عيد الفطر.. كيف تخطط لعطلة مستدامة لا تضر بالكوكب؟

عيد الفطر.. كيف تخطط لعطلة مستدامة لا تضر بالكوكب؟
مع اقتراب وداع شهر رمضان المبارك وحلول عيد الفطر السعيد، تتجدد الرغبة في قضاء عطلة مميزة، حيث يخطط كثيرٌ من الناس للسفر في الإجازة؛ للاستمتاع بوقت عائلي، واستكشاف أماكن جديدة، والهروب من صخب الحياة اليومية؛ فهل فكرنا -وسط حماسة التخطيط- في الأثر البيئي لرحلاتنا؟
إنَّ العطلات فرصة مثالية للاسترخاء، غير أنها قد تترك أثرًا بيئيًّا سلبيًّا إذا لم نحسن اختيار وسائل النقل والإقامة والأنشطة. ومع تزايد الوعي البيئي أصبح من الممكن الاستمتاع بإجازة ممتعة دون الإضرار بالكوكب. وفي هذا المقال تأخذكم حماة الأرض في جولة لاستكشاف طرق بسيطة تجعل عطلتكم أكثر استدامة؛ فتابعوا القراءة.
وسائل نقل منخفضة الانبعاثات
تُعد وسائل النقل التقليدية من أكبر مصادر الانبعاثات خلال السفر، خاصةً الطائرات، ولتقليل هذا التأثير البيئي يفضل اختيار الرحلات الجوية المباشرة؛ إذ تستهلك طاقة أقل مقارنةً بالرحلات التي تتضمن محطات توقف متعددة. وللمسافات الأقصر تُعد القطارات والحافلات الكهربائية بدائلَ أكثر استدامة؛ فهي تصدر -وفق تقارير الوكالة الأوروبية للبيئة- انبعاثات أقل من خُمس انبعاثات الطيران الداخلي؛ مما يجعلها خيارًا مريحًا وصديقًا للبيئة.
الإقامة في أماكن صديقة للبيئة
كما يُعد اختيار مكان الإقامة خطوة أساسية نحو تقليل الأثر البيئي للسفر، حيث تستهلك الفنادق والمنتجعات كميات كبيرة من الموارد والطاقة؛ مما يجعل البحث عن منشآت تعتمد على الطاقة المتجددة وتطبّق ممارسات مستدامة -مثل الحد من النفايات، وترشيد استهلاك المياه- خيارًا أكثر وعيًا بالبيئة.
إلى جانب ذلك، يمكن للمسافرين تبني سلوكيات تسهم في تقليل استهلاك الموارد، مثل ضبط درجة حرارة الغرفة على مستوى معتدل، وإطفاء الأجهزة الكهربائية غير المستخدمة، والتقليل من استهلاك المياه. كما أنَّ اختيار الإقامة في منازل صغيرة مملوكة محليًّا بدلًا من المنتجعات الضخمة يسهم في خفض التأثير البيئي، كما يعزز الاقتصاد المحلي.
التسوق المستدام
ولا يقتصر التأثير البيئي للسفر على الإقامة فقط، وإنما يمتد إلى عادات التسوق التي قد تكون مصدرًا غير مباشر للضرر البيئي، خاصة عند شراء منتجات غير مستدامة أو مستوردة من أماكن بعيدة؛ لذا فإنَّ دعم المنتجات المحلية يسهم في تقليل الانبعاثات كما يسهم في دعم الحرفيين والمجتمعات الصغيرة، واختيار المنتجات المصنوعة من مواد قابلة للتحلل أو معاد تدويرها.
وفيما يتعلق بالأزياء -التي تُعد من أكثر الصناعات تلويثًا للبيئة- فإنَّ الاستثمار في ملابس مصنوعة من أقمشة طبيعية مثل القطن العضوي، أو الشراء من علامات تجارية تتبع ممارسات إنتاج مسئولة؛ يقلل من التأثير السلبي لهذا القطاع. وبدلًا من الشراء العشوائي يُفضَّل البحث عن قطع عالية الجودة تدوم لفترات طويلة؛ مما يقلل الحاجة إلى الاستهلاك المتكرر.
وأيضًا يمكننا في العيد -الذي يُفرح القلوب- أنْ نشتري الأزياء التي يمكن ارتداؤها في بقية أوقات العامِ؛ حتى تكون مشترياتنا مسئولة ومستدامة، وإضافةً إلى ذلك يفضل -عند القدرة- شراء الألعاب الصديقة للبيئة، والمصنوعة مِن المواد المُعَادِ تدويرها، أو شراء الألعاب الهادفة، وتجنب تلك التي تُصنع من البلاستيك.
ذلك لأنَّ الحد من النفايات البلاستيكية واحد من أهم التحديات البيئية التي تواجه العالم اليوم، ويمكن للمسافرين الحد من هذه المشكلة من خلال خطوات صغيرة ومؤثرة، مثل حمل زجاجة مياه قابلة لإعادة الاستخدام بدلًا من شراء زجاجات بلاستيكية، واستخدام أكياس قماشية أثناء التسوق بدلًا من الأكياس البلاستيكية، وتجنب المنتجات المغلفة بمواد بلاستيكية غير ضرورية.
الطعام المستدام
وإذا كانت عادات التسوق تؤثر في البيئة، فإنَّ لخيارات الطعام أثناء السفر دورًا لا يقل أهمية في تقليل البصمة الكربونية، حيث يتسبب هدر الطعام في 8 – 10% من إجمالي الانبعاثات العالمية، وهذا وفقًا لتقرير (UN Climate Change) لعام 2024، كما يكلف الاقتصاد العالمي تريليون دولار سنويًّا؛ لذلك يمكن لعادات غذائية بسيطة أثناء السفر أن تُحدث فرقًا كبيرًا في تقليل التأثير البيئي.
ولذلك يمكن للمسافرين دعم المطاعم التي تعتمد على مفهوم “من المزرعة إلى المائدة”، القائم على منتجات محلية وعضوية؛ مما يقلل من الانبعاثات المرتبطة بنقل الأغذية لمسافات طويلة. كما يمكنهم الحد من هدر الطعام عبر طلب كميات معقولة، خاصة في المنتجعات الشاملة التي تقدم وجبات بوفيه مفتوح.
وبالإضافة إلى ما سبق علينا الاهتمام بتنويع وجباتنا الغذائية؛ إذْ يجب أنْ نعتمد على كميات معتدلة من البروتينات والكربوهيدرات، مع تناول الفيتامينات والمعادن الضرورية، وتجنب تناول السكريات والأطعمة الغنية بالدهون الضارة؛ وذلك كله يسهم في جعل العطلة أكثر استدامة مع تحسين الصحة العامة في الوقت نفسه.
ختامًا، فإنَّ تبني هذه العادات المستدامة أثناء السفر يحوّل التجربة السياحية إلى ممارسة أكثر وعيًا ومسئولية، حيث يصبح المسافر شريكًا في حماية البيئة؛ لذا تدعو حماة الأرض كل مسافر ليكون جزءًا من الحل، حيث إنَّ أقل الخيارات المستدامة تسهم في تحسين جودة الحياة اليوم، وتمهد لمستقبل أكثر ازدهارًا للأجيال القادمة.





