خطى مستدامة

الطعام المستدام يكافح التغير المناخي

الطعام المستدام

الطعام المستدام يكافح التغير المناخي

تتزايد المخاوف العالمية جراء تأثير التغيرات المناخية، التي تشمل الجفاف المدمر، الحرائق، والأعاصير، وغيرها من الظواهر الطبيعية القاسية. ومع ذلك قد يحمل الطعام المفتاح لمواجهة هذه الأزمات البيئية المتزايدة.

ومن خلال التغيير في أنماطنا الغذائية يمكن أن نساهم في مكافحة التغير المناخي، والحفاظ على صحة كوكبنا؛ إذ تشير الدراسات إلى أن قطاع الغذاء يمثل مصدرًا رئيسيًّا لانبعاثات الغازات الدفيئة، مما يجعل النظام الغذائي المستدام جزءًا أساسيًّا من الحلول الممكنة.

التأثير البيئي للنظام الغذائي

يتسبب قطاع الغذاء -وفقًا لعدة دراسات- في إصدار ما يقارب ثلث إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن الأنشطة البشرية، كما أن هذا يشمل جميع المراحل؛ من الزراعة والتغليف وصولًا إلى النقل. وعلى الرغم من أن التغيرات المناخية تؤثر سلبًا في البيئة فإن هناك دورًا كبيرًا يمكن أن تؤديه الأنظمة الغذائية المستدامة في تقليل هذه الانبعاثات، وتحقيق أهداف الحياد الكربوني.

وفي استطلاع مستقل للرأي العام حول تغيّر المناخ “تصويت الأشخاص من أجل المناخ لعام 2024″، عبّر 80% من المشاركين عن رغبتهم في أن تتخذ حكوماتهم إجراءات أكثر فعالية؛ لمكافحة التغير المناخي. وعلى الرغم من هذا الوعي المتزايد فإنَّ كثيرًا من الناس لا يزالون غير مدركين للعلاقة القوية بين عاداتهم الغذائية والتأثيرات البيئية.

وتشير “إيف تورو بول” مؤسِّسةُ “رابطة الغذاء من أجل المناخ – Food for Climate League”، إلى أن الطريقة الأكثر فعالية لتشجيع الناس على تبني أنماط غذائية مستدامة هي تسويق الطعام المستدام بشكل إيجابي، بما في هذا تسليط الضوء على فوائده الصحية والبيئية.

تبني الأنماط الغذائية المستدامة

من أجل تقليل بصمتنا البيئية لا بد من زيادة تنوع الأطعمة التي نأكلها، مع التركيز على النباتات بشكل أكبر. ويوضح كثير من الخبراء أن التقليل من استهلاك اللحوم وزيادة استهلاك الأطعمة النباتية لهما تأثيرات بيئية إيجابية.

وتوضح الأبحاث -علاوةً علَى ذلك- أن عديدا من الأطعمة المستدامة ليست مفيدة للبيئة فقط، وإنما غنية بالعناصر الغذائية الضرورية للصحة. ويُعد التحول إلى تناول أطعمة مثل البقوليات، الفطر، الخضراوات الورقية، والطحالب – خيارًا ممتازًا من أجل تقليل الانبعاثات الكربونية.

البقوليات: أبطال البيئة في الغذاء

تعد البقوليات من الأطعمة المثالية التي تدعم البيئة، حيث تساهم في تحسين نوعية التربة، وتقليل الحاجة إلى استخدام الأسمدة الكيميائية، بالإضافة إلى أنها غنية بالبروتين والألياف والفيتامينات. ومن أبرز البقوليات التي تساهم في هذا التوجه: العدس والفاصوليا؛ إذ تعد بديلًا ممتازًا للحوم في عديد من الوجبات.

وتشير الدراسات إلى أن استبدال اللحوم بالبقوليات مرة واحدة في الأسبوع يمكن أن يؤدي إلى تقليل كبير في انبعاثات الغازات الدفيئة، وعلى سبيل المثال إذا استبدل الأمريكيون استهلاكهم للحوم بالبقوليات مرة واحدة أسبوعيًّا، فإن هذا قد يؤدي إلى تقليل 75 مليون طن من انبعاثات الغازات الدفيئة سنويًّا.

الفطر: طعام مستدام ومغذٍّ

الفطر هو أيضًا خيار غذائي مستدام بامتياز، ويتطلب كميةً قليلة من الماء والطاقة للنمو، ويمكن زراعته باستخدام المنتجات الثانوية للنباتات الأخرى؛ مما يجعله خيارًا بيئيًّا مثاليًّا. ويتمتع الفطر بقيمة غذائية عالية، ويتميز بنكهته الفريدة التي تجعله بديلًا ممتازًا للحوم في عديد من الأطباق، وإنَّ إضافته إلى النظام الغذائي يعد خطوة مهمة نحو تحقيق التوازن البيئي، وتقليل التأثير السلبي في كوكب الأرض.

الخضراوات الورقية: الغذاء الأمثل للبيئة والصحة

الخضراوات الورقية -مثل السبانخ والكالي والبروكلي- تمثل أيضًا خيارًا مثاليًّا للذين يسعون إلى الحفاظ على البيئة، وتحقيق صحة جيدة في الوقت نفسه. هذه الخضراوات سريعة النمو، وتتطلب موارد أقل -مثل المياه والأسمدة- مقارنة بكثير من الأطعمة الأخرى.

وتعد الخضراوات الورقية -بالإضافة إلى ذلك- غنية بالفيتامينات والمعادن، كما أنها تساهم في تحسين صحة القلب والأوعية الدموية، وتدعم التوازن البيئي، وتساعد على تقليل الانبعاثات الكربونية عند استهلاكها بشكل منتظم.

الطحالب: غذاء البحر المستدام

تعد الطحالب -بما في هذا النوري والواكامي- من الأطعمة المستدامة، التي تساهم في تحسين صحة البيئة، وتساهم أيضًا في إنتاج نصف كمية الأوكسجين فوق كوكب الأرض، ولها فوائد صحية جمة، بما في هذا الأحماض الدهنية “أوميجا 3”. وكذلك يمكن استخدامها في مجموعة متنوعة من الأطباق، التي تحسن مذاق الطعام، وتزيد من تنوع النظام الغذائي.

في الوقت الذي يواجه فيه كوكب الأرض تحديات بيئية غير مسبوقة، يمكن للطعام المستدام أن يشكل خطوة حاسمة نحو تحسين الوضع البيئي، وإن التغيير في نظامنا الغذائي، واختيار الأطعمة التي تدعم استدامة البيئة يمكن أن يساعد على تقليل الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، وتحسين صحة الإنسان. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيكون للبشر إرادة كافية لإجراء تغييرات جذرية علَى عاداتهم الغذائية؛ من أجل كوكب أكثر صحة واستدامة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى