خطى مستدامة

اليوم الدولي للمناطق المدارية: كنوز الأرض في مواجهة التهديدات

المناطق المدارية

اليوم الدولي للمناطق المدارية: كنوز الأرض في مواجهة التهديدات

في كل عام -تحديدًا في التاسع والعشرين من يونيو- تتجه أنظار العالم نحو المناطق المدارية، تلك البقعة الساحرة من كوكبنا التي تحتضن تنوعًا بيولوجيًّا وثقافيًّا لا مثيل له؛ إنه اليوم الدولي للمناطق المدارية، تلك المناسبة الدولية التي تحتفي بجمال هذه المناطق وأهميتها، وتُسلط الضوء على التحديات الجسيمة التي تواجهها.

مِن هنا سوف تتناول حماة الأرض هذا الموضوع لإلقاء مزيد من الاهتمام على النظام البيئي للمناطق المدارية، مع تحديد الموقع الجغرافي لهذه المناطق، وذكر التحديات التي تواجها في ظل التحرك العالمي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك في إطار الاحتفال باليوم الدولي للمناطق المدارية؛ فتابعوا القراءة.

أين تقع المناطق المدارية؟

تُعرف المناطق المدارية بأنها المنطقة الواقعة بين مدار السرطان ومدار الجدي، على مساحة شاسعة تشكل 40% من إجمالي المساحة السطحية للأرض. لكن أهميتها تتجاوز مجرد الأرقام، فهي موطن لما يقرب من 80% من التنوع البيولوجي العالمي.

وكذلك تتميز المناطق المدارية بمناخها الدافئ، الذي لا يشهد تغيرات موسمية كبيرة في درجات الحرارة اليومية، وتعد الأمطار الغزيرة في المناطق الداخلية الرطبة القريبة من خط الاستواء سمة مميزة لهذه المناطق، حيث تزداد موسمية هطول الأمطار كلما ابتعدنا عن خط الاستواء.

كنز الأرض ومفتاح مستقبلها

تُمثِّلُ المناطق المدارية كنوزًا طبيعية وثقافية لا تقدر بثمن، ومفتاحًا لمستقبل مستدام لكوكب الأرض، وتوفر خدمات حيوية للكوكب، مثل تنظيم المناخ، وتوفير المياه النظيفة، وتخصيب التربة؛ لذا فإنَّ فقدان أيٍّ من هذه الوظائف يمكن أنْ يكون له عواقب وخيمة على التوازن البيئي العالمي.

وعلى الصعيد الاقتصادي تتمتع المناطق المدارية بقابلية كبيرة للتقدم والتنمية؛ فهي غنية بالموارد الطبيعية، وتوفر فرصًا للزراعة المستدامة، والسياحة البيئية، وتطوير الصناعات القائمة على الموارد المتجددة. ومع الاستثمار المناسب في التعليم والبنية التحتية والتكنولوجيا، يمكن للمناطق المدارية أنْ تصبح محركات للنمو الاقتصادي المستدام؛ مما يعود بالنفع على سكانها والعالم أجمع.

تحديات المناطق المدارية

هذا التنوع البيولوجي -وجميع فوائد المناطق المدارية ومميزاتها- لا يخلو من التحديات؛ فالمناطق المدارية تواجه اليوم ضغوطًا هائلة نتيجة لتغير المناخ، وإزالة الغابات، وقطع الأشجار، والتوسع الحضري المتزايد، والتغيرات الديموجرافية السريعة.

وعلى ذلك يأتي الاحتفال باليوم الدولي للمناطق المدارية ليكون دعوة للعمل إلى زيادة الوعي بهذه التحديات، وتأكيد دور البلدان المدارية -وهو دور حيوي- في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وكذلك فهو تذكير بأنَّ مستقبل كوكبنا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بصحة ورفاهية هذه المناطق الحيوية.

تحديات المناطق المدارية

ومِن بين أبرز هذه التحديات تغير المناخ؛ فالمناطق المدارية التي تتميز بكونها دافئة ورطبة تتأثر بشكل مباشر بارتفاع درجات الحرارة العالمية، وتغير أنماط هطول الأمطار؛ إذْ يؤدي ذلك إلى ظواهر جوية متطرفة، مثل الأعاصير، والفيضانات، والجفاف، تلك الكوارث التي تدمر المحاصيل، وتُضعف البنية التحتية، وتزيد من معاناة المجتمعات المحلية. كما أنَّ ارتفاع منسوب سطح البحر يهدد المناطق الساحلية المنخفضة؛ مما يجبر السكان على النزوح ويُفقِدُ التنوع البيولوجي بيئته الطبيعية.

وتُشكل إزالة الغابات وقطع الأشجار -تحديدًا- تحديًا اجتماعيًّا واقتصاديًّا وبيئيًّا خطيرًا؛ فالمناطق المدارية تضم أكبر الغابات المطيرة في العالم، وهي موطن لعدد لا يحصى من الأنواع النباتية والحيوانية. ومع ذلك، فإنَّ التوسع الزراعي غير المستدام، وقطع الأشجار غير القانوني، والتعدين، والتوسع العمراني؛ كلها أسباب مباشرة في مشكلة التغيرات المناخية العالمية.

تُشكل إزالة الغابات وقطع الأشجار -تحديدًا- تحديًا اجتماعيًّا واقتصاديًّا وبيئيًّا خطيرًا

ويُعد التوسع الحضري والتغيرات الديموجرافية تحديًا آخرَ يواجه المناطق المدارية، فمع تزايد عدد السكان وتوجههم نحو المدن، تشهد المناطق الحضرية نموًّا سريعًا وغير مخطط له في كثير من الأحيان؛ وهذا يؤدي إلى انتشار الأحياء الفقيرة، ونقص الخدمات الأساسية، مثل المياه والصرف الصحي، والرعاية الصحية، وكذلك زيادة الضغط على الموارد الطبيعية المحيطة بالمدن.

وتواجه المناطق المدارية -فضلًا عمَّا سبق- تحديات اجتماعية واقتصادية، مثل الفقر، ونقص التغذية؛ فبالرغم من الموارد الطبيعية الوفيرة، يعيش عدد كبير من سكان المناطق المدارية تحت خط الفقر، ويعاني كثير منهم نقصًا في التغذية، خاصة الأطفال.

وبناءً على ما سبق نجد أنَّ معالجة هذه التحديات تتطلب جهودًا منسقة على المستويات المحلية والوطنية والدولية، حيث يجب أنْ تركز هذه الجهود على تعزيز التنمية المستدامة، وحماية البيئة، وتمكين المجتمعات المحلية، وضمان العدالة الاجتماعية والاقتصادية لجميع سكان المناطق المدارية.

وختامًا، فإنَّ المناطق المدارية ركيزة أساسية لاستقرار كوكب الأرض واستقرار تنوعه البيولوجي، لكنها تواجه تحديات جسيمة تهدد مستقبلها ومستقبل البشرية جمعاء. ويأتي اليوم الدولي للمناطق المدارية ليذكِّرنا بأهمية هذه الرقعة الحيوية؛ ولهذا تدعو حماة الأرض إلى تكثيف الجهود الدولية والمحلية لحمايتها وتنميتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى