وزارة الري تعزز التدريب من أجل التنمية المستدامة في مصر وإفريقيا
وزارة الري تعزز التدريب من أجل التنمية المستدامة في مصر وإفريقيا
في إطار الجهود الوطنية لتعزيز إدارة المياه ورفع كفاءة الكوادر الفنية والإدارية، تلقى الدكتور/ هاني سويلم وزير الموارد المائية والري تقريرًا تفصيليًّا حول أنشطة مركز التدريب الإقليمي للموارد المائية والري، والمركز الإفريقي للمياه والتكيف المناخي “PACWA” خلال الفترة الأخيرة.
وقد تمثلت هذه الأنشطة في التدريب المحلي، وتجاوزت ذلك إلى التعاون الإقليمي والدولي؛ مما يعكس التزام مصر بتحقيق التنمية المستدامة ومواجهة التغيرات المناخية من خلال بناء القدرات البشرية وتعزيز المعرفة المتخصصة.
وفي هذا المقال سوف تتناول حماة الأرض أهم هذه الأنشطة، مع تسليط الضوء على البرامج التدريبية التي استهدفت مختلف فئات المجتمع، والمبادرات التي حولت التحديات البيئية إلى فرص اقتصادية، بالإضافة إلى الجهود الإفريقية المشتركة لتعزيز الإدارة المتكاملة للمياه، والاتجاه نحو دمج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في منظومات الري؛ فتابعوا القراءة.
برامج تدريبية وطنية ودولية لرفع الكفاءة المؤسسية
أفاد التقرير بأن المركز نفذ 396 نشاطًا تدريبيًّا داخل مصر، استفاد منها 11051 متدربًا من العاملين بالوزارة والهيئات التابعة لها، وهو رقم يعكس حجم الاستثمار في العنصر البشري باعتباره أداة رئيسية للإصلاح المؤسسي. ولم يقتصر التدريب على البرامج المحلية، وإنما شمل 6 برامج تدريبية متقدمة وجولتين دراسيتين في إيطاليا ضمن مشروع المعرفة المائية بالشراكة مع الجانب الإيطالي، حيث استفاد 108 متدربين من الاطلاع على تجارب دولية في الإدارة المتكاملة للموارد المائية.
كما نظم المركز، بالتعاون مع منظمة اليونسكو، برنامجين تدريبيين شارك فيهما 38 متدربًا من 13 دولة عربية وإفريقية، وهذا الانفتاح على التدريب الدولي ينتج عنه فوائد تتجاوز تبادل الخبرات، إلى بناء جسور من التعاون بين مؤسسات المياه في المنطقة، ما يمهّد للحديث عن البرامج التي تستهدف تمكين فئات المجتمع المختلفة.
تمكين الشباب والمزارعين من خلال التدريب العملي
في إطار بروتوكولات التعاون مع منظمة الفاو، نفذ مركز التدريب الإقليمي للموارد المائية والري برامج تدريبية نوعية استفاد منها 1079 مشاركًا، بينهم 471 مزارعًا و120 من الشباب والسيدات غير العاملات. ركزت هذه البرامج على تطوير المهارات الإنتاجية وتعزيز الوعي بأساليب الزراعة المستدامة التي تدعم الأمن الغذائي وتسهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية.
امتدت أنشطة التدريب لتشمل برامج تحويلية للفئات الميدانية، حيث جرى تأهيل السائقين والبحارة والمشرفين العاملين في القطاعات المرتبطة بالمياه والنقل النهري، بما يعزز كفاءتهم في التشغيل الآمن للمعدات وإدارة الأنشطة اليومية بكفاءة عالية، وقد انعكست هذه الجهود على رفع مستوى الأداء الميداني وتحقيق الاستدامة التشغيلية في مواقع العمل.
كما استقبل المركز دفعات من الطلاب الجامعيين ضمن برامج التدريب الصيفي، حيث أتيحت لهم فرصة تطبيق المعارف الأكاديمية على أرض الواقع من خلال التعرف على الجيل الثاني لمنظومة الري 2.0 وتقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة المياه، وهذا الدمج بين التعليم النظري والتجربة العملية يهيئ جيلًا قادرًا على قيادة الابتكار، وتبني الحلول الذكية في إدارة الموارد المائية مستقبلًا.
التدريب على الاستفادة من نبات ورد النيل
من بين الابتكارات التي ينفذها المركز، الاستفادة من نبات ورد النيل، حيث يعد التعامل مع نبات ورد النيل مثالًا بارزًا على كيفية توظيف التحديات البيئية لخدمة التنمية المستدامة؛ فقد أطلق مركز التدريب الإقليمي للموارد المائية والري سلسلة من 16 نشاطًا تدريبيًّا، شملت المقر الرئيسي وفروعه في كفر الشيخ ودمياط ودمنهور وإسنا؛ لتعليم أساليب مبتكرة للاستفادة من هذا النبات المائي الذي لطالما شكّل عبئًا على المجاري المائية.
شارك في هذه البرامج 391 سيدة من المجتمعات الريفية، تدربن على إنتاج مشغولات يدوية ومنتجات حرفية عالية الجودة يمكن تسويقها محليًّا وإقليميًّا. هذه المبادرة أسهمت في خفض التأثير البيئي لانتشار ورد النيل، وفي الوقت ذاته فتحت الباب أمام تأسيس مشروعات صغيرة توفر مصدر دخل مستدام وتدعم دور المرأة في الاقتصاد المحلي.
يمثل هذا التوجه نموذجًا متكاملًا لربط حماية البيئة بتحقيق المكاسب الاجتماعية والاقتصادية، ويتوافق مع الجهود الإفريقية التي تسعى إلى تعزيز الاقتصاد الأخضر ومكافحة التدهور البيئي، ويمهد هذا النجاح الطريق للانتقال إلى مبادرات أوسع نطاقًا تستهدف قضايا بيئية أخرى بآليات مبتكرة تحقق الأثر المزدوج على البيئة والمجتمع.
تعاون إفريقي واسع لتعزيز الإدارة المتكاملة للمياه
على المستوى القاري، يواصل المركز الإفريقي للمياه والتكيف المناخي PACWA أداء دور محوري في دعم قدرات الدول الإفريقية، حيث نُفذ 23 برنامجًا تدريبيًّا شارك فيها 460 متدربًا من مختلف أقاليم القارة، تناولت هذه البرامج موضوعات حيوية مثل التكيف مع التغيرات المناخية والإدارة المتكاملة للموارد المائية، بما يتوافق مع أهداف مبادرة AWARe التي تتبناها مصر لتعزيز الشراكات الإقليمية وتحقيق الأمن المائي في مواجهة التحديات المتزايدة.
ويبرز هذا التعاون نموذجًا عمليًّا لتكامل الجهود الإفريقية في تبادل الخبرات ونقل التقنيات؛ مما يهيئ بيئة داعمة للحلول المبتكرة في إدارة المياه، كما يعكس وعيًا استراتيجيًّا بأن مواجهة التحديات المناخية تتطلب تعاونًا عابرًا للحدود، يمهد لاعتماد الحلول الرقمية والتقنيات الحديثة باعتبارها جزءًا أساسيًّا من منظومة الإدارة المائية.
دمج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في منظومات الري
وفي هذا السياق، أكد الدكتور/ هاني سويلم أن تنفيذ الجيل الثاني لمنظومة الري 2.0 يتطلب تدريبًا متخصصًا على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إدارة المياه والنماذج الرياضية؛ لهذا وضع المركز لائحة تدريبية تحدد الجدارات الوظيفية لكل فئة مستهدفة، مع آليات دقيقة لـقياس الأداء الوظيفي وضمان توافقه مع الأهداف المؤسسية.
ويمثل هذا التكامل بين التقنيات المتطورة والمهارات البشرية نقلة نوعية في أساليب إدارة المياه؛ إذ يسهم في رفع الكفاءة التشغيلية، وتحسين دقة القرارات، وتقصير زمن الاستجابة للتحديات الميدانية؛ وبذلك يصبح التوجه نحو التكنولوجيا الحديثة خطوة استراتيجية تمهّد لتطوير البنية التدريبية واعتماد معايير جودة دولية تضمن استمرارية التطوير.
تطوير البنية التدريبية واعتماد المعايير الدولية
واصل المركز جهوده في تعزيز التعاون المؤسسي، حيث أبرم 10 بروتوكولات وشراكات تعاون مع جامعات مصرية ودولية، إضافة إلى منظمات مجتمع مدني؛ مما يفتح المجال لتبادل الخبرات وتطوير المناهج بما يتوافق مع أحدث المعايير الأكاديمية. كما حصل على شهادة الجودة ISO9001، وهو إنجاز يعكس التزامه بالمعايير العالمية في الإدارة والتدريب، إلى جانب اعتماد مقرراته من المجلس الأعلى للجامعات واقتراب صدور شهادات الاعتماد الرسمية.
ويعزز هذا التطوير امتلاك المركز معمل الذكاء الاصطناعي المجهز بـالروبوت التعليمي وطائرة درون تعليمية؛ مما يتيح فرص تدريب عملية على أحدث تقنيات الرصد والتحليل وإدارة البيانات. هذه الإمكانيات تمثل ركيزة أساسية في إعداد جيل جديد من المتخصصين القادرين على قيادة قطاع المياه نحو مستقبل أكثر كفاءة واستدامة، بما يواكب التحديات البيئية والمناخية التي تواجه المنطقة.
ومن هنا تؤكد مؤسسة حماة الأرض أن هذه المنظومة المتكاملة من التدريب وبناء القدرات، سواء على المستوى المحلي أو الإفريقي، تعكس تحولًا نوعيًّا في طريقة تعامل مصر مع ملف المياه والمناخ؛ فالمزج بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي، وإدماج الحلول التكنولوجية، وإشراك مختلف فئات المجتمع، يؤسس لنهج مستدام قادر على الاستمرار والتطور.
وهذه الجهود تمثل نموذجًا يمكن تعميمه إفريقيًّا، شريطة تعزيز آليات المتابعة وقياس الأثر لضمان استدامة النتائج، وتوسيع نطاق الشراكات الإقليمية والدولية، والاستمرار في الاستثمار في الابتكار؛ فالطريق نحو أمن مائي حقيقي في القارة يتطلب تعاونًا عابرًا للحدود، ونقلًا للتكنولوجيا، واعتمادًا لحلول مرنة تستجيب للمتغيرات المناخية، وهو ما تسعى مصر إلى تحقيقه.