خطى مستدامة

رحلة “بوما” نحو أحذية أكثر استدامة

رحلة «بوما» نحو أحذية أكثر استدامة

في ظل ظهور آفة الموضة السريعة في العقود الأخيرة بشكل متزايد، سنلقي نظرةً علَى أحد عمالقة صناعة الأحذية والملابس الرياضية – شركة «بوما – PUMA» الألمانية، التي تسعى بشكل دؤوب إلى تطبيق مفاهيم الاستدامة في عملياتها ومنتجاتها.

بالنسبة إلى بوما، فإنَّ عمليةَ التحَوُّلِ إلى شركة أكثر استدامةً رحلةٌ مستمرةٌ تشمل جميع مراحل أعمالها؛ لذا أطلقتِ الشركةُ الألمانيةُ استراتيجيةَ الاستدامةِ الخاصة بها، والتي أسمتها: «أفضل إلى الأبد –Forever Better».

أهداف طموحة ونتائج مشجعة

جعلتْ بوما الاستدامةَ جزءًا مهمًّا مِن استراتيجيتها منذ أعوام عديدة، حين قدمتْ أولَ لائحة لقواعد السلوك في عام 1993، إلا إنَّ المشهدَ العالميَّ قد تغيَّر كثيرًا منذ ذلك الحين. اليوم، أكثر مِن أي وقت مضى؛ يتوقع المستهلكون وتجار التجزئة مِن الشركات أنْ تكون جزءًا رئيسيًّا مِن حَلِّ مجابهة التحديات البيئية في العالَمِ، عن طريق المزيد مِن المبادرات، وتبني المنتجات المستدامة، بالإضافة إلى تبني مبدأ «فصل الاستهلاك عن انبعاثات الكربون»؛ أي: بمعنى ألَّا تكون الزيادةُ في معدلات الاستهلاك مرتبطةً بالزيادة في كمية الانبعاثات.

تُدْرِكُ PUMA أنه لا يمكن أنْ تصبح أكثر استدامةً مِن خلال التركيز فقط علَى عدد قليل مِن منتجاتها، حيث تدرك أنه يجب أنْ يكون لها تأثير علَى نطاق أوسع؛ ولتحقيق هذا حددت الشركة الألمانية أهدافًا من خلال 10 مجالات مستهدفة، مثل تغير المناخ، والاقتصاد الدائري، والبلاستيك، وغيرها. وتسعى الشركة إلى تحقيق هذه الأهداف بحلول عام 2025.

تُريدُ PUMA -باعتبارها عضوًا في «ميثاق الموضة للعمل المناخي»- تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهذا في ضوء التقارير والأبحاث التي تنذر بكارثة محققة، في حال لم نشارك بجدية في الحد مِن عواقب تغير المناخ.

وفي هذا السياق، كشفتِ الشركةُ الألمانيةُ عن بعض البيانات بين عامي 2017 و2021، تشير إلى أنَّ PUMA قد خفضت انبعاثاتها مِن الكربون في جميع أنحاء العالَمِ (في المكاتب والمتاجر والمستودعات) بنسبة 88٪، وهذا عن طريق التحول إلى الطاقة المتجددة، وشراء شهادات الطاقة المتجددة، أضفْ إلى هذا تحويل أسطول سياراتها إلى مركبات كهربائية.

وعلَى الرغم مِن نموها القوي بين عامي 2017 و2021، تمكنت PUMA أيضًا مِن تقليل انبعاثات الكربون الناتجة عن سلسلة التوريد الخاصة بها. حققت الشركة هذا مِن خلال مساعدة مورديها علَى الحصول علَى مزيد مِن الطاقة المتجددة، والاعتماد بشكل أكبر على استخدام مواد أكثر استدامةً؛ وبالتالي كميات أقل من انبعاثات الكربون.

إعادة التدوير باعتباره وسيلةً رئيسيةً

يُعَدُّ إعادة التدوير أمرًا بالغ الأهمية، حيث يُمَكِّنُ مِن اتخاذ خيارات أكثر استدامةً علَى نطاق واسع. في عام 2021 وَسَّعَتْ PUMA مِن استخدام البوليستر المُعَادِ تدويره، ليصل إلى 55٪ في منتجاتها مِن الملابس، وهذا باعتباره جزءًا مِن استراتيجيتها التي تسعى إلى استخدام 75٪ مِن البوليستر المُعَادِ تدويره في الملابس والإكسسوارات بحلول عام 2025. كما أنها تسير علَى الطريق الصحيح لاستبدال أكياس التسوق البلاستيكية في منافذها كلها.

بحلول عام 2025، تهدف PUMA إلى الحصول علَى مكونات أكثر استدامةً في 90٪ مِن أحذيتها. يتضمن هذا تطوير خيارات مُعَادٍ تدويرها في الجلود والمطاط والبولي يوريثين (الجلد الصناعي). تم طرح أول مواد جلدية مُعَادٍ استخدامها بالفعل في إحدى مجموعات الأحذية الخاصة بالشركة في عام 2021، والتي أطلقت عليها اسم «RE.GEN».

لكنَّ الاستدامةَ لا تتعلق فقط بتصنيع منتجات جديدة، فمع مشروعي: «RE:SUEDE» و«RE:JERSEY» بدأت بوما تجربتينِ مهمتينِ لاستكشاف طرق؛ لتحمل المزيد مِن المسئولية تجاه تحقيق التنمية المستدامة. مِن خلال المشروع الأول صنعت بوما نسخةً تجريبيةً مِن حذاء رياضي كلاسيكي بمواد خاصة، مثل لدائن المطاط الحرارية (TBE) القابلة للتحلل البيولوجي، والجلد الخالي مِن الكروم، حيث وَزَّعَتْ الأحذيةَ علَى 500 متطوع في ألمانيا، حيث ارتدونها لمدة ستة أشهر قبل إعادتها إلى الشركة، لتقييم مدَى جودة المنتج.

أمَّا في المشروع الثاني، جربت بوما عمليةَ إعادة تدوير كيميائية، لتحويل قمصان البوليستر القديمة إلى منتجات جديدة. مِن خلال هذه العملية يمكن للشركة الألمانية فصل الألوان والشوائب عن القمصان المستخدمة؛ لإنشاء خيوط بوليستر مُعَادٍ تدويرها بالخصائص نفسها الموجودة في أداء البوليستر البكر، وهو الأمر الذي شجع الشركة علَى زيادة الاعتماد علَى التدوير الكيميائي في خُطتها المستقبلية.

بسبب تلك الجهود، صُنِّفَتْ بوما بأنها العلامة التجارية الأكثر استدامةً في صناعة الأزياء، وهذا وفقًا لـ “Business of Fashion”، التي يطلق عليها اختصارًا BOF، وقد شمل التصنيف أكبر 30 شركة في مجال الأزياء. ولِمَنْ لا يعلم فـ «BOF» مؤسسةٌ تشتهر في جميع أنحاء العالَمِ بتقاريرها التحليلية الموثوقة في صناعة الأزياء العالمية، تلك الصناعة التي تبلغ قيمتها 2.5 تريليون دولار.

تفخر بوما بالتقدم الذي أحرزته فيما يتعلق بالاستدامة علَى مدار العقود الماضية، وبالرغم مِن هذا فإنَّ الشركةَ تدرك جيدًا أنه لا يزال هناك كثير يتعين القيام به؛ لتصبح أكثر استدامةً، ولكي تكون «أفضل إلى الأبد».

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى