الضَّوءَ على الجانبِ المُظلمِ لعددٍ كبيرٍ مِنَ الصناعاتِ المُلوَّثةِ لكوكبِنا بشكلٍ سلبيٍّ كبير، ومنْ بينِها صناعاتُ البلاستيكِ للاستخدامِ في الأغراضِ المختلفة.

البلاستيك الحيوي بمفهومِه السَّليم، يعتبرُ أحدَ الخياراتِ الواعدةِ التي يمكنُ أنْ تَتحوَّلَ بهذهِ الصناعةِ إلى الاستدامة، فمثلًا، الجيلُ الثاني مِنَ البلاستيكِ الحيويِّ يقومُ بتوفيرِ البلاستيكِ عنْ طريقِ إعادةِ تدويرِ المخلفات، وهو ما يُمثِّلُ فائدةً أخرى بخِلافِ تقليلِ الاعتمادِ على المَصادرِ الأحفورية، وهي تَخليصُ البيئةِ مِنَ النفايات البلاستيكيةِ التي قد تظلُّ لقُرونٍ دونَ أنْ تَتحلَّل.

وفي نفسِ السياق، فإنَّ صِناعةَ البلاستيكِ الحيويِّ مِنَ الجيلِ الثالثِ تُمثِّلُ خِيارًا واعدًا؛ نظرًا لكونِها صناعةً تستهلكُ ثاني أُكسيدِ الكربونِ مِنَ الغُلافِ الجوي، وهو ما يَخدِمُ عددًا كبيرًا منْ أهدافِ الاستدامةِ دفعةً واحدة.

البلاستيك الحيوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى