الاستدامة والقانونUncategorized

الأطفال أُولى خسائر التغيرات المناخية

الأطفال أُولى خسائر التغيرات المناخية

الأطفال أُولى خسائر التغيرات المناخية

الأطفال أُولى خسائر التغيرات المناخية

ماذا بعد مؤتمر شرم الشيخ – COP27؟ إنه السؤال الأهم بعد مرور عامٍ عليه، وقبيل انعقاد “COP28” في دبي – الإمارات مطلع نوفمبر القادم؛ فعلَى الرغم من التوصيات والمبادرات المناخية والتنموية التي صَدَرَتْ عن هذه القمة المصرية فإنَّه ما يزال أمامنا كثير لتحقيقه محليًّا وإقليميًّا.

إننا نكافح الآن للوصول إلى صافي انبعاثات صفري؛ لأجل أنْ تظلَّ درجةُ حرارةِ الأرضِ دون 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وهذا ما دفع بمصرَ نحو مزيدٍ من الجهود في سبيل مكافحة تغيُّر المناخ والتكيف مع آثار هذا التغيُّر.

ولأجل هذا الهدف علينا أنْ نتحول بالطاقة الأحفورية إلى أنواع الطاقة الجديدة والمتجددة، وهو تحول ضِمن تحولاتٍ خضراء أخرى، أهمها -على الإطلاق- قطاع الطاقة؛ لأنَّ الوقودَ الأحفوريَّ مصدرُ أغلب انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم كله.

ولا أبالغ لو قلتُ: إنَّ التغيرات المناخية يمكن أنْ تقضي علَى كل ما يمكن أنْ نكتسبه مِن تَقدم في قطاعات الصحة والتعليم والبيئة، وغيرها من القطاعات. وهذه التغيرت لا تستهدف مصرَ فقط، وإنما العالم كله. وإذا كنَّا ندرك حقيقةَ الظرف التاريخي الذى تجتهد فيه الأيادي المصرية، والذي نراقب فيه -أيضًا- مؤشرات الاتجاه المناخي العالمي؛ فَبِنَا أنْ نحمل علَى عاتقنا أهدافَ التنمية المستدامة السبعة عشر، والمحافظة على البيئة بصورة تشمل فئات المجتمع كله.

وليست هناك فئةٌ أحوج إلى هذا الإدراك البيئي الواعي مِن الأطفال، الذين تؤكد الدراساتُ أنهم سيتأثرون -مستقبلًا- بدرجة أكبر مِن الآباء والأجداد الحاليينَ بمقدار ثلاثة أضعاف؛ لذا لم يَعُدْ تفعيلُ خُططِ التنمية واستراتيجيات مكافحة التغيرات المناخية فعَّالًا إذا كنَّا سنظل غافلينَ عمَّا للأطفال مِن حق علينا؛ حتى لا تطالهم التأثيراتُ المناخيةُ المختلفة.

أزمة المناخ أزمة أطفال

مصر -كما قلتُ آنفًا- دولةٌ مِن بين دول كثيرة تكافح التغيرات المناخية، وربما هي معرضة أكثر من غيرها لزيادة موجات الحر الشديد -لعلنا جميعًا لاحظنا هذا في حرارة شهرَي يوليو وأغسطس الماضيينِ- بالإضافة إلى تعرضها لعواصف ساحل البحر الأبيض المتوسط.

مِن هنا، أستطيع أنْ أقول دونما مبالغة: إنَّ “COP27” وما تواجهه مصرُ من تغيُّرات مناخية حادة محركانِ مِن محركات دفة الوعي المصري، واللذانِ يدفعانِها ناحية نقطة تحول إلزامية عنوانها: المناخ أولوية قصوى؛ ولذا ستكون “رؤية مصر 2030” فرصةً كبرى لدمج قضايا التغيرات المناخية بالحلَّينِ السياسي والاجتماعي، واللذينِ يتبعهما تَخْضِيرُ ميزانيةِ القطاعات كافةً.

وإذا كنَّا نتخذ من قضايا المناخ هدفًا وطنيًّا فإنَّ حمايةَ الأطفالِ أهم ما يجب أنْ نرغب في تحقيقه مِن عملنا علَى قضايا المناخ؛ فقبل الاعتراف بالمناخ وآثار تغيراته الضارة يجب أنْ نعترف بأنَّ أزمةَ المناخِ ليست سوى أزمةِ أطفالٍ، من حيث حقهم في حياة خضراء خالية من الأمراض. بعبارة أخرى: إنَّ التأثيراتِ المناخيةَ لا تؤثر في الجيل الحالي بالقدر ذاته الذي تؤثر به في الأجيال التالية، والذين هم -بالطبع- أطفال، وبعدها سيكبرون وتكبر معهم آثارُ المناخِ الضارة.

لذا، لا أحسب أنَّ أحدًا يجادلُ في أنَّ قضيةَ التغيراتِ المناخيةِ قضيةٌ تَمُسُّ الأطفالَ قبل أي فئة أخرى، وهذا ما يؤكده تقرير صادر عن منظمة اليونيسف، حيث اُستُعرِضَ فيه تأثيرُ موجات الحَرِّ في الأطفال، وأنَّ الصورةَ ستكون سوداويةً بحلول عام 2050 إذا لم نتصد لهذه التأثيرات الضارة.

القوانين المصرية تكافح تغيُّر المناخ

إنَّ مصرَ دافعتْ في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين -الذي استضافته في مدينة شرم الشيخ– عن التمويل العادلِ والشاملِ الذي يمكن أنْ تُعالَجَ به آثارُ التغيراتِ المناخية، ودعتْ إلى استصدار تعهد من الدول المتقدمة بإزالة الآثار المناخية الضارة الموجودة في الدول النامية، الدول التي لم تكن سببًا مباشرًا في هذه الآثار.

بالمثل، فإنَّ الأطفالَ يحتاجون إلى حَلٍّ عادلٍ وفعَّالٍ، فهم ليسوا أسبابًا فيما يمر به العالم من أزمات مناخية حادة، وبهذا جاءتْ إشارةُ السيد عبد الفتاح السيسي -رئيس جمهورية مصر العربية- عند افتتاحه فاعليات “COP27” في شهر نوفمبر الماضي، حيث رأى أنَّ النساءَ والرجالَ والشبابَ والأطفالَ مشتركون في مصيرٍ واحدٍ وهدفٍ واحدٍ.

وهذا ما سارتْ عليه الجهاتُ المَعنيةُ، اتباعًا لتوجيهات السيد الرئيس؛ حيث تعهَّدَتْ مصرُ باحترام الأطفال وحقوقهم منذ توقيع الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل وبروتوكوليها الاختياريينِ، فجاء قانون الطفل المصري رقم (112) لسنة 1996، ثم إصدار الدستور المصري عام 2014، وبعده إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في سبتمبر 2021.

مِن هنا، عملتْ مصرُ على تقليل التلوث، ورفع الوعي البيئي حول أساليب الحفاظ على البيئة، من خلال تعليم الأطفال في المدارس والشباب في الجامعات أهمية الحفاظ على البيئة كأسلوب حياة صحية وآمنة، وبالرغم من هذا ما يزال الطريقُ طويلًا نحو عمل مناخي يجعل من الأطفال هدفًا وأولويةً. وأرى أنَّ الحلَّ هو أنْ تدعو مصر والأطراف كافةً إلى عقد مؤتمر مناخي عالمي للأطفال؛ حتى ينتبه العالم إلى أنَّ الأطفالَ مستهدفون -في المقام الأول- بالعمل المناخي منذ بدء انعقاد مؤتمرات المناخ -مؤتمرات الأطراف- وأنه يجب علينا أنْ نسعى إلى مكافحة التغيرات المناخية المستقبلية والتكيف مع التغيرات المناخية الحالية؛ لأجل عالَمٍ مستدامٍ لنا وللأجيال القادمة.

وفي الختام، أؤكد أنَّنا على الطريق الصحيح، مع الحَاجَةِ إلى بذل مزيد من الجهد، وكثير من التوصيات والمبادرات الفعلية للحد من التغيرات المناخية، وأنْ ننظرَ إلى الأطفال باعتبارهم موضعَ الحلِّ الذي يجب علَى الجميع أنْ ينظر إليه باهتمامٍ بالغٍ؛ حتى نكفلَ لهم -والمجتمع كله-   وطنًا مستدامًا وحياةً خضراءَ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى