علوم مستدامة

الصحراء الكبرى: هل يعود الأخضر إلى قلب الرمال؟

الصحراء الكبرى

الصحراء الكبرى: هل يعود الأخضر إلى قلب الرمال؟

لطالما ارتبطت الصحراء الكبرى في أذهاننا بمساحات شاسعة من الرمال والجفاف، غير أنَّ كثيرًا من الناس لا يعلمون أن هذه المنطقة كانت في العصور القديمة مكانًا يعج بالحياة والنباتات الخضراء. ومع التغيرات المناخية التي يشهدها العالم اليوم، يبدو أن الصحراء الكبرى قد تكون على أعتاب تحول جديد قد يعيد إليها بعضًا من ملامحها القديمة.

وكما عودتكم حماة الأرض باهتمامها الشديد بكل ما يخص التنمية المستدامة، فسوف تشرح لكم كيف يمكن للتغيرات المناخية أن تعيد تشكيل قلب الصحراء؛ فتابعوا القراءة لتكتشفوا القصة الكاملة.

عندما نتحدث عن الصحراء الكبرى -تشمل معظم شمال إفريقيا، باستثناء نهر النيل في مصر والسودان، والمنطقة الخصبة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وجبال الأطلس في المغرب العربي- لا يمكن أن نغفل صورتها التقليدية التي تكون فيها مجرد أرض قاحلة؛ لا حياة فيها. وقد تغير هذا المشهد تغيرًا جذريًّا قبل آلاف السنين، حينما كانت المنطقة تتمتع بمناخ أكثر اعتدالًا، وتتزين بنباتات لا حصرَ لها.

بين 5000 و11000 سنة قبل الميلاد كان التغير في مدار الأرض يزيد من الإشعاع الشمسي خلال الصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية؛ مما ساهم في زيادة هطول الأمطار في إفريقيا. وهذا التغير المناخي ساعد على أنْ تنبت أشجار وشجيرات صغيرة في قلب الصحراء؛ مما أتاح للحياة أن تزدهر هناك.

تأثير التغيرات المناخية في النظام البيئي

في السنوات الأخيرة أظهرت الدراسات العلمية الحديثة -كالتي نُشرت في Climate of the Past-أن الصحراء الكبرى كانت تشهد تغيُّرات مناخية مؤثرة على نطاق أوسع، وهذه التغيرات أثرت -وفقًا للدكتور/ ماركو جايتاني وزملائه الباحثين- في مناخ نصف الكرة الشمالي بشكل ملحوظ.

أحد أبرز هذه التأثيرات كان تحرك الدورة الجوية “ووكر – Walker circulation”، وهي نظام من الدورات الهوائية التي تتحكم في حركة الرياح في المناطق الاستوائية. هذا التحول أدى إلى تغيُّرٍ في التيارات النفاثة عبر شمال الأطلسي؛ مما ساهم في تعديل مسارات الرياح، واختلافات درجات الحرارة في أوروبا.

تأثيرات متنوعة في المناخ العالمي

من نتائج هذا التغير في النظام البيئي للصحراء الكبرى، هو ما شهدته أوروبا الغربية من شتاء أكثر برودة وصيف أكثر حرارة، وما شهدته أوروبا الوسطى من احترار طوال العام، فضلًا عن الصيف الجاف الذي تعرضت له منطقة البحر الأبيض المتوسط. وهذا التغير في الغطاء النباتي جعل الصحراء -من الناحية البيئية- أكثر ظلمة، بسبب تراكم الغبار الصحراوي؛ مما ساهم في زيادة الاحترار، ورفع مستويات الرطوبة في الغلاف الجوي.

هل يمكن أن يعود الأخضر إلى الصحراء الكبرى؟

اليوم يتساءل العلماء عن إمكانيات عودة مناطق خضراء إلى قلب الصحراء الكبرى، بسبب التغيرات المناخية المستمرة. وبدأت تظهر مناطق جديدة ذات غطاء نباتي في الصحراء؛ مما يعيد تشكيل النظام البيئي، ويوفر فرصًا جديدة للتنوع البيولوجي في هذه المنطقة، التي كانت تعتبر غير قابلة للحياة.

وفي وقت يبدو فيه أن المناخ العالمي يمر بتغيرات غير مسبوقة، قد تكون الصحراء الكبرى مثالًا حيًّا لقدرة الطبيعة على التكيف والتغير. وتؤكد حماة الأرض ضرورة فهم التغيرات المناخية وتأثيراتها، ليس فقط في الصحراء الكبرى، وإنما في مستقبل العالم كله.

لكن، هل يمكننا أن نشهد -حقًّا- تحولًا بيئيًّا يعيد الحياة إلى أكثر الأماكن جفافًا على وجه الأرض؟ وما الذي يمكن أن يعنيه ذلك بالنسبة إلى مستقبلنا المناخي؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى