المتحف المصري الكبير.. أيقونة حضارية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة

المتحف المصري الكبير.. أيقونة حضارية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة
منذ أن انتقل تمثال الملك رمسيس الثاني في عام 2006 من ميدان رمسيس بوسط القاهرة إلى موقعه الجديد في المتحف المصري الجديد، بدأت مصر رحلة طموحة لاستعادة مجدها الحضاري في صورة مشروع حضاري هو الأضخم من نوعه على مستوى العالم.
وكانت تلك اللحظة الرمزية -لحظة تحريك التمثال العملاق في موكب مهيب تابعه الملايين حول العالم- إيذانًا ببدء مسيرة طويلة من العمل الدؤوب، امتدت لما يقرب من عقدين من الزمان، شارك فيها آلاف الخبراء والمهندسين والعلماء، لتتحول الفكرة إلى حقيقة تُجسِّد رؤية دولةٍ أرادت أن تُعيد صياغة علاقتها بتاريخها المجيد.
وفي هذا الإطار تتناول مؤسسة حماة الأرض تأثير هذا الحدث التاريخي في جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة، انطلاقًا من أنَّ المتحف المصري الكبير تجربة حضارية تُبرز كيف يمكن للإنسان أنْ يحافظ على ماضيه ليبني به مستقبله؛ فتابعوا القراءة.
قصة المتحف المصري الكبير
على مدار عقود من الزمان تحوَّل حلم إنشاء المتحف المصري الكبير إلى حقيقة تُجسِّد عظمة التاريخ المصري وإرادة أبنائه. ومنذ لحظة نقل تمثال رمسيس الثاني عام 2006 بدأت رحلة الأرقام التي تحكي قصة إنجازٍ وطنيٍّ استثنائي، يُعيد لمصر مجدها الحضاري في أبهى صوره:
- عام 2006: تم نقل تمثال الملك رمسيس الثاني إلى موقعه في المتحف المصري الجديد.
 - 30 عامًا: منذ طرح الفكرة حتى افتتاحه رسميًّا.
 - حوالي 8 سنوات: هي فترة الإنجاز الفعلية التي شهدت تنفيذ معظم الأعمال.
 - حوالي 100 ألف قطعة أثرية: عدد القطع التي عُرِضت داخل قاعات المتحف.
 

جهد وطني متكامل
وتتويجًا لهذه المسيرة الحضارية الوطنية شهد العالم أمس السبت حدثًا استثنائيًّا سيظل محفورًا في ذاكرة الإنسانية كلها، حيث تم افتتاح المتحف المصري الكبير، ليكون أحد أكبر وأضخم المتاحف في العالم، ليبرز حجم الجهد والعزيمة التي بذلتها الدولة المصرية على مدار سنوات طويلة؛ من أجل إنشاء صرح حضاري يليق بتاريخها العريق وريادتها الثقافية والإنسانية.
إنَّ افتتاح المتحف المصري الكبير ثمرة رؤية دولة وإرادة قيادة آمنت بأنَّ الهُوية لا تُحفظ إلا بالعلم، وأنَّ الحفاظ على التراث لا ينفصل عن التنمية الشاملة؛ فهذا المتحف المصري الكبير مشروع وطني شارك فيه آلاف المهندسين والعلماء والفنيين والمرمّمين المصريين، إلى جانب تعاون دولي مثمر مع شركاء من اليابان وأوروبا ومنظمة اليونسكو، حتى أصبح نموذجًا عالميًّا للتكامل بين العلم، والتقنية، والتراث، والتعليم.
التعليم الجيد
وحول التعليم الجيد -تحديدًا- فإنَّ المتحف المصري الكبير يؤدي دورًا بالغ القيمة في تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة (التعليم الجيد)؛ إذ أُنشئت داخله معامل للترميم، ومراكز للبحث الأثريّ، ومساحات تعليمية تفاعلية للأطفال والطلاب، وجميعها تُسهم في ترسيخ المعرفة التاريخية بأسلوب علمي مبتكر.
شراكات من أجل الأهداف
ومِن جهة أخرى يحقق المتحف المصري الكبير في ثوبه التاريخي الجديد الهدف السابع عشر من أهداف التنمية المستدامة (عقد الشراكات لتحقيق الأهداف)؛ لأنه نموذج عمليّ لنجاح التعاون بين الدولة المصرية والمنظمات الدولية.
وليس مصادفةً أنْ يشارك أبناءُ مصر في مؤسسات دولية كبرى، مثل الدكتور/ خالد العناني الذي أصبح رئيسَ منظمة اليونسكو، وكذلك الدكتور/ خالد صوفي الذي صار رئيسَ المنظمة الدولية للتقييس “الأيزو“؛ فهذه الكفاءات المصرية تُعبر عن عمق الانخراط المصري في صياغة سياسات ومعايير دولية تخص الثقافة والجودة والتعليم؛ مما يُعزز مكانةَ مصر بتاريخها الذي يمتد إلى سبعة آلاف عام.
وفي هذا السياق، نذكُر الحضورَ العالميَّ الذي تمثَّل في رؤساء الدول والملوك، وكذلك حضر أبناء مصر مثل السير/ مجدي يعقوب؛ أحد أبرز الجراحين العالميين في مجال جراحة القلب، وهو شخصية مصرية مرموقة حظيت بتقدير عالمي واسع.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا، هو أنَّ مؤسسة حماة الأرض قد كرَّمته بـ”درع حماة الأرض”؛ تقديرًا لمسيرته التي جمعت بين التفوق العلمي والعطاء الإنساني، وذلك باعتباره نموذجًا مشرِّفًا يجسد روح مصر المبدعة في المحافل الدولية، ويؤكد أنَّ العطاء العلمي حين يمتزج بالقيم الإنسانية يصنع مجدًا خالدًا يخلده التاريخ.
الهوية في قلب التنمية
وحول ذلك الإنجاز التاريخي قال الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته الافتتاحية: «من أرض مصر مهد الحضارة الإنسانية، نرحب بضيوفنا من قادة العالم لمشاركة افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يجمع بين عبقرية المصري القديم وإبداع المصري المعاصر، ليُقدِّم للعالم منارةً جديدة للثقافة والفنون، ورمزًا لوحدة الإنسانية وقيم السلام والمحبة».
وتلك الكلمة لخصت فلسفة الجمهورية الجديدة في ربط الهُوية الوطنية بالتنمية المستدامة؛ لأنَّ الحفاظ على التراث عمل ثقافي ومشروع وطني يسهم في تعزيز السياحة الثقافية، ويدعم الاقتصاد، ويغرس قيم الانتماء في نفوس الأجيال القادمة.
مصر حضارة تتجدد
ومن خلال هذا الصرح العظيم تُثبت مصر -أيضًا- أنَّ التنمية المستدامة رؤية متكاملة تُوازن بين الأصالة والمعاصرة، بين حماية التراث وبناء المستقبل؛ لأنَّ المتحف المصري الكبير نافذة على الماضي، ومنصة لتعليم العالم كيف تصنع الأمم هُويتها.
ولذلك يأتي المتحف المصري الكبير اليومَ بوصفه أكثر من صرح أثري أو مشروع ثقافي؛ إنه بيان حضاري شامل يعيد تعريف مفهوم التنمية من منظورٍ مصريٍّ عريق؛ فبين جدرانه الحجرية الممتدة على أعتاب أهرامات الجيزة نجد أنَّ التنمية الحقيقية تُقاس بما تُنجزه الأمم من الحفاظ على ذاكرتها التاريخية وصون تراثها الحضاري وإتاحة المعرفة للأجيال القادمة.
ومثلما نقلت مصرُ تمثالَ رمسيس الثاني بعناية فائقة قبل نحو عقدين من الزمان، نقلت -أيضًا- رسالةً إلى العالم أجمع: الحضارة لا تموت، وتتجدد بالعلم، وتزدهر بالشراكات، وتترسخ حين يكون التعليم في قلبها.
وإذنْ، فإنَّ مؤسسة حماة الأرض تشير إلى أنَّ افتتاح المتحف المصري الكبير هو لحظة فارقة في مسار الدولة المصرية نحو تحقيق أجندة التنمية المستدامة 2030، وذلك عبر أهداف التعليم والشراكة، وعبر بناء وعي حضاري عالمي يدرك أنَّ الهُوية تبدأ من فهم الماضي لأجل بناء المستقبل.
				
					





