خطى مستدامة

السلوكيات المستدامة في قيادة السيارات وتأثيرها

السُّلوكيَّاتُ المُستدامةُ في قِيادةِ السياراتِ وتأثيرُها

السلوكيات المستدامة في قيادة السيارات وتأثيرها

كيفَ يُمكنُكَ أن تُحافظَ على المناخِ مِنْ خَلفِ عجلةِ القِيادة؟

يَحظَى تغيُّرُ المناخِ باهتمامٍ مُتزايدٍ في السنواتِ الأخيرة. يُساهمُ قطاعُ النقلِ والمواصلاتِ بشكلٍ كبيرٍ في زيادةِ استهلاكِ الوقود؛ وبالتالي تَزدادُ انبعاثاتُ غازاتِ الاحتباسِ الحَرارِي، ونَوعيَّةُ الهواءِ الرَّدِيئة؛ ممَّا يُشكِّلُ خطرًا جَسيمًا على صحةِ الجهازِ التنفسيِّ لملايينِ البشر.

على الصعيدِ العالمي، يُعدُّ النقلُ البريُّ مَسؤولًا عنْ حوالي 16٪ مِن انبعاثات «ثاني أكسيد الكربون» الصادرِ مِنَ المَصادرِ البشريَّة. يُساهِمُ حرقُ الوقودِ المُستخدَمِ بوسائلِ النقلِ المُختلفةِ في انبعاثاتِ الغازاتِ الدفيئة، إلَّا إنَّ مُحركَ السيارةِ ليسَ المُتهمَّ فقطْ هنا، حيثُ يقعُ جزءٌ كبيرٌ مِنَ المسؤوليَّةِ على عاتقِ سائقِ المَركبة، وسُلوكيَّاتِهِ في القِيادة، وسِياساتِ كلِّ فردٍ في التنقُّل.

التباطُؤ، التسارُع، الالتزامُ بالسرعاتِ المقرَّرة، طريقةُ استخدامِ الفرامِل، اختيارُ الطريق، حركةُ المُرور، حالةُ السيارة، إلى غيرِ ذلك، كلُّها أمورٌ يختلفُ مُمارستُها منْ شخصٍ لآخر، ولكنَّها تُمثِّلُ عاملًا رئيسيًّا في تحديدِ كميةِ الانبعاثاتِ الصادرةِ عَنْ كلِّ مَركبة.

 يمكنُ للسائقينَ الحفاظُ على  الوقودِ منْ خلالِ تعلُّمِ كيفيَّةِ تأثيرِ سلوكياتِ القيادةِ المُختلفةِ على كفاءةِ استهلاكِ الوقود، والعِلمُ بالطُّرقِ المختلفةِ لتخفيضِ الاستهلاك. تعتمدُ كميةُ الوقودِ التي تستهلكُها مَركبتُكَ بشكلٍ كبيرٍ على طريقةِ قيادتِك، وسنوضِّحُ فيمَا يلي أبرزَ السلوكيات المتعلِّقَةِ بذَلك.

تَمهَّلْ وقُمْ بالقِيادةِ بِحَذر

تزيدُ السرعةُ مِنِ استهلاكِ الوقودِ وتُقلِّلُ مِنَ الكفاءَة؛ وذلكَ نتيجةُ ازديادِ المُقاومةِ المتولدةِ عَنِ احتكاكِ الإطاراتِ بالأرضِ، ومُقاومةِ بَدنِ السيارةِ للهواء، وبينَما تختلفُ السرعةُ المِثاليَّةُ للحصولِ على أفضلِ كفاءةٍ في استهلاكِ الوقودِ مِنْ سيارةٍ إلى أخرى، إلَّا إنَّ المُشتركَ هُنا هوَ أنَّ السرعاتِ المُنخفضةَ بشكلٍ عامٍّ عادةً ما يَنتجُ عنها استهلاكُ وقودٍ أقل.

بالنسبةِ للمَركباتِ الخَفيفةِ كالسياراتِ الشخصيةِ على سبيلِ المثال، يمكنُ أن يؤديَ خَفضُ سُرعتِكَ بمقدار «10 إلى 15 كم في الساعة» إلى تحسينِ اقتصاديَّةِ استهلاكِ الوقودِ بنسبةٍ تَترَاوحُ بين 7٪ إلى 14٪.

يمكنُ أن يُساعِدَ استخدامُ مُثَبِّتِ السرعةِ التكيُّفي على الطريقِ السريعِ السائقِينَ في الحفاظِ على سرعةٍ ثابتة، نظرًا لأنَّ المَركباتِ تَستخدمُ أكبرَ قدرٍ مِنَ الطاقةِ عندَ التسارُع. يمكنُ أن يؤديَ الالتزامُ بحدودِ السرعةِ القانونية، بالإضافةِ إلى التسارُعِ والفَرملةِ برفقٍ وبشكلٍ تدريجيٍّ وقراءةِ الطريقِ أمامَك إلى تحسينِ الكفاءةِ في استهلاكِ الوقودِ لسيارتِكَ بنسبة «15٪ إلى 30٪» على الطُّرقِ السريعةِ ونسبة «10٪ إلى 40٪» في حركةِ المرورِ المُتقطعَة، كمَا لا ننسَى أنَّ القيادةَ بطريقةٍ أكثرَ عقلانيةً وهُدوءًا هي أيضًا أكثرُ أمانًا لكَ وللآخرين.

الجمْعُ بينَ الرِّحْلات

يمكنُ أن يوفِّرَ لكَ الجمعُ بينَ الرِّحْلاتِ الوقتَ والمالَ عنْ طريقِ تجنُّبِ التوقُّفِ غيرِ الضروري، ومِنْ ثَمَّ بَدءُ تشغيلِ سيارتِكَ مرةً أخرى، حيثُ إنَّ عمليةَ تشغيلِ وإيقافِ السيارةِ خصوصًا في فصلِ الشتاءِ هي عمليةٌ مُستنزِفَةٌ للطاقة؛ نظرًا لأنَّ المحركَ يَستغرقُ وقتًا أطولَ للوصولِ إلى درجةِ الحرارةِ الأكثرِ كفاءةً في استهلاكِ الوقود.

يمكنُ للرحلاتِ القصيرةِ أنْ تَستهلكَ ضِعفَ كميةِ الوقودِ التي تستهلكُها رحلةٌ واحدةٌ طويلةٌ ومتعددةُ الأغراضِ والتي تُغطِّي نفسَ المسافَة، فعندَما يكونُ المحركُ دافِئًا وفي درجةِ حرارةٍ مُناسِبة، يَنعكسُ ذلكَ بشكلٍ كبيرٍ على كفاءةِ استهلاكِ الوقودِ في السيَّارة.

مشاركةُ الرحلاتِ أيضًا تُعدُّ حلًّا آخر، حيثُ يمكنُكَ التواصلُ معَ أصدقائِكَ وجيرانِكَ وزملاءِ العمل، وذلكَ لاستخدامِ سيارةٍ واحدةٍ للتنقُّلِ كلَّمَا أمكنَ ذلك؛ لتوفيرِ استهلاكِ الوقود، وكذلك المساهمةُ في الحدِّ مِنَ الكثافاتِ المروريَّة.

تقليلُ الحُمولةِ والاستماعُ لسيَّارَتِك

يتطلَّبُ الوزنُ الإضافيُّ للأغراضِ التي تَحملُها سيارتُكَ مَزيدًا مِنَ الوقودِ لدَفعِ العَجَلات، فعلى سبيلِ المثال، يمكنُ أن يؤديَ إضافةُ وزن «50 كجم» في صُندوقِ السيارة إلى تقليلِ اقتصاديةِ استهلاكِ الوقودِ بنسبة «1٪» تقريبًا؛ لذا قُمْ بتَفريغِ أيِّ عنصرٍ غيرِ ضروري؛ لتقليلِ استهلاكِ الوقودِ لسيارتِك.

قدْ يجدُ السائقونَ صُعوبةً في التعرُّفِ على فُرصِ توفيرِ الوقودِ أثناءَ القِيادة، والتي يمكنُ أنْ يَقترحَها عليهِمُ النظامُ المعلوماتيُّ في السيارة، عن طريقِ التنقُّلِ بينَ أوضاعِ القيادةِ المُختلفة، حيثُ وجدَتْ دراسةٌ أُجْرِيَتْ «عام 2018» مِنْ قِبلِ المركزِ الوطنيِّ للنقلِ المُستدَام (أمريكا) أنَّ التعليقاتِ التي تَظهرُ للسائقِ أثناءَ القيادةِ تُؤثرُ على سلوكِ السائقِ وتُحَسِّنُ الاقتصاديةَ في استهلاكِ الوقودِ بمعدل 6.6٪، ويمكنُ أن تؤديَ إلى تحسيناتٍ أكبرَ في القيادةِ عند دمجِها معَ استراتيجياتٍ أخرى.

مُصنِّعو السياراتِ بدَورِهم قامُوا خلالَ السنواتِ الأخيرةِ بتطويرِ النُّظمِ المعلوماتيَّةِ الخاصَّةِ بموديلاتِهم المختلفة، وذلكَ بمَا يَسمحُ بتزويدِ السائقِ بالمعلوماتِ اللازمةِ -منْ خلالِ شاشاتِ العرضِ بالمَقصُورةِ الدَّاخليَّة- لتحسينِ القيادة؛ بهدفِ خفضِ استهلاكِ الوقود.

على سبيل المثال، تشتملُ ميزاتُ النظامِ المعلوماتيِّ لشركةِ هوندا المعروف باسم «Honda’s Eco Assist وHondaLink» على نظامِ ملاحظاتٍ مُتطوِّرٍ يُعلِّمُ السائقينَ كيفيَّةَ القيادةِ بكفاءةِ أكبر، السلوكيات التي تُؤثرُ على الاقتصادِ في استهلاكِ الوقود. وعلى جانبٍ آخر، تُوفِّرُ «نيسان» مؤشِّرًا على لَوحةِ العدَّادات، وآليةً للتحكُّمِ في الضغطِ على دوَّاسةِ الوقود؛ لمنعِ دورانِ المحركِ بشكلٍ عنيف.

أمرٌ آخر، هو إيقافُ محرِّكِ السيارةِ عندَ الانتظار، فوَفقًا للجنةِ كاليفورنيا للطاقة (CEC)، مِنَ الضروريِّ إيقافُ تشغيلِ المركباتِ إذَا كانَ الانتظارُ المتوقعُ أطولَ منْ 10 ثوان، نظرًا لأنَّ السيارةَ المتوقِّفةَ (مع تشغيل المحرك) يُمكنُ أن تحرقَ ما يصلُ إلى «3,5 لتر» مِنَ البنزينِ كلَّ ساعة.

الصيانةُ الدوريَّةُ مِفتاحُ تقليلِ استهلاكِ الوقود

السلوكيات المستدامة في قيادة السيارات

القليلُ مِنَ الصيانةِ لسيارتِكَ يمكنُ أن تجعلَكَ تَقطعُ شَوطًا طويلًا في تحسينِ كفاءةِ استهلاكِ الوقود، فوَفقًا لوزارةِ الطاقةِ الأمريكية، يتمُّ إهدارُ «4,6 مليار» لترٍ مِنَ البنزين – ما يقرُب من 1 ٪ من إجمالي الاستهلاكِ  كلَّ عام؛ بسببِ الإطاراتِ غيرِ المنفوخةِ عندَ الضغوطِ المناسبة.

يشيرُ المعهدُ الوطنيُّ لتميُّزِ خدمةِ السيارات (أمريكا) إلى أنَّ شمعاتِ الإشعالِ السيئة (مفتاح الكونتاكت) يمكنُ أن تُقلِّلَ مِنَ الاقتصادِ في استهلاكِ الوقودِ بنسبةٍ تصلُ إلى 30٪، لذا، إذا لاحظْتَ انخفاضًا في عددِ الكيلومتراتِ المقطوعةِ لكلِّ لترِ بنزينٍ فجأة، فهناكَ احتمالٌ كبيرٌ أنَّ ذلكَ بسببِ شمعاتِ الإشعالِ التي تحتاجُ إلى صيانة.

أيضًا، يُعدُّ ضبطُ زوايا الإطاراتِ أمرًا مهمًّا، حيثُ إنَّ الإطاراتِ المنحرفةَ تَسحبُ السيارةَ إلى جانبي الطريقِ بدلًا مِنَ السيرِ للأمام، ويمكنُ أن تُقلِّلَ المحاذاةُ غيرُ الصحيحةِ للإطاراتِ منْ كفاءةِ الوقودِ بنسبةٍ تصلُ إلى 10٪، وبالإضافةِ إلى ذلك، يمكنُ أن تتلُفَ الإطاراتُ بسرعةٍ أكبر.

ربَّما يكونُ تقليلُ كميةِ القيادةِ التي نقومُ بها، سواءَ أكانَ ذلكَ عنْ طريقِ مشاركةِ استخدامِ السياراتِ أوِ التخلِّي عن رحلةٍ غيرِ ضروريَّة، هي الطريقةُ الأكثرُ فاعلية؛ لتقليلِ كميةِ الوقودِ التي يستخدمُها كلُّ شخصٍ وجَعْلِ عملياتِ التعبئةِ في محطةِ الوقودِ تَدومُ لفترةٍ أطول.

وفي الخِتام، يمكنُ اتخاذُ خُطواتٍ استباقيَّة؛ لتحسينِ كفاءةِ الوقودِ منْ خلالِ الانتباهِ إلى عاداتِ القيادةِ التي تَستهلكُ الكثيرَ مِنَ الوقودِ وتغييرِها، واتباعِ جدولِ صيانةِ السيارة، فبخلافِ المَنفعةِ الماليَّةِ التي ستعودُ عليكَ منْ تقليلِ استهلاكِ الوقودِ في ظلِّ أسعارِهِ العالميةِ المرتفعة، فاستهلاكُ وقودٍ أقلُّ يَعني انبعاثاتٍ أقلَّ مِنَ الغازاتِ الدفيئة؛ ما سيكونُ لهُ بالغُ الأثرِ في الحدِّ منْ ظاهرةِ تغيُّرِ المناخ، وتجنُّبِ تبعاتِه المُدمِّرة، والتحوُّلِ في سلوكياتِنا إلى الاستدامةِ الحقيقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى