أبرزُ التقنيات المستدامة في صِناعةِ الحديد والصلب
أبرزُ التقنيات المستدامة في صِناعةِ الحديد والصلب
تُمثِّلُ صناعةُ الحديد والصلب جانبًا فِعليًّا وعمودًا أساسيًّا في حياتِنا اليوم؛ لِمَا لهُمَا منْ تأثيرٍ مباشرٍ في التنميةِ الإنشائيَّة مِنها: المَنازلُ، والمُستشفيَّاتُ، والطُّرقُ والبِنيةُ التَّحْتيَّةُ الأُخرى، تُسهمُ صِناعةُ الحديدِ والصُّلبِ في بناءِ الأساسِ الاجتماعي، والنموِّ الاقتصاديِّ لكلِّ الدُّوَل. يُمثِّلُ الصلبُ أحدَ أكثرِ الموادِّ التي يُعادُ تَدويرُها، إلَّا إنَّ الحرارةَ المُرتفعةَ التي تُمثِّلُ أمرًا حَيويًّا لعمليةِ الإنتاجِ لا تَزالُ تَتطلَّبُ كميَّاتٍ كبيرةً منَ الوَقودِ لتوليدِ احتياجاتِ هذهِ العمليةِ الصناعيَّةِ مِنَ الطَّاقة؛ ومِن ثَمَّ فإنَّ صناعةَ الحديدِ والصلبِ لا تَزالُ مِن بينِ أكبرِ الصناعاتِ المُستهلِكةِ للطاقة؛ وبالتالي تَستحوذُ على حِصَّةٍ كبيرةٍ مِنِ انبعاثاتِ «ثاني أكسيد الكربون»، حيثُ يصدرُ عَنْ هذهِ الصناعةِ ما بينَ «6% إلى 7%» مِن انبعاثاتِ الغازاتِ الدَّفيئَةِ على مُستوى العالم.
معَ تزايُدِ المَخاوِفِ العالميَّةِ حولَ تغيُّرِ المُناخ، أدركَتِ العديدُ مِنَ الشَّرِكاتِ جَنبًا إلى جنبٍ معَ المُستثمرينَ والحكوماتِ الضَّرورةَ والحاجةَ الماسَّةَ إلى التحوُّلِ بهذهِ الصناعةِ إلى الاستدامة، وذلكَ منْ خلالِ تحويلِ الصناعةِ إلى التقنيات التي تَعملُ على إزالةِ «الكربون» والحدِّ منِ انبعاثِه.
خلفيَّةٌ عنْ صناعةِ الحديد والصلب
يَحتلُّ الصلبُ المرتبةَ الثالثةَ منْ حيثُ وَفْرةِ الموادِّ السَّائبةِ منْ صُنعِ الإنسانِ بعدَ الأسمنتِ والأخشاب، ويُمثِّلُ مادةً مُتكامِلةً تَدخلُ في معظمِ الأغراضِ البِنائيَّةِ والصناعيَّة، حيثُ نجدُهُ كمُدخَلٍ رئيسيٍّ في أعمالِ البِناءِ والبِنيةِ التَّحتيَّة، وتصنيعِ الآلاتِ ووسائلِ النقلِ وغيرِها منَ البضائِع.
في عامِ 2020، كانَ الاستخدامُ الأكبرُ للصلبِ (بنسبة 52%) في أعمالِ البِناءِ والبِنيةِ التحتيَّة، وصناعةِ الآلاتِ (بنسبة 15%)، وصناعةِ السَّيارات (بنسبة 12%).
تُعتبرُ الموادُّ الخامُ لإنتاجِ الصُّلبِ -خامُ الحديد والفحمِ والحجرِ الجيري- بشكلٍ عامٍّ رَخيصةً ووَفِيرَةً في عمليةِ الإنتاجِ الأَوَّليَّة. تتحوَّلُ هذهِ المكوناتُ إلى مُنصهَرِ الصلب، وذلكَ منْ خلالِ سلسلةٍ مِنَ التفاعلاتِ الكيميائيةِ التي تحدثُ تحتَ درجاتِ الحرارةِ المُرتفعةِ جدًّا. تتولَّدُ الحرارةُ المطلوبةُ للعمليةِ الإنتاجيةِ مِن خلالِ فحمِ «الكوك»، أوعنْ طريقِ مصادرِ الطاقةِ الأخرى، وذلك لِتغْذيةِ أَفرانِ الإنتاجِ العِملاقة، كما يتمُّ الاستعانةُ بموادَّ مثل: «الكروم أو التيتانيوم» لإنتاجِ مُنتجاتٍ أكثرَ مَتانةً وذاتِ صِفاتٍ مُعزَّزَةٍ مثل: قابليةٌ أكبرُ للتشكيل، مُقاومةُ الخُدوش، أو مُقاومةٌ للصدأِ وغيرها.
الإنتاجُ العالميُّ مِنَ الصُّلبِ الخامِ زَادَ أكثرَ منَ الضِّعفِ خلالَ العقديْنِ الأخيريْنِ، حيثُ ارتفعَ الإنتاجُ إلى «1.86 مليار» طنٍّ في عامِ 2020. ومنْ ضِمنِ المُلاحظاتِ الجَديرةِ بالذِّكرِ أنَّ مواقعَ الإنتاجِ الكبيرةِ انتقلَتْ عبْرَ السنينَ منْ أوروبا، والولايات المتحدة، واليابان، والتي كانتْ تُمثلُ نِسبةً تصلُ إلى (53%) مِنَ الإنتاجِ العالميِّ إلى الأسواقِ الناشِئة، والتي تُمثلُ حاليًا أكثرَ منْ 70 في المائةِ مِنَ الإنتاج.
الاستدامةُ وصناعةُ الحديد والصلب
على الرغمِ مِن انخفاضِ احتياجاتِ الطاقةِ المطلوبةِ لإنتاجِ كلِّ طنٍّ مِنَ الصلبِ خلالَ العقديْنِ الماضيَيْن، إلَّا إنَّ النموَّ في مُعدّلاتِ الإنتاجِ نتيجةُ زيادةِ الطلبِ العالمي؛ أدَّتْ إلى زيادةٍ مُطردةٍ في إجمالي استهلاكِ الطاقةِ لهذهِ الصناعةِ الحيويَّة؛ وبالتالي زيادةِ انبعاثاتِ غاز «ثاني أكسيد الكربون»، والغازاتِ الدفيئةِ بشكلٍ عام، وهو الأمرُ الذي دفعَ العديدُ من مُصنِّعي الحديدِ والصلبِ حولَ العالمِ إلى البحثِ والتطويرِ، وتَجربةِ تِقنياتٍ جديدةٍ في عملياتِ التصنيعِ؛ بهدفِ مُواجهةِ هذهِ التحدِّيات، وذلكَ عنْ طريقِ تطبيقِ مبادِئِ الاستدامةِ عنْ طريقِ السُّبلِ التالية:
1- إعادةُ التدوير
يمكنُ جَمعُ خُردةِ الصلبِ الناتجةِ خلال العملياتِ التصنيعية، بالإضافةِ إلى الصلبِ الموجودِ في مُختلَفِ المُنتجاتِ في نهايةِ عمرِها الافتراضي، على سبيل المثال: البِنَى التي يتمُّ هدمُها، أوِ السَّياراتُ التي لم تَعُدْ صالحةً للاستخدام، أوِ استعادةُ المعادنِ الموجودةِ في الآلاتِ والمُعدَّاتِ المختلفة، حيثُ تصلُ معدِّلاتُ استعادةِ الصلبِ العالميةِ مِنَ الْمنتجاتِ في نهايةِ عمرِها الافتراضيِّ نسبةً تُقدَّرُ بـ (90%) لكلٍّ مِنَ السياراتِ والآلات، (85%) للبناء، و(50%) في الأجهزةِ الكهربيةِ والمنزلية.
ويتميَّزُ الصلبُ بأنَّهُ يُمكنُ إعادةُ تدويرِهِ باستمرارٍ دونَ أيِّ تدهوُرٍ في خصائصِه، ما يَعني بدورِه توفيرًا في الموادِّ الخامِ وتقليلِ استهلاكِ الموادِّ والطاقةِ وتقليلِ الانبعاثات، بما يُحقِّقُ عددًا مِنْ أهدافِ التنميةِ المُستدامة، وتطبيقًا عمليًّا على مبدأِ الاقتصادِ الدائري.
على الصعيدِ العالمي، فإنَّ المُحتوى المُعادَ تدويرُهُ في إنتاجِ الصلبِ يمكنُ أن يَرتفعَ معَ زيادةِ النموِّ في الإنتاج، إلَّا إنَّ الاعتمادَ على تدويرِ الخُردةِ وحدَهُ لنْ يُمثلَ حلًّا كافيًا؛ نظرًا للطلبِ العالميِّ المُتزايدِ على الحديدِ والصلب، أضِفْ إلى ذلكَ أنَّ العديدَ مِنَ الْمُنتجاتِ التي تَحتوي على الحديدِ والصلبِ يمكنُ أن تظلَّ صالحةً لعقود، ما يعني عدمُ إمكانيةِ استعادةِ المعدِنِ منها.
وتَجدرُ الإشارةُ أنَّ الإدراكَ والتطبيقَ الكاملَ لمبدأِ إعادةِ تدويرِ الحديدِ والصلبِ يتطلَّبُ جُهدًا فعَّالًا منْ مُختلفِ الأطرافِ؛ لتوفيرِ أنظمةِ التجميعِ المُناسبة، وكذلكَ البِنيَةُ التحْتيَّةُ اللازمةُ لعملياتِ إعادةِ التدوير، هذَا بالإضافةِ إلى التحوُّلِ بالعمليةِ الصناعيةِ إلى استخدامِ أفرانِ القَوسِ الكهربي، وهوَ مَا سنَتطرَّقُ لهُ في النقطةِ القادمة.
2- تحويلُ العملياتِ الإنتاجية
يتمُّ إنتاجُ أغلبِ الحديدِ والصلبِ في الأفرانِ العالية (Blast Furnace) أو أفرانِ الأكسجينِ القاعدية
(Basic Oxygen Furnace)، وهو ما يتطلَّبُ استخدامَ خامِ الحديدِ والفحمِ في شكلِ فحم «الكوك»، ولكنَّ هذهِ الطريقةَ في إنتاجِ الصلبِ كثيفةٌ جدًّا في استهلاكِ الطاقةِ؛ وبالتالي في كميةِ الانبعاثات.
تَنتشرُ المصانعُ المستخدِمةُ للأفرانِ العاليةِ وأفرانِ الأكسجينِ القاعديِّ في العديدِ من دُول أوروبا وإفريقيا، على الرغمِ منْ تزايُدِ عددِ المصنِّعينَ الذينَ يتحولُّونَ إلى طريقةِ الحديدِ المُختزلِ المباشر (Direct Reduced Iron) والتي تُعرفُ أيضًا بالحديد الإسفنجيِّ معَ استخدامِ أفرانِ القَوسِ الكهربي (Electrical Arc Furnace)، حيثُ تَعتمدُ هذهِ الطريقةُ على الغازِ الطبيعيِّ والكهرباءِ كمصدرٍ للطاقة، كما يتمُّ استخدامُ خُردةِ الصلبِ أوِ الْحديد المُختزلِ أوِ المَزيجِ بينهما كمادةٍ خامٍ بدلًا منْ خامِ الحديد.
وتتميَّزُ طريقةُ الحديد الإسفنجيِّ وفرنِ القَوسِ الكهربي بأنَّ الانبعاثاتِ الناتجةَ واستهلاكَ الطاقةِ أقلُّ بنسبةِ الثُّلُثِ والخُمسِ عندَ المُقارنةِ معَ الأفرانِ العاليةِ وأفرانِ الاكسجينِ القاعديَّةِ على الترتيب، ليسَ هذَا فقط، بلْ إنَّ أفرانَ القوسِ الكهربي التي تَستخدمُ خُردةَ الصُّلبِ كمادةٍ خامٍ يُمكنُ أنْ يقلَّ استهلاكُها مِنَ الطَّاقةِ بنسبةِ (85% و90%) عندَ المُقارنةِ معَ الأفرانِ العاليةِ وأفرانِ الاكسجينِ القاعديةِ على الترتيب، ولكنْ نظرًا لأنَّ كميَّاتِ خُردةِ الحديد غيرُ كافيةٍ -كمَا أشرْنا في النقطةِ الخاصَّةِ بإعادةِ التدوير-، بالإضافةِ إلى أنَّ الخُردةَ أحيانًا لا تكونُ مناسبِةً لإنتاجِ بعضِ الأنواعِ الخاصةِ مِنَ الصُّلب، لا تُستخدمُ هذهِ الطريقةُ على نِطاقٍ واسع.
تقومُ شركاتُ الحديد والصلبِ أيضًا بإجراءِ تَجاربِ التقاطِ الكربون (Carbon Capture) والهيدروجين؛ بهدفِ التقليلِ أوِ الْقضاءِ على انبعاثاتِ الكربون، وفي حالةِ إمكانِ تطبيقِ هذهِ التقنيات بنجاحٍ على نطاقٍ واسعٍ في صناعةِ الحديد والصلب، فيُمكنُ أنْ تُثبِتَ أنَّها ذاتُ جَدوَى تحويليَّةٍ في صناعاتٍ أخرَى أيضًا.
3- الهيدروجينُ الأخضرُ لتخفيضِ انبعاثاتِ الأفرانِ العالية
الهيدروجينُ ضروريٌّ في إنتاجِ الصلبِ حيثُ يَعملُ كعاملٍ مُختزِل، لكنَّهُ يَتطلبُ كميةً كبيرةً مِنَ الطاقةِ ليتمَّ إنتاجُه. اليومَ يتمُّ إنتاجُ معظمِ الهيدروجينِ المطلوبِ للعمليةِ الصناعيةِ عنْ طريقِ الغازِ الطبيعيِّ باستخدامِ عمليةٍ تُسمَّى إصلاحُ بخارِ الميثان (Methane Steam Reforming)، وهي عمليةٌ كَثيفةُ الاستهلاكِ للطاقةِ يَتولَّدُ عنها «أوَّلُ وثاني أكسيد الكربون» كمنتجيْنِ ثانوييْنِ بكميَّاتٍ كبيرة.
كمَا يُمكنُ أيضًا إنتاجُ الهيدروجين عنْ طريقِ تقسيمِ جُزيئاتِ الماءِ باستخدامِ المُفاعِلِ الكهروكيميائي، ما يُعرَف باسم «الهيدروجين الأخضر»، حيثُ يُنتَجُ عنْ هذهِ الطريقةِ الأكسجينُ كمُنتجٍ ثانويٍّ وحيد. وباستخدامِ التحليلِ الكهربائي مَدعومًا بالطاقةِ المتجددةِ لعزلِ الهيدروجين مِنَ المياه، تُصبحُ عمليةُ إنتاجِ الهيدروجينِ الأخضرِ خاليةً مِنَ الكربون، لكنَّ هذا يتطلَّبُ مَصدرًا مَوثوقًا بهِ لتقديمِ الطاقةِ المتجددةِ بأسعارٍ مَعقولةٍ؛ حتى تكونَ الطريقةُ مُجديةً اقتصاديًّا لتَنتشرَ على نطاقٍ واسعٍ بينَ مصنِّعي الحديد والصلب؛ وبذلكَ فإنَّ دمجَ الهيدروجين الأخضرِ يُمثلُ أحدَ الحُلولِ الواعدةِ للوصولِ إلى صناعةِ صلبٍ منخفضةِ الكربون.
وبالإضافةِ إلى ما سبَق، يمكنُ استخدامُ الهيدروجين في الأفرانِ العاليةِ ليحلَّ محلَّ فحمِ «الكوك» الذي يمكنُ أن ينخفضَ بنسبةٍ تصلُ إلى حوالي 20%. كما يُمكنُ أنْ يُستخدَمَ الهيدروجينُ كعاملٍ مُختزلٍ بديلٍ في صُنعِ الحديد المُختزَلِ المُباشر، والذي يُمكنُ بعدَ ذلكَ معالجتُهُ إلى صلبٍ في فرنِ القَوسِ الكهربائي، هذهِ الطريقةُ التي مِنْ شأنِها يتمُّ إنتاجُ الصلبِ بشكلٍ كربونيٍّ محايدٍ تقريبًا.
4- المُساهَمةُ الخضراءُ في القطاعاتِ الأخرى
يُساهمُ الحديد والصلبُ في عددٍ كبيرٍ مِنَ الصناعاتِ الرئيسيَّةِ التي تُساعدُ في دفْعِ التحوُّلِ الأخضر، حيثُ يُمثِّلُ الصُّلبُ مادةً رئيسيَّةً تُستخدمُ في بناءِ المُعداتِ اللازمةِ لتزويدِ العالمِ بالطاقةِ المتجددةِ مثل: الطاقةُ الكهرومائيةُ والرياح، والطاقةُ الشمسية، فعلى سبيلِ المثال، تتكوَّنُ طاحونةُ الرياح (البرج والدوار) مِنَ الصلبِ بنسبة 80%.
الصُّلب أيضًا عُنصرٌ بالغُ الأهميةِ في بناءِ كفاءةِ الطاقةِ للمباني والمصانعِ والسياراتِ الكهربية، ويُمكنُ أنْ يُساعدَ في تحسينِ استدامةِ السِّلعِ التقليديَّة، على سبيلِ المثال، استخدامُ الأنواعِ المتقدِّمةِ مِنَ الصلبِ عاليةِ القوةِ يُمكنُ أنْ يقلِّلَ مِنَ الوزنِ الهيْكليِّ للسياراتِ بمَا يصلُ إلى 25%، وهو الأمرُ الذي يُساعدُ على خفضِ دورةِ انبعاثاتِ «ثاني أكسيد الكربون» الخاصَّةِ بها.
التحدياتُ والفُرصُ في صناعةِ الحديد والصلب
قلَّلَ صانعو الصلبِ من استخدامِ الطاقةِ خلالَ السنواتِ الأخيرة؛ وبالتالي تمَّ التقليلُ من انبعاثاتِ الكربون، وذلكَ عَن طريقِ الابتكاراتِ التكنولوجيةِ القائمةِ على تطويرِ عملياتِ الإنتاج، إلَّا إنَّ هذهِ الجهودَ لا تَزالُ تحتاجُ إلى المزيدِ والمزيدِ للحدِّ مِنَ البَصمةِ الكربونيةِ لهذهِ الصناعةِ في المستقبل.
يتحمَّلُ قطاعُ صناعةِ الحديد والصلبِ العالميِّ مسؤوليةً كبيرة؛ وذلكَ حتى يتمكَّنَ مِنْ أنْ يَتماشَى معَ أهدافِ «اتفاقية باريس» للمُناخِ؛ بهدفِ احتواءِ الاحترارِ العالميِّ دونَ «2 درجة مئوية»، حيثُ يَتوجَّبُ على هذهِ الصناعةِ خفضُ انبعاثاتِها الكربونيةِ بأكثرَ مِنَ النصفِ بحُلولِ عام 2050، معَ الاستمرارِ في خفضِ الانبعاثاتِ بعدَ ذلكَ حتى الوُصولِ إلى «صفر» انبعاثات.
وعلى المدَى القريب، يمكنُ لمصنِّعي الحديد والصلبِ المستخدميْن للأفرانِ العاليةِ تحسينُ كفاءةِ الطاقةِ بنسبٍ تصلُ إلى (20%) لكلِّ طن، وذلكَ عنْ طريقِ تبنِّي تِقنياتٍ جديدةٍ وتحسينِ التشغيل، بالإضافةِ إلى الاستعانةِ بأَنظمةٍ لاستعادةِ الحرارةِ المَفقودة (Waste Heat Recovery Systems)، سواءً في المصانعِ الجديدةِ أوْ تلكَ القائِمةِ بالفِعل، جنبًا إلى جنبٍ معَ تزويدِ الأفرانِ العاليةِ «بتوربيناتٍ لاستعادةِ الضغطِ العُلويِّ» (Top-pressure recovery turbines)، والتي تستخدمُ الحرارةَ والضغطَ المُتولِّديْنِ عنِ الفُرنِ العاليِّ لتوليدِ الكهرباء.
أحدُ الفُرصِ الأخرى هي الترويجُ لزيادةِ الاعتمادِ على الخُردة -عند التوفُّر- كمادةٍ خامٍ بديلةٍ لخامِ الحديد في الأفرانِ العاليةِ وأفرانِ الأكسجينِ القاعدي، وهو الأمرُ الذي مِن شأنِه تحسينُ كفاءةِ الطاقةِ بشكلٍ كبير.
على جانبٍ آخر، من المُتوقَّعِ خلالِ السنواتِ القادمةِ أن يتمَّ خفضُ الحدودِ العَتبيةِ من قِبلِ حُكوماتِ عددٍ مِنَ الدُّول في أوروبا وأمريكا للانبعاثاتِ الصادرةِ عنْ صناعةِ الحديد والصلب، هذا بالإضافةِ إلى نِيَّةِ بعضِ الدولِ في فَرضِ قُيودٍ تَخصُّ البَصمةَ الكربونيةَ للحديد والصلبِ الواردِ مِنَ الخارج، وهذَا مَا سَيضعُ مُصنعي الحديد والصلبِ أمامَ تحدٍّ كبيرٍ لتبني التقنيات المستدامة بشكلٍ أوسع.