في أسبوع المياه الثامن.. ما أفضل الحلول المائية في منطقة المتوسط؟
في أسبوع المياه الثامن.. ما أفضل الحلول المائية في منطقة المتوسط؟
تمويل المياه أصبح اليوم أحد المحاور الحاسمة لتحقيق التنمية المستدامة في زمنٍ تتزايد فيه التحديات، وتتقلص فيه الموارد الطبيعية. ومن هذا المنطلق جاء انعقاد “المؤتمر السنوي السادس للتمويل والاستثمار في قطاع المياه” ضمن فعاليات “أسبوع القاهرة الثامن للمياه”، تحت عنوان: تمويل المياه.. الأولويات الإقليمية ودور البنوك.
وفي هذا السياق تسلط مؤسسة حماة الأرض الضوء على أهمية التمويل من حيث كونه أداة تنموية أساسية لتحقيق الأمن المائي في المنطقة، وربط الاستثمارات بالعدالة البيئية من خلال مبادئ الترابط بين المياه والطاقة والغذاء والنظم البيئية.
التمويل مدخل لتحقيق إدارة رشيدة للمياه
في حضور الدكتور/ هاني سويلم “وزير الموارد المائية والري” جاء المؤتمر السنوي السادس للتمويل والاستثمار في قطاع المياه بتنظيم مشترك بين وزارة الموارد المائية والري والاتحاد الأوروبي والاتحاد من أجل المتوسط؛ ليؤكد أنَّ الحلول المائية لم تعُد تقتصر على التكنولوجيا، بل تمتد إلى التمويل الذكي والمستدام القادر على تحويل الخطط إلى مشروعاتٍ مؤثرة وواقعية.
وهناك شدد مشاركو المؤتمر السنوي السادس للتمويل والاستثمار في قطاع المياه علَى أنَّ تجاوز مرحلة التخطيط إلى مرحلة تعبئة الموارد المالية أصبح ضرورة ملحة، خصوصًا في دول حوض البحر المتوسط، التي تواجه تحديات متزايدة في الأمن المائي والمناخي.
ويُعد التمويل المبتكر -من خلال أدوات مثل السندات الخضراء، والتمويل المدمج، وآليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص- محورًا رئيسيًّا لضمان استدامة الموارد المائية، وتنمية المجتمعات المحلية.
خريطة طريق متوسطية للاستثمار المائي
وحول الاستثمار المائي أشار الدكتور/ هاني سويلم “وزير الموارد المائية والري” إلى أنَّ المؤتمر السنوي السادس للتمويل والاستثمار في قطاع المياه يستند إلى التوصيات الصادرة عن الاجتماع الوزاري للاتحاد من أجل المتوسط، الذي انعقد مؤخرًا في القاهرة، لتشكّل هذه التوصيات الوزارية خريطةَ طريقٍ عملية لسد فجوة الاستثمار المائي في المنطقة.
وتتضمن هذه التوصيات رؤيةً جديدة تقوم على بناء منظومة استثمارية ديناميكية تُفعِّل دورَ البنوك الوطنية ومؤسسات التمويل التنموي، بما يتيح تعبئة الموارد على نحوٍ مستدام، وبما يربط بين الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
الموارد المائية المصرية مستدامة
انطلاقًا من هذا التوجه عززت مصر قدراتها المؤسسية عبر إنشاء وحدة دعم إدارة المشروعات بوزارة الموارد المائية والري، لتكون منصةً لرفع جاهزية المشروعات، وتوسيع قاعدة الاستثمارات القابلة للتمويل بالتعاون مع الشركاء الدوليين.
كما تعمل وزارة الموارد المائية والري على إنشاء قطاعٍ للموارد المائية غير التقليدية، يُعنى بدمج تحلية المياه مع الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة؛ مما يجسِّد الرؤية المصرية نحو تعظيم الترابط بين القطاعات، وتحويل الابتكار المؤسسي إلى أداةٍ للتنمية الفعلية.
ثلاث أولويات تقود مستقبل التمويل المائي
مِن هنا حدد المؤتمر ثلاث ركائز رئيسية لتسريع الاستثمار في قطاع المياه، هي:
- تعزيز الشراكات بين الحكومات والبنوك والقطاع الخاص والمجتمع المدني؛ من أجل تمويل مشروعات المياه الكبرى.
- تبنّي أدوات تمويل مبتكرة، مثل السندات الخضراء، والتمويل المدمج، وآليات تقاسم المخاطر؛ حتى يمكن تشجيع الاستثمار الطويل الأجل.
- تصميم نماذج تمويل مرنة وعادلة تضمن استدامة المشروعات، مع الحفاظ على قدرة تحمُّل التكلفة وضمان الشمول الاجتماعي.
نحو تمويل مائي مستدام
يمثِّل هذا المؤتمر السنوي السادس للتمويل والاستثمار في قطاع المياه -ضمن فعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه- خطوة متقدمة نحو إعادة تعريف العلاقة بين التمويل والتنمية المائية؛ فالحديث لم يعُد عن القروض والمنح فقط، بل عن رؤيةٍ اقتصادية متكاملة تضع المياه في صميم سياسات الاستثمار المستدام.
ومن هذا المنطلق ترى مؤسسة حماة الأرض أنَّ التمويل المائي المستدام لم يعُد خيارًا تنمويًّا فحسب، بل هو ضرورة استراتيجية لبناء اقتصادات مرنة أمام تغير المناخ، وتأسيس منظومةٍ ماليةٍ تُسهم في حماية النظم البيئية وتحقيق العدالة في توزيع الموارد.
وإنَّ تمويل قطاع المياه في منطقة المتوسط لم يعُد مسألةً فنية أو اقتصادية بحتة، بل هو اختبارٌ لمدى نضج الرؤية التنموية لدى الدول والمؤسسات؛ لأنه حين يتحول التمويل إلى شريكٍ في تحقيق الأثر الاجتماعي والبيئي، تصبح للمياه ومواردها علاقة بالإنسان وكوكبه.
لذلك تؤكد مؤسسة حماة الأرض أنَّ مستقبل الأمن المائي لن يُبنى على السدود والمشروعات المائية فقط، بل على آليات تمويلٍ عادلةٍ ومبتكرةٍ تُوجِّه الموارد نحو بناء مستقبل مستدام، تتوازن فيه معادلة الربح مع حق الأجيال القادمة في الحياة الكريمة والمياه النقية.