حوار مجلة حماة الأرض مع السفيرة/ سها جندي “وزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج”
حوار مجلة حماة الأرض مع السفيرة/ سها جندي “وزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج”
السفيرة/ سها جندي:
- مصر أهم القوى الاقتصادية داخل “الكوميسا”.
- بناء الإنسان أهم الواجبات الوطنية.
- واثقون من قوة الاقتصاد المصريّ.
لمصرَ جهود متميزة في دعم مواطنيها في كل بقاع العالم، وهو ما نراه محقَّقًا في أرض الواقع، حيث تعمل وزارة الهجرة على الاهتمام بشئون المصريين في الخارج، وهذا في صورة جهود مستمرة لحماية مصالحهم، وضمان حقوق المهاجرين منهم، بما يعزز من الاستثمارات الوطنية، ويحقق أهداف التنمية المستدامة.
لذا، تحاور مجلة حماة الأرض في هذا اللقاءِ وزيرةً تعمل على ربط أبناء مصر في الخارج بوطنهم، وتجعل من الآليات المستدامة فرصةً لتعميق أشكال التفاعل الإيجابيّ بين أبناء مصر في الداخل والخارج – إنها السفيرة/ سها جندي “وزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج”، التي تسعى بقلبٍ نابضٍ وروحٍ وطنيةٍ إلى دعم المصريين بالخارج على كل المستويات.. فإلى سطور الحوار.
مؤتمر “مصر تستطيع بالتجارة والصناعة مع إفريقيا”، كيف يمكن توجيه أعمال مثل هذه المؤتمرات نحو بلورة دور مصر في قيادة قارة إفريقيا على مستوى التنمية المستدامة؟
إننا حريصون على تبادل المنافع مع الأشقاء وتوفير فرص العمل في المشروعات التنموية الواعدة، التي تزخر بها القارة الإفريقية، وتعزيز الجهود لتحقيق التنمية المستدامة لأوطاننا؛ ولذلك نسعى إلى إطلاق نسخة من سلسلة مؤتمرات “مصر تستطيع”، التي تحمل عنوان: “مصر تستطيع بالتجارة والصناعة مع إفريقيا”؛ لأننا نؤمن بأهمية العمل على تعزيز أوجه التواجد المصريّ في إفريقيا، ودعم مختلف أُطر التعاون بدول القارة في مختلف المجالات، وذلك بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة، ويعزز من أواصر العلاقات.
وبالتأكيد، فإنَّ مصرَ من الدول المحورية، وتربطها العديد من الاتفاقيات الاقتصادية بين مصر والأشقاء في إفريقيا، حيث تعتبر حاليًّا من أهم القوى الاقتصادية داخل “الكوميسا”، وتلعب دورًا مهمًّا في تحقيق المزيد من التكامل الاقتصاديّ بين دول التجمع، كما أنها تولي اهتمامًا كبيرًا بالمشاركة في مختلف الفعاليات والاجتماعات الفنية، التي يتم عقدها.
مضيفةً: تستحوذ مصر على النصيب الأكبر من حجم التجارة البينية داخل “الكوميسا”، ومصر كانت من أوائل الدول التي قامت بالتوقيع على اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، وذلك ضمن العديد من الدول الإفريقية الأخرى، وذلك بما يتماشى مع توجه الدولة المصرية نحو الاندماج والتكامل مع الدول الإفريقية، بجانب زيادة المساحة المتاحة للنفاذ بالصادرات المصرية في الأسواق الإفريقية المختلفة، وذلك في إطار السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي “الكوميسا”، إلى جانب الإسهام في فتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية، خاصة مع دول غرب إفريقيا، وهذه الجهود من شأنها تعزيز أهداف التنمية المستدامة، وتحقيق ما نصبو إليه من رفاهية، ضمن الاستراتيجيات المستقبلية، التي نعمل عليها في إفريقيا.
وخلال الفترة الماضية، حرصت الوزارة على استقبال عدد من المسئولين الأفارقة، سواء ضمن اجتماعات “الكوميسا”، أو ضمن الجلسات المخصصة لرجال الأعمال الأفارقة، كما التقينا خلال مبادرة “ساعة مع الوزيرة” نخبةً من رجال الأعمال المصريين في عدة دول إفريقية؛ لمناقشة سبل التوسع في الأسواق الإفريقية، وفتح الباب أمام الشباب المصريّ لمزيد من فرص العمل هناك، ضمن استراتيجية وزارة الهجرة المستمرة لتوفير البدائل الآمنة للشباب، وتعزيز الصادرات لتوفير العملة الصعبة، فحجم الصادرات المصرية لدول القارة خلال الفترة الماضية ارتفع بنسبة كبيرة، وجاء العديد من المنتجات في الصدارة، من بينها: الرخام، والأسمنت، والبولي إيثيلين، والأسمدة الفوسفاتية، التي تعد من أهم الصادرات المصرية إلى دول القارة.
ولدينا طموحات أكبر في الفترة المقبلة؛ ولذلك نحرص على مناقشة كل هذه الخطط والمقترحات مع رجال الأعمال المصريين في إفريقيا، لنناقش خططهم ومقترحاتهم وسبل تنفيذها، بالتعاون مع وزارات ومؤسسات الدولة المصرية، ما يسهم في توفير المزيد من فرص العمل للشباب، بجانب تنمية المجتمعات المحلية، عن طريق تبادل الخبرات، ودفع الجهود لتحقيق أفضل النتائج التي نسعى إليها، وفقًا للمقترحات والخطط الموضوعة من جانب الخبراء المتخصصين.
للوزارة دور شديد الأهمية في معالجة الهجرة غير الشرعية، فما دور الوزارة المستقبليّ لمكافحة هذه الظاهرة التي تؤخر كثيرًا من عمليات التنمية في ظل الأزمات العالمية الحالية؟
إننا حريصون على استمرار جهود وزارة الهجرة في مواجهة الهجرة غير الشرعية، ونسعى بكل طاقتنا إلى خدمة أبنائنا في المحافظات، والمشاركة في جهود القيادة السياسية المتمثلة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وبناء الإنسان، بالتعاون مع وزارات ومؤسسات الدولة المصرية، ونؤكد دائمًا أنه يمكن للهجرة أن تكون ركنًا أساسيًّا في خطط التنمية المستدامة والازدهار والتقدم، في حال تمت إدارة الهجرة بشكل جيد، وهو ما نحرص عليه، سواء بإتاحة التدريب والتأهيل للشباب وإدماج العائدين، أم بالتوعية المستمرة لمختلف الفئات المعرضة لظاهرة الهجرة غير الشرعية.
فقد حرصنا على إتاحة البدائل الآمنة، ضمن جهود المبادرة الرئاسية “مراكب النجاة”، ومن بينها تأهيل وتدريب الشباب، حيث قدمت الوزارة نحو 341 دورة توعوية في ١٤ محافظة، ضمن المحافظات الأكثر تصديرا للهجرة غير الشرعية، استفاد منها 8656 شابا وفتاة، بجانب تدريب 3334 مدربا لتوعية الشباب في المحافظات الأكثر تصديرا للهجرة غير الشرعية، وتقديم 257 دورة تدريبية للشباب على حِرف مختلفة، استفاد منها أكثر من 6 آلاف شاب في 18 محافظة، وما يزال لدينا الكثير من المشروعات الطموحة لتحقيق المزيد من النجاحات، وتوفير تنمية حقيقية في المحافظات المصدرة للهجرة غير الشرعية.
وضمن جهود التوعية، حرصنا على توعية نحو 2 مليون، بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة، ضمن حملة طرق الأبواب، في إطار جهود مواجهة الهجرة غير الشرعية، في 183 قرية مصدرة للهجرة غير الشرعية في 11 محافظة، كما عقدت وزارة الهجرة ٣٣ لقاء جماهيريا، بمشاركة نحو 20 ألف شخص في هذه المؤتمرات، التي شارك فيها ممثلون عن جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وطرحوا استراتيجيات تمويل المشروعات، وكذلك استعراض نماذج ناجحة من مشروعات الشباب؛ لتحفيز غيرهم على العمل والسعي داخل الوطن، وألا يجازفوا بأرواحهم في رحلات الموت.
وحرصنا كذلك على التعاون مع الشركاء الدوليين، لتدريب وتأهيل الشباب، فجاء المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الإدماج، والذي يقوم على تقديم النصح والإرشاد للمصريين بشأن العمل في مصر، وتوفير الفرص للعائدين من الخارج من خلال إعادة إدماجهم اقتصاديًّا واجتماعيًّا، كما يقدم المركز الخدمات للشباب المصري لتحسين قدراتهم وتطوير مهاراتهم بهدف إيجاد فرص العمل، حيث تم إطلاقه في نوفمبر 2020، وبدأ أعماله في فبراير 2021؛ تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية لوزارة الهجرة؛ لدراسة أسواق الاتحاد الأوروبي، وتعزيز فرص الهجرة الآمنة لهذه الأسواق، كون وزارة الهجرة هي الشريك الوطني المعني بالإدارة والإشراف على المركز والمراكز المماثلة مع الدول الراغبة والشركاء الدوليين للتعاون بإنشاء مراكز مماثلة مستقبلا، ومن بينها أستراليا، هولندا، اليابان، الاتحاد الأوروبي، والسعودية، وغيرها، بجانب مناقشة سبل تصدير العمالة إلى الأردن وكازاخستان، وغيرها من الدول.
إننا نسعى إلى محاصرة هذه الظاهرة، لنتيح بدائل مستقبلية آمنة للشباب، بجانب دراسة مسببات الظاهرة، بالتعاون مع المراكز البحثية المتخصصة، بجانب تقديم مقترح قانون لمجابهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، والتنسيق مع الأزهر الشريف والكنيسة المصرية؛ للتوعية بمخاطر الظاهرة في المجتمعات المصدرة للهجرة غير الشرعية، وكذلك التعاون مع وزارة التربية والتعليم للتوعية بمخاطر الظاهرة، ضمن المناهج الدراسية المختلفة، وكذلك الحرص على توعية شباب الجامعات المصرية بأهمية الاستثمار في وقتهم وتعلم مهارات المستقبل، ومعرفة الوظائف الأكثر طلبًا في الوقت الحالي، ومن بينها البرمجة وعلوم لغة الآلة وتحليل البيانات، وغيرها؛ وهو ما يوفر عوائد متميزة لهم، وكذلك ضمان فرص أكبر في هذا السوق، الذي يتعاظم الطلب عليه باستمرار.
أثناء الفترة الماضية كان لسيادتك دور مهم في التواصل مع المستثمرين المصريين في الخارج الذين يسعون إلى تأسيس شركة استثمارية للمصريين في الخارج، فكيف ترى الوزيرة سها جندي هذه الخطوة؟
هذه الشركة تعد مشروعا وطنيا، وأحد أبرز مطالب المصريين بالخارج، سواء من كبار المستثمرين الذين استجابوا لطلب المشاركة في التأسيس، أم المواطنين الراغبين في الحفاظ على مدخراتهم وتنميتها، وإحدى توصيات النسخة الثالثة من مؤتمر الكيانات المصرية بالخارج، والذي عقد في أغسطس 2022، التي حظيت بموافقة دولة رئيس مجلس الوزراء؛ ولذلك عقدنا العديد من الاجتماعات واللقاءات مع عدد من الوزراء ومسئولي الجهات المعنية، تم خلالها بحث مجالات وفرص الاستثمار الواعدة في مصر، بالإضافة إلى الاجتماعات التي عقدت مع عدد كبير من المستثمرين المصريين بالخارج، بشأن استعراض فكرة إنشاء هذه الشركة، كما تم طرح عدة مقترحات ورؤى في هذا الشأن، والاستفادة من الخطط التي نعمل عليها لتنمية المجتمع وإتاحة أسواق خارجية للمنتجات المصرية، بجانب توفير فرص العمل للشباب.
ومنذ اللحظة الأولى حرصنا على أن يديرها بالكامل المصريون بالخارج، فهم يمتلكون الكثير من الخبرات المتميزة في مجالات المال والأعمال، ويديرون شركات عالمية حققت نجاحًا في السوق المصري، وندفع باتجاه الخطوات التنفيذية التي سيتم اتخاذها للبدء الفعلي لتأسيس هذه الشركة وآلياتها والقطاعات التي ستعمل فيها، التي ستتمثل في الاستثمار الصناعي والزراعي والتكنولوجي والعقاري والتجاري. ومنذ الإعلان عن موافقة دولة رئيس مجلس الوزراء تم تنفيذ العديد من الخطوات، وصولا إلى تسجيل الشركة بالهيئة العامة للاستثمار، والتوافق حول الجهة الاستشارية المالية والقانونية.
وهذه الشركة تضم كوكبة من الخبراء والمستثمرين المصريين المتميزين في مجالات عديدة، لديهم الدافع الوطني، وجميعنا حريص على التأكيد على أن الاقتصاد المصري قوي، كما نسعى إلى أن يستفيد المصريون بالخارج من جهود الدولة في تحسين المناخ الاستثماري، وترجمة ذلك إلى ضخ مزيد من الاستثمارات داخل شرايين الاقتصاد الوطني؛ ما يضمن فرصًا أكبر لجذب المستثمرين في مختلف المجالات، فرغم أن هدف إنشاء الشركة وطني في الأساس لكنه يجب أن يكون استثمارًا مُربحًا ناجحًا أيضًا؛ ولذلك جاء التوافق على أن تكون الشركة الاستثمارية للمصريين في الخارج “شركة مساهمة”، تعمل في مجالات متنوعة، مثل المجال الزراعي، والاستثمار السياحي مثل إنشاء الفنادق، فضلًا عن الاهتمام بالجانب الصناعي؛ لأننا واثقون من قوة ومتانة الاقتصاد المصري، وقدرته على تخطى الصعاب.
ولدينا في مصر العديد من الميزات التنافسية، من بينها سوق واعد، وامتلاك مقومات متميزة للمنافسة عالميًّا، مثل الأيدي العاملة المتميزة، وموارد جيدة يمكن الاستثمار فيها وتعظيم مواردنا من العملة الصعبة، بجانب توفير فرص العمل للشباب. وما يحدث في مصر من تطوير للبنية التحتية خلال العقد الأخير، يعد أحد أهم أدوات جذب الاستثمارات، بجانب تكلفة الخامات التي تعد ضمن الأرخص عالميًّا، وهناك اتفاق على إعداد خطط عمل ووضع استراتيجية للتحرك في المجالات، التي تم الاتفاق على بدء العمل بها خلال المرحلة الأولى من إنشاء الشركة الاستثمارية للمصريين بالخارج، وسيتم طرح الشركة للاكتتاب أمام المهتمين بالاستثمار من المصريين بالخارج، وإتاحة الفرصة أمامهم لشراء الأسهم، وكذلك إطلاق صندوق استثماري تابع للشركة؛ لاستقطاب كبار المستثمرين في مختلف المجالات، وكذا العمل كصندوق طوارئ، يمكن الاستعانة به في حالة رغبة أحد الأعضاء المساهمين في التخارج.