ما البصمة الكربونية؟
ما البصمة الكربونية؟
منذ بداية الثورة الصناعية تزايدتْ -بشكل كبير- مشكلةُ أثر الكربون في البيئة، حيث تَسبَّبتِ الأنشطةُ البشريةُ -كحرق الوقود الأحفوريّ وإنتاج الكهرباء- في إطلاق كميات ضخمة من غازات الاحتباس الحراريّ؛ مما أدَّى إلى تزايد البصمة الكربونية. وتُعد هذه العواملُ سببًا رئيسيًّا في تغيُّرِ المناخ وتسارع الاحتباس الحراريّ وانتشار أكثرَ لمفهوم البصمة الكربونية؛ لذا يجب علينا العمل معًا علَى تقليل أثرنا الكربونيّ، لأجل الحفاظ على كوكبنا.
ويتطلب هذا اتخاذ عدد من الخطوات، أهمها: تحسين كفاءة استخدام الطاقة – دعم الطاقة المتجددة – تشجيع وسائل النقل النظيفة – تغيير نمط الاستهلاك؛ ولأجل تعزيز هذه الخطوات سنلقِي في هذا المقالِ الضوءَ علَى تعريف البصمة الكربونية، وسنذكرُ أبرزَ مسبباتها، وكيفية التحكم فيها؛ بهدف بناء مستقبل مستدام وصحي لنا وللأجيال القادمة.
تعريف البصمة الكربونية
إنَّ البصمة الكربونية أثرٌ ناتجٌ عن إطلاق الغازات الدفيئة -كثاني أكسيد الكربون، والميثان- في الجو، وهذا بعد حدوث نشاط بشريّ؛ فعند قيادة السيارة -مثلًا- يكون للعادم الخارج منها أثر كربونيّ؛ ولكن ماذا عن الدراجة -علَى سبيل المثال- التي لا تُخرج عوادمَ؟
من هنا نُجيب: علَى الرغم مِن أنَّ الدراجةَ لا تنبعث منها غازاتٌ، فإنَّ تصنيعها كان -بطبيعة الحال- في مصنع يعمل بالطاقة الأحفورية، وهناك شاحنة تسير بالبنزين نقلتها إلى التجار؛ وهذا كله له أثر كربونيّ، حتى قراءة كتاب في أثناء الجلوس على أريكة له -أيضًا- بصمة كربوينة؛ لأنَّ الكتابَ صُنِعَ في مصنع يستخدم طاقةً غير نظيفة، والقائمة تطول. بعبارة أخرى: البصمة الكربونية -تحديدًا- مؤشر بيئيّ، يقيس معدلات غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو، ويُعَبَّرُ عنه بوحدة الطن في العام الواحد (Tan / year)؛ وذلك كله يدفعنا إلى سؤال مهم: كيف تُقاس البصمة الكربونية؟
يُمكن حساب البصمة الكربونية من خلال تقييم جميع العمليات التي تحدث في أثناء عملية الإنتاج أو الأنشطة اليومية للفرد، وحساب كمية الغازات التي تنبعث في الغلاف الجويّ، بالإضافة إلى تقييم دورة حياة جميع العمليات في كل منتج، منذ إنتاجه إلى مرحلة التخلص منه.
وهناك عدة برامج وأدوات تُستخدم لحساب مقدار البصمة الكربونية، وتختلف هذه الأدوات وتلك البرامج حسب درجة سهولتها وتعقيدها، وتعتمد علَى المعلومات التي يتم الحصول عليها من الشركات أو الأفراد. ومن بين هذه الأدوات والبرامج:
- برنامج “خبير بصمة الكربون – Carbon Trust Footprint Exper“، وهو برنامج يساعد علَى تعزيز الاستدامة، وزيادة كفاءة الطاقة، وتحديد فرص تقليل تلك الانبعاثات الكربونية.
- برنامج “شركة بصمة الكربون –Carbon Footprint Ltd “، الذي يُعين الشركات علَى تقييم أثرها الكربوني، وتحديد فرص تقليل انبعاثاتها الكربونية.
- برنامج “بروتوكول GHG Protocol“، وهو برنامج يمكنه تحليل الانبعاثات الكربونية.
- برنامج “ايكوتشين – Ecochain“، الذي يُعدُّ أداةً برمجيةً متعددةَ الوظائفِ، بما في هذا حساب الأثر الكربونيّ، وحساب تكلفة الإنتاج، وتحليل الأسواق بشكل دوريّ.
- برنامج “كول كليمت – CoolClimate“، وهو يحسب الأثر الكربونيّ من خلال إسهام الأفراد أو الشركات.
وهناك -بطبيعة الحال- عدة عوامل تؤثر في معدلات الأثر الكربونيّ للأفراد أو المنشآت، بما في هذا الأنشطة الحياتية، التي يقوم بها الفرد، مع النظر إلى نمط حياته، وأنواع الأنشطة الاقتصادية والسياسات الشرائية للمؤسسات ومنشآتها؛ وبناءً على هذا نحتاج إلى أنْ نوضح مسببات البصمة الكربونية.
مسببات زيادة البصمة الكربونية
استخدام الكهرباء والطاقة المتولدة من مصادر الوقود الأحفوريّ: يُعَدُّ استخدام الوقود الأحفوريّ من بين أبرز المصادر التي تتسبب في زيادة الأثر الكربونيّ.
وسائل النقل: يتسبب استخدام وسائل النقل -السيارات الخاصة- في انبعاثات كربونية عالية نتيجة لحركة المَركبات؛ وبالتالي زيادة الأثر الكربونيّ. ومن هنا فإنَّ استخدامَ وسائل النقل العامة أو المشي وسيلةُ نقلٍ آمنة تساهم في تقليل الأثر الكربونيّ.
النمط الغذائيّ: يساهم تناول اللحوم الحمراء والأطعمة الدهنية والاعتماد علَى الأغذية المصنَّعة في زيادة الأثر الكربونيّ.
وهذه العوامل السابقة مجرد أمثلة، حيث توجد عواملُ أخرى عديدة. وبسبب هذه العوامل يجب أنْ نستنتجَ طرقًا لتقليل البصمة الكربونية.
طريقة تقليل الأثر الكربونيّ السلبيّ
يُعَدُّ الحدُّ من البصمة الكربونية أداةً فعَّالةً لحماية البيئة، وتحسين الأداء البيئيّ للفرد أو المؤسسة، حيث تؤدي دورًا مهمًّا في زيادة القيمة السوقية للمؤسسة، والحفاظ علَى البيئة. ويُمكن للمؤسسات والأفراد تحقيق هذا الهدف من خلال تنفيذ التدابير الآتية:
– الاستفادة من وسائل النقل العامة: لتقليل استخدام السيارات؛ وبالتالي الحد من أثرها الكربونيّ.
– تناول الأغذية الطازجة: وهذا بالإضافة إلى قدرة المؤسسات علَى تقليل وإعادة استخدام وتدوير النفايات.
– تحسين كفاءة الطاقة: يُمكن للمؤسسات تحقيق هذا من خلال صيانة معداتها بشكل منتظم، واستخدام الكهرباء بشكل مستدام، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
– الاستثمار في الطاقة المتجددة: يمكن للمؤسسات التعاون مع مُزودِي خدمات الطاقة المتجددة، والاستثمار في الطاقة النظيفة.
– تحسين سلسلة التوريد: يُمكن للمؤسسات تحسين خريطة إمدادها، من خلال الاعتماد علَى الموارد والمواد الخام المحلية.
وفي الخاتمة، نؤكد أنَّ الحدَّ من الأثر الكربونيّ مسئوليةٌ مشترَكةٌ بين الأفراد والمؤسسات، فبالتعاون يمكن لنا جميعًا تقليل الأثر الكربونيّ؛ ومِن ثَمَّ نستطيع الحد من مشكلات المستقبل، التي تتمثل في انبعاثات الكربون، وحينها تتحقق أهداف التنمية المستدامة.
ومِن هنا، اهتمتْ مجلةُ حماة الأرض بتعريف مصطلح “البصمة الكربونية” بطريقة سهلة وبسيطة، وهذا ضمن سلسلة (ما…؟)، التي تهتم بتوضيح المصطلحات البيئية والتنموية لقرَّاء المجلة الأعزاء؛ بهدف الحفاظ على البيئة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.