قمة شرم الشيخ.. مصر نموذج السلام والعدل والمؤسسات القوية
قمة شرم الشيخ.. مصر نموذج السلام والعدل والمؤسسات القوية
في مصر كانت شرم الشيخ -ولا تزال– مدينة السلام والعدل عن جدارة؛ ففي كل محطة تاريخية تشهدها المنطقة، تثبت هذه المدينة المصرية أنها أكثر من مجرد مقصدٍ سياحي، بل مساحة جغرافية تتقاطع فيها الدبلوماسية مع الضمير الإنساني العالمي؛ وذلك ما جعلها منبرًا للحوار، وملتقى للحكمة، ومسرحًا للقرارات التي تُغيِّر مجرى الأحداث في الشرق الأوسط والعالم كله؛ فمن مؤتمرات المناخ والتنمية إلى قمم السلم الإقليمي؛ ظلَّت شرم الشيخ نموذجًا مصريًّا في الدعوة إلى السلام والعدل.
واليوم انعقدت قمة شرم الشيخ لتعزيز السلام في المنطقة، حيث تجدَّد الدور التاريخي للمدينة باحتضان واحدةٍ من أكثر اللحظات حساسيةً في المشهد الإقليمي، حيث تتقاطع السياسة مع الإنسانية في اختبارٍ حقيقي لقدرة العالم على ترجمة القِيم إلى أفعال.
ومن هنا، تبرز أهمية هذا الحدث الدولي في سياق أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف السادس عشر المعنيّ بالسلام والعدل والمؤسسات القوية، والهدف السابع عشر الذي يدعو إلى بناء شراكاتٍ من أجل تحقيق الأهداف؛ لأنَّ كلَّ اتفاقٍ للسلام يحتاج إلى مؤسساتٍ قوية تحميه، وعدالةٍ تُنصف الشعوب، وتعاونٍ دوليٍّ يضمن له البقاء والنماء.
ومن هذا المنطلق، تُسلِّط مؤسسة حماة الأرض الضوءَ في هذا المقال على مبادئ السلام والعدل والمؤسسات القوية، التي تجسدها قمة شرم الشيخ القائمة على جوهر التنمية المستدامة في بعدها الإنساني؛ فتابعوا القراءة.
السلام والعدل في ضوء التنمية المستدامة
يُجسِّد الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة رؤيةً عالميةً جوهرها أنَّ السلام لا يمكن أنْ يزدهر دون مؤسسات عادلة وشفافة؛ لأنَّ حماية الإنسان تبدأ من بناء الثقة بين المواطن والدولة، وتعزيز سيادة القانون، وضمان العدالة للجميع دون تمييز.
وما نشهده اليوم في قمة شرم الشيخ يُعيد تأكيد هذه الحقيقة: لا يمكن أنْ يتحقق الأمن الإقليمي إلا عبر حلولٍ تستند إلى العدالة، واحترام القانون الدولي الإنساني، والتزام جماعي بإعادة بناء المؤسسات على أسسٍ قوية تُمكِّنها من النهوض مجددًا بما يخدم الإنسان في كل مكان.
إنَّ العدالة -كما تُشير فلسفة الأمم المتحدة- ليست شعارًا سياسيًّا، بل بنية حاكمة لكل إصلاحٍ حقيقي؛ فالمجتمعات التي تُقصي العدالة تزرع بذور العنف، أمَّا التي تُقيم مؤسساتها على الشفافية والمساءلة فتُهيئ لنفسها بيئةً مستدامةً للسلام.
المؤسسات القوية لبناء السلام
المؤسسات القوية هي المحرك الحقيقي لبناء الثقة وتحقيق العدالة؛ فهي التي تضمن أنْ تكون القوانين فوق الجميع، وأنْ تتحول المساعدات والموارد إلى أدواتٍ للتنمية وليس للصراع. ومن هنا، فإنَّ أحد أهم محاور القمة -قمة شرم الشيخ- يتمثل في وضع آلياتٍ لإعادة بناء المؤسسات المدنية والخدمية، بما يضمن استقرار الأمن في المنطقة واستدامة مواردها.
فلا يمكن لأي اتفاق سلام أن يصمد في غياب مؤسسات قادرة على إدارة المرحلة المقبلة بشفافية ومسئولية. ومن هذا المنطلق، فإنَّ دعم المجتمع الدولي لهذه المؤسسات ليس عملًا إنسانيًّا فحسب، بل هو استثمارٌ في مستقبلٍ أكثر استقرارًا للمنطقة بأسرها.
الشراكات من أجل تحقيق الأهداف
كذلك فإنَّ الحديث عن السلام والعدل لا يكتمل من دون التوقف عند الهدف السابع عشر من أهداف التنمية المستدامة، الذي يدعو إلى بناء شراكاتٍ عالمية قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة؛ ذلك لأنَّ التنمية لا تتحقق بالموارد وحدها، بل بالعلاقات التي تقوم على الثقة والتكامل.
وقمة شرم الشيخ -بقدر ما هي لقاءٌ سياسيٌّ بين قادة الدول- هي منصةٌ لتعزيز الشراكات الدولية بين الحكومات والمنظمات الأممية ومؤسسات المجتمع المدني. وهذه الشراكات قادرة على تحويل قرارات القمة إلى واقعٍ ملموس في حياة الناس، من خلال دعم إعادة الإعمار، وتمكين المجتمعات المحلية، وتعزيز التعليم والصحة والاقتصاد.
شرم الشيخ مدينة السلام من جديد
إذا كانت أهداف التنمية المستدامة وأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية تتحدث عن عدم ترك أحد خلف الرَّكْبِ، فإنَّ روح قمة شرم الشيخ تجسِّد هذه القاعدة بكل معانيها؛ فهي تُعيد للإنسان حقَّه في الأمان والكرامة والمستقبل.
وفي ضوء ما تشهده المنطقة من تحولاتٍ عميقة، تبدو قمة شرم الشيخ أكثر من مجرد حدثٍ سياسي؛ إنها رؤية لتجديد الإيمان بقدرة الإنسانية على تجاوز الانقسام، وبناء سلامٍ يقوم على العدل والمؤسسات القوية؛ فكل سلام لا تحميه مؤسسات عادلة يظل هشًّا، وكل عدل لا تدعمه شراكاتٌ حقيقية يظل ناقصًا.
ومن قلب هذه الرؤية، تنظر مؤسسة حماة الأرض إلى قمة شرم الشيخ بوصفها تحوُّلًا في الوعي الإنساني؛ إذ تُقدِّم مصر نموذجًا يقول بأنَّ الاستدامة تبدأ من الإنسان وتنتهي إليه، وأنَّ العالم لا يمكن أنْ يبلغ أهدافه إلا حين يتكئ على ثلاث ركائز: سلامٌ يزرع الثقة، وعدل يُنصف الشعوب، ومؤسسات قوية تحمي المستقبل.