خارج الصندوق.. الأبقار تأكل الثوم حفاظًا على البيئة
خارج الصندوق.. الأبقار تأكل الثوم حفاظًا على البيئة
زادت منذ منتصف القرن العشرين معدلاتُ انتشار الغازات الدفيئة في الغلاف الجويّ، وهو ما تسبب في ظاهرة الاحتباس الحراريّ، أو ما يُطلَقُ عليه “الاحترار العالميّ“. إنها الظاهرة العالمية التي أصبحت تأثيراتها -بصورة ملحوظة- مَحَطَّ اهتمام مؤتمرات المناخ، ومنها مؤتمر الأطراف السابع والعشرون، الذي استضافته مصرُ في مدينة شرم الشيخ عام 2022.
ولا يخفى علَى أحدٍ مدى تأثير هذه الظاهرة -سلبيًّا- في الأنظمة البيئية، وفي جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ فإنَّ الاحتباسَ الحراريّ يرفع منسوب سطح البحر، ويسبب خللًا في نمط هطول الأمطار، ويُزيد التصحرَ، ويُدهور الأراضي الزراعية، وغيرها من النتائج المناخية الضارّة.
وكما قلنا، فإنَّ أكثرَ ما يؤثر في زيادة مؤشرات الاحتباس الحراريّ حول العالم الغازاتُ الدفيئةُ، بخاصة غاز الميثان. لكن ما المتسبب في انتشار هذا الغاز؟ والإجابة -ببساطة- الأبقار! فإنَّ خروجَ غاز الميثان مِن الأبقار أحدُ الأسباب الأساسية في حدوث التغيُّرات المناخية، حيث تُشير التقديرات العالمية إلى أنَّ نسبةً كبيرةً من انبعاثات الميثان تنتج عن الأبقار؛ مما دعا دولة مثل نيوزيلندا إلى فرض ضريبة غاز الميثان علَى مزارعيها.
الثوم يكافح التغيُّرات المناخية
للثوم سمعة طيبة في تحسين صحة الإنسان بوجه عامّ، ويمكننا أنْ نُضيفَ إلى هذا فوائده التي تحفز عمليةَ الهضمِ عند الحيوان. وهذا ما عملت علَى تأكيده شركة “Neem Biotech“، حيث قام فريقٌ من باحثيها بالاعتماد علَى مكمل غذائيّ يتكون مِن المادة الفعَّالة في الثوم “الأليسين”، بالإضافة إلى “الفلافونويدات” المشتقة من الحمضيات. والفلافونويدات هي أصباغ نباتية تذوب في المياه، ومسئولة عن ألوان الأزهار والفواكه.
استطاعتِ الشركةُ من خلال دمج هذا المكمل الغذائيّ في أعلاف الأبقار أنْ تُقلل من معدلات انبعاثات الميثان في الأبقار بنسبة كبيرة، حيث يعمل هذا المكمل علَى تحسين عملية الهضم؛ وبالتالي خفض الغازات الناتجة عن التخمر المعويّ.
الثروة الحيوانية في مصر
كان ذلك مثالًا رائعًا علَى الشركات التي تُقدم خدماتٍ ومنتجاتٍ تعكس واجبها في تحقيق مبادئ المسئولية المجتمعية، وتعزيز مفاهيم الاقتصاد الأخضر. لكن، ماذا عن مصرَ وثروتها الحيوانية؟ في هذا المقال -ضمن سلسلة خارج الصندوق- سنحاول أنْ نُسلطَ الدورَ علَى مدى جدوى مثل هذه الأفكار الجديدة والمتطورة في تحفيز المجهودات نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
إنَّ قطاعَ الإنتاج الحيوانيّ في مصرَ يُولد نسبةً من الغازات الدفیئة، عن طريق التخمر المعويّ؛ وبالتالي تعمل مصرُ علَى تنفيذ استراتيجيات خاصةً بالحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وإعطاء الأولوية للخطوات الفعلية التي تُقلل من انبعاثات الإنتاج الحيوانيّ.
فإذا كان نريد استكشافَ مستقبل الثروة لحيوانية لمصر في إطار مبادئ وأهداف التنمية المستدامة، فعلينا رصد التحديات المستقبلية العالمية؛ حتى يمكننا مواصلة اقتراح خطط قادرة علَى مواجهة تداعيات المناخ.
مِن هنا، نرى كيف أسهمت استراتيجيات تطوير قطاع الإنتاج الحيوانيّ في دعم الخطوات المصرية نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما يتماشى مع “رؤية مصر 2030“. وكان من أبرز هذه الجهود المصرية: “استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة”، التي استهدفت الحفاظَ علَى تحسين وتنمية الموارد الزراعية، وتحقيق قدر كبير من الأمن الغذائيّ، إضافةً إلى تدعيم القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية المصرية في الأسواق المحلية والدولية، وزيادة الصادرات منها إلى كل دول العالم.
إنَّ هذه الخطوات التنموية والأفكار الابتكارية في مجال مكافحة التغيُّر المناخيّ واجبٌ علَى بلدان العالم كله، وغاز الميثان واحد من غازات الاحتباس الحراريّ، التي ينبغي لنا أنْ نحدَّ من تأثيراتها في البيئة؛ حتى نحافظَ علَى مواردها.