خطى مستدامة

ماذا لو تكلمت كائنات البحار والمحيطات؟

البحار والمحيطات

ماذا لو تكلمت كائنات البحار والمحيطات؟

في أعماق البحار والمحيطات تختفي ألوان الحياة وسط جبال من النفايات البلاستيكية، التي تهدد كل مظهر من مظاهر الحياة البحرية؛ لذا نتساءل: ماذا لو استطاعت الكائنات البحرية أنْ تُعبِّرَ عما يحدث في موطنها الطبيعي؟! هل ستطلق صيحة غضب أم نداء استغاثة؟

في هذا المقال نستكشف واحدة من أخطر الأزمات البيئية التي تهدد أعماق البحار والمحيطات وسكانها؛ لنسلط الضوء على أثر التلوث البلاستيكي، وكيفية التعامل مع هذا التحدي العالمي؛ فتابعوا القراءة.

تختنق بحارنا ومحيطاتنا بالصمت

لا صوت يعلو فوق صمت البحار والمحيطات، وهو صمت مليء بالألم، حيث تشير الإحصاءات العالمية إلى أن أكثر من 8 ملايين طن من البلاستيك تلوث البحار والمحيطات سنويًّا. وهذه الكمية الكبيرة تشكل تهديدًا مباشرًا للحياة البحرية، التي تعتمد على هذه الأنظمة البيئية للبقاء، وهو التهديد الذي تشاهده الكائنات البحرية في صمت مؤلم؛ بسبب حجم الإهمال البشري.

كيف يؤثر البلاستيك في الكائنات البحرية؟

البلاستيك ليس مجرد مادة غريبة تتطفل على البيئة البحرية، وإنما هو قاتل صامت! فالسلاحف -على سبيل المثال- تظن أكياسَ البلاستيك قناديلَ البحر، وحينما تلتهمها تصاب بانسداد في جهازها الهضمي؛ مما يؤدي إلى موتها جوعًا. وكذلك الحيتان تختنق بكتل البلاستيك العائمة، أو تبتلع كميات كبيرة منها. وقد أظهرت دراسة حديثة أنَّ الجسيمات البلاستيكية الدقيقة أصبحت جزءًا من السلسلة الغذائية؛ مما يهدد الصحة البيئية والإنسانية على حد سواء.

البلاستيك: من مشكلة بيئية إلى أزمة عالمية

تُظهر البيانات العالمية -وفق تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة- أنَّ النفايات البلاستيكية تستغرق مئات السنين لتتحلل بشكل كامل، وهو ما يعني أن المشكلة ليست مؤقتة. وتشير هذه البيانات إلى أن البلاستيك قد انتشر في جميع أنحاء العالم، من الشواطئ النائية إلى أعماق البحار. وقد وجد العلماء أنَّ 90% من الطيور البحرية تحتوي بطونها على بقايا البلاستيك؛ مما يُبرز مدى الانتشار الكارثي لهذه المشكلة.

رسائل صامتة إلى البشرية

إذا كان بوسع الكائنات البحرية التكلم فستكون كلماتها تحذيرات شديدة اللهجة، حيث يمكن أنْ تطلب منَّا الحيتان أنْ نُوقف التخلص غير المسئول من النفايات، وسوف ترجونا السلاحف أنْ نحافظ على موطنها الطبيعي. وهذه الكائنات -التي تُعد مؤشرًا على صحة البحار والمحيطات- تشير اليوم بأفعالها إلى خلل عميق في توازن النظام البيئي.

البحار والمحيطات

الحلول المطروحة

تتطلب معالجة التلوث البلاستيكي جهودًا مشتركة بين الأفراد والحكومات والمنظمات الدولية، كما يمكن للسياسات الصارمة التي تحد من استخدام البلاستيك -إلى جانب تشجيع إعادة التدوير، وتطوير مواد بديلة مستدامة- أن تُحدث تغييرًا حقيقيًّا، فضلًا عن جهود المنظمات التي تعمل على تنظيف البحار والمحيطات من البلاستيك، مثل منظمة “The Ocean Cleanup” التي تعمل على اعتراض نفايات البلاستيك في الأنهار قبل أنْ تصل إلى المحيطات.

ختامًا، تدرك حماة الأرض أنَّ هناك حاجةً إلى وعي عالمي أكبر بأخطار تلوث البحار والمحيطات بالبلاستيك؛ لأنَّ بحارنا ومحيطاتنا شرايينُ الحياةِ فوق هذا الكوكب، ولهذا يجب أنْ نبادرَ بحمايتها حتى لا تبقى الكائناتُ البحريةُ صامتةً إلى الأبد؛ وهو أمر يحمل في طياته رسائلَ لَومٍ إلى الإنسان، ونداءً إلى إنقاذ ما تبقى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى