الاقتصاد المصري ينتعش.. مؤشرات إيجابية بإشادة دولية
الاقتصاد المصري ينتعش.. مؤشرات إيجابية بإشادة دولية
وسط التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، يواصل الاقتصاد المصري خطواته نحو التعافي والنمو، مدعومًا بإصلاحات جادة ورؤية استراتيجية متكاملة. وقد جاء تقرير “آفاق الاقتصاد العالمي” الصادر عن صندوق النقد الدولي في إبريل 2025 ليؤكد هذا الاتجاه، مشيرًا إلى تحسن واضح في معدلات النمو، مع توقعات بمزيد من التقدم خلال السنوات القليلة المقبلة.
وفي هذا المقال تستعرض حماة الأرض أبرز التحولات الاقتصادية التي يشهدها الاقتصاد المصري، وارتباطها الوثيق بتحقيق التنمية المستدامة، من خلال استعراض مؤشرات النمو الواردة في تقرير صندوق النقد الدولي والتصريحات الوزارية حول الإصلاحات الجارية، التي تظهر كيف تسعى الدولة إلى بناء اقتصاد أكثر قوة ومرونة، مع العناية بالأبعاد البيئية والاجتماعية للتنمية، في خطوة نحو نموذج تنموي مستدام يخدم الإنسان والبيئة معًا.
إصلاحات هيكلية تُمهد لنمو شامل
أشار التقرير إلى أن الاقتصاد المصري حقق زخمًا إيجابيًا في أدائه، حيث ارتفع معدل النمو من 2.4% خلال 2024 إلى 3.8% خلال العام المالي الجاري، مع توقعات بأن يصل إلى نحو 4.6% بحلول عام 2027؛ مما يعكس نجاح الإصلاحات الجارية في تعزيز الاستقرار الاقتصادي.
وقد أكدت الدكتورة/ رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن هذه التوقعات الإيجابية تعكس جدوى الإصلاحات الاقتصادية التي تتبناها الدولة، خاصةً فيما يتعلق بتحسين بيئة الاستثمار، ودعم القطاع الخاص، وتعزيز مرونة الاقتصاد في مواجهة الصدمات، لافتة إلى أن الحكومة تستهدف تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام، يُسهم في خلق فرص عمل حقيقية وتحسين مستويات المعيشة، وهو ما يتطلب استمرار الإصلاحات وتوسيع نطاقها.
كما أشارت الوزيرة إلى توجه الدولة إلى التحول الاستراتيجي نحو نمو اقتصادي يقوم على القطاعات القابلة للتبادل التجاري والتصدير، من خلال تحفيز الاستثمارات، وتوطين الصناعة، والإجراءات المتكاملة التي تقوم الحكومة بتنفيذها عبر تيسير إجراءات الاستثمار، وخفض زمن الإفراج الجمركي.
تحوّل استراتيجي نحو التصنيع والتصدير
وقد أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في تقريرها الدوري عن الأداء الاقتصادي للربع الثاني من العام المالي 2024/2025، عن أنَّ الاقتصاد المصري قد سجَّل معدلَ نموٍ للناتج المحلي الإجمالي بلغ 4.3%، مقارنة بـ 2.3% خلال الفترة نفسها من العام المالي السابق. ويعود هذا التحسن إلى حزمة من السياسات التي اعتمدتها الحكومة لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، وضبط أولويات الإنفاق الاستثماري.
وجاءت الصناعة التحويلية غير البترولية في صدارة القطاعات الداعمة لهذا النمو، حيث واصلت أداءها الإيجابي للربع الثالث على التوالي، مسجّلة معدل نمو بلغ 17.74%، مقارنة بانكماش نسبته 11.56% خلال نفس الفترة من العام السابق. ويعكس هذا الانتعاش نجاح الدولة في تحسين إجراءات الإفراج الجمركي عن المواد الخام ومدخلات الإنتاج، ما عزز من وتيرة الإنتاج الصناعي ودعم تنافسية السوق المحلية.
ووفقًا لبيانات الرقم القياسي للصناعة التحويلية -باستثناء النفط والمنتجات البترولية- فقد حققت عدة قطاعات صناعية نموًّا ملحوظًا، أبرزها:
- صناعة السيارات بنسبة 73.4%
- الملابس الجاهزة بنسبة 61.4%
- المشروبات بنسبة 58.9%
- المنسوجات بنسبة 35.3%
وتُبرز هذه المؤشرات الحيوية الدور المتنامي للقطاع الصناعي في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، كما تؤكد أهمية الاستمرار في دعم سياسات التصنيع المتقدم، لتوفير فرص عمل مستدامة، وتعزيز القدرة التنافسية للصادرات المصرية في الأسواق العالمية.
وفي هذا السياق، أشارت الدكتورة/ رانيا المشاط -خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس مجلس الوزراء الدكتور/ مصطفى مدبولي في الأسبوع الجاري- إلى أنَّ البنك الدولي يركز على خمسة قطاعات رئيسية لقيادة النمو وتوفير فرص العمل في مصر، وهي: البنية التحتية (المادية والرقمية)، والزراعة، والرعاية الصحية، والسياحة، والصناعة التحويلية ذات القيمة المضافة. وأشارت أيضًا إلى أن كل وظيفة مباشرة في قطاع السياحة توفر أربع وظائف غير مباشرة؛ مما يجعل هذا القطاع من أهم محركات التشغيل.
الاقتصاد المصري يحقق الاستدامة
وسط هذه التحولات الاقتصادية المشجعة، تتجه مصر بخطى ثابتة نحو بناء نموذج تنموي جديد يدمج بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة؛ فلم يعد تحقيق النمو هدفًا منفصلًا، بل أصبح جزءًا من رؤية شاملة تُعلي من شأن الابتكار والتكنولوجيا وتدعم الإنتاج النظيف بوصفه ركيزة أساسية للتنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، أعلنت الدكتورة/ رانيا المشاط أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ستقوم خلال شهر يونيو المقبل بالكشف عن تفاصيل “السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية”، التي تتضمن مستهدفات واضحة للسياسات الاقتصادية الكلية، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ودفع عجلة التنمية الصناعية، وتعزيز فرص العمل وسوق التشغيل، بما يتفق مع برنامج عمل الحكومة و”رؤية مصر 2030″، ويمتد في سياق السياسات الإصلاحية الجارية.
وفي ظل ما يشهده الاقتصاد المصري من مؤشرات واعدة وتحوّلات استراتيجية، يظل المسار نحو التنمية المستدامة مشروطًا بمواصلة الإصلاحات، وتكثيف الجهود لتمكين القطاع الخاص، وتعزيز الاستثمارات في القطاعات ذات القيمة المضافة. وفي الوقت الذي يتعافى فيه الاقتصاد المصري من آثار التحديات العالمية، تتشكل ملامح مرحلة جديدة عنوانها التوازن بين النمو والتكافؤ، وبين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.
وتؤمن حماة الأرض بأن هذا التوجه يعكس رؤية طويلة المدى تتفق مع أهداف التنمية المستدامة و”رؤية مصر 2030″. ومن هنا تواصل التزامها بمتابعة وتحليل تطورات التنموي؛ لتكون صوتًا داعمًا للسياسات التي تحسن من جودة حياة المواطن، ولتفتح آفاقًا حقيقية لمستقبل أكثر استدامة وعدالة.