الأستاذ الدكتور هاني سويلم “وزير الموارد المائية والري” في حوار خاص لـ “حُماة الأرض”
الأستاذ الدكتور هاني سويلم “وزير الموارد المائية والري”:
- تتمحور أهداف الأمم المتحدة السبعة عشر حول المياه وسبل المحافظة عليها.
- إنَّ نسبة 75% من المياه المصرية تذهب إلى المجال الزراعي.
- تأهيل 7.000 كيلومتر من الترع ضمن المشروع القومي لتأهيل الترع.
- المياه حق من حقوق الإنسان، وتجب المحافظة عليها.
- التوعية إحدى أدوات استراتيجية الوزارة من خلال إقامة الندوات بالتعاون مع العديد من الجهات.
- التحول من الري بالغمر إلى الري الحديث ينبغي أنْ يكون مبنيًّا على أسلوب علمي.
- الوزارةُ نفذت مشروع “تعزيز التكيف مع تغير المناخ في الساحل الشمالي ودلتا النيل” بموادٍّ صديقة للبيئة.
في هذا الحوار ألقى الأستاذ الدكتور هاني سويلم –وزير الموارد المائية والري– الضوءَ على الاستراتيجيات المصرية في مجال إدارة المياه، وكم كان قادرًا على التحدث حول هذا الملف المهم، ليس بصفته وزيرًا يَعِيَ المسئوليةَ المُلقاةَ على عاتقه فحسب، وإنما باعتباره باحثًا مصريًّا يدرك ما للمياه من أهميةٍ محوريةٍ في طريق تنمية المجتمع المصري، ودعم حياته بصورة مستدامة.. فإلى سطور حوارنا معه.
لقد بدأتْ مجلةُ “حُماة الأرض” هذا الحوار بالحديث عن خطوات تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مستفسرةً عن دور وزارة الموارد المائية والري في دعم تحقيق هذه الأهداف، والوقوف على أبرز المحطات التي توليها الوزارة اهتمامًا بالغًا.
وإجابةً عن هذا، أوضح الدكتور هاني سويلم مَا لوزارة الموارد المائية والري من دورٍ فعَّالٍ في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما وأنَّ الأهدافَ الأمميةَ السبعة عشر تشمل المياه والمحافظة عليها بصورة أو بأخرى، بل أكَّد أنَّ الهدفَ المتعلقَ بالقضاء على الجوع هدفٌ ذو صلة وثيقة بالغذاء، وهذا الأخيرُ عائدٌ إلى المياه. كما لَفَتَ الوزيرُ الانتباه إلى أنَّ الهدفَ السادسَ من هذه الأهداف التي تدعو إليها الأممُ المتحدةُ خاصٌّ بالمياه؛ ومن ثَمَّ يرى أهميةَ المياه باعتبارها مجالًا رئيسيًّا لدعم التنمية المستدامة على كل الصُّعُدِ.
وحول أهمية المياه وآثارها التنموية في كوكبنا أكد الدكتور سويلم أنَّ المياه حقٌّ من حقوق الإنسان، وتجب المحافظة عليها. وضرب وزير الموارد المائية والري بالتعليم مثالًا على الأهمية القصوى في تحقيق الأهداف المتعلقة بالمحافظة على المياه، حيث قال: «إننا نرى التعليمَ في إفريقيا -مثلًا- حاضرًا ضمن العمل المرتبط بالمياه ومواردها، حيث إنَّ كثيرًا مِن أطفالِ إفريقيا يعملون في جمع المياه، وهنا يكون تحقيقُ أهداف التعليم ضربًا من المستحيل، وهي مشكلة معروفة في البلدان الإفريقية بصورة عامة».
هذا عن قارة إفريقيا عامةً، وأمَّا عن مصرَ خاصةً فقد أكَّد الوزيرُ أنَّ أهميةَ المياه بالنسبة إليها ماثلةٌ في قدرتها الفعلية على تحقيق الاكتفاء الذاتيِّ من الغذاء -بقدر الإمكان- من خلال تعظيم العائد من وحدة المياه؛ ومن ثَمَّ إنَّ لاستخدامِ المياه بصورة مسئولة دورًا كبيرًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
أمَّا عن دور وزارة الموارد المائية والري في تحقيق “رؤية مصر 2030”، فقد كان للدكتور هاني سويلم هذه الإجابة التي تناولتْ باستفاضة مقدارَ الترابطِ بين هذه الرؤية الوطنية والوزارة، مشيرًا إلى أنه ليس ترابطًا خاصًّا بوزارة الموارد المائية والري فحسب، وإنما هو ترابطٌ له أهمية بين بقية الوزارات المعنية.
وهنا أبدَى اهتمامَ الوزارةِ بهذه الرؤية الطموحة من خلال بُعدينِ محددينِ متعلقينِ بالمياه، هما: البُعد الاقتصادي، والبُعد البيئي، مشيرًا إلى أنَّ ما نسبته 75% من مياه مصر تذهب إلى المجال الزراعي؛ ولذا أكَّد الدكتورُ هاني سويلم أنَّ دورَ الوزارةِ يتمثل في إتاحة المياه للفلاحين بصورة فعَّالة؛ حتى يعود هذا بالنفع على الإنتاج المحلي، ليتحقق البُعْدُ الاقتصاديُّ المصريُّ.
كما رأى الوزيرُ أنَّ هذا الدورَ غيرُ منحصرٍ في المجال الزراعي، وإنما للصناعة -التي تستخدم المياه بشكل رئيسي- نصيبٌ من هذا الدور؛ ولذا تسعى وزارة الموارد المائية والري دائمًا إلى دعم هذا القطاع الحيوي.
ولمَّا كانتِ الثروةُ المائيةُ مهمةً لتحقيق حياة مستدامة رأتْ مجلةُ “حُماة الأرض” أنْ تنظرَ في قائمة مشروعات وزارة الموارد المائية والري حول تأهيل الترع، حيث قال سويلم: «إنَّ تأهيلَ الترع جزءٌ لا يتجزأُ من الدور الأكبر للوزارة، والذي يهدف لإعادة الترع إلى وظيفتها الأساسية، وتمكينها من توصيل المياه إلى المنتفعين بالكمية والجودة المطلوبتينِ، وفي التوقيت المناسب».
وقد تحدث الوزيرُ حول المشروع القومي الذي أقامته الدولةُ لتأهيل الترع في ربوع مصر كافةً، وبَيَّنَ أنه تم الانتهاء من 7000 كيلومتر من الترع حتى الآن، حيث قيَّم الوزيرُ هذا المشروع بأنَّه قادرٌ على إتاحة المياه بصورة تتمتع بالعدالة والكفاءة، وتوصيل المياه إلى نهايات الترع، وتقليل زمن وصول مياه الري، وتحسين عملية توزيع المياه، بخلاف المكاسب الأخرى، مثل زيادة المساحة المتاحة بجسور الترع؛ لإنشاء الطرق، والمردود البيئي.
ثم صرَّح الدكتورُ هاني سويلم بأنَّ مشروعَ تأهيل الترع ما يزال مستمرًّا، وأنَّ الوزارة وضعت دليلًا إرشاديًّا لتأهيل الترع، شارك في إعداده عدد كبير من المتخصصين بالوزارة والجامعات، وتم في هذا الدليل الاستفادة من الخبرات المكتسبة في خلال المراحل الأولى من المشروع.
وقد أشار سيادته إلى أنَّ التأهيلَ مفهومٌ يشمل العديد من الطرق المختلفة، مثل الأرنكة أو التدبيش، ويُعد التبطين إحدى أدوات تأهيل الترع، وهو ما يعتمد بشكل أساسي على حالة الترعة والقطاع المائي وطبيعة التربة التي تشكل جسور الترعة.
بعد ذلك انتقلتْ مجلةُ “حُماة الأرض” إلى موضوع ذي أهمية، ألَا وهو دور وزارة الموارد المائية والري في تعزيز الوجود المصري على الصعيد الإفريقي. وحول هذا جاءتْ كلماتُ وزير الموارد المائية والري مُهْتَمًّةً بالنظرة التاريخية إلى العمق الإفريقي، باعتباره بُعْدَ مصر الاستراتيجي وقوتها الناعمة، مشددًا على أنه لا ينبغي لنا أنْ نُهملَ هذا الجانب؛ ومن ثَمَّ جاءتْ توجيهاتُ السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي مُحَمَّلَةً بالأهمية البالغة التي يجب أنْ توليها الحكومةُ لقضايا قارة إفريقيا.
ثم تحدث الوزيرُ عن الدور المباشر الذي تقوم به وزارة الموارد المائية والري، والذي برز من خلال خطوات إقليمية جادة، كان منها رئاسةُ مصر لـ”مجلس وزراء المياه الأفارقة – AMCOW”، حيث أوضح أنه مجلس يضم 54 وزيرَ مياه من القارة الإفريقية، وأنَّ الرئاسةَ المصرية لهذا المجلس ممتدةٌ من مارس 2023 حتى فبراير 2025.
وقد توقع أنْ تحصدَ مصرُ في هذينِ العامينِ القادمينِ إنجازات إفريقية من خلال هذا المجلس، باعتباره آليةً فعَّالةً في التطلع إلى حياة مستدامة في بلدان إفريقيا كافةً، مشيرًا إلى أنَّ مصرَ قد استضافت مؤخرًا عشرين وزيرًا إفريقيًّا، وأكثر من أربعة وعشرين ممثلًا لدول إفريقيا، بواقع أربعة وأربعين دولة، للمشاركة في فاعليات الاجتماع الثالث عشر للجمعية العامة لمجلس وزراء المياه الأفارقة (الأمكاو).
وأبعد مِن هذا، أشار الدكتور هاني سويلم إلى أنَّ وزارةَ الموارد المائية والري قد استطاعت أنْ تكون ذات إسهام بارز في مجال التكيف مع التغيرات المناخية، وإدماج قضايا المياه بملف المناخ العالمي، خصوصًا وأنَّ مصرَ أطلقت في “COP27” مبادرة دولية للتكيف مع التغيرات المناخية بقطاع المياه “AWARe”، التي تستهدف حشد التمويلات التي تساعد البلدان الإفريقية على التكيف مع التغيرات المناخية، وتوفير التدريب اللازم للمتخصصين بالدول الإفريقية في مجال التكيف مع التغيرات المناخية، حيث توفر مصر مراكزها المختصة بهذا الغرض من خلال مركز التدريب الإقليمي للموارد المائية، والذي أصبح مركزًا إفريقيًّا للتدريب في مجال التغيرات المناخية.
وهنا أشار الوزيرُ إلى أنَّ قارةَ إفريقيا أقل القارات إطلاقًا لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهذا يعني أنَّ البلدانَ الناميةَ الإفريقيةَ ظُلِمَتْ بسبب ما تتكبده من أضرار مالية جرَّاء الانبعاثات الضارة في القارات الأخرى؛ ولذا رأى سويلم أنَّ مؤتمرَ الأطراف السابع والعشرين كان فرصةً لمناقشة هذا الوضع غير العادل، حيث يُعد إنشاء صندوق للخسائر والأضرار أحد مكتسبات “COP27”.
من جهة أخرى، كان لوزير الموارد المائية والري حديثٌ خاصٌّ تحدث فيه حول الاستراتيجيات التي نفذتها الوزارة في سبيل ترشيد المياه ودعم أساليب المحافظة عليها، حيث شرح كيفية عمل الوزارة بخصوص هذا الشأن، وهذا من خلال توجيهينِ.
الأول– التوجيه المائي، حيث يتحدث خبراءُ الوزارة إلى الفلاحين حول فوائد التحول من الري التقليدي إلى الري الحديث، وكيف أنَّ مثل هذه النظم الحديثة قادرةٌ على تقليل استهلاك المياه، فضلًا عن قدرتها الملحوظة في زيادة الإنتاجية الزراعية، والتقليل من استهلاك الأسمدة.
الآخر– التوعية المائية، وهو استراتيجية تنتهجها الوزارةُ لزيادة الوعي المجتمعي بملف المياه، من خلال إقامة الندوات بالتعاون مع العديد من الجهات، حيث يتم عقد حوالى ٢٦٠ ندوة توعوية سنويًّا بمشاركة حوالى ٤٠ ألف مشارك بمختلف المحافظات، والتي يتم عقدها بالتعاون مع العديد من الوزارات والجهات من خلال بروتوكولات موقعة في هذا الشأن مثل: الأزهر، الكنيسة، الأوقاف، الثقافة، التربية والتعليم، المجلس القومي للمرأة.
كما يتم إنتاج حملات إعلامية تلفزيونية وإذاعية للتوعية بأهمية ترشيد المياه، كما يتم إعداد بيانات صحفية يومية تهدف للرد على الشائعات، وتوضيح أهم أنشطة وإنجازات الوزارة، وعرض رؤية الوزارة في الموضوعات التي تشغل الرأي العام، بالإضافة لما يتم نشره على الصفحة الرسمية للوزارة على الفيس بوك -التي يتابعها أكثر من 33٠ ألف متابع- لعرض أبرز أنشطة ومشروعات الوزارة.
كما يتم تنظيم العديد من المسابقات بمشاركة الآلاف من الشباب وطلاب المدارس سنويًّا، وتنظيم مسابقات رمضانية، كما يتم مخاطبة الخارج عبر منصات التواصل الاجتماعي من خلال رسائل توعوية موجهة باللغة الإنجليزية، وكذلك تصميم الحلقات المرئية عن مشروعات الوزارة المختلفة، مثل: مشروعات تأهيل المنشآت المائية، ومشروع تطوير منظومة الري والصرف في واحة سيوة، ومشروعات الحماية من أخطار السيول، ومشروعات حماية الشواطئ المصرية، وحلقات عن البصمة المائية التي تهدف لتوعية المواطنين بكميات المياه التي تستخدم لإنتاج مختلف المنتجات، سواء الغذائية أم غيرها؛ ليدرك المواطن أنَّ إهدار أي منتج ليس إهدارًا للموارد الطبيعية فحسب، وإنما هو إهدار للمياه أيضًا.
أيضًا، كان للمجلة سؤالٌ حول تقنياتِ الريِّ الحديثِ، ودورِ الوزارةِ في دعم هذه التقنيات، حيث أجاب وزير الموارد المائية والري بأنَّ التحولَ من الري بالغمر إلى الري الحديث ينبغي أنْ يكون مبنيًّا على أسلوب علمي، وهو هنا يشير إشارةً واضحةً إلى أنَّ هذا التحولَ لا يمكن تنفيذه بين ليلة وضحاها، وإنما يجب أنْ يكون التحولُ مراعيًا لعناصر المنظومة المائية كافة.
موضحًا أنَّ لهذه الاستراتيجية أولوياتٍ محددة، حيث تُعطَى الأولوية للأراضي الصحراوية، التي يجب أن يتم استخدام نظام الري الحديث بها طبقًا للقانون. ومن الأولويات التي تحدث حولها الوزيرُ -أيضًا- أولويةُ التحولِ بزراعة قصب السكر والبساتين باستخدام الري بالتنقيط، وهي رؤية مصر التي لا تدخر الحكومةُ جهدًا في سبيل تنفيذها.
وأخيرًا وليس آخرًا، تساءلتْ “حُماة الأرض” عن الثمار التي يمكن أنْ تجنيها مشروعات معالجة مياه الصرف الزراعي، وقد عكستْ إجابةُ الدكتور هاني سويلم مدَى أهمية مثل هذه المشروعات، لا سيما وأنَّ احتياجاتنا من المياه تصل الى حوالى 110 مليار متر مكعب من المياه سنويًّا، يقابلها موارد مائية لا تتجاوز الـ 60 مليار متر مكعب سنويًّا من المياه، ويصل متوسط نصيب الفرد من المياه الى ما يقارب الـ 500 متر مكعب سنويًّا، وهو ما يمثل نصف خط الفقر المائي العالمي الذي يقدر بـ 1000 متر مكعب سنويًّا.
وألمح وزيرُ الموار المائية والري إلى عدد من المشروعات القومية، مثل مشروعات حماية الشواطئ المصرية من ارتفاع منسوب سطح البحر والنوات البحرية، خاصة في دلتا نهر النيل، التي تُعد من أكثر المناطق في العالم المهددة بالتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، حيث نفذتِ الوزارةُ مشروعات لحماية الشواطئ المصرية بأطوال تصل إلى 144 كيلومتر باستخدام الطرق التقليدية، وتنفيذ مشروع رائد على المستوى العالمي وهو مشروع “تعزيز التكيف مع تغير المناخ في الساحل الشمالي ودلتا النيل”؛ لحماية شواطئ دلتا نهر النيل في خمس محافظات ساحلية بطول 69 كيلومتر، من خلال استخدام مواد طبيعية من البيئة المحيطة، مع إشراك المجتمع المحلي -خاصة النساء- في تنفيذ المشروع بالشكل الذي يضمن استدامة المشروع للأجيال القادمة.
وفي ختام الحوار أكد الدكتور سويلم أنَّ وزارة الموارد المائية والري تعمل على تحقيق الاستدامة في كل المشروعات التي تقوم بتنفيذها، من خلال دراسة المشروعات بشكل علمي، ووضع أسس تراعي الأبعاد الفنية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية، والعمل على إدماج المنتفعين في عملية إدارة المياه، بما يضمن تحقيق الاستدامة، واستفادة المواطنين من هذه المشروعات.
وهنا قدَّمتْ مجلةُ “حُماة الأرض” الشكرَ الجزيلَ إلى وزير الموارد المائية والري -الأستاذ الدكتور هاني سويلم- على هذا الحوارِ الذي تَرَاصَفَتْ أجزاؤه وتَنَاظَمَتْ معانيه، حيث عبَّر برؤيةٍ شاملةٍ وموضوعيةٍ عن الجهود التي تبذلها الحكومةُ المصريةُ في أكثر قطاعاتها حيويةً، قطاع المياه.