أخبار الاستدامة

تفشي فيروس ماربورج.. ما أعراضه وكيفية الوقاية منه؟

ماربورج

تفشي فيروس ماربورج.. ما أعراضه وكيفية الوقاية منه؟

في حدث إقليمي يدق جرس الخطر يعود فيروس ماربورج إلى الواجهة ليُثير تساؤلات شعوب قارة إفريقيا حول: ما أعراضه؟ وكيف يمكننا الوقاية منه؟ وهي تساؤلات تأتي في سياق عالمي يبحث فيه الأفراد عن المعرفة الضرورية لحماية أنفسهم، وفي ظل سعي الحكومات لتعزيز الأنظمة الصحية القادرة على الاستجابة للأوبئة.

فقد أعلنت هيئة الصحة العالمية -أمس السبت- إصابة ما لا يقل عن تسعة إثيوبيين بفيروس ماربورج، الذي يحتمل أنْ يكون قاتلًا، وجاء ذلك في أعقاب تأكيد من وزارة الصحة الإثيوبية، ليضع البلاد أمام موجة من الإجراءات السريعة لاحتواء الوباء.

ويجب أنْ ندرك أنَّ هذا الفيروس القاتل يبدأ بارتفاع درجة حرارة جسم الإنسان، وصداع شديد، مع آلام في العضلات، حتى يصاب الإنسان في اليوم الثالث من دورة الفيروس بإسهال وغثيان وقِيء، وربما يستمر ذلك مدةَ أسبوعٍ.

وللوقاية من هذا الفيروس القاتل تتناول حماة الأرض في السطور القادمة أبرزَ أخبار انتشاره في إثيوبيا، وبيان طرق الوقاية منه، وقياس مدى التأثير السلبي لمثل هذا الوباء المتفشي في تأخير جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ فتابعوا القراءة.

القصة والتاريخ

إنَّ فيروس ماربورج قد اكتُشف أول مرَّة عام 1967 في مدينة “ماربوج” بألمانيا؛ بعدما تعرَّض عاملون لعينات من سعادين الهجرس (نوع من أنواع القرود) المستخدمة في الأبحاث، وأسفر آنذاك عن إصابات ووفيات مخيفة.

ومنذ ذلك الحين تدرج مؤسسات صحية عالمية عدة فيروس ماربورج ضمن مسببات الأمراض العالية الخطورة، وأحد العوامل المصنَّفة ضمن تهديدات الإرهاب البيولوجي، وتنظر إليه أيضًا باعتباره أخطرَ فيروسات الحمى النزفية المنتمية إلى عائلة الفيروسات الخيطية.

القصة والتاريخ

كيف تنتقل عدوى فيروس ماربورج؟

تنتقل العدوى بالفيروس عن طريق مخالطة الشخص المصاب، بحسب ما ذكرته منظمة الصحة العالمية؛ أي مخالطة مباشرة عبر ملامسة خدوش الجلد أو الأغشية المخاطية بدم المصابين، أو ملامسة أسطح ومواد ملوثة بسوائل وإفرازات الأشخاص المصابين بالفيروس.

ويمكن انتقال الفيروس عبر خفافيش الفاكهة (نوع من الخفافيش الموجودة في دول مثل الصومال، والسودان، وإفريقيا الوسطى)، وهناك يتسبب الفيروس للإنسان بأعراض حادة تشمل النزف والحمى، وهو يشبه بصورة كبيرة فيروس إيبولا.

كيف تنتقل عدوى فيروس ماربورج؟

جهود المكافحة

لذلك اعتمدت السلطات الصحية الإثيوبية على العزل الطبي، وتتبع المخالطين، والتوسع في الفحص الميداني، وهي عناصر جوهرية لأي نظام يسعى إلى السيطرة على الأوبئة. وذلك على النحو الآتي:

العزل الطبي

لجأت الحكومة الإثيوبية إلى عزل الحالات المؤكدة فورًا في مراكز طبية مخصصة للحدّ من انتقال العدوى داخل المجتمع. ويهدف هذا الإجراء إلى كسر سلسلة انتشار الفيروس، ومنح الأطقم الصحية القدرة على التعامل مع الحالات دون ضغط أو تداخل.

تتبّع المخالطين

كذلك فعَّلت السلطات فرقًا ميدانية لرصد كل من خالط المصابين خلال الأيام السابقة؛ من أجل اكتشاف أي أعراض مبكرة، وتقليل احتمالات التفشي الصامت. ويسهم هذا النهج في السيطرة على الانتشار قبل تحوّله إلى بؤر أوسع يصعب احتواؤها.

التوسع في الفحص الميداني

وأيضًا كثَّفت وزارة الصحة الإثيوبية عمليات الفحص في القرى والمجتمعات القريبة من مناطق الإصابات؛ لتحديد الحالات المشتبه بها بسرعة. ويُعد هذا الإجراء وسيلة فعّالة لرصد المرض في بيئته المباشرة ومنع انتقاله إلى مناطق جديدة.

تأثير ماربورج في المجتمع والاقتصاد

يتجاوز تأثير فيروس ماربورج حدود المؤسسات الصحية، فهو يمتد إلى نسيج المجتمع والاقتصاد؛ لأنَّ المجتمعات الريفية في جنوب إثيوبيا تعتمد على الأنشطة الزراعية والحرفية؛ ولذلك فإنَّ أي تفشٍّ وبائي يهدد الحركة الإنتاجية، ويقلص دخول الأسر، ويزيد من هشاشة الفئات الفقيرة.

ومن منظور مؤسسي يكشف تفشي فيروس ماربورج حاجة الدول النامية إلى تعزيز نظم إدارة المخاطر، وتطوير آليات التنسيق بين السلطات الصحية والجهات المحلية والمنظمات الإقليمية؛ إذْ تمثل الأوبئة تحديًا يتطلب استجابة جماعية، وممارسات شفافة، ورفع كفاءة المختبرات، وهو ما يدخل ضمن نطاق بناء المؤسسات القادرة على الصمود.

يتجاوز تأثير فيروس ماربورج حدود المؤسسات الصحية

ماربورج وأهداف التنمية المستدامة

يمتد تأثير تفشي ماربورج إلى صميم أهداف التنمية المستدامة، لا سيما الهدف الثالث المتعلق بالصحة الجيدة والرفاه؛ إذْ إنه يختبر قدرة النظم الصحية على الوقاية والتأهب والاستجابة.

ويؤكد تفشي فيروس ماربورج في إثيوبيا أنَّ الأمن الصحي العالمي ركيزة أساسية في بناء مجتمعات مستقرة واقتصادات قادرة على النمو. ويُظهر هذا الحدث أنَّ الحماية الصحية ضرورة مرتبطة بالحوكمة الرشيدة، والسياسات الوقائية، والاستثمار في البنية الصحية.

وإذا كان هذا التفشي يحمل رسالة واضحة، فهي أنَّ مستقبل التنمية المستدامة مرتبط بمدى قدرة الدول على بناء أنظمة صحية، شفافة، وقادرة على التكيف مع المخاطر. وهنا يبرز الدور الحاسم للسياسات ذات المدى البعيد، التي تعطي الأولوية للوقاية، وتعزز ثقافة الاستعداد، وتضمن أنْ تبقى المؤسسات قادرة على حماية المجتمع قبل أن تتفاقم الأزمات.

لذلك ترى مؤسسة حماة الأرض أنَّ تعزيز نظم الإنذار المبكر، وتكامل العمل بين القطاعين الصحي والمجتمعي، وتوسيع الاستثمار في الوقاية؛ مسارات إلزامية لضمان صمود الدول أمام الأوبئة الطارئة، وحماية الأجيال المقبلة من تداعيات صحية واقتصادية أعمق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى