الطاقة المتجددة – حماة الأرض https://earthsguards.com يد واحدة.. استدامة واعدة Sun, 28 Sep 2025 14:33:15 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.8.3 https://earthsguards.com/wp-content/uploads/2022/05/cropped-logo-big-W-orange-BG-Copy-32x32.png الطاقة المتجددة – حماة الأرض https://earthsguards.com 32 32 أنطونيو جوتيريش يدعو إلى إعادة الالتزام بأهداف التنمية المستدامة لإنقاذ كوكبنا https://earthsguards.com/%d8%ac%d9%87%d9%88%d8%af-%d8%aa%d8%ad%d9%82%d9%8a%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%aa%d8%af%d8%a7%d9%85%d8%a9/ Sat, 27 Sep 2025 14:00:30 +0000 https://earthsguards.com/?p=11993 التنمية المستدامة

أنطونيو جوتيريش يدعو إلى إعادة الالتزام بأهداف التنمية المستدامة لإنقاذ كوكبنا

في لحظة فارقة من عمر العالم، ومع تبقِّي خمسة أعوام على انتهاء خطة التنمية المستدامة 2030؛ أطلق الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو جوتيريش” صرخة تحذير من فوق منبر الجمعية العامة في دورتها الثمانين، داعيًا المجتمع الدولي إلى إعادة ترتيب الصفوف، وتجديد الالتزام بتحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.

وقد شدد “أنطونيو جوتيريش” في كلمته التي جاءت ضمن اجتماع “لحظة أهداف التنمية المستدامة” على أن الطريق لا يزال طويلًا ومليئًا بالعقبات؛ من صراعات لا تهدأ، وتمويل يتضاءل، بالإضافة إلى تغير مناخي يوجِّه ضربات موجعة إلى البشر والكوكب.

وبالرغم من تلك التحديات العالمية لم تبعث رسالةُ الأمين العام للأمم المتحدة اليأسَ في نفوس الحاضرين؛ فقد أكد أنه لا تزال هناك بوادر أمل تلوح في الأفق، وفرص واعدة يمكنها إعادة الثقة في المسار الأممي نحو مستقبل أكثر عدلًا واستدامة.

وفي هذا السياق، سوف تتناول مؤسسة حماة الأرض من خلال هذا المقال أبعادَ هذه الدعوة الأممية، وما تحمله من رسائل حاسمة لمستقبل التنمية والسلام؛ فتابعوا القراءة.

التنمية المستدامة في قلب التحديات العالمية

إن أهداف التنمية المستدامة تمثل خطة طموحة تسعى إلى بناء عالم أفضل يستطيع أنْ يواجه أزمةَ الفقر العالمي، ويعالج صورَ عدم المساواة، ويكافح آثارَ التدهور البيئي، فضلًا عن تعزيز السلام في كل مكان؛ فهذه الخطة ليست مجرد قائمة من التعهدات، بل شبكة مترابطة من الغايات التي يدعم بعضها بعضًا.

ذلك لأنَّ التعليمَ يعزز المساواة بين الجنسين، واستقرارَ المناخ يضمن الأمن الغذائي، ومكافحةَ الجوع تمهد الطريق إلى السلام. وهذا الترابط يجعل من الأهداف السبعة عشر حجر الزاوية في مستقبل الإنسانية، ويؤكد أن أي إخفاق في تحقيق هدف واحد منها سوف ينعكس مباشرة على بقية الأهداف.

وفي ظل التراجع الملحوظ في التمويل وضعف الإرادة السياسية، يظهر خطر فقدان البوصلة الأممية. ومع ذلك فإن قوة هذه الأهداف تكمن في مرونتها وقدرتها على توحيد العالم حول قضية مشتركة؛ لذا أراد “جوتيريش” أن يذكر الجميع بأن هذه الأهداف ليست حلمًا بعيد المنال، بل خريطة طريق يمكن السير عليها إذا ما توافرت الإرادة والموارد والالتزام الجماعي.

التنمية المستدامة

إصلاح مالي وتحول تكنولوجي

ثم تطرق الخطاب الأممي بوضوح إلى الحاجة الملحة إلى إصلاح النظام المالي العالمي، الذي لم يعد قادرًا على تلبية طموحات التنمية، خصوصًا في البلدان النامية التي تواجه أزمات ديون خانقة تعرقل جهودَ استثمارها في الصحة والتعليم والطاقة النظيفة.

ولذلك دعا “جوتيريش” إلى إعادة هيكلة هذا النظام، بحيث يكون أكثر عدلًا وشمولًا، ويمنح الدول الأكثر هشاشة فرصة حقيقية للانخراط في مسيرة التنمية المستدامة؛ فالتنمية العادلة لا يمكن أن تقوم على قواعد مالية غير منصفة؛ تزيد الفجوة بين الشمال والجنوب.

كذلك قال بأن التحول التكنولوجي يجب أن يكون محوريًا في هذه المرحلة، ليس عبر تسخير الابتكارات فقط، وإنما أيضًا من خلال ضمان وصولها بشكل عادل إلى الجميع؛ لأن الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والتقنيات الرقمية يمكن أن تكون أدوات تمكين، لكنها قد تتحول أيضًا إلى عوامل تعميق للفجوات إذا أُديرت برؤية غير شاملة.

وهذه الإشارة تحمل بعدًا استراتيجيًا؛ إذ تعكس وعيًا متزايدًا بأن التكنولوجيا ليست خيارًا جانبيًا، بل ركيزة أساسية لمستقبل التنمية المستدامة والعدالة.

المناخ والسلام في صدارة الأولويات

وفي خطابه شدد الأمين العام للأمم المتحدة على أن العمل المناخي يجب أن يبقى محور الاهتمام الدولي، ليس لأنه يواجه آثار ارتفاع درجات الحرارة أو الكوارث الطبيعية فقط، بل لأنه متشابك أيضًا مع كل جوانب التنمية الأخرى؛ فإنَّ أزمة المناخ تعني تهديد الأمن الغذائي، وتعميق الفقر؛ بالتالي زعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي. وذلك ما يؤكد أنَّ العمل المناخي استثمار حقيقي في السلام والأمن، لا مجرد قضية بيئية منفصلة.

وإلى جانب المناخ ألح “جوتيريش” على ضرورة أن يكون السلام أولوية في كل خطوة من خطوات التنمية المستدامة؛ فدون إنهاء النزاعات وتعزيز العدالة لن يكون هناك مجال لتحقيق تقدم حقيقي في أي من الأهداف. والسلام هنا لا يُنظر إليه على أنه غاية منفصلة، بل شرط أساسي لبناء منظومة استدامة متكاملة، حيث يجد التعليم والصحة والطاقة النظيفة بيئة مناسبة للنمو.

المناخ والسلام في صدارة الأولويات

اجتماع يعرض قصص الأمل

لم يكن اجتماع “لحظة أهداف التنمية المستدامة” مجرد منصة للخطابات، بل مساحة لإبراز مبادرات حقيقية من دول ومجتمعات اختارت أن تقود التغيير على أرض الواقع؛ من مشروعات الطاقة المتجددة التي تعيد تشكيل اقتصادات محلية إلى مبادرات المساواة بين الجنسين، التي تفتح أبواب المستقبل للنساء والفتيات؛ ليؤكد الحدث أن التغيير ممكن حتى في وجود تحديات عالمية متزايدة.

وهذه القصص تحمل رسائل قوية، منها أن الاستدامة ليست رفاهية أو شعارًا سياسيًا، بل هي مسار حياة يمكن أن يحدث فرقًا في المجتمعات الأكثر هشاشة. كما أنها تؤكد أن العدالة الشاملة هي مفتاح النجاح؛ إذ لا يمكن تحقيق التقدم إذا تُركت مجموعات من البشر على الهامش؛ وهنا يكمن جوهر الدعوة الأممية التي تقول إن العالم في حاجة إلى تحولات عادلة وشاملة، تعيد الثقة بقدرتنا على تحقيق الأهداف بالرغم من الصعاب.

وما بين التحذير من التراجع والدعوة إلى الأمل جسَّد خطاب “جوتيريش” مفترق طريق أمام المجتمع الدولي: إما أن يتحرك الجميع لتسريع مسيرة تحقيق الأهداف، وإما أن يخسر العالم فرصة نادرة لبناء مستقبل آمن ومستدام.

وفي الختام، فإن رسالة الأمين العام تذكير بأن الوقت يمضي، لكن الباب لا يزال مفتوحًا للوفاء بالوعود؛ ومن هنا تؤكد مؤسسة حماة الأرض أن الاستدامة مسئولية مشتركة تبدأ من الأفراد وتمتد إلى المجتمعات والدول، فالعالم الأفضل لن يتحقق إلا بتضافر الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي تبقى البوصلة الأكثر صدقًا لمستقبل يليق بالإنسان وكوكبه.

]]>
المؤتمر العالمي الثاني للمياه والطاقة وتغير المناخ.. شراكات لاستدامة الموارد https://earthsguards.com/%d9%85%d8%a4%d8%aa%d9%85%d8%b1-%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a-%d9%84%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a7%d9%87-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%a7%d8%ae/ Wed, 10 Sep 2025 14:00:11 +0000 https://earthsguards.com/?p=11842 المؤتمر العالمي الثاني للمياه والطاقة وتغير المناخ

المؤتمر العالمي الثاني للمياه والطاقة وتغير المناخ.. شراكات لاستدامة الموارد

اليوم -مع ما يعيشه العالم من تحديات كثيرة مثل تحديات الطاقة وتغير المناخ- لا تجد الشعوب طريقًا أقصر إلى تحقيق السلام العادل بين الإنسان والطبيعة إلَّا من خلال أهداف التنمية المستدامة؛ فهي إطار شامل يقوم بربط القضايا الاجتماعية بقضايا الاقتصاد والبيئة في منظومة واحدة.

المؤتمر العالمي الثاني للمياه والطاقة وتغير المناخ

وتأتي هذه الأهداف السبعة عشر لتؤكد أنَّ التحديات العالمية -من تغير المناخ إلى ندرة الموارد- لا يمكن مواجهتها إلا بحلول متكاملة تُراعي حقوق الإنسان، وتُشْرِكُ الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص معًا في بناء عالم أكثر استدامةً للأجيال الحالية والقادمة.

وعلى ذلك تتابع حماة الأرض في السطور القادمة أبرزَ التحركات العالمية في مجال مكافحة التغيرات المناخية، وهذا من خلال فعاليات المؤتمر العالمي الثاني للمياه والطاقة وتغير المناخ، المنعقد في دولة البحرين، في حضور عدد من الشركاء الدوليين؛ فتابعوا القراءة.

المؤتمر العالمي الثاني للمياه والطاقة وتغير المناخ

أمس -الثلاثاء- انطلقت فعاليات المؤتمر العالمي الثاني للمياه والطاقة وتغير المناخ، بمشاركة واسعة من قادة الحكومات وخبراء الطاقة والمياه ومؤسسات التمويل الدولية. ويُنظَّمُ هذا المؤتمرُ تحت رعاية صاحب السمو الشيخ/ خالد بن عبد الله آل خليفة “نائب رئيس مجلس وزراء مملكة البحرين”، وبرئاسة الدكتور/ محمد بن مبارك بن دينه “وزير النفط والبيئة، والمبعوث الخاص لشئون المناخ بمملكة البحرين”.

محمد بن مبارك بن دينه

محاور المؤتمر

تقوم محاور المؤتمر العالمي الثاني للمياه والطاقة وتغير المناخ -الذي جاء بمشاركة برنامج الأمم المتحدة للبيئة– على قضايا الإدارة المستدامة للموارد المائية، وأمن الطاقة، مع مناقشة موضوع التوسع في الطاقة المتجددة، وهذا بوصفها خيارًا استراتيجيًّا لمواجهة آثار تغير المناخ، وتقليل الضغط على الموارد المائية.

اليوم الأول: تحديات المناخ

ومِن هنا شهد اليوم الأول كلمات افتتاحية لعدد من المتحدثين العالميين، من بينهم الدكتور/ محمد بن مبارك بن دينه، إضافةً إلى خبراء من البنك الدولي ووكالة الطاقة الدولية.

كما شهد اليوم الأول من المؤتمر العالمي الثاني للمياه والطاقة وتغير المناخ حضورًا بارزًا للدكتور/ هاني سويلم “وزير الموارد المائية والري”، حيث عرض التجارب المصرية في مشروعات الري الحديث، وتحلية المياه بالطاقة الشمسية، وتقنيات إعادة الاستخدام، كما دعا إلى تعزيز الشراكات الإقليمية؛ لدعم مشروعات البنية التحتية الخضراء، وربط قضايا المياه بالأمن القومي وخطط التنمية المستدامة.

وعلى نحوٍ تفصيلي تمحورت مناقشات اليوم من المؤتمر حول التحديات المترابطة بين الطاقة والمياه، مع عرض دراسات حالة من دول تعتمد على الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية؛ دعوةً إلى تقليل الانبعاثات، وسعيًا إلى خفض استهلاك المياه.

اليوم الثاني: قضايا الطاقة المتجددة

وشهدت جلسات اليوم -الأربعاء 10 سبتمبر- حضورًا مكثفًا، ابتدأ بكلمة رئيسية تحت عنوان “تعزيز الشراكات العالمية: دفع العمل الجماعي نحو الاستدامة”، وهي كلمة ألقاها نائب رئيس بروتوكول انبعاثات غازات الدفيئة في المبادرة العالمية المعنية بوضع المعايير المحاسبية والإبلاغ عن انبعاثات الغازات الدفيئة “أوفيس سارماد”، والذي أبرز أهميةَ التعاون بين القطاعينِ العام والخاص تحت مظلة دولية؛ حتى يمكننا تحقيق أهداف الاستدامة المشتركة.

بعد ذلك، أُقيمت جلسة موسعة حول الشراكات العالمية، وقد جمعت قادة من الحكومة والصناعة ومنظمات دولية، أبرزهم السيد/ أحمد عجب نور مِن مجلس الاستدامة السعودي، وكذلك شارك فيها كلٌّ مِن: “كريس ويليامز” من شبكة المياه الآمنة، و”لورين لوكي” من جمعيةCaribbean Water and Wastewater Association” ” (جمعية إقليمية غير حكومية في جمهورية ترينيداد وتوباجو)، و”سبيروس كوفليس” من مشروع التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج.

وهناك ناقشوا جميعًا سُبل تشكيل شراكات فعَّالة وعابرة للحدود، وقادرة على الإسهام في تحقيق الهدف رقم (17) من أهداف التنمية المستدامة: تعزيز الشراكات لتحقيق الأهداف، وغيره من الأهداف ذات الصلة.

كما جرى عقد جلسات فنية متوازية، أولها تناول موضوع “أنظمة معالجة المياه الذكية: الذكاء الاصطناعي والأتمتة وإعادة الاستخدام”، بمشاركة خبراء من كبرى الشركات العالمية، وكذلك عُقد منتدى “جسر الهيدروجين: منظور الخليج – الاتحاد الأوروبي”، حيث استعرض المتحدثون المنظور التقني والتنظيمي والفرص الاستثمارية لتطوير اقتصاد الهيدروجين الأخضر.

اليوم الثالث: عقد الشراكات

من المقرر أيضًا أنْ تتناول جلسات الغد مناقشات تمويلية موسعة لآليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإطلاق مبادرات للتعاون الإقليمي في مشروعات البنية التحتية الخضراء.

وهناك سوف تتجه الأنظار إلى ختامٍ نوعيّ يُبرز تلاقي الأفكار مع المبادرات العملية؛ إذْ مِن المنتظر أنْ يشهد المؤتمر غدًا انعقادَ منتدى الشباب، الذي يتيح للجيل الجديد عرض ابتكاراته في مجالات المياه والطاقة والمناخ.

عقد الشراكات

وذلك إلى جانب ورش عمل متخصصة تركز على الاعتمادات الكربونية وآليات تنفيذ اتفاقية باريس. كما يتخلل البرنامج حفل توزيع جوائز مسابقة “Green Guardians Hackathon“، التي تنافست فيها فِرق شبابية على تقديم حلول مبتكرة لمشكلات الموارد.

ختامًا، فإنَّ انعقاد المؤتمر الثاني العالمي للمياه والطاقة وتغير المناخ يعكس إدراكًا عالميًّا بأنَّ مواجهة التغيرات المناخية لم تعد ترفًا فكريًّا، بل ضرورة استراتيجية تتقاطع فيها التنمية الاقتصادية مع حماية الموارد الطبيعية، وهنا يبرز دور مصر من خلالها التزامها بالحلول الإقليمية والعالمية، عبر ربط خبراتها المحلية بالحوار الدولي.

ومن هذا المنطلق، تسعى مؤسسة حماة الأرض إلى نقل هذه الفعاليات من أروقة المؤتمرات إلى وعي الجمهور، عبر دورها التوعوي والإخباري الذي يربط بين البعدين المحلي والعالمي؛ لأننا جميعًا شركاء في بناء مستقبل مستدام.

]]>
انطلاق القمة الإفريقية الثانية للمناخ بأديس أبابا لأجل تنمية مرنة وخضراء في إفريقيا https://earthsguards.com/%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d9%85%d9%86%d8%a7%d8%ae-%d8%a8%d8%a3%d8%af%d9%8a%d8%b3/ Tue, 09 Sep 2025 15:00:04 +0000 https://earthsguards.com/?p=11828 القمة الإفريقية

انطلاق القمة الإفريقية الثانية للمناخ بأديس أبابا لأجل تنمية مرنة وخضراء في إفريقيا

افتتحت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أعمال القمة الإفريقية الثانية للمناخ (ACS2) يوم الإثنين 8 سبتمبر 2025، في حدث افتتح فعالياته زعماءُ أفارقة، ووزراء، وخبراء وممثلو منظمات دولية ومحلية، إلى جانب كثير من المشاركين المعنيين بالعمل المناخي.

ومن المتوقع –حسب بيان موقع الاتحاد الإفريقي– أنْ تمتد القمة حتى العاشر من سبتمبر الجاري، وهذا تحت شعار مركزي يتمحور حول “تسريع حلول المناخ العالمية والتمويل من أجل تنمية مرنة وخضراء في إفريقيا”.

لذا، تسلط حماة الأرض الضوءَ في هذا المقال على فعاليات هذه القمة، مستكشفةً محاورها، ومدى الفائدة المرجوة منها في إعادة توجيه العمل المناخي داخل قارة إفريقيا في إطار أهداف التنمية المستدامة؛ فتابعوا القراءة.

التغيرات المناخية في المواجهة

هذه القمة تأتي في وقت بالغ الحساسية بسبب ما يوجهه العالم من تحديات مناخية متسارعة، وهناك سوف تركز جلسات القمة حتى انتهائها على رسالتين متلازمتين:

  • الأولى: تأكيد أنَّ القارة الإفريقية لا ترغب في البقاء مجرد طرف يطالب بالتعويضات، بل تريد أنْ تكون مصدرًا للحلول المبتكرة والملائمة لسياقها.
  • والأخرى: الدعوة إلى تمويل منصف وعملي، وقادر على تمكين الدول الإفريقية من تنفيذ التحولات الخضراء دون الوقوع في فخ الديون، أو الاعتماد الأحادي على تقنيات غير مناسبة.

لماذا الآن؟

إنَّ إفريقيا واحدة من أكثر مناطق العالم عرضة لتأثيرات تغير المناخ؛ إذا أصبحت تواجه كثيرًا من موجات جفاف متكررة، وفيضانات مفاجئة، وتراجع خصوبة التربة، وتأثير مباشر في الأمن الغذائي والاقتصاد المحلي.

وتلك التحديات المناخية كلها تتزامن مع تقلبات جيوسياسية عالمية أثرت في ديناميكية التمويل الدولي للمناخ؛ لذا تسعى قارة إفريقيا إلى طرح نموذج قاري مستقل ومتكامل، وبما يحقق استدامة القارة ومرونتها.

إفريقيا

الأهداف العملية والمحاور الرئيسة

بدءًا من أمس -وحتى نهاية القمة- تتمحور الجلسات والمناقشات حول محاور عملية، تشمل:

تعبئة التمويل المناخي

ذلك من خلال البحث عن آليات تمويل جديدة، تجمع بين القطاع العام والخاص، وصناديق استثمارية إقليمية، وتسهيلات ائتمانية ملائمة لبلدان القارة.

حلول مناخية محلية الصنع

دعم الابتكارات الزراعية المقاومة للجفاف، ومشروعات الطاقة المتجددة، وإدارة الموارد المائية بطريقة مستدامة.

عدالة مناخية

المطالبة بتوزيع عادل للمسئوليات والموارد بين دول الشمال والجنوب، وربط جهود مكافحة التغير المناخي بحقوق الإنسان والتنمية.

دور الحكومات والقطاع الخاص

وانطلاقًا من هذه المحاور ضمت القمة الإفريقية الثانية للمناخ عدة مستويات من المشاركين؛ رؤساء دول، وحكومات، إلى جانب ممثلي القطاع الخاص؛ مما يوضح المشاركة المتنوعة على جميع الأصعدة.

التمويل مشكلة قديمة وتحدٍّ جديد

مِن بين أبرز الملفات هي كيفية تأمين تمويل كافٍ وبشروط عادلة؛ لذا فإنَّ القمة الإفريقية الثانية للمناخ تدعو إلى إنشاء أدوات تمويل إقليمية، وتسهيلات ائتمانية ذات فائدة منخفضة أو منعدمة، وربط التمويل بمؤشرات أداء اجتماعية وبيئية تضمن استفادة سكان إفريقيا.

الابتكار والتكنولوجيا

لقد شهدت الجلسات الأولى من القمة الإفريقية الثانية للمناخ استعراضًا لمبادرات تقنية زراعية ومائية وصناعية متوسطة التكلفة، وأكثر ملاءمةً للواقع الإفريقي، وهذا مقارنة ببعض الحلول الغربية ذات التكلفة المرتفعة، وغير القابلة للتكيَّف بسرعة.

الاحترار العالمي

وكذلك ضمت محاور القمة إمكانية بحث التجارب الإفريقية المحلية، مثل:

مخرجات القمة الإفريقية

من المتوقع أنْ تثمر القمة عن ميثاق إفريقي للتمويل المناخي، وعدة مشروعات تجريبية متفق عليها بين دول ومؤسسات عديدة وشبكات شراكات إقليمية للبحث والابتكار، غير أنَّ الأهم في القمة الإفريقية الثانية للمناخ هو أنها ترسخ فكرة أنَّ إفريقيا تطمح لأنْ تكون فاعلًا بارزًا في صياغة حلول مناخية عالمية قائمة على سياقاتها واحتياجاتها.

إنَّ انطلاق القمة الإفريقية الثانية للمناخ في أديس أبابا يُعدُّ لحظة مهمة في مسار أداء القارة في ملف المناخ، وعلينا أنْ نعي جميعًا أنَّ الطريق أمام تنفيذ الطموحات لا يزال طويلًا، ولا بُدَّ من إحداث توازن بين الطموح والقدرة التمويلية، وبين الحلول التقنية والعدالة الاجتماعية.

لذا، فإنَّ مؤسسة حماة الأرض تتابع عن كثب هذه القمة الإفريقية، نشرًا منها للوعي بأهمية العمل المناخي، وأهمية الجهود المبذولة في تعزيز دور القارة الإفريقية، وهذا في ظل ما تواجهه البشرية اليوم من تحديات مناخية لا حصرَ لها، وهي تحديات تستدعي تكاتفًا شاملًا؛ من أجل تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة.

]]>
تفتت أكبر جبل جليدي يضع أهداف التنمية المستدامة أمام اختبار صعب https://earthsguards.com/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%aa%d8%af%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d8%a3%d9%85%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d8%ae%d8%aa%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d8%b5%d8%b9%d8%a8/ Sun, 07 Sep 2025 14:00:32 +0000 https://earthsguards.com/?p=11812 التنمية المستدامة

تفتت أكبر جبل جليدي يضع أهداف التنمية المستدامة أمام اختبار صعب

لا تزال خطة أهداف التنمية المستدامة تحذر من التغير المناخي الذي صار واقعًا يفرض نفسه على كوكب الأرض يومًا بعد يوم! لأنَّ مثل هذه الأحداث المناخية المتطرفة تقول بأنَّ هناك اختلالًا في الأنظمة البيئية داخل كثير من دول العالم.

وفي هذا السياق، تبرز أهداف التنمية المستدامة باعتبارها خريطةَ طريقٍ عالميةً وضعتها الأمم المتحدة؛ من أجل تأمين مستقبلٍ عادلٍ وآمنٍ للبشرية جمعاء؛ ولذلك سوف تتناول مؤسسة حماة الأرض في هذا المقال تداعيات أبرز حدث مناخي، وهو تفتت أكبر جبل جليدي في العالم، موضحِّةً مدى ارتباط هذا الخبر العالمي بأهداف التنمية المستدامة؛ فتابعوا القراءة.

أكبر ذوبان جليدي منذ 40 عامًا

يأتي تفتت أضخم جبل جليدي في العالم -وهو الجبل المسمَّى A23a– حدثًا استثنائيًّا يجسد تجسيدًا واضحًا حجمَ التحدي الذي تواجهه أهداف التنمية المستدامة، وهو ما يضع البشرية كلها أمام سؤال محوري، هو: كيف نُحوِّلُ التعهدات الدولية إلى أفعال تنقذ الأرض قبل فوات الأوان؟

لقد تصدر خبر تفتت أضخم جبل جليدي في العالم عناوينَ النشرات العالمية، وهو حدث نادر لم يُرَ مثله منذ نحو أربعين عامًا؛ فقد تفتت أجزاء كبيرة من جبل “A23a” في القارة القطبية الجنوبية، ويرجَّحُ اختفاؤه كله في أثناء الأسابيع القادمة.

وهناك أشارتِ التحليلاتُ إلى أنَّ كتلة “A23a” كانت تزن نحو تريليون طن تقريبًا، وعلى مساحة تبلغ ضِعف مساحة مدينة لندن؛ وذلك ما يجعله حدثًا مناخيًّا فريدًا، وناقوسَ خطرٍ يوجِّه بضرورة مكافحة التغيرات المناخية في إطار أهداف التنمية المستدامة.

أضخم جبل جليدي في العالم -وهو الجبل المسمَّى A23a

تاريخ أكبر جبل جليدي

يمثِّل تفتت جبل “A23a” مثالًا صارخًا على هشاشة النظم البيئية أمام ظاهرة الاحترار العالمي؛ لأنَّ المتابع لمساره -منذ انفصاله الأول عام 1986- يلْحظُ كيف ظل راسيًا عقودًا من الزمانِ، ثم بدأ في الانزلاق والتفتت في سنوات قليلة كأنَّ الكوكب يوجه إنذارًا للبشرية.

هذا التاريخ ليس تفاصيلَ علميةً فارغةً؛ لأنَّها دليل واقعي على عمق التهديدات التي تواجه البيئة العالمية؛ لذا يصبح الربط بين هذا الحدث المناخي وأهداف التنمية المستدامة أمرًا ضروريًّا، لأنَّ تلك الأهداف تمثل الخطة العملية لإنقاذ التوازن البيئي وضمان استدامة الموارد.

ظاهرة الاحترار العالمي

ويتضمن تاريخ هذا الجبل -جبل -A23a أعوامًا من التغير، وتفصيلها كالآتي:

1986

في البدء انفصل جبل “A23a” عن صفيحة جليدية في القارة القطبية الجنوبية عام 1986، وظل محصورًا في مياه شديدة البرودة أكثر من ثلاثين عامًا.

2020

ثم في عام 2020 حُررت الكتلة الجليدية من قاع البحر بفعل التيارات البحرية القطبية الجنوبية، ثم جُرفت شمالًا.

مارس 2025

بعد ذلك -في مارس 2025- جنح الجبل إلى ضفة مياه ضحلة قرب جزيرة جورجيا الجنوبية، حتى أثار مخاوفَ من تعطيل حركة حيوانات البطريق والفقمة التي كانت تغذي صغارها هناك.

مايو 2025

وفي أواخر مايو سرعان ما انفلتت الكتلة الجليدية عن الجرف، واستأنفت تحركها شمالًا دون أنْ تصطدم بالأرض.

سبتمبر 2025

خلال أواخر هذه الرحلة -في بدايات شهر سبتمبر الحالي- واصل “A23a” تقدمه شمالًا بسرعة أكبر من المعتاد؛ فقُدِّر أنه قطع مسافات يومية تقارب 20 كيلومترًا. وفي تلك المرحلة بدأت أجزاء كبيرة منه في الانفصال، وقد بلغ كلٌّ منها نحو 400 كيلومتر مربع.

تغير المناخ والتأثيرات البيئية

يوضح العلماء العلاقةَ بين ظاهرة تفكك “A23a” وارتفاع درجات حرارة المحيطات؛ فكلما ارتفعت حرارة المياه القطبية ازدادت سرعة ذوبان الغطاء الجليدي. ويقول الخبراء إنَّ مسار “A23a” عبر مياه دافئة بهذه الدرجة يشير إلى تعاظم ظاهرة الاحتباس الحراري، ويُعَدُّ إنذارًا مبكرًا لتغير المناخ.

ويمكن تلخيص أبرز المخاطر الناتجة عن هذه الظواهر المناخية في ما يأتي:

  • اضطراب أنماط التيارات البحرية.
  • تراجع مواطن الكائنات البحرية والبرية.
  • تهديد مصادر الغذاء الطبيعية.
  • ارتفاع مستوى البحار وما يصاحبه من مخاطر على السواحل.

تغير المناخ

أهداف التنمية المستدامة هي الحل

في إطار مواجهة هذه التحديات، جاءت أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر خريطةَ طريقٍ عالميةً، ومنها ما يحث شعوب العالم على الاهتمام بالموارد البيئية، مثل:

  • اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ.
  • حماية الحياة تحت الماء.
  • صون الحياة على البر.

وتُشكِّل هذه الأهداف معًا إطارًا جامعًا للحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي؛ لأنَّ الحدث المتعلق بـ”A23a” ليس مجرد ظاهرة طبيعية، بل ناقوس خطر يعيد تأكيد أنَّ حماية النظم الإيكولوجية البحرية والبرية أمر لا يقبل التأجيل.

وإنَّ تفعيل السياسات البيئية الدولية -مثل تعزيز الاستثمار في الطاقة المتجددة وإعادة التشجير– السبيل الوحيد لوقف تسارع ذوبان الجليد القطبي. كما أنَّ التوعيةَ المجتمعية وغرسَ مبادئ الاستدامة في التعليم يُعدَّانِ أدوات فعَّالة لبناء وعي بيئي قادر على دعم هذه الأهداف.

وكذلك فإنَّ تفتت جبل “A23a” الجليدي يقدِّم إلى العالم درسًا واضحًا؛ هو: حتى أضخم التكوينات الطبيعية يمكن أنْ تنهار أمام تسارع التغيرات المناخية. وبالرغم من أنَّ ضخامته أبقته متماسكًا عقودًا من الزمان، فإنَّ خروجه إلى مياه أكثر دفئًا كشف عن هشاشته أمام العوامل المناخية المتشابكة.

التنمية المستدامة

مِن هنا، يصبح الالتزام بأهداف التنمية المستدامة ضرورة وجودية لحماية كوكب الأرض؛ لأنَّ التعاونَ الدولي، وتمويلَ البحث العلمي، وتبنِّيَ ممارسات يومية مسئولة -مثل إعادة التدوير وترشيد الاستهلاك- كلها تمثل أدوات دفاع حقيقية في مواجهة الخطر البيئي المحدق بشعوب العالم.

وتبقى رسالة مؤسسة حماة الأرض واضحة: إنَّ التنمية المستدامة ليست خيارًا تجميليًّا، بل هي سبيل لحماية الغد من الانهيار. وإذا كان تفتت “A23a” جرس إنذار فإنَّ تجاوب المجتمع الدولي معه بقرارات حاسمة سيكون اختبارًا حقيقيًّا لمستقبل البشرية فوق هذا الكوكب.

]]>
استثمارات مصرية في إفريقيا وآسيا.. شراكات جديدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة https://earthsguards.com/%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%ab%d9%85%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a5%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d8%a2%d8%b3%d9%8a%d8%a7/ Sat, 06 Sep 2025 16:00:08 +0000 https://earthsguards.com/?p=11796 استثمارات

استثمارات مصرية في إفريقيا وآسيا.. شراكات جديدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة

إنَّ أي استثمارات عابرة للحدود تشكل عصب التنمية المستدامة؛ فهي ليست تدفقات مالية تبحث عن أسواق جديدة فحسبُ، بل باتت أداة استراتيجية لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي واحتياجات المجتمعات والبيئة، لا سيما أننا نعيش أزمات عالمية متشابكة، وهو ما يستدعي النظر بشدة إلى أهداف التنمية المستدامة والسعي إلى تحقيقها فعليًّا بصورة عاجلة.

مِن هذا المنطلق، تلقي حماة الأرض الضوء على الحضور المصري المتنامي في المنتديات الدولية ذات الصلة بتحفيز استثمارات الاقتصاد، مثل “منتدى أعمال إفريقيا – سنغافورة”، الذي يربط مصر بمسارات التعاون الإقليمي والعالمي في إفريقيا وآسيا؛ فتابعوا القراءة.

أين مصر من الاقتصاد العالمي؟

لم يكن حضور مصر في “منتدى أعمال إفريقيا – سنغافورة” حدثًا عاديًّا، بل مثّل انعكاسًا لرؤية شاملة تستهدف إعادة صياغة موقع الاقتصاد المصري على الخريطة العالمية، وتأكيدًا على أنَّ الاستثمار بات جزءًا أصيلًا من معادلة التنمية المستدامة؛ فقد شهد المنتدى الذي نظمته “إنتربرايز سنغافورة” –الجهة الحكومية المسئولة عن تطوير قطاع الشركات في البلاد– مشاركة واسعة ضمت 700 ممثلٍ عن الحكومات ومؤسسات الأعمال من آسيا وإفريقيا، وهو ما يعكس طبيعة الحدث باعتباره منصة استراتيجية للتواصل بين القارتين.

في هذا السياق، استعرض السيد/ حسام هيبة “الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة” أحدث التطورات المتعلقة ببيئة الاستثمار المصرية، مؤكدًا أنَّ مصر باتت وجهة رئيسية لتدفقات الاستثمار العالمي والإقليمي، وقد أوضح من خلال الأرقام التي عرضها أنَّ مصر قد احتلت المرتبة التاسعة عالميًّا والأولى إفريقيًّا بين الدول المستقبلة للاستثمارات، وهذا بصافي تدفقات بلغ 46.1 مليار دولار في العام المالي 2023/2024.

إفريقيا

هذا الحضور المصري لم يقتصر على الأرقام، بل كان مدعومًا برؤية واضحة لتمكين القطاع الخاص المحلي والأجنبي من قيادة النمو، بما يتماشى مع التحولات الكبرى التي يشهدها الاقتصاد المصري في مجالات كثيرة، مثل:

  • البنية التحتية
  • الطاقة المتجددة
  • التحول الرقمي

وهنا تتقاطع أهداف الاستثمار مع جوهر أجندة التنمية المستدامة 2030، حيث يصبح الاستثمار أداة لتعزيز النمو الشامل، وخلق فرص العمل، ودعم الابتكار، وتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الاقتصادية والبيئية.

مصر على خريطة الاستثمار العالمي

إنَّ الأرقام التي أعلنها الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار لم تأتِ من فراغ، بل تعكس مسارًا استراتيجيًّا طويلًا من الإصلاحات التي استهدفت تحسين مناخ الاستثمار، وتهيئة البنية التحتية لجذب رءوس الأموال. وإنَّ وصول مصر إلى المرتبة التاسعة عالميًّا في قائمة الدول المستقبلة للاستثمارات يشير إلى أنَّ البلاد باتت قادرة على المنافسة في سوق شديد التعقيد والتقلب؛ وهو ما يفتح الباب أمام دور أكبر في الاقتصاد العالمي.

تعاون بين إفريقيا وآسيا

هذه المرتبة العالمية لم تكن مجرد إنجاز اقتصادي، بل تحمل دلالات سياسية وتنموية، إذ تؤكد أنَّ مصر قادرة على أنْ تكون جسرًا للتعاون بين إفريقيا وآسيا، وقادرة في الوقت ذاته على تقديم نموذج يوازن بين استقطاب الاستثمارات وتحقيق التنمية؛ لذا يتجلى هنا دور الاستثمار باعتباره أداة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما الهدف الثامن المتعلق بالنمو الاقتصادي والعمل اللائق.

لكنَّ اللافت في هذا السياق هو أن مصر لم تركز على جذب الاستثمارات التقليدية فقط، بل عملت على دمج قطاعات جديدة تعكس روح العصر، مثل الطاقة المتجددة، والتحول الرقمي، والأسواق المالية، وهي مجالات ترتبط مباشرة بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر.

وهذا التحول لا يخدم فقط الاقتصاد المحلي، بل يعزز قدرة مصر على الإسهام بشدة في الجهد العالمي لمكافحة التغير المناخي، وهو ما ينسجم مع الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة.

نحو شراكات ذكية مع سنغافورة

واحدة من أهم مخرجات مشاركة مصر في المنتدى تمثلت في عقد لقاءات مباشرة مع مجتمع الأعمال السنغافوري، من خلال مائدة مستديرة نُظمت بالتعاون مع اتحاد الصناعات السنغافوري (SBF)، وضمت ثلاثين شركة من كبرى الشركات المهتمة بالاستثمار في مصر، وقد مثلت هذه الشركات قطاعات عدة، مثل:

  • التكنولوجيا الرقمية
  • إنترنت الأشياء
  • الذكاء الاصطناعي
  • الضيافة
  • الزراعة
  • معالجة الأغذية
  • الخدمات اللوجستية
  • الطاقة

الطاقة المتجددة

هذا التنوع يفتح الباب أمام فرص كبيرة لبناء اقتصاد متعدد المحاور، يوازن بين القطاعات التقليدية والحديثة وبين متطلبات السوق المحلية والتصدير للأسواق الخارجية.

كما أنَّ دخول شركات عالمية جديدة يعكس وعيًا متزايدًا بين المستثمرين العالميين بأنَّ السوق المصري ليست مجرد وجهة للاستهلاك، بل أرض خصبة لتجارب جديدة في مجالات التحول الرقمي والبنية التحتية الذكية والمواد المنخفضة الكربون، ومع ذلك فإنَّ هذه الشراكات لن تكون خالية من التحديات؛ إذْ يتطلب الأمر من الجانب المصري الاستمرار في تطوير الأطر القانونية والتنظيمية، وتوفير بيئة أعمال شفافة ومستقرة، تضمن للمستثمرين تحقيق عوائدهم وفي الوقت ذاته تحافظ على التوازن مع المصلحة الوطنية.

التوسع نحو آفاق جديدة

ولم يكن اهتمام الشركات السنغافورية بالسوق المصري وليد اللحظة، فهناك بالفعل شركات عاملة في مصر، وكثير منها يعمل في المنتجات الغذائية ومنتجات النظافة والبنية التحتية والخدمات الرقمية. والجديد في هذه المرحلة هو التطلع إلى توسيع نطاق هذه الاستثمارات وإقامة منشآت جديدة؛ وهو ما يعكس الثقة المتبادلة بين الجانبين.

مصر وسنغافورة اقتصاد متنامٍ

هذا التوسع المتوقع يمكن أنْ يشكل نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية بين مصر وسنغافورة، حيث ينتقل التعاون من مستوى المشروعات المحدودة إلى شراكات استراتيجية قادرة على دعم التنمية المستدامة في مصر. كما أنَّ دخول الاستثمارات السنغافورية في قطاعات البنية التحتية والخدمات الرقمية يدعم -بشكل مباشر- الهدفَ التاسعَ المرتبطَ بالابتكار والصناعة والهياكل الأساسية، فيما تفتح استثمارات الطاقة والمشروعات منخفضة الكربون الباب أمام دعم أهداف المناخ والطاقة النظيفة.

وهكذا يصبح الاستثمار الخارجي ليس مجرد ضخ للأموال، بل رافعة أساسية لتحقيق التنمية المتوازنة التي تضع الإنسان والبيئة في قلب الاهتمام، سوى أنَّ هذه الاستثمارات تحتاج أيضًا إلى متابعة دقيقة لمدى توافقها مع الأولويات الوطنية المصرية، والتأكد من أنها لا تؤدي إلى احتكار أو اختلال في السوق.

محطة جديدة للتكامل

لم يكن المنتدى في سنغافورة سوى مقدمة لما هو قادم، إذ ناقش السيد/ حسام هيبة مع وزارة الخارجية السنغافورية التحضيرات النهائية لعقد منتدى الأعمال المصري – السنغافوري، المقرر أنْ تستضيفه القاهرة في 21 سبتمبر الجاري، بحضور الرئيس السنغافوري “ثارمان شانموجاراتنام” ووفد من رجال الأعمال المرافقين له.

وهذا المنتدى المرتقب يمكن أنْ يكون منصة لتعميق التعاون، ليس فقط على مستوى العقود الثنائية، بل أيضًا في إطار أوسع يربط بين إفريقيا وآسيا، ويضع مصر في موقع القيادة بين القارتين. ومن خلال استضافة هذا الحدث، تؤكد مصر أنها صاحبة دور فعَّال في صياغة مستقبل الاقتصاد الإقليمي والعالمي.

الاقتصاد الدائري

كما أنَّ حضور الرئيس السنغافوري يضيف ثقلًا سياسيًّا إلى المنتدى، بما يعزز فرص توقيع اتفاقيات استراتيجية قادرة على إحداث نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية. والأهم من ذلك أن هذه الخطوة تفتح الباب أمام تعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة، والخدمات اللوجستية، والتكنولوجيا المالية، وهي مجالات تمثل جوهر التحول نحو اقتصاد أكثر استدامة وشمولًا.

وبناء على ما سبق، تنظر حماة الأرض إلى مشاركة مصر في “منتدى أعمال إفريقيا – سنغافورة” باعتبارها خطوة استراتيجية في مسار طويل يستهدف تحويل الاستثمار إلى أداة لتحقيق التنمية المستدامة. كما أنَّ الأرقام التي حققتها مصر في جذب الاستثمارات، والشراكات التي أبرمتها مع شركات سنغافورية رائدة، والمنتدى المرتقب في القاهرة؛ كلها حلقات في سلسلة تعكس رؤية واضحة نحو اقتصاد مصري أكثر تنوعًا واستدامة.

]]>
النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية.. دروس من تجارب الدول العظمي https://earthsguards.com/%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%85%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d8%b6%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%85%d9%8a%d8%a9/ Wed, 03 Sep 2025 13:00:38 +0000 https://earthsguards.com/?p=11767 النمو الاقتصادي

النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية.. دروس من تجارب الدول العظمي

لقد شهد العالم في العقود الأخيرة تناقضًا متجددًا بين تطلعات النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية، حيث يقف صانعو القرار أمام معادلة صعبة: كيف يمكن تعزيز التنمية من دون استنزاف الموارد الطبيعية أو تهديد مستقبل الأجيال القادمة؟

في هذا السياق، تبرز الصين والولايات المتحدة، باعتبارهما اقتصادين عملاقين غنيين بالموارد الطبيعية، ويلقي كلٌّ منهما بظلاله على السياسات العالمية المتعلقة بالصناعات الاستخراجية -مثل النفط- والصناعات الاستغلالية مثل استغلال الخشب في صناعة الأثاث.

وهو الأمر الذي بحثته دراسة حديثة في مجلة “فرونتيرز”Frontiers ؛ متناولةً العلاقةَ بين الانفتاح التجاري، والعمق المالي، والضرائب البيئية، والاستهلاك المتجدد للطاقة من جهة، وبين أنماط استخراج الموارد في البلدين من جهة أخرى.

الاستدامة في القطاع الصناعي

ولذلك سوف تتناول مؤسسة حماة الأرض أبعادَ هذه الدراسة العلمية من منظور التنمية المستدامة، مؤكدة أنَّ تجارب الدول الكبرى كالصين والولايات المتحدة تقدم نماذجَ تستحق الدراسة لاستخلاص العبر وتكييفها مع احتياجات الدول الأخرى؛ انطلاقًا من أنَّ الحفاظ على البيئة أحد الأعمدة الرئيسية للاستقرار الدولي البعيد المدى.

العمق المالي والانفتاح التجاري

يُعد تعميق القطاع المالي (Financial Depth) مؤشرًا على مدى تطوير وتعقيد النظام المالي في دولة ما، حيث يسهم في ضخ الاستثمارات وتشجيع ريادة الأعمال ودعم الأنشطة الاقتصادية بشكلٍ عام. وعلى ذلك تشير الدراسة إلى أنَّ زيادة العمق المالي تشجع استغلال الموارد الطبيعية في المدى القصير؛ إذ إنَّ وفرة رأس المال وقنوات التمويل القوية تدفع بجزء كبير منه نحو المشروعات الصناعية والاستخراجية التي تتطلب تمويلًا ضخمًا.

وبالمثل، فإنَّ الانفتاح التجاري (Trade Openness) يعكس ارتباط الاقتصاد بالأسواق العالمية، ويتيح للمنتجين الاستجابة للطلب المتزايد على المواد الخام؛ فعند تعزيز الانفتاح التجاري، ترتفع الحاجة إلى الموارد الطبيعية لتلبية الطلب الإضافي، مما يرفع من وتيرة الاستخراج.

وقد لاحظت الدراسة أنَّ الأثر الطويل الأمد للانفتاح التجاري كان أوضح في الصين مقارنة بالولايات المتحدة، وهو ما يعكس تقلب السياسات التجارية الصينية مقارنةً بنهج أكثر استقرارًا في الولايات المتحدة.

وفي السياق نفسه، تؤكد النتائج أنَّ كلًّا من العمقِ المالي والانفتاحِ التجاري يشجعانِ عمليات استخراج الموارد الطبيعية؛ بالتالي فإنَّ أيَّ توسُّعٍ اقتصادي يعتمد -غالبًا- على زيادة الطلب على الموارد الطبيعية؛ من أجل معادلة هذا التوسع.

ومع ذلك، حذرت الدراسة من أنَّ الاعتماد المفرط على هذه الديناميكية يؤدي إلى ما يعرف بـ”لعنة الموارد” (ظاهرة تشير إلى أنَّ الدول الغنية بالموارد قد تحقق نموًّا اقتصاديًّا أضعفَ من الدول ذات الموارد القليلة)، حيث يُضعف الاعتماد على استخراج الموارد الطبيعية بقيةَ القطاعات الاقتصادية، ويجعل الاقتصادَ أكثر عرضةً لتقلبات أسعار الأسواق.

السياسات البيئية

وبناءً على ذلك، يحتاج صانعو القرار إلى تحقيق توازن بين:

  • الاستفادة من العمق المالي والانفتاح التجاري لتعزيز النمو.
  • تطبيق سياسات تحفيزية وتنظيمية تقلل من المخاطر البيئية وتحمي الموارد.

الضرائب البيئية والطاقة المتجددة

تُعد الضرائب البيئية (Environmental Taxes) أداة سياسية رئيسية للحد من الأعباء البيئية للنشاط الاقتصادي؛ لأنَّها تفرض تكاليف إضافية على الأنشطة الملوثة أو المستهلكة للموارد، بهدف تعويض التكاليف الاجتماعية، وتحفيز التحول نحو ممارسات أكثر استدامة.

وقد أكدت الدراسة أنَّ الولايات المتحدة اعتمدت نظامًا ضريبيًّا بيئيًّا أكثر استقرارًا وصرامة؛ مما أسهم في تقليل وتيرة استخراج الموارد على المدى الطويل.

وفي الصين لا يزال الإطار الضريبي البيئي في طور التطوير، في محاولة للتوفيق بين التوسع الصناعي السريع والحفاظ على البيئة. وقد وجدت الدراسة أنَّ الضرائب البيئية التصاعدية تخفف من وتيرة الاستخراج المفرط بفاعلية أكبر كلما زادت صرامتها.

أما الطاقة المتجددة (Renewable Energy) فقد أظهرت نتائج الدراسة أنَّ زيادتها ترتبط ارتباطًا سلبيًّا باستخراج الموارد؛ أي أنَّ الاعتماد على الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح يقلل -نسبيًّا- من الاعتماد على المصادر الأحفورية، غير أنَّ الأثر الطويل الأمد لم يكن قويًّا من الناحية الإحصائية بما يكفي، ربما بسبب احتياجات الاستثمار الأولي والتحولات الهيكلية التي تتطلب وقتًا أطول.

الطاقة المتجددة

ومِن هنا، تشير هذه النتائج إلى أنَّ السياسات الناجحة في هذا المجال يجب أنْ تجمع بين:

  • دعم مصادر الطاقة المتجددة دعمًا ثابتًا ومستمرًّا؛ لتقليل الاعتماد على الموارد غير المتجددة.
  • ضرائب بيئية مرنة وتصاعدية تعاقب الأنشطة الملوثة، وتشجع على التحول الأخضر.

الاتجاهات التاريخية لاستغلال الموارد

لقد أظهرت البيانات أنَّ الصين سجلت أعلى معدلات لاستخراج الموارد الطبيعية بين عامَي 2006 و2008، قبل أنْ تنخفض بشكل واضح خلال الفترة من 2013 إلى 2018؛ وهو ما يعكس تأثير السياسات الاقتصادية والتجارية المتقلبة. كما أظهر مؤشر الانفتاح التجاري الصيني تقلبات شديدة، بلغت ذروته في 2010 قبل أنْ يتراجع بحلول 2013.

في المقابل، أظهرت الولايات المتحدة منحنى أكثر استقرارًا في الضرائب البيئية، مع زيادة تدريجية بدلًا من الارتفاع والانخفاض الحاد. كما شهد مؤشر الانفتاح التجاري نموًّا مستقرًّا حتى 2009 قبل أنْ يتراجع تدريجيًّا حتى 2018.

هذه الاتجاهات تبرز اختلاف النهجين:

  • الصين: ديناميكية سريعة وتغيرات حادة تعكس حساسية أكبر لتقلبات السوق.
  • الولايات المتحدة: مسار أكثر تدرجًا واستقرارًا في التعامل مع السياسات الضريبية والتجارية.

وعلى ذلك أكد باحثو الدراسة أنَّ الاستجابة لتلك التغيرات تتطلب أنظمة إنذار مبكر ومؤشرات أداء دقيقة؛ من أجل متابعة استغلال الموارد، وتعديل السياسات بسرعة عند الحاجة.

من أجل النمو الاقتصادي

في إطار التنمية المستدامة توصلت الدراسة إلى أنَّ تعميق القطاع المالي وتوسيع نطاق التجارة الخارجية هما من العوامل الأساسية التي تدفع نحو استغلال الموارد، مع تأثير أطول أمدًا في الصين مقارنةً بالولايات المتحدة.

كما أشارت الدراسة إلى أنَّ الضرائب البيئية تمثل أداة فعّالة لتنظيم النشاط الاقتصادي، خاصة في الولايات المتحدة، حينما يسهم التحول إلى الطاقة المتجددة في تقليل وتيرة الاستخراج، وإن لم يظهر الأثر الطويل المدى بقوة إحصائية كافية.

كذلك أوضحت الدراسة أنَّ العلاقة بين النمو الاقتصادي واستخراج الموارد في الصين والولايات المتحدة علاقة معقدة وغير خطية؛ فقد عزز العمق المالي والانفتاح التجاري عمليات الاستخراج بشكلٍ متواصل، وفي الوقت نفسه أظهرت الضرائب البيئية دورًا كابحًا فعَّالًا، خصوصًا في الولايات المتحدة.

الاقتصاد الدائري

وبناءً على ذلك، يوصي الباحثون بضرورة:

  • تصميم أطر تنظيمية مرنة تتناسب مع خصوصية كل اقتصاد.
  • تعزيز الضرائب البيئية مع إعادة توجيه إيراداتها لدعم مشروعات الطاقة النظيفة.
  • تطوير التعاون الدولي لتبادل الخبرات في حوكمة الموارد، بما ينسجم مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

ومما سبق يتبين لنا كيف أنَّ تجارب الصين والولايات المتحدة خير دليل على أنَّ معادلة النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية ليست سهلة، لكنها ممكنة إذا ما توفرت سياسات متوازنة ومرنة. ويتبين لنا أيضًا أنَّ التوسع المالي والتجاري يمثلانِ قوة دافعة لا غنى عنها للنمو، لكن من دون أدوات كابحة –كالضرائب البيئية والسياسات التحفيزية للطاقة النظيفة– يتحول هذا النمو إلى تهديدٍ ذي أمد طويل.

لذلك تدعو مؤسسة حماة الأرض إلى تبني نهج طويل الأمد في إدارة الموارد الطبيعية؛ من أجل ضمان توازن الاقتصاد مع البيئة، وحماية الأجيال القادمة، وهذا من خلال دمج السياسات الاقتصادية في معايير الاستدامة البيئية، والاستثمار المستمر في الطاقة المتجددة، ودعم التكنولوجيا الخضراء.

]]>
مصر تواصل استعداداتها لـ”كوب 30″.. خطوات نحو مواجهة التغيرات المناخية https://earthsguards.com/%d9%83%d9%88%d8%a8-30-%d8%a8%d8%ac%d9%87%d9%88%d8%af-%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a9/ Mon, 01 Sep 2025 17:00:02 +0000 https://earthsguards.com/?p=11731 كوب 30

مصر تواصل استعداداتها لـ”كوب 30″.. خطوات نحو مواجهة التغيرات المناخية

منذ أن استضافت مصرُ مؤتمرَ الأطراف السابع والعشرين في شرم الشيخ، بات واضحًا أنَّ قضية المناخ لم تعد مجرد ملف بيئي يُناقَشُ على الهامش، بل تحولت إلى محور استراتيجي ذي علاقة قوية بأهداف التنمية المستدامة، والالتزامات الدولية، ومستقبل الأجيال القادمة كلها؛ ومِن هنا تأتي أهمية “كوب 30“.

فإنه مع اقتراب انعقاد هذا المؤتمر العالمي في البرازيل شهرَ نوفمبر المقبل، تكثِّف مصر جهودها لإبراز مكانتها الإقليمية والعالمية، وذلك باعتبارها دولة ملتزمة بمسار التحول البيئي، وإسهامًا منها في صياغة الحلول لمكافحة آثار التغيرات المناخية.

مؤتمرَ الأطراف السابع والعشرين

في هذا السياق، تسعى مؤسسة حماة الأرض إلى تسليط الضوء على أبعاد الاستعدادات المصرية لمؤتمر “كوب 30″، مع التركيز على الجوانب المتعلقة بالاستدامة وأهداف التنمية المستدامة، وذلك من خلال مراجعة الاستراتيجيات الوطنية، والجهود المحلية، والاستثمارات في الإنسان والتكنولوجيا؛ فتابعوا القراءة.

الإدارة المركزية للتغيرات المناخية

تمثل الإدارة المركزية للتغيرات المناخية القلب النابض لجهود مصر في التصدي للتغير المناخي. فهي ليست مجرد جهاز بيروقراطي، بل حلقة وصل بين الدولة والمجتمع الدولي، وبين السياسات العامة والخطط التنفيذية. ومن بين جهودها:

تنفيذ اتفاقية باريس

تعمل الإدارة على متابعة الالتزامات التي تقع على عاتق مصر بموجب الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية باريس للمناخ، إضافةً إلى إعداد تقارير وطنية شاملة تبرز ما تحقق من إنجازات، مع مناقشة التحديات القائمة.

التنسيق بين الوزارات

يتميز عمل الإدارة بتعزيز التنسيق بين الوزارات والجهات المختلفة، حيث يتم إعداد خطط عمل قطاعية تتوافق مع الاستراتيجية الوطنية للمناخ. وهذا التناغم بين القطاعات –كالمياه، والزراعة، والطاقة، والصناعة، والنقل- يشكل أساسًا لتحقيق نتائج ملموسة في أرض الواقع، ويجعل من الاستدامة خيارًا استراتيجيًّا لا شعارًا رنَّانًا!

خطط محلية للتكيف

كذلك تدعم الإدارة المحافظات في وضع خطط محلية للتكيف مع التغيرات المناخية؛ فقد بدأ العمل بالفعل على إعداد إطار استراتيجي للتكيف في محافظتَي قنا وكفر الشيخ، وهذا بالتعاون بين الإدارة والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ).

الاستثمار في الإنسان

لا يمكن لأي استراتيجية مناخية أنْ تنجح دون الاستثمار في العنصر البشري. وإدراكًا لهذه الحقيقة يُجرى تنظيم دورات تدريبية للعاملين في الوحدات المعنية بالمناخ داخل الوزارات والجهات المختلفة؛ من أجل بناء شبكة من الخبراء القادرين على التعامل مع التحديات المعقدة للتغير المناخي بمرونة وابتكار.

ويتوافق هذا التوجه مع البُعد الرابع من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بجودة التعليم والتدريب. فالتغير المناخي ليس قضية بيئية بحتة، بل قضية تنموية شاملة تتطلب بناء معرفة جديدة، وإعادة صياغة طرق التفكير في التنمية والتخطيط. ومن خلال رفع القدرات الوطنية، تسعى مصر إلى خلق كوادر تستطيع قيادة مرحلة التحول نحو الاقتصاد الأخضر.

الاقتصاد الدائري

البحث العلمي المصري

ولا يتوقف الاستثمار في الإنسان عند التدريب، بل يمتد إلى تعزيز البحث العلمي وإنتاج المعرفة؛ إذْ تولي الإدارة المركزية للتغيرات المناخية أهمية خاصة للبحوث التطبيقية، التي تربط بين النظرية والواقع، وبين التحديات البيئية والحلول التنموية؛ مما يعزز مكانة مصر باعتبارها نموذجًا متكاملًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية كلها.

التكنولوجيا لخدمة البيئية

وفي عالم يتسارع فيه التحول الرقمي أدركت مصر أنَّ مكافحة التغير المناخي لا يمكن أنْ تنجح إلا عبر أدوات تقنية متطورة؛ لهذا تعمل وزارة البيئة على رقمنة نظام “الرصد والإبلاغ والتحقق” الخاص بجمع بيانات غازات الاحتباس الحراري.

ويشمل هذا النظام أربعةَ قطاعات رئيسية هي الأكثر تأثيرًا في معدلات البصمة الكربونية:

  • الزراعة
  • الطاقة
  • الصناعة
  • المخلفات

مِن هنا، فإنَّ التحول الرقمي يسمح بتتبع الانبعاثات بدقة أكبر، وتقييم جهود التخفيف والتكيف، ورصد الظواهر المناخية، مثل موجات الحر، والبرد، والأمطار غير المعتادة. وهذه البيانات ليست مجرد أرقام، بل أدوات لتوجيه السياسات العامة، وتحديد الأولويات، ورسم الخطط المستقبلية.

كما تُعتبر الرقمنة وسيلة لتعزيز الشفافية في تقارير مصر الدولية؛ لأنَّ التقاريرَ الوطنيةَ -مثل البلاغات الوطنية، والتقارير المحدثة كلَّ عامينِ، وتقارير الشفافية- سجلٌ يوضح مدى التزام الدولة بتعهداتها الدولية؛ مما يعزز المصداقية أمام المجتمع الدولي.

الانبعاثات الكربونية

أداة للتخطيط التنموي المستدام

واحدة من الأدوات المبتكرة التي تعمل عليها مصر هي الخريطة التفاعلية للمناطق الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي. تمثل هذه الخريطة نقلة نوعية في التخطيط التنموي؛ إذْ تسمح بتحديد المناطق الهشة، ووضع خطط تأخذ في الاعتبار المخاطر البيئية المستقبلية.

تكمن أهمية الخريطة في تعزيز التكامل بين أهداف التنمية المستدامة؛ فعند وضع الخطط التنموية للمناطق الساحلية أو الزراعية أو الصناعية، يصبح من الضروري مراعاة معايير التكيف المناخي؛ ما يقلل الهدر في الموارد ويزيد من مرونة البنية التحتية.

كما تعكس هذه الأداة جانبًا مهمًّا من العدالة المناخية؛ إذ توجه الاستثمارات والبرامج التنموية نحو المناطق الأكثر هشاشةً، مثل القرى الساحلية أو المجتمعات الزراعية الفقيرة، وهو الأمر الذي يعزز -بشكل أو بآخر- الهدف العاشر من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالحد من أوجه عدم المساواة.

التعاون الدولي والتمويل المناخي

لا يمكن لأي دولة مواجهة التغير المناخي بمعزل عن المجتمع الدولي، وهو ما تدركه مصر جيدًا؛ لذا تعزز شراكاتها مع المؤسسات الدولية والجهات المانحة. ومن بين البرامج البارزة التي تشارك فيها:

  • برنامج الاتحاد الأوروبي للنمو من خلال الشبكات البيئية “EU Green”.
  • مشروع تحويل الأنظمة المالية المتعلقة بالمناخ (TFSC) بتمويل من الوكالة الفرنسية للتنمية.
  • برامج الأمم المتحدة الإنمائية.
  • صندوق المناخ الأخضر.
  • الصندوق المتعدد الأطراف لبروتوكول مونتريال.

كل هذه الشراكات توفر لمصرَ التمويل والدعم الفني اللازمينِ لتنفيذ مشروعات التكيف والتخفيف، مثل التخلص من المواد المستنزفة لطبقة الأوزون، وإعداد خطط التكيف الوطنية، وإصدار تقارير الشفافية الدولية. كما تسهم في نقل التكنولوجيا والخبرات، وتعزيز موقع مصر باعتبارها مركزًا إقليميًّا للعمل المناخي.

وفي إطار التزاماتها، أصدرت مصر عدة تقارير وطنية مهمة، من بينها البلاغات الوطنية وتقارير المساهمات المحددة وطنيًّا، التي ركزت على قطاعات حيوية، مثل الطاقة، والمباني، والزراعة، والسياحة.

ومما هو لافت هو أنَّ مصر رفعت طموحاتها في يونيو 2023، معلنةً استهداف أن تشكل الطاقة المتجددة 42% من مزيج الطاقة بحلول عام 2030، وهي خطوة تعكس إرادة سياسية واضحة للانتقال نحو مستقبل أكثر استدامة.

مشاركة مصر في كوب 30 لأجل العدالة المناخية

ومع اقتراب مؤتمر المناخ “كوب 30” في البرازيل، تتجه أنظار العالم إلى الدول النامية التي تسعى إلى تأكيد دورها في مواجهة التغير المناخي بالرغم من التحديات الاقتصادية. ومِن هنا تسعى -بما تمتلكه من خبرات تراكمت خلال مؤتمر شرم الشيخ، وما تنفذه حاليًّا من مشروعات استراتيجية- إلى أنْ تكون صوتًا إقليميًّا يعبر عن احتياجات إفريقيا والشرق الأوسط في هذا الملف المصيري.

COP27 في مدينة شرم الشيخ

ولا تعكس التحضيرات الجارية التزامًا حكوميًّا فحسب، بل هي جزء من رؤية أشمل تهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة. وفي هذا السياق، يصبح ربط ملف المناخ بأهداف التنمية المستدامة أمرًا حتميًّا، حيث يتقاطع مع الأمن الغذائي، وإدارة المياه، والطاقة النظيفة، والصحة العامة، والعدالة الاجتماعية.

في الختام، فإنَّ الطريق نحو مؤتمر الأطراف في البرازيل ليس مجرد محطة دبلوماسية، بل فرصة لترسيخ مفهوم التنمية المستدامة باعتباره إطارًا شاملًا لسياسات مصر من خلال رقمنة البيانات، وبناء القدرات المؤسسية.

وتعكس هذه الجهود إدراك الدولة أنَّ مكافحة آثار التغير المناخي تتطلب استراتيجيات متوازنة بين محاور المجتمع والاقتصاد والبيئة، وتوظيف العلم والتكنولوجيا لإحداث أثر حقيقي على الأرض. وهكذا تؤكد مؤسسة حماة الأرض أنَّ استعدادات مصر للإسهام في “كوب 30” تجسيد لإرادة سياسية وعملية، تسعى إلى حماية الأرض، وضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.

]]>
مصر والصين تعززان التعاون الدولي في مجالات الطاقة وتحلية المياه https://earthsguards.com/%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%a7%d9%88%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d8%aa%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a7%d9%87/ Sun, 31 Aug 2025 13:00:22 +0000 https://earthsguards.com/?p=11713 التعاون الدولي

مصر والصين تعززان التعاون الدولي في مجالات الطاقة وتحلية المياه

في مشهد يعكس عمق العلاقات الإستراتيجية بين القاهرة وبكين، استقبل الرئيس الصيني “شي جين بينج” الدكتورَ/ مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، في قصر الضيافة بمدينة تيانجين، جاء اللقاء على هامش مشاركة مصر في قمة منظمة “شنغهاي للتعاون بلس”، نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليحمل في طياته رسائل متعددة تتعلق بالتعاون الدولي المشترك في مجالات الطاقة، وتحلية المياه، وصناعة السيارات الكهربائية.

وسوف تتناول حماة الأرض في هذا المقال، أوجه التعاون بين مصر والصين وتوضح مجالاتها، كما تسلط الضوء على تأثير هذا التعاون في تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الاستقرار في البلدين؛ فتابعوا القراءة.

سبعة عقود من الشراكة

مع اقتراب الذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين، تبدو هذه العلاقة اليوم في أفضل مراحلها على الإطلاق، وقد أبدى الرئيس الصيني اعتزازه بهذه الشراكة التي أثبتت صلابتها أمام مختلف التحديات الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أن علاقته الشخصية بالرئيس عبد الفتاح السيسي تمثل ركيزة إضافية لدعم هذا التقارب.

العلاقات المصرية الصينية

تاريخيًّا، كانت مصر أول دولة عربية وإفريقية تنضم إلى منظمة شنغهاي للتعاون، وهو ما اعتبره الرئيس الصيني خطوة فارقة تؤكد حضور القاهرة في المنظومة الدولية. أما اليوم، فإن الاهتمام المشترك يتركز على ملفات التنمية، وهو ما يمنح العلاقات بُعدًا عمليًّا، بعيدًا عن الطابع الدبلوماسي التقليدي.

ولعل الأهمية الاستثنائية لهذا التعاون تكمن في توافقه مع أولويات التنمية المستدامة، حيث يجمع بين تعزيز النمو الاقتصادي، وتوسيع قاعدة الاستثمارات، وتطوير قطاعات حيوية كتحلية المياه والطاقة النظيفة. بهذا المعنى، تتحول العلاقات المصرية الصينية إلى نموذج للتعاون الدولي الذي يخدم مصالح الشعوب ويستجيب للتحديات البيئية والمناخية في آن واحد.

شراكة نحو التحول للطاقة الخضراء

وبالإضافة إلى ذلك، أبدى الرئيس الصيني دعمه لخطط القاهرة في مجال الطاقة، خصوصًا فيما يتعلق بالطاقة المتجددة وتخزين الطاقة؛ فمصر تستهدف أن يشكل إنتاجها من الطاقة المتجددة 42% من إجمالي إنتاجها بحلول عام 2030، وهو ما يجعل التعاون مع الصين شريكًا إستراتيجيًّا لا غنى عنه في هذه المرحلة.

تتجلى أهمية هذا التعاون في أن الصين تُعد رائدة عالميًّا في مجال الطاقة الشمسية والرياح وتخزين الطاقة، ومن خلال توطين التكنولوجيا الصينية داخل مصر، يمكن للقاهرة أن تحقق قفزة نوعية في مجال إنتاج وتوزيع الطاقة النظيفة، بما يدعم خططها لتصدير الكهرباء إلى أوروبا ويعزز مكانتها باعتبارها مركزًا إقليميًّا للطاقة.

غير أن المسألة ليست فقط اقتصادية، وإنما تحمل بُعدًا بيئيًّا يتقاطع مع أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف (7) المتعلق بضرورة توفير الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة؛ فالتحول نحو الطاقة الخضراء يعني تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وخفض الانبعاثات الكربونية، ودعم مسيرة العالم نحو الحياد الكربوني.

السيارات الكهربائية

إلى جانب ذلك، تصدر ملف آخر محادثات الجانبين، وهو التعاون في مجال السيارات الكهربائية، حيث تدرك مصر أن مستقبل النقل يعتمد بشكل متزايد على السيارات الكهربائية، التي تمثل بديلًا مستدامًا وصديقًا للبيئة. من جهة أخرى، تملك الصين الخبرة والتكنولوجيا المتقدمة التي جعلتها تتصدر هذا القطاع عالميًّا؛ مما يتيح لمصر الاستفادة من هذه التجربة القيمة.

السيارات الكهربائية

توجه مصر نحو توطين صناعة السيارات الكهربائية لا يقتصر على تصنيع مركبات جديدة فحسب، وإنما يمتد ليشمل بناء شبكة صناعية متكاملة. هذه المبادرة تفتح آفاقًا واسعة للاستثمارات في عدة قطاعات، بدءًا من البطاريات وأنظمة الشحن، وصولًا إلى التوسع في صناعات أخرى ذات صلة، وما يعزز هذه الجهود هو توفير فرص عمل جديدة ودعم الاقتصاد المحلي بشكل مستدام.

بالإضافة إلى ذلك، يسهم التحول إلى السيارات الكهربائية في تقليص معدلات التلوث في المدن المصرية المزدحمة؛ مما يتوافق مع الهدف (11) من أهداف التنمية المستدامة، الذي يركز على جعل المدن أكثر استدامة وصالحة للعيش. ومن خلال هذا التعاون الدولي، لا تقتصر الفوائد على تحسين مكانة مصر في سوق السيارات العالمي فحسب، وإنما يعزز أيضًا التزامها الراسخ بالتحول الأخضر، بما يسهم في مستقبل أكثر استدامة للبلاد.

تحلية المياه

كان الماء، باعتباره أساس الحياة والتنمية، محورًا رئيسيًّا في المحادثات بين الجانبين المصري والصيني؛ فقد أكد الرئيس الصيني دعمه الكامل لمشروعات تحلية المياه في مصر، وأعرب عن استعداد بلاده لتحديد نقطة اتصال مشتركة لتسهيل التعاون في هذا المجال الحيوي.

تحلية المياه

تسعى مصر إلى زيادة إنتاجها من المياه المحلاة بشكل كبير، حيث تستهدف إنتاج 10 ملايين متر مكعب يوميًّا خلال الخمس سنوات المقبلة، مقارنة بـ 1.4 مليون متر مكعب في الوقت الحالي، وتخطط مصر أيضًا لرفع هذه الكمية إلى 30 مليون متر مكعب في المستقبل. تعكس هذه الأرقام حجم التحدي الكبير الذي تواجهه البلاد في ظل ندرة المياه والتزايد السكاني المستمر.

الاستثمار والتمويل والتعاون المالي

لم يقتصر التعاون بين مصر والصين على الجوانب التقنية فقط، وإنما شمل أيضًا الجانب المالي، حيث رحب الرئيس الصيني بإصدار سندات “الباندا” مجددًا، وهي سندات دين تصدرها دول غير صينية في السوق المالية الصينية باليوان؛ مما يسهم في تعزيز الروابط المالية بين مصر والصين.

وهي تمثل فرصة لمصر لجذب الاستثمارات الصينية التي تتيح تمويل مشروعات التنمية الكبيرة في البلاد، ومن خلال هذا النوع من السندات، تستطيع مصر الوصول إلى مصادر تمويل إضافية، تكون حيوية في دعم مشروعاتها في مجالات، مثل الطاقة المتجددة، وتحلية المياه، والسيارات الكهربائية. كما ناقش الجانبان تبادل العملات الوطنية، مما يقلل الاعتماد على العملات الأجنبية ويعزز الاستقرار المالي، الذي ينعكس بدوره على الاستقرار الإقليمي.

نحو استقرار إقليمي

لم يغفل اللقاء أيضًا الجوانب السياسية، حيث أكد الرئيس الصيني دعمه لمصر في جهودها لتحقيق الاستقرار في منطقة البحر الأحمر وحل النزاعات في الشرق الأوسط، وهذه الرسائل تكتسب أهمية خاصة؛ لأن التنمية المستدامة لا يمكن أن تتحقق في بيئة مضطربة سياسيًّا.

إن الربط بين السلام والتنمية يُشكل جوهر أهداف التنمية المستدامة، فبدون استقرار إقليمي يصعب جذب الاستثمارات أو تنفيذ مشروعات البنية التحتية الكبرى، ومن هنا يظل التعاون بين القاهرة وبكين جزءًا من رؤية أشمل لإرساء السلام من خلال التنمية المشتركة.

نموذج للتعاون العملي

اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء المصري مع رئيس مجلس إدارة شركة هندسة الطاقة الصينية (China Energy Engineering Corporation) شكّل محطة مهمة للتأكيد على الجانب العملي للتعاون بين البلدين؛ فالشركة التي نفذت 14 مشروعًا في مصر منذ 2009، أعلنت نيتها لاستثمار مليار دولار إضافي خلال السنوات الخمس المقبلة، مع التركيز على الطاقة المتجددة وتحلية المياه.

هذا النوع من الشراكات العملية يعكس كيف يمكن للتعاون الدولي أن يترجم إلى نتائج ملموسة، من مشروعات رأتها الأعين في العاصمة الإدارية الجديدة إلى خطط مستقبلية لتوطين تكنولوجيا الطاقة النظيفة، وهو تعاون يعكس الرؤية المزدوجة التي تتمثل في تعزيز التنمية الاقتصادية من ناحية، وحماية البيئة ودعم الاستدامة من ناحية أخرى.

التعاون رئيس الوزراء المصري مع رئيس مجلس إدارة شركة هندسة الطاقة الصينية

ومن هنا، تعتبر مؤسسة حماة الأرض أن ما تشهده العلاقات المصرية الصينية اليوم يتجاوز الدبلوماسية التقليدية إلى شراكة عملية متكاملة تشمل الطاقة، والسيارات الكهربائية، وتحلية المياه، بدعم من أدوات مالية مبتكرة مثل سندات الباندا؛ فهذا التعاون الدولي المشترك هو مسار استراتيجي يعكس التزام القاهرة وبكين بتحقيق التنمية المستدامة.

وتؤكد هذه الشراكة أن العالم بحاجة إلى تحالفات قائمة على تبادل الخبرات وتوطين التكنولوجيا والاستثمار في المستقبل. ومصر -من خلال هذا التعاون- لا تبحث فقط عن حلول آنية لأزماتها، بل تسعى إلى جعل الاستدامة محورًا رئيسيًّا في مسيرة التقدم الاقتصادي والاجتماعي لبناء نموذج يُحتذى به في المنطقة.

]]>
اليابان وإفريقيا ومصر.. شراكة اقتصادية لبناء مستقبل مستدام انطلاقًا من “تيكاد 9” https://earthsguards.com/%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a7%d8%a8%d8%a7%d9%86-%d9%88%d8%a5%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d9%83%d8%a9-%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9/ Mon, 25 Aug 2025 13:00:39 +0000 https://earthsguards.com/?p=11591 اليابان

اليابان وإفريقيا ومصر.. شراكة اقتصادية لبناء مستقبل مستدام انطلاقًا من “تيكاد 9”

في مدينة يوكوهاما اليابانية، حيث تتقاطع حضارة الشرق الآسيوي مع تطلعات القارة الإفريقية، انطلقت فعاليات الدورة التاسعة من مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا “تيكاد 9” بين 20 و22 أغسطس، لتجمع قادة نحو خمسين دولة إفريقية إلى جانب كبار مسئولي المنظمات الدولية. ويُنظر إلى هذا المؤتمر باعتباره منصة استراتيجية لإعادة رسم ملامح الشراكة بين اليابان وإفريقيا، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تحولات كبرى مع تراجع النفوذ الأميركي وتنامي الحضور الصيني.

وفي المؤتمر أعلن رئيس الوزراء الياباني “شيجيرو إيشيبا” عن مبادرة اقتصادية طموحة تربط بين المحيط الهندي وإفريقيا، في محاولة لجعل القارة مركز جذب جديد للاستثمارات اليابانية. هذه المبادرة تحمل بعدًا متعدد الأوجه يشمل الطاقة، الصحة، الزراعة، والابتكار، في إطار ما يُعرف بـ”الاستثمار ذي الأثر” الذي يجمع بين الربح المالي والفائدة الاجتماعية والبيئية.

غير أن الأهمية الكبرى لهذا التوجه الياباني تكمن في الرؤية التي يطرحها: اقتصاد لا ينفصل عن الاستدامة، ونمو لا يتعارض مع البيئة أو رفاه الإنسان. هنا يظهر دور تيكاد 9 الذي يعد جسرًا جديدًا بين شمال العالم وجنوبه، يربط الطموح الاستثماري بالمسئولية الإنسانية.

الاقتصاد في قلب الشراكة اليابانية – الإفريقية

يُدرك صناع القرار في طوكيو أن إفريقيا لم تعد مجرد سوق ناشئة، وإنما باتت فضاء اقتصاديًّا متناميًا يمتلك قوة بشرية شابة وموارد طبيعية هائلة، ومن هنا جاءت فكرة “المنطقة الاقتصادية إفريقيا–المحيط الهندي”، التي تهدف إلى جذب الشركات اليابانية، خصوصًا تلك التي تتمركز في الهند والشرق الأوسط، نحو الاستثمار في القارة.

هذا التوجه يتجاوز المنطق التقليدي للاستثمارات؛ إذ لا يقتصر على ضخ رءوس الأموال، وإنما يسعى إلى بناء شراكات طويلة الأمد قائمة على خلق القيمة المضافة محليًّا؛ فاليابان لا تراهن فقط على البنية التحتية أو استخراج الموارد، وإنما على تحريك عجلة الاقتصاد المحلي الإفريقي بما يتيح فرص عمل حقيقية، ويعزز الإنتاجية الصناعية والزراعية.

الاقتصاد الدائري

الرهان الأكبر هنا هو تحرير التجارة بين إفريقيا ومنطقة آسيا–المحيط الهادئ، بما يفتح مجالًا جديدًا للتبادل التجاري بعيدًا عن المحاور التقليدية المرتبطة بأوروبا أو الولايات المتحدة. هذا التوجه -إذا نجح- يمكن أن يغير قواعد اللعبة الاقتصادية على الساحة العالمية، ويخلق نموذجًا جديدًا للتكامل بين الجنوب والشرق.

في هذا الإطار، تبدو الاستدامة جزءًا لا يتجزأ من المعادلة؛ فاليابان تسعى إلى توظيف خبراتها في التكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة، من أجل تحويل إفريقيا إلى مركز اقتصادي يوازن بين النمو والعدالة البيئية، وهو ما يتوافق مباشرة مع أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الهدف (7) “الطاقة النظيفة، وبأسعار معقولة”، والهدف (8) “العمل اللائق ونمو الاقتصاد”.

الاستثمار في الطاقة والتحول الأخضر

من بين أبرز ملامح المبادرة اليابانية تخصيص 1.5 مليار دولار لمشروعات تحول الطاقة في إفريقيا، هذه الخطوة تحمل دلالة مزدوجة؛ فمن جهة، هي استثمار اقتصادي يعزز مكانة الشركات اليابانية في سوق ناشئة، ومن جهة أخرى، هي استثمار بيئي يسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية ويدعم استقلالية القارة في مجال الطاقة.

التركيز على مشروعات الطاقة المتجددة، خاصة في مجالات الرياح والطاقة الشمسية، يعكس وعيًا استراتيجيًّا بضرورة بناء اقتصاد منخفض الكربون؛ فاليابان -التي خبرت التحديات البيئية بعد عقود من التصنيع الكثيف- تسعى إلى تصدير نموذجها في التنمية الخضراء إلى القارة الإفريقية.

الطاقة المتجددة

هذه المشروعات لا تقتصر على البنية التحتية فحسب، وإنما تحمل آثارًا اقتصادية بعيدة المدى؛ فإقامة محطات طاقة محلية تعني خلق وظائف جديدة في مجالات البناء والتشغيل والصيانة، وتعني أيضًا تخفيف الاعتماد على الوقود المستورد، بما يقلل من أعباء الميزانيات الوطنية. ومن زاوية أوسع، فإن الاستثمار الياباني في الطاقة النظيفة يعزز قدرة إفريقيا على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبالأخص الهدف (13) “العمل المناخي”.

الصحة على قمة أولويات التنمية الاقتصادية

يمتد طموح اليابان في إفريقيا ليشمل تعزيز البنية التحتية الصحية؛ إذ تتضمن المبادرة الاستثمار في الشركات الناشئة التي تقدم حلولًا مبتكرة لإدارة المستشفيات وتحسين الخدمات الطبية. ويعكس هذا التوجه قناعة راسخة بأن الاقتصاد القوي لا يقوم إلا على مجتمع يتمتع بالصحة والقدرة على الإنتاج والإبداع.

وفي قارة ما تزال تواجه فجوات واسعة في مجال الرعاية الصحية، يكتسب هذا الاستثمار قيمة مضاعفة، فهو من جهة يفتح آفاقًا لقطاع يَعِد بعوائد اقتصادية، ومن جهة أخرى يسهم مباشرة في تحسين حياة الملايين عبر توسيع نطاق الخدمات الصحية.

وتقوم هذه الرؤية على إدراك متزايد بأن الصحة لم تعد تُعامل باعتبارها قطاعًا اجتماعيًّا فحسب، وإنما باعتبارها داعمة اقتصادية أساسية؛ إذ تتيح قوة عاملة أكثر إنتاجًا ومجتمعات أكثر قدرة على الصمود في وجه الأزمات، ومن هنا يتجلى الهدف (3) من أهداف التنمية المستدامة، “الصحة الجيدة والرفاه”، باعتباره جزءًا أصيلًا من الإستراتيجية اليابانية، في صياغة توازن يجمع بين الربح والاستدامة ضمن مفهوم “الاستثمار ذي الأثر”.

المنتدى المصري الياباني

ومع هذا التوجه الذي يربط بين الاقتصاد والتنمية البشرية، برزت مصر في قمة تيكاد 9 بحضور فعال، حملت من خلاله أجندة ثرية للتعاون الثنائي، تُوّجت بعقد المنتدى المصري الياباني للاستثمار؛ فقد حملت مصر على وجه الخصوص ملفًا ثريًّا للتعاون مع اليابان، تُوّج بعقد منتدى الاستثمار المصري الياباني الذي جمع كبرى الشركات من الجانبين.

وذلك التعاون كان من خلال مشاركة رئيس الوزراء المصري الدكتور/ مصطفى مدبولي، رفقة وزراء بارزين، مثل الدكتورة/ رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتور/ محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، إضافة إلى المهندس/ وليد جمال الدين “رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس”. ومن الجانب الياباني، حضر “يوويتشيرو كوجا” وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة، وكذلك قيادات بارزة في مجلس الأعمال المصري الياباني المشترك.

رئيس مجلس الوزراء

هذا المنتدى كان ساحة فعلية لتوقيع 12 اتفاقية وخطابات نوايا تعكس الرغبة في تعزيز التعاون الاستثماري المتبادل، شملت هذه الاتفاقيات قطاعات استراتيجية واسعة، من التعليم الفني وتطوير المناهج الدراسية، إلى الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، مرورًا بالتصنيع والصناعات الهندسية، ووصولًا إلى السياحة والترفيه. هذا التنوع يعكس وعيًا مشتركًا بأن الاقتصاد المستدام لا يقوم على قطاع واحد، وإنما على شبكة مترابطة من المجالات التي تدعم بعضها البعض وتخلق قيمة مضافة مستدامة.

أحد أبرز محاور المنتدى تمثل في توقيع اتفاقيات لتطوير البنية التحتية للطاقة النظيفة، حيث شهدت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس شراكات مع شركات يابانية لتطوير مرافق التزود بالوقود الأخضر، خاصة الأمونيا والهيدروجين. هذه الخطوات تضع مصر في موقع متقدم باعتبارها مركزًا إقليميًّا للطاقة النظيفة، بما يتفق مع أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الهدف (7) “الطاقة النظيفة”، ويخدم أيضًا جهود تقليل الانبعاثات على مستوى النقل البحري العالمي.

أما في مجال التعليم، فقد حمل المنتدى طابعًا مختلفًا يقوم على نقل المعرفة والخبرة اليابانية إلى المنظومة المصرية؛ فالاتفاقيات الموقعة مع شركات مثل “كاسيو” و”سبريكس” و”ياماها” ركزت على تحديث مناهج الرياضيات، وإدخال تقنيات تعليمية جديدة، وتعزيز تعليم الموسيقى في المدارس المصرية. مثل هذه الخطوات لا تقتصر على البعد الثقافي والتعليمي، وإنما تمثل أيضًا استثمارًا طويل المدى في رأس المال البشري، بما يضمن تكوين جيل مؤهل للمنافسة في سوق العمل العالمية، محققًا الهدف (4) “التعليم الجيد”.

امتدت الاتفاقيات -كذلك- إلى مجالات السياحة، واللوجستيات، والصناعات التكنولوجية، بما يعزز قدرة مصر على تنويع مصادر الدخل القومي، ويفتح أمام الشركات اليابانية فرصًا جديدة في سوق حيوية مثل السوق المصري. هذه الشراكات لا تخدم طرفًا واحدًا، بل تخلق مصالح متبادلة تُعزز من قوة الاقتصادات المحلية وتدعم سلاسل التوريد على المستويين الإقليمي والعالمي.

منافسة الصين

لا يمكن قراءة التوجه الياباني في إفريقيا بمعزل عن المنافسة مع الصين؛ ففي حين اعتمدت بكين على سياسة القروض الضخمة وتمويل البنية التحتية السريعة، اختارت طوكيو مسارًا مختلفًا يقوم على الاستثمار طويل الأمد في القطاعات الاجتماعية والبيئية. هذا الاختلاف في النهج يعكس فلسفة اقتصادية متمايزة؛ فاليابان تراهن على “الاستثمار المسئول” الذي يترك أثرًا حقيقيًّا في حياة الشعوب، بدلًا من التركيز على المؤشرات السطحية للنمو.

الابتكار وتمكين الشباب

يتجلى في الرؤية اليابانية وعي عميق بدور الشباب الإفريقي الذين يشكلون أكثر من نصف سكان القارة، وهو ما جعلهم محورًا رئيسيًّا في مبادرات طموحة مثل برنامج “NINJA” لدعم الشركات الناشئة، ومبادرة “Tomoni Africa” التي تسعى إلى تعزيز التبادل الأكاديمي والثقافي بين شباب اليابان وإفريقيا.

ولا تقف هذه البرامج عند حدود التعليم أو النشاط الاجتماعي، وإنما تمثل استثمارًا مباشرًا في المستقبل؛ إذ تُتيح للشركات الناشئة إنشاء أسواق جديدة، فيما يسهم التبادل الثقافي في ترسيخ جسور الثقة وبناء شراكات طويلة الأمد بين الشعوب.

وفي الختام، ترى مؤسسة حماة الأرض أنَّ قمة “تيكاد 9” وما رافقها من منتديات موازية -مثل المنتدى المصري الياباني- أظهرت بوضوح أنَّ مستقبل الاقتصاد الدولي يتجه نحو شراكات قائمة على الاستثمار المسئول والتنمية المستدامة؛ لأنَّ اليابان تقدم نموذجًا اقتصاديًّا يوازن بين الطموح الاستثماري والحس الإنساني، في لحظة يحتاج فيها العالم إلى حلول تتجاوز النمو الكمي لتلامس النوعية الحقيقية للحياة المستدامة؛ مما يجعل من أهداف التنمية المستدامة إطارًا عمليًّا يوجه السياسات والمشروعات، ويحول الاستثمار إلى وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية.

]]>
توطين الصناعة في مصر بين شراكة الطاقة وأهداف التنمية المستدامة https://earthsguards.com/%d8%aa%d9%88%d8%b7%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%86%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%aa%d8%af%d8%a7%d9%85%d8%a9/ Fri, 22 Aug 2025 14:00:39 +0000 https://earthsguards.com/?p=11544

توطين الصناعة في مصر بين شراكة الطاقة وأهداف التنمية المستدامة

في العاصمة الإدارية الجديدة، شهدت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة لقاءً مهمًّا جمع بين الدكتور/ محمود عصمت “وزير الكهرباء” والمهندس/ كريم بدوي “وزير البترول والثروة المعدنية؛ لمناقشة ملفات محورية تتعلق بتوطين الصناعة ونقل التكنولوجيا وتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية.

جاء هذا اللقاء في ظل الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة وزيادة الأحمال الكهربائية؛ مما يفرض على الدولة مراجعة سياسات الطاقة بشكل ديناميكي؛ من أجل ضمان استقرار الشبكة الموحدة، وتحسين جودة التغذية الكهربائية لجميع الاستخدامات.

وتأتي هذه الخطوة في سياق وطني يتقاطع مع الجهود العالمية نحو تعزيز التنمية المستدامة، حيث يشكل توطين الصناعة والتحول نحو الطاقة المتجددة محورًا أساسيًا لتحقيق التوازن بين تلبية احتياجات المواطنين وحماية البيئة، مع ضمان استدامة الموارد الطبيعية للأجيال المقبلة.

الطاقة المتجددة

شراكة تكاملية لتأمين الطاقة وتحسين كفاءة الكهرباء

خلال اللقاء أوضح الوزيران أن الشراكة بين قطاعي الكهرباء والبترول هي شراكة استراتيجية، تهدف إلى تحسين كفاءة وحدات توليد الكهرباء وخفض استهلاك الوقود التقليدي، وهو ما يسهم في خفض الانبعاثات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما تم استعراض الجهود المشتركة لتأمين التغذية الكهربائية وضمان استقرار الشبكة الموحدة، خصوصًا خلال فترات الذروة في فصل الصيف.

كما تناول الوزيران أهمية أن يشمل التعاون وضع أسس راسخة لتكامل السياسات الصناعية مع خطط الطاقة، باعتباره امتدادًا طبيعيًا للجهود المبذولة في تحسين كفاءة وحدات التوليد وخفض استهلاك الوقود. هذا الترابط بين إدارة الطاقة والصناعة يعظم القيمة المضافة من الموارد الطبيعية، ويفتح المجال أمام الاستثمار في تقنيات حديثة ترفع كفاءة الإنتاج وتدعم توجه الدولة نحو تقليل الاعتماد على الواردات؛ مما يمهد الطريق مباشرة للتوسع في الصناعات التحويلية واستغلال الثروات المعدنية بما يخدم أهداف التنمية المستدامة.

الصناعات التحويلية وتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية

وفي هذا الإطار، أشار الدكتور/ محمود عصمت إلى أهمية التوسع في الصناعات التحويلية باعتبارها رافدًا اقتصاديًّا أساسيًّا يعظم العوائد من الموارد الطبيعية، ويأتي هذا ضمن توجه الدولة نحو تصنيع السيليكون النقي، واستغلال خام الكوارتز، وتوطين تكنولوجيا معالجة المعادن النادرة، واستخلاص العناصر الاقتصادية منها، بالتعاون مع هيئة المواد النووية وهيئة الثروة المعدنية.

ويرتبط هذا التوجه ارتباطًا وثيقًا بمسار التنمية المستدامة؛ إذ يضمن نقل التكنولوجيا الحديثة إلى الداخل المصري، ويوفر فرص عمل نوعية، ويقلل من الاعتماد على الواردات؛ مما يفتح الطريق أمام بناء اقتصاد أكثر صلابة واستقرارًا، وهذه الرؤية تجعل من توطين الصناعة أداة محورية لتحقيق أهداف استراتيجية للطاقة والبيئة.

مفهوم التنمية المستدامة

توطين التكنولوجيا الحديثة في قطاع الطاقة

استعرض اللقاء خططًا طموحة لتوطين تكنولوجيا تصنيع الألواح الفوتوفولطية وأشباه الموصلات، أو ما يعرف بالرقائق الإلكترونية، وذلك بالتعاون بين وزارتي الكهرباء والبترول وهيئاتهما التابعة، ويُعد هذا المشروع خطوة جوهرية نحو تقليل الاعتماد على الخارج في هذا القطاع الحيوي.

 ويأتي ذلك استكمالًا لجهود الدولة في توطين الصناعة بمجالات الطاقة المتجددة، بما يضمن استقلالية القرار الصناعي والتقني؛ ولذلك فإن إدماج هذه التقنيات في الصناعة الوطنية يعكس إدراكًا واضحًا بأن التنمية المستدامة لا تنفصل عن امتلاك أدواتها التكنولوجية، كما أن هذا المسار يفتح المجال أمام مصر لتكون مركزًا إقليميًّا في الصناعات الخضراء، بما يعزز مكانتها على الخريطة الاقتصادية والبيئية الدولية.

الطاقة المتجددة ودور التخزين في استقرار الشبكة

وقد أكدت المباحثات على إضافة قدرات توليدية تصل إلى 2000 ميجاوات من الطاقة المتجددة للشبكة الموحدة قبل صيف العام الحالي، مع التوسع في تقنيات تخزين الطاقة لضمان استقرار الشبكة الكهربائية في أوقات الذروة، ويأتي هذا في إطار الاستراتيجية الوطنية للطاقة التي تسعى إلى تنويع مصادر التوليد وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

ويمثل إدماج التخزين ضمن البنية التحتية للطاقة خطوة أساسية لتجاوز التحديات البيئية، وضمان مرونة النظام الكهربائي في مواجهة تقلبات المناخ والطلب المتزايد. ومن هنا فإن ربط الطاقة المتجددة بتقنيات التخزين يعزز من قدرة مصر على تحقيق معادلة الاستدامة في قطاع الطاقة.

ختامًا، يمثل هذا التنسيق بين وزارتي الكهرباء والبترول محطة فارقة في مسار التنمية المستدامة بمصر، حيث تتجسد فيه الرؤية التي تربط بين استغلال الموارد الطبيعية وتطوير الصناعات التحويلية والاعتماد على الطاقة النظيفة، والجهود المبذولة في تحسين الكفاءة، وتوطين التكنولوجيا، وتقليل استهلاك الوقود التقليدي، تفتح الباب أمام تحولات عميقة في الاقتصاد الوطني.

الاقتصاد الدائري

من هنا فإن مؤسسة حماة الأرض ترى أن هذا التوجه يعكس انتقالًا تدريجيًّا من إدارة التحديات اليومية إلى بناء نموذج متكامل للتنمية، يوازن بين احتياجات المواطن وضمان استمرارية الموارد للأجيال المقبلة، وهو مسار يستحق التقدير؛ لأنه يضع مصر على عتبة مرحلة جديدة، تتجاوز البعد الاقتصادي إلى ترسيخ قيم العدالة البيئية والاستدامة باعتبارها أصولًا استراتيجية لمستقبل أكثر استقرارًا.

]]>