منتدى أوسلو: عندما يصبح السلام بوابة التنمية المستدامة
منتدى أوسلو: عندما يصبح السلام بوابة التنمية المستدامة
مما هو ملحوظ في السنوات القليلة الماضية أنَّ العالم يواجه تصاعدًا في النزاعات، وتعقيدًا في الأزمات الجيوسياسية، حيث صار تحقيق السلام ضرورة إنسانية وتنموية عاجلة، وضرورة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بخاصة الهدف السادس عشر المعنيّ بالسلام والعدل والمؤسسات القوية؛ ولذا يأتي منتدى أوسلو ليؤدي دورًا محوريًّا في تعزيز الحوار الدولي وبناء الشراكات البنَّاءة.
ومن هذا المنطلق، تركز حماة الأرض في هذا المقال على استعراض الأبعاد المختلفة التي يتناولها منتدى أوسلو، وعلاقته الوثيقة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع إمعان النظر في مشاركة مصر ضمن هذا الحدث الدولي، وذلك بوصفها نموذجًا يُجسِّد التلاقي بين الدبلوماسية الفعَّالة والتنمية المستدامة الشاملة.
تاريخ من الوساطة العالمية
منذ انطلاقه عام 2003 أصبح منتدى أوسلو منصة دولية رائدة تجمع قادة عالميين ووسطاء دوليين وخبراء لتقييم الأزمات، ودعم الحوار، وبناء مسارات نحو السلام الشامل. كما أنه يوفر -بتنظيم من وزارة الخارجية النرويجية- مساحات آمنة للنقاش البنَّاء، بما يُمكِّن المشاركين من تبادل الرؤى، ومناقشة القضايا الخلافية على المستويين الإقليمي والعالمي.
وإلى جانب اللقاءات السنوية في النرويج التي كان آخرها عام 2024 تحت شعار “الوساطة رغم كل التحديات” بمشاركة أكثر من 150 شخصية دولية من 60 دولة؛ يعقد المنتدى فعاليات إقليمية في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، ومن أبرزها ورشة العمل التي دارت حول الوساطة والدبلوماسية الوقائية لمجلس الأمن في يناير 2022، ثم لقاء مسقط في نوفمبر 2023.
فهذا المنتدى على مدار عقدين من الزمان استطاع أنْ يستضيف كبار صناع القرار من رؤساء دول ووزراء خارجية إلى وسطاء دوليين، وأسهم بذلك في جمع أطراف النزاع من مناطق متعددة، مثل أفغانستان، وسوريا، وكولومبيا، مع عمله المؤثر -دوليًّا- في مجال تطوير السياقات السياسية والرقمية والمناخية، وجهوده المتواصلة نحو توسيع نطاق الشراكات الدولية؛ من أجل دعم الوساطة باعتبارها أداة فعالة لبناء السلام المستدام حول العالم.
واليوم -11 يونيو- في قلب العاصمة النرويجية يجتمع العشرات من وزراء الخارجية، والدبلوماسيين، وخبراء الوساطة؛ أولئك الذين يتمتعون ببصيرة وشجاعة، محاولينَ إعادة التفكير في ما يمر به العالم، واستكشاف مسارات جديدة يمكن بها تحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ وذلك تحت شعار “كل الأيادي على الطاولة: الوساطة في عالم متغير“.
وسوف تكون نسخة هذا العام من منتدى أوسلو بحضور مشاركين رفيعي المستوى؛ ومنهم: الدكتور/ بدر عبد العاطي “وزير الخارجية والهجرة المصري”، والسيد/ فيصل بن فرحان آل سعود “وزير الخارجية السعودي”، والسيد/ بدر البوسعيدي “وزير الخارجية العماني”، والسيد/ كاو كيم هورن “الأمين العام لرابطة دول جنوب شرق آسيا”.
وذلك بالإضافة إلى شخصيات تمثل مؤسسات الوساطة الدولية مثل “مبادرة الحوار العالمي”، و”مركز بيرجهوف الألماني”، و”مجلس العلاقات الخارجية”، و”المعهد النرويجي للعلاقات الدولية (NUPI).
محاور منتدى أوسلو
تقوم محاور منتدى أوسلو في هذا العام على فهم عميق للتشابك بين الأمن والتنمية المستدامة، وستتناول المناقشات أيضًا كيفية تطور التنافسات الجيوسياسية في المجالات الناشئة، مثل الفضاء الخارجي، ولماذا تُعد الوساطة المستدامة ضروريةً في أثناء تنفيذ اتفاقيات السلام.
وبالنسبة إلى مصر، فإنَّ حضورها هذا العام في منتدى أوسلو سوف يعزز من موقعها بوصفها نموذجًا إقليميًّا قادرًا على الجمع بين الحلول السياسية والرؤى التنموية؛ ففي زمن تتسابق فيه الدول على موارد متناقصة، يصبح مَن يملك القدرة على إنتاج الاستقرار شريكًا مرغوبًا فيه.
ولذلك سوف يعقد وزير الخارجية -الدكتور/ بدر عبد العاطي- سلسلة من اللقاءات الثنائية على هامش المنتدى، وفيها يبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر والنرويج، وكذلك سوف يتبادل الوزير المصري الرؤى مع الوزراء والمسئولين الدوليين إزاء مختلف التطورات الإقليمية والدولية.
في النهاية، ما يطرحه منتدى أوسلو على طاولة المفاوضات، تحصده الشعوب في صورة سلام شامل وعادل، وفقًا لخطة التنمية المستدامة؛ تلك الرؤية العالمية الطموحة من أجل عالم بلا نزاعات، وأرض ذات موارد متوافرة.