توترات بين الصين وأمريكا قد تعيد شبح التفجيرات النووية

توترات بين الصين وأمريكا قد تعيد شبح التفجيرات النووية
تعود التفجيرات النووية لتتصدر المشهد الدولي في ظل تصاعد التوتر الاقتصادي والسياسي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين خلال الأسابيع الأخيرة؛ ففي تصريحات مفاجئة أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنَّ بلاده ستعيد النظر في برنامجها النووي، بعد أن اتهم الصين وروسيا ودولًا أخرى بإجراء تجارب نووية سرية.
وتلك التصريحات أعادت إلى الأذهان مخاوف العالم من سباق تسلح نووي محتمل يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، خاصةً أنه يمكن أنْ يمنع من تقدم الجهود العالمية في مجال تحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي تسعى الأمم المتحدة إلى تحقيقها بحلول عام 2030، مثل أهداف: العمل المناخي، الحياة في البر، عقد الشراكات لتحقيق الأهداف.
ذلك لأنَّ كل خطوة نحو سباق تسلح جديد تُهدد البيئة، وتضعف التعاون الدولي، وتستهلك موارد الأرض؛ وهكذا تصبح التفجيرات النووية خطرًا على مستقبل البشرية، بدلًا من أنْ تكون ضمانًا للعدل والسلام والمؤسسات القوية.
وفي هذا الإطار تتناول مؤسسة حماة الأرض انعكاسات هذا التصعيد النووي المحتمل على مسار تحقيق أهداف التنمية المستدامة، انطلاقًا من رؤيتها بأنَّ الأمن الحقيقي يتحقق بحماية الإنسان وكوكبه؛ فتابعوا القراءة.
الولايات المتحدة ترسل رسائل نووية
في هذا الإطار ذكرت تقارير إعلامية حديثة أنَّ وزير الطاقة الأمريكي “كريس رايت” أكد أنَّ التجارب القادمة ستكون عبارة عن فحص للنظم، وليست تفجيرات نووية؛ مما يقلل من التوتر المباشر، إلا أنَّ إعلان البدء في الاختبارات يحمل -بشكل أو بآخر- دلالة رمزية قوية على أنَّ الولايات المتحدة تحاول تعزيز قدراتها النووية.
الصين تنفي وتجدد التحذير
وردًّا على تلك التصريحات الأمريكية نفت الصينُ الاتهامات الأمريكية حول إجراء تجارب نووية سرية، مؤكدةً أنها تلتزم بالمعاهدات الدولية الخاصة بحظر التجارب. كما حذرت من أنَّ أي خطوات أمريكية نحو التجارب الفعلية ستؤدي إلى سباق نووي جديد يهدد الأمن الإقليمي والعالمي معًا.
المخاوف النووية تتوسع
وتبريرًا لذلك التوجه الأمريكي النووي قال دونالد ترامب: إنَّ باكستان من بين الدول التي تجري تجارب نووية بالفعل، وأنَّ أمريكا -بناءً على ذلك- تعيد النظر في اختباراتها النووية بعد أكثر من ثلاثين عامًا من التوقف.
وهذا التصريح فتح الباب أمام مخاوف من انتشار نووي إقليمي، خصوصًا في ظل التوترات القائمة في آسيا؛ مما يجعل العالم أمام احتمال توسع دائرة التجارب النووية مستقبلًا.
التفجيرات النووية واقع أم إعادة تصميم؟
على الرغم من أنَّ التجارب المعلنة حتى الآن لم تصل إلى تفجيرات نووية فعلية، فإنَّ توجهات الدول نحو إعادة تفعيل برامجها النووية تشكِّل إنذارًا مبكرًا لسباق تسلح نووي محتمل؛ لذا يحذر خبراء عالميون من أنَّ استمرار هذا الاتجاه سيزيد من هشاشة التوازن العالمي، ويعرِّض الأمن الدولي للخطر.
ماذا عن أهداف التنمية المستدامة؟
ذلك الحديث عن شبح التفجيرات النووية يأتي في وقت ما زالت فيه البشرية تكافح لتحقيق أهداف الاستدامة في الطاقة، والصحة، والمناخ؛ فإنَّ إعادة الحديث عن التفجيرات النووية لها انعكاسات مباشرة على هذه الأهداف وغيرها، مثل:
- العمل المناخي: التجارب النووية تُخلِّف تلوثًا إشعاعيًّا طويل الأمد يهدد البيئة.
 - السلام والعدل والمؤسسات القوية: التوتر النووي يقوِّض الثقة الدولية، ويزيد من احتمالات النزاعات المسلحة.
 - الصحة الجيدة والرفاه: التعرض للإشعاع النووي يخلِّف أمراضًا مزمنة وتشوهات جينية.
 - طاقة نظيفة وبأسعار معقولة: تُقوِّض التفجيرات النووية الثقة بالاستخدام السلميّ للطاقة، وتحولها من وسيلة للتنمية إلى خطر بيئيٍّ يحدُّ من الاستثمار في التقنيات الآمنة.
 
وبالرغم من كل ذلك فإنه يمكن تحويل الأزمة إلى فرصة إذا تم استثمار القدرات النووية في الطاقة النظيفة والبحث العلمي؛ وذلك ما يعزز التعاون الدولي، ويحقق الأهداف المشتركة للبشرية كلها.
وختامًا، فإنَّ العالم اليوم أمام مفترق طرق حقيقي: إمَّا أنْ يستثمر الطاقة النووية على نحو مستدام، وإمَّا أنْ يتحول إلى سباق يعيد شبح التفجيرات النووية مرَّةً أخرى، وقد أثبتت الأحداث الأخيرة أنَّ التقدم التقني لا يكفي ما لم يُدعَّم بضمير إنساني.
وإذا كان شعار التنمية المستدامة هو “عدم ترك أحد خلف الرَّكْب” فإنَّ العودة إلى سباق التسلح النووي ستترك الكوكب كله خلف الرَّكْب! لذلك تجدد مؤسسة حماة الأرض تأكيدها أنَّ مسئولية المرحلة الراهنة تقع على عاتق الحكومات والمجتمعات المدنية والعلماء وصنَّاع القرار؛ لأنَّ التنمية لا يمكن أنْ تزدهر في ظل بيئة ملوَّثة بالخوف أو الإشعاع.
وتؤكد المؤسسة أنَّ الطاقة النووية يمكن أنْ تكون أداة للبناء لا للهدم، إذا وُظِّفت في مجالات الطاقة النظيفة؛ من أجل حياة كريمة على كوكب آمن ومستدام، حيث يصبح العلم في خدمة الإنسان لا تهديدًا لوجوده.
				
					





