ما حرائق الغابات؟
ما حرائق الغابات؟
إنَّ حرائق الغابات مشكلةٌ بيئيةٌ خطيرةٌ، حيث إنها تدمر الحياةَ النباتيةَ والحيوانيةَ، وتَتَسببُ في تدمير الممتلكات، وتُهدد سلامةَ البشر. ومما يُعرف عن حرائق الغابات، هو أنَّ اندلاعَهَا سريعٌ وانتشارَهَا واسعٌ، مما يجعلها تحديًا كبيرًا لفِرق الإطفاء والجهود الإنسانية، لا سيما وقد ازدادتْ وتيرةُ التغيُّرات المناخية والأنشطة البشرية؛ لذا سنتناول في هذا المقال أسبابَ اندلاع حرائق الغابات، وتأثيراتها السلبية في البيئة، بالإضافة إلى الإجراءات الوقائية، والحلول الممكنة لمواجهة هذه الكارثة البيئية.
انتشار حرائق الغابات
لحرائق الغابات قدرةُ اشتعالِ هائلة لا يمكن السيطرة عليها، وهي تحدث في الغابات بسبب مساحاتها الشاسعة مِن الأراضي. وتساعد على انتشارها عواملُ مختلفةٌ، مثل: الأعشاب الجافة، والرياح.
مِن هنا نجد -على سبيل المثال- أنَّ حوالي مائة ألف حريق غابات يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية سنويًّا، وقد أدَّى حدوث حوالي 72400 حريق إلى تدمير حوالي 7 ملايين فدان من الأراضي الأمريكية منذ عام 2000. كما أدَّتْ حرائقُ الغابات في أستراليا -بين عامَي 2019 و2020- إلى حرق ما يقارب من 10.7 مليون فدان من الأراضي والمَزارع، وهذا يعادل 107 ألف كيلومتر مربع، بالإضافة إلى تدمير أكثر من 5900 مبنى، وأمَّا أعداد الوفيات فكانت ثمانية أشخاص.
تُعتبر حرائق الغابات -المعروفة أيضًا بحرائق الأدغال- حرائقَ كبيرةً وغير منضبطة، وقد تؤدي إلى تدمير المناطق الريفية والحضرية تدميرًا شاملًا. ويمكن أنْ تنتشرَ هذه الحرائق بسرعة مع تغيير اتجاهاتها بشكل مفاجئ، كما يمكن أنْ تتحركَ لمسافاتٍ بعيدةٍ عندما تتطاير شراراتُها بفعل الرياح، مما يزيد من انتشارها.
من هذا المنطلق، يمكن أنْ تحدث حرائق الغابات بسبب مجموعة متنوعة من الأسباب الطبيعية، مثل البرق، وبسبب -أيضًا- إهمال الإنسان حينما يرمي أعقاب السجائر المشتعلة على الأرض. ويتوقف انتشار حرائق الغابات -بطبيعة الحال- علَى تضاريس الأرض، ومواد الوقود المتاحة كالنباتات والأخشاب المتساقطة، وكذلك يتوقف على الأحوال الجوية كاتجاه الرياح وسرعتها ودرجة الحرارة. ولكن يبقى السؤال: ما مسببات حرائق الغابات؟
مسببات حرائق الغابات
توجد مسببات عديدة تؤدي إلى حدوث حرائق الغابات، وتتنوع هذه المسببات بين مسببات بشرية وأخرى طبيعية:
أولًا- المسببات البشرية
حرق النفايات: قد يؤدي حرق النفايات إلى اشتعال حرائق في مناطق متعددة، هذا إذا خرجتِ الأمورُ عن السيطرة.
نيران المخيمات غير المراقَبة: إنَّ فقدانَ السيطرةِ على نيران المخيمات من بين مسببات حرائق الغابات الأكثر شهرةً؛ لذا يجب اختيار مكان آمن لإشعال نار المخيم، بعيدًا عن المواد القابلة للاشتعال.
إشعال السجائر: إلقاء السجائر المشتِعلة مِن أبرز مسببات حرائق الغابات؛ ومن ثَمَّ يجب أنْ نزيد الوعي بين المدخنينَ بأنَّ أيَّ إهمالٍ قد يؤثر في الغابات والمناطق المحيطة بها.
الألعاب النارية: يجب أنْ يحذرَ غيرُ البالغينَ عند استخدام الألعاب النارية، حيث يمكن أنْ تَتَسببَ في اندلاع النيران.
الحرائق المتعمَّدة: ينبغي لنا أنْ نعلمَ أنَّ الحريقَ المتعمَّدَ يشكل نسبة 30% من حالات حرائق الغابات.
آخرًا- المسببات الطبيعية
البرق: يمكن أنْ يتسبب البرقُ في اندلاع حرائق الغابات، خاصةً البرق الساخن الذي يستمر وقتًا طويلًا. وعند حدوثه يمكن أنْ تنتج شرارة تُشعلُ النارَ في أراضٍ شجريةٍ أو غابةٍ كاملةٍ.
ثوران البراكين: تُفجر البراكينُ حُمَمًا مشتعِلَةً تَتَسببُ في اندلاع حرائق الغابات، حيث تتطاير هذا الحمم لتصيب كل ما يوجد في طريقها، خاصةً الغابات والمناطق الخضراء.
إنَّ هذه المسببات -الطبيعية منها والبشرية- تعكس خطورةَ هذه الظاهرة البيئية؛ لذا يجب علينا أنْ نفهم كيف يمكن أنْ تدمر حرائقُ الغاباتِ بيئةَ الإنسان والحيوان ومواردهما.
ما تأثير حرائق الغابات في البيئة؟
إنَّ حرائق الغابات جزءٌ من الظواهر الطبيعية المختلفة، حيث تؤدي دورًا حاسمًا في تشكيل النظم البيئية من خلال عملها على التجديد والتغيير، وبالرغم من هذا يمكن أنْ تكون تلك الحرائق مدمِّرةً، حيث تَتَسببُ في تدمير المنازل وبيئة الحياة البرية، وتلويث الهواء بانبعاثات ضارة تؤثر في صحة الإنسان. والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان الآن، هو: ما أبرزُ الآثارِ المباشرة لحرائق الغابات، وطرق مكافحتها؟
تدهور النظم البيئية والتنوع البيولوجي: تؤدي الحرائق إلى تدمير بيئة الحيوانات، وتؤثر في العَلاقاتِ المعقَّدةِ بين النباتات والحيوانات المتنوعة، مما يؤدي -في نهاية المطاف- إلى فقدان النظم البيئية والتنوع البيولوجي. تُسبب حرائق الغابات -أيضًا- إتلافَ الأراضي، التي يمكن أنْ تكون المأوى الوحيد لبعض النباتات والحيوانات، كما يمكن أنْ تؤدي إلى انقراض بعض الكائنات الحية.
تدهور التربة: حرائق الغابات قادرةٌ علَى قتل الكائنات الحية الدقيقة المفيدة في التربة، التي لها دور مهم في تحلل التربة، وتعزيز الأنشطة الميكروبية فيها. كما يترك هذا النوعُ من الحرائق الأشجارَ ونباتاتِ التربة عاريةً، مما يعرضها للتآكل.
تلوث الهواء: تعمل الأشجارُ والنباتاتُ علَى تنقية الهواء، الذي نعتمد عليه في التنفس، حيث تمتص الأشجارُ ثاني أكسيد الكربون، وتمنع وصول الأتربة إلى المناطق السكنية، ثم تطلق الأكسجينَ في الجو. وعندما تقضي الحرائق على النباتات تتدهور جودة الهواء الذي نتنفسه، وتزداد الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي؛ مما يؤدي إلى تغيُّر المناخ والاحتباس الحراري.
طرق مكافحة الحرائق
مِن الجدير بالذِّكْرِ، هو أنَّ دولًا عديدةً تعمل بجد -بالتعاون مع هيئات مكافحة الكوارث الطبيعية والأمم المتحدة- علَى مكافحة ظاهرة حرائق الغابات، والحد من انتشارها؛ حتى يمكنها زيادة مساحة الأراضي الزراعية، لتحقيق الأمن الغذائي، وزيادة إنتاج المحاصيل.
وعلَى المستوى الإجرائي، تُعَدُّ وحداتُ التدخلِ السريعِ أبرزَ وسائلِ مكافحةِ حرائق الغابات في الدول المتقدِّمة، حيث تعتمد هذه الوحداتُ علَى تجهيزات متعددة لإخماد الحرائق. وتشمل هذه التجهيزات استخدامَ المواد المضادة للنيران -أملاح غير سامة، وتستخدم لمكافحة النيران بفاعلية- واستخدامَ المياه، ومعدات الحفر التي تعمل علَى إزالة أجزاء من الغابة بهدف تقليل انتشار الحريق واحتوائه، وكذلك تجهيز طائراتٍ بمواد إطفاء خاصة لمواجهة مثل هذه الحرائق.
وفي هذا السياق، تعتمد الدولُ علَى استراتيجيات أخرى للسيطرة على حرائق الغابات، مثل: تعمد فرق الإطفاء إشعال حرائق صغيرة يمكنها تعطيل مركز الحريق وإيقاف انتشاره السريع. وتلك الإجراءات الوقائية والتدخلية تهدف جميعها إلى الحفاظ على الغابات باعتبارها ثروةً طبيعيةً ضروريةً، وحماية الحياة النباتية والحيوانية، والحفاظ على التوازن البيئي العامِّ.
في ختام هذا المقال، يسعدنا أنْ نشيرَ إلى أنَّ مجلةَ حماة الأرض سَعَتْ من خلال هذا المقال إلى تعريف مصطلح “حرائق الغابات” بصورة سهلة، وذِكر تأثير هذه الحرائق في بيئتنا؛ وهو مقال يأتي ضمن سلسلة (ما…؟)، التي تهدف إلى توضيح المفاهيم البيئية والتنموية بأسلوبٍ مبسط.
وإنَّ حماةَ الأرض تدعوكم إلى الاستفادة من هذه المقالات التوعوية، ونشرها بين الأصدقاء والعائلة والمجتمع كله، لنعمل معًا على الحفاظ على البيئة؛ لأنَّ حمايةَ البيئةِ واجبنا ومسئوليتنا المشترَكة نحو الأجيال القادمة.