اليابان تبدأ عام 2025 بسباق نحو مستقبل أخضر
اليابان تبدأ عام 2025 بسباق نحو مستقبل أخضر
في خطوة جريئة نحو مستقبل أكثر استدامة، أعلنت اليابان عن التزامها بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 60% بحلول عام 2035 مقارنة بمستويات عام 2013، يأتي هذا الإعلان ضمن خطتها الطموحة لمكافحة التغير المناخي؛ ليفتح الباب أمام إعادة تشكيل استراتيجية الطاقة في البلاد، التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على الوَقود الأحفوري.
جاء هذا الإعلان يوم الثلاثاء، 18 فبراير، في إطار “المساهمة المحددة وطنيًّا” (NDC) التي تعهدت بها الدول الموقعة على اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015، بهدف تحقيق تقدم ملموس في العمل المناخي. وتسعى اليابان -من خلال هذه الخطوة- إلى تقليل انبعاثاتها وتعزيز اقتصاد منخفض الكربون، بما يتفق مع أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف السابع المتعلق بالطاقة النظيفة والميسورة التكلفة، والهدف الثالث عشر المعني بالعمل المناخي، وقد كان الموعد النهائي لتقديم هذه الالتزامات للأمم المتحدة هو 10 فبراير، ومن بين ما يقرب من 200 دولة مطالَبة بتقديم خططها المناخية، التزمت عشر دول فقط بالموعد النهائي، وهذا وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.
مسار اليابان نحو التحول الأخضر
لتنفيذ هذا التعهد الطموح، أعلنت الحكومة اليابانية عن خطط لتعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى إعادة تقييم دور الطاقة النووية، وهي قضية لا تزال حساسة منذ كارثة فوكوشيما عام 2011. ووفقًا للتعديلات الأخيرة في “الخطة الاستراتيجية للطاقة”، تسعى اليابان إلى جعل مصادر الطاقة المتجددة تشكل ما بين 40-50% من مزيج الطاقة في البلاد بحلول 2040، في حين ستنخفض نسبة اعتمادها على المحطات الحرارية إلى ما بين 30-40%.
غير أن التحديات ليست سهلة؛ فاليابان تعتمد حاليًّا على الوَقود الأحفوري بنسبة تصل إلى 70% من احتياجاتها الكهربائية، كما أن استيراد الفحم والغاز الطبيعي يشكل ضغطًا اقتصاديًّا كبيرًا، وقد قدرت الواردات في عام 2024 بحوالي 470 مليون دولار يوميًا؛ مما يزيد من الضغوط على الاقتصاد الياباني ويدفع الحكومة إلى تكثيف جهودها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والوفاء بالتزاماتها البيئية.
من يقود هذا التحول؟
يتصدر رئيس الوزراء الياباني “شيجيرو إيشيبا” هذه الحملة الطموحة، مدعومًا بوزارة البيئة اليابانية، التي تؤكد أن هذه الأهداف تتوافق مع جهود الحد من الاحترار العالمي إلى أقل من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية وفقًا لاتفاقية باريس للمناخ.
ومع ذلك لم تحظَ هذه الاستراتيجية بإجماع كامل؛ إذ أعربت منظمات بيئية عن قلقها حيال التزام اليابان، معتبرة أنه لا يزال دون المستوى المطلوب لمواجهة التغير المناخي بفاعلية، وتشير المنظمة إلى أن تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية يتطلب من اليَابان خفض انبعاثاتها بنسبة 81% بحلول عام 2035.
متى البداية؟
تبدأ اليَابان في تنفيذ سياساتها الجديدة على الفور، وفق جدول زمني يمتد حتى نهاية السنة المالية 2035، التي تنتهي في مارس 2036، مع هدف خفض الانبعاثات بنسبة 73% بحلول عام 2040 مقارنة بعام 2013. هذا التحول يعكس التزامها بالاستدامة، رغم التحديات المرتبطة باعتمادها الكبير على الوَقود الأحفوري.
القرارات التي ستتخذها اليَابان خلال السنوات المقبلة قد تشكل نموذجًا تحتذي به الدول الصناعية الأخرى؛ إذ تعد اليَابان إحدى القوى الاقتصادية الكبرى التي تسعى إلى التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، غير أن نجاح هذه الخطوة يتوقف على قدرتها على تجاوز التحديات المرتبطة بالاعتماد على مصادر طاقة مستدامة.
ختامًا، تؤكد حماة الأرض أن التحدي البيئي الذي يواجه العالم اليوم يتطلب استجابة جماعية تعتمد على حلول مستدامة تحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة؛ فلا يمكن تحقيق مستقبل مستدام إلا بتضافر الجهود واعتماد سياسات بيئية تحافظ على الموارد الطبيعية، وتضمن مستقبلًا أكثر أمنًا واستقرارًا.