أخبار الاستدامة

رؤية COP30 لتعزيز التمويل المناخي.. دور المنصات الوطنية لدعم الاستثمارات الخضراء

التمويل المناخي

رؤية COP30 لتعزيز التمويل المناخي.. دور المنصات الوطنية لدعم الاستثمارات الخضراء

مع تصاعد التحديات المرتبطة بملف التمويل المناخي، تتزايد الأصوات في مؤتمر المناخ في دورته الثلاثين حول إيجاد حلول فعالة وملموسة على أرض الواقع تعزز من هذا الملف، حيث نادت أصوات بضرورة إنشاء منصات وطنية تدعم عملية التمويل وتعزز القيادة والملكية الوطنية للدولة، كما تم الإعلان عن إنشاء مركز لضم تلك المنصات وربطها إقليميًّا لتسريع وإيجاد استثمارات واسعة تهدف لوضع الدول النامية في مسار التنمية المستدامة.

فقد أعلنت 13 دولة وتكتل إقليمي عن خطط لتطوير منصات وطنية من خلال برنامج الجاهزية لصندوق المناخ الأخضر في مؤتمر الأطراف الثلاثين، مما يمثل خطوة مهمة لمواءمة الدعم والاستثمارات العالمية مع أولويات المناخ الوطنية. كما تم إطلاق مركز المنصات الوطنية في الحدث نفسه.

كوب 30

وتم الإعلان عن ذلك خلال حدث وزاري رفيع المستوى بتنظيم مشترك بين وزارة المالية البرازيلية وصندوق المناخ الأخضر، كما تعهدت كل من كمبوديا وكولومبيا وجمهورية الدومينيكان والهند وكازاخستان وليسوتو ومنغوليا ونيجيريا وعمان وبنما ورواندا وجنوب إفريقيا وتوجو بالالتزام بإنشاء منصات وطنية، وقد تم تقديم منصة إقليمية تجمع الدول الأعضاء في لجنة المناخ للدول الجزرية الإفريقية.

بالنسبة لوزيرة الشؤون الدولية بوزارة المالية البرازيلية، السيدة تاتيانا روسيتو، فإن إطلاق مركز المنصات الوطنية يعكس التزام البرازيل بتعزيز الحلول الملموسة التي تقودها البلدان لتوسيع نطاق التمويل المناخي، وقالت في حديث لها: “نحن نعمل على تعزيز القدرات الوطنية من خلال خطة عملنا، وربط المبادرات عبر المناطق الإقليمية المختلفة، وضمان أن تقود الدول النامية تصميم استراتيجيات الاستثمار والانتقال الخاصة بها”.

ما مفهوم مركز المنصات الوطنية؟

يعد المركز جزءًا من خطة تسريع حلول مؤتمر الأطراف الثلاثين، ويمثل خطوة إلى الأمام نحو تنفيذ التوصيات المقدمة في تقرير دائرة وزراء مالية المؤتمر. ويضع المشروع شكلًا جديدًا من التعاون يعزز القيادة والملكية الوطنية في تحفيز التمويل المناخي لأجل التنمية المستدامة، وتتولى البرازيل تنسيق المركز، حيث أطلقت منصتها الوطنية الخاصة -منصة الاستثمار البرازيلية للتحول المناخي والبيئي- في أكتوبر 2024.

COP30

من الناحية التشغيلية، يعمل المركز بوصفه آلية تنسيق تربط البلدان بالمساعدة الفنية والمعرفة والتمويل، مما يضمن استجابة أنظمة الدعم العالمية بشكل فعال لاحتياجات البلدان بدلاً من تكرار الجهود.

ومن الناحية المؤسسية، يعتمد مفهوم هذا المركز وتطويره على الشراكات بين المبادرات العالمية الكبرى بهدف تعزيز التمويل المناخي، بما في ذلك صندوق المناخ الأخضر، وشراكة المساهمات المحددة وطنيًّا (NDC Partnership)، ومنتدى الدول الأكثر تعرضًا لتغير المناخ (the Climate Vulnerability Forum)، ومجموعة وزراء المالية للدول العشرين، ومبادرة التمويل المشترك (Finance in Common)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والتحالف العالمي لبناء القدرات.

بالإضافة إلى ذلك، سيتم ربط تنسيق المركز بالشبكات الوزارية، مثل دائرة وزراء المالية في مؤتمر الأطراف كوب 30، وائتلاف وزراء المالية للعمل المناخي، ومنتدى الدول الأكثر تعرضًا للتغير المناخي، ومجموعة العشرين.

وفي الحدث الذي أقيم يوم السبت الماضي، سلط السيد بابلو فييرا -مدير الشراكة العالمية في مجال الإسهامات المحددة وطنيًّا- الضوء على عمل دور مركز منصات البلدان في إنشاء نظام دعم أكثر ترابطًا وفعالية؛ مما يساعد البلدان على الوصول إلى الموارد والتمويلات التي تحتاج إليها لتصميم المنصات الوطنية وتشغيلها وتعظيم تأثيرها لتسريع تنفيذ مساهماتها المحددة وطنيًّا.

الجهود التمويلية لإنشاء مركز المنصات الوطنية

سيتم توجيه المبادرة الجديدة عبر لجنة توجيهية تضم أغلبية من ممثلي الدول النامية. ومن الناحية التنظيمية سيعمل مركز المنصات الوطنية من خلال أمانة عامة محدودة الموارد، بدعم من مؤسسة المناخ الإفريقية (ACF) خلال فترة الانطلاق التجريبي.

ويبلغ التمويل الأولي للمشروع نحو 4 ملايين دولار أمريكي، وسيُستخدم لدعم الأنشطة المبكرة، بما في ذلك الحوكمة، والتنسيق، وتبادل المعرفة، بالإضافة إلى نافذة أولية لتصميم المنصات الوطنية الهادفة لتعزيز التمويل المناخي في مراحلها المبكرة.

ومن خلال ربط احتياجات الدول بالمبادرات القائمة وأنظمة التمويل الحالية، يسعى المركز إلى تحويل الطموحات العالمية إلى إجراءات عملية، وهو يمثل معلمًا رئيسيًّا في تعزيز خريطة الطريق من COP29 في باكو إلى COP30 في بيليم، وتقوية الهياكل المالية والمؤسسية للعمل المناخي والتنموي.

COP29

وصرحت السيدة ماري شابيرو، رئيسة الائتلاف العالمي لبناء القدرات قائلة: “إن المنصات الوطنية المصممة بفاعلية هي أداة ضرورية لتعزيز التمويل المناخي وتوجيهه نحو أهداف المناخ والتنمية. ومن خلال مركز منصات الدول الجديد يمكن للائتلاف العالمي لبناء القدرات مساعدة الدول على ربطها بالخبرات والشركاء اللازمين لتسريع عملية التقدم”.

” نُوفِّي” نموذج لمنصة وطنية مصرية

وانطلاقًا من ضرورة وحتمية وجود منصة وطنية تسهم في تعزيز التمويل المناخي، فقد أطلقت مصر منصة “نُوفّي”؛ وهي منصة وطنية لمشروعات المياه والغذاء والطاقة أنشئت عام 2022، وتعد أول منصة وطنية تربط بين الاستثمارات عبر قطاعات حيوية، فهي برنامج وطني يمثل نموذجًا إقليميًّا فاعلًا ومنهجًا للتمويل الميسر للتعامل مع قضايا التكيف والتخفيف والصمود.

نوفي

فقد وضعت مصر استراتيجية وطنية شاملة لتغير المناخ تشمل أهدافًا رئيسية حتى عام 2050، ومجموعة من المشروعات ذات الأولوية (26 مشروعًا) حتى عام 2030، تغطي الركائز الثلاث الرئيسية للعمل المناخي: التخفيف، والتكيف، والمرونة، مع التركيز على الانتقال العادل للاقتصاد الأخضر، من خلال محور العلاقة بين الطاقة والغذاء والماء، حيث يمكن أن يوفر نهجًا فعالًا يركز على الإنسان من أجل معالجة تأثيرات تغير المناخ والعوامل المحركة له.

ولذلك ترى مؤسسة حماة الأرض أن وجود المنصات الوطنية في مختلف دول العالم يمثل أهمية قصوى في تعزيز جهود مواجهة التغير المناخي، وتوسيع نطاق التمويلات والاستثمارات الخضراء بما يحقق أهداف التنمية المستدامة ويضمن مستقبلًا أخضر، كما تسلط المؤسسة الضوء على منصة “نُوفّي” الوطنية باعتبارها مثالًا حيًّا على رؤية مصر المناخية والاستراتيجية التنموية؛ إذ تمثل تحولًا جوهريًّا في التعامل مع قضايا المياه والغذاء والطاقة، وتسهم بفاعلية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 من خلال تعزيز الاستثمارات في القطاعات الحيوية، وترسيخ قضية التمويل المناخي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى