الاستدامة والقانون

محطة الضبعة النووية.. تعاون مصري روسي يغيّر خريطة الطاقة النظيفة

محطة الضبعة النووية

محطة الضبعة النووية.. تعاون مصري روسي يغيّر خريطة الطاقة النظيفة

في خطوة جديدة نحو تأمين مستقبل الطاقة النظيفة في مصر، شهدت مدينة العلمين الجديدة مراسم توقيع بروتوكول مكمل للاتفاقية الحكومية الموقعة بين مصر وروسيا بشأن التعاون في بناء وتشغيل محطات الطاقة النووية، إلى جانب توقيع عقد ملحق خاص بمحطة الضبعة النووية، وقد جرت مراسم التوقيع بحضور الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الذي وقع البروتوكول ممثلًا عن مصر، في حين وقّع عن الجانب الروسي السيد/ أليكسي ليخاتشوف، المدير العام لمؤسسة “روساتوم” الحكومية للطاقة الذرية.

وتأتي هذه الخطوة في إطار التزام الجانبين بتسريع تنفيذ المشروع القومي لتوليد الكهرباء من الطاقة النووية، بما يتوافق مع أهداف الاستراتيجية الوطنية للطاقة حتى عام 2040، وتكمن أهمية هذه الخطوة في أنها تعزز من سيادة الدولة المصرية في ملف الطاقة، عبر توطين تقنيات نووية متقدمة ونقل المعرفة إلى الكوادر الوطنية.

محطة الضبعة تتحول إلى الكهرباء النظيفة

وفي هذا السياق، ينبغي أن نشير إلى أن أهمية محطة الضبعة النووية لا تقتصر على كونها مشروعًا لتوليد الكهرباء، وإنما تمثل نقلة استراتيجية نحو بناء مستقبل منخفض الكربون، وتوفير مصدر طاقة موثوق ومستدام للأجيال القادمة، وقد أكد الدكتور/ محمود عصمت أن المشروع يتفق تمامًا مع أهداف استراتيجية مصر للطاقة 2040، التي تضع مزيج الطاقة المتوازن في صلب أولوياتها، خاصة في ظل تصاعد المخاطر المرتبطة بالاحترار العالمي وتذبذب أسعار الوقود التقليدي.

كما أن المشروع يمثل فرصة استثنائية لتأهيل جيل جديد من العلماء والمهندسين المصريين، من خلال الانخراط في تجربة نووية كاملة تتضمن التصنيع والتشغيل والصيانة، وهذا الجانب المعرفي والتقني لا يقل أهمية عن إنتاج الكهرباء؛ لأنه يرسّخ أسس الاستقلال العلمي، ويُمكّن مصر من اللحاق بالدول المالكة لتقنية الطاقة النووية لأغراض سلمية، وهو ما يتوافق بوضوح مع أهداف التنمية المستدامة المرتبطة بالتعليم والعمل اللائق والابتكار، كما يتوافق مع رؤية مصر 2030.

الطاقة النووية لأغراض سلمية

شراكة طويلة الأمد من أجل أمن الطاقة

وصف السيد/ أليكسي ليخاتشوف الشراكة مع مصر بأنها ذات طابع استراتيجي طويل الأمد، مشيرًا إلى أن توقيع الوثائق الأخيرة ينسجم مع الجدول الزمني المتفق عليه لتنفيذ المشروع، ويعكس التزامًا روسيًّا ثابتًا بدعم مصر في تحقيق أهدافها، كما أكد أن التعاون بين البلدين يسهم في تحقيق أحد ركائز الأمن الطاقي، من خلال تنويع مصادر الكهرباء وتعزيز الاعتماد على مصادر مستقرة وذات انبعاثات منخفضة.

ومن منظور بيئي، فإن الطاقة النووية تمثل بديلًا جذابًا في مسيرة التحول نحو الطاقة المتجددة  عالميًّا، فهي توفر كميات كبيرة من الكهرباء دون انبعاثات كربونية تُذكر، وهو ما يجعلها حلًّا مقبولًا لتحقيق أهداف المناخ وخفض البصمة الكربونية للقطاعات الصناعية والحضرية، ومن هنا، فإن مشروع محطة الضبعة النووية يتفق بشكل مباشر مع الهدف (7) من أهداف التنمية المستدامة، المتعلق بتوفير طاقة نظيفة والهدف (13) المتعلق بالعمل المناخي، وتقليل الانبعاثات.

نحو مستقبل مستدام في مصر

يعكس التزام مصر بالمضي قدمًا في تنفيذ محطة الضبعة النووية تصميمًا استراتيجيًّا على تأمين مستقبل الطاقة فيها، خاصة في ظل التحولات الدولية المتسارعة في سوق الطاقة، ولا يخفى أن الاعتماد على مصادر طاقة نظيفة، مثل الطاقة النووية والمتجددة، أصبح ضرورة وجودية لضمان حق الأجيال القادمة في التنمية والازدهار.

ويُتوقع أن يسهم مشروع محطة الضبعة النووية في خفض انبعاثات قطاع الطاقة، إلى جانب توفير فرص عمل متخصصة، وتعزيز الابتكار الوطني، وتمكين مصر من بناء نموذج طاقة أكثر توازنًا وعدالة، وهكذا يصبح هذا المشروع ليس مجرد منشأة لتوليد الكهرباء، وإنما ركيزة متكاملة من ركائز التحول نحو اقتصاد مستدام قادر على الصمود في وجه الأزمات البيئية والاقتصادية القادمة.

وختامًا، تؤكد مؤسسة حماة الأرض أن التعاون المصري الروسي في مشروع محطة الضبعة النووية لا يمثل مجرد اتفاق تقني أو استثماري، وإنما هو تعبير صريح عن رغبة الدولة المصرية في بناء منظومة طاقة متكاملة تستند إلى مبادئ الاستدامة والسيادة والتنوع؛ ففي عالم تتزايد فيه الضغوط المناخية، يصبح الاعتماد على الطاقة النووية السلمية جزءًا من استراتيجية بيئية وأمنية في آن واحد، تسعى لتقليل البصمة الكربونية دون التفريط في الاستقرار الاقتصادي أو الأمن الطاقي.

كما أن انخراط الكفاءات الوطنية في هذا المشروع ينقل مصر من خانة الاستهلاك إلى موقع الشراكة التكنولوجية الفعالة، وهو ما يعزز من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ورؤية مصر 2030، ومع استمرار تقدم العمل في محطة الضبعة النووية، تبقى الفرصة قائمة لتأسيس تجربة مصرية رائدة في الطاقة النووية تفتح أفقًا جديدًا لحلول الطاقة النظيفة في ظل الأزمات البيئية والاقتصادية العالمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى