خطى مستدامة

كن مستعدًّا.. مبادرة مصرية لدعم الابتكار والتكنولوجيا

مبادرة مصرية

كن مستعدًّا.. مبادرة مصرية لدعم الابتكار والتكنولوجيا

يعد الابتكار في قطاع التعليم الجيد أداة أساسية لتوجيه الطاقات البشرية نحو مستقبل أكثر استدامة، حيث يعتبر الاستثمار في تطوير المهارات والمعرفة البشرية مفتاحًا لتحفيز النمو الاقتصادي. وفي ظل التحولات السريعة التي يشهدها سوق العمل عالميًّا، بات من الضروري إعادة تصميم مسارات التعليم والتدريب لتتفق مع احتياجات المستقبل وأهداف التنمية المستدامة.

وفي هذا السياق، أطلقت وزارة التعليم العالي النسخة الثانية من مبادرة “كن مستعدًّا”، التي تهدف إلى تعزيز دور الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في بناء جيل جديد من الشباب المؤهل والمبدع؛ فما تفاصيل هذه المبادرة؟ وما أهدافها، وآليات تنفيذها؟ وهل حقًّا يمكن أن تمثل نقلة نوعية في مسارات التعليم والتوظيف؟ هذا ما تسلط حماة الأرض الضوء عليه في هذا المقال؛ فتابعوا القراءة.

تحت شعار “مليون مبتكر مؤهل” (Be Ready – 1M)، أطلق الدكتور/ أيمن عاشور -وزير التعليم العالي والبحث العلمي- النسخة الثانية من مبادرة “كن مستعدًّا”، التي تسعى إلى توفير تدريب تقني متقدم يركز على تنمية المهارات الأساسية، مثل التفكير النقدي والإبداعي، وتعزيز قدرات الطلاب على التحليل والابتكار وحل المشكلات، وتمتد مخرجاتها لتشمل تمكين الشباب من الدخول إلى سوق العمل بكفاءة، وتأهيلهم للوظائف الحديثة التي تتطلب مهارات رقمية وتكنولوجية متقدمة.

يشهد هذا الإصدار من المبادرة مشاركة عدد من الجهات الدولية والإقليمية البارزة، مثل منظمة العمل الدولية، ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، ومعهد الابتكار العالمي، إلى جانب صندوق تطوير التعليم لرئاسة مجلس الوزراء، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وتعكس هذه المشاركة الواسعة التزامًا جماعيًّا نحو تمكين الشباب، وإعدادهم للمتغيرات السريعة في سوق العمل.

رؤية استراتيجية للتعليم والتنمية

الانتقال من مرحلة الدراسة إلى سوق العمل مسار يتطلب مهارات متكاملة تضمن استدامة الفرص المهنية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي للأفراد. وفي هذا السياق تعمل المبادرة على توفير برامج تأهيلية تواكب التغيرات المستمرة في سوق العمل، مع التركيز على توفير مسارات مهنية تتفق مع متطلبات العصر في التكنولوجيا والابتكار.

وقد استعرض الوزير -الدكتور/ أيمن عاشور- خلال إطلاق المبادرة أهدافها، موضحًا أنَّ التركيز ينصب على إعداد مليون من الطلاب وحديثي التخرج، عبر منصة رقمية متكاملة تدعم الشباب وتمكّنهم من اكتساب المهارات الأساسية اللازمة للمنافسة عالميًّا، كما أشار إلى أهمية التنسيق مع مراكز التوظيف بالجامعات والمؤسسات الأكاديمية؛ من أجل ضمان استفادة أكبر عدد ممكن من الطلاب والخريجين، بحيث يتم ربطهم مباشرة بفرص سوق العمل.

وأكد الدكتور/ أيمن فريد -مساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجي والتأهيل لسوق العمل- أهمية المبادرة في سد الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق الفعلية، مشددًا على أهمية تعزيز المهارات الرقمية والريادية للطلاب، بما يسهم في توفير فرص أوسع للنمو المهني والاقتصادي.

تدريب تقني يعزز التفكير الابتكاري

من أجل تحقيق نهضة اقتصادية شاملة، لا يمكن الاكتفاء بتطوير التعليم والتوظيف فقط، وإنما يجب الاستثمار في بناء بيئة تدعم الابتكار وتواكب التحولات الصناعية والتكنولوجية. وهنا تبرز أهمية البنية التحتية باعتبارها ركيزة أساسية لنجاح أي مشروع أو مبادرة اقتصادية أو تعليمية، فلا يمكن الحديث عن التنمية دون وجود بيئة مجهزة بأحدث التقنيات تسريعًا لمسيرة النمو.

ولذلك تسعى مبادرة “كن مستعدًّا” إلى توفير تكامل بين المهارات الجديدة التي يتم غرسها في الشباب والاحتياجات الصناعية الواقعية، مما يؤهلهم لتقديم حلول عملية فعالة تخدم الاقتصاد المحلي والدولي.

وفي هذا السياق، يشدد السيد/ إيريك أوشلين -مدير منظمة العمل الدولية بالقاهرة- على ضرورة مراعاة التغيرات التكنولوجية في برامج تأهيل الشباب، والتركيز على دمج المهارات الرقمية والتقنيات الحديثة ضمن خطط التدريب؛ لضمان قدرتهم على المنافسة في سوق العمل العالمي.

شراكات دولية لدفع عجلة الابتكار

وتأتي مبادرة “كن مستعدًّا” في نسختها الثانية باعتبارها جزءًا من جهود وزارة التعليم العالي لتنفيذ أهداف المبادرة الرئاسية “تحالف وتنمية”، التي تسعى إلى بناء قدرات مليون شاب وشابة من طلاب الجامعات وحديثي التخرج. وتركز هذه الجهود على تطوير المهارات الرقمية، وتعزيز ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، بما يُسهم في تقليص الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وذلك كله في إطار “رؤية مصر 2030” والاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي.

ويمثل هذا الإطلاق امتدادًا لنهج شامل لدعم الشباب وتزويدهم بالمهارات اللازمة التي تتلاءم مع المستجدات السريعة في سوق العمل؛ فبعد النجاح الذي حققته المرحلة التجريبية عام 2023، التي استهدفت نحو 18 ألف طالب من 20 جامعة مصرية، جاءت النسخة الجديدة لتغطي نطاقًا أوسع، باستهداف مليون مبتكر، في خطوة استراتيجية تعزز مكانة الشباب باعتبارهم ركيزة أساسية للابتكار والنمو الاقتصادي.

وقد أكد الدكتور/ عبد الله الدردري -المدير التنفيذي المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي- أهمية التعاون الدولي في دعم تأهيل الشباب وإعدادهم لسوق العمل المستقبلي. وأشار إلى ضرورة تعزيز قدراتهم عبر مشروعات متكاملة تسهم في رفع كفاءتهم ومواكبتهم لمتطلبات العصر الحديث.

تمكين الشباب في سوق العمل الرقمي

مع تصاعد وتيرة التحولات العالمية ورقمنة الخدمات والمجالات كافةً، ترى حماة الأرض أنَّ الأنظار تتجه الآن نحو الشباب باعتبارهم العمود الفقري لأي مشروع تنموي طموح. وفي ظل توسع المبادرات التعليمية والتأهيلية يبرز دور الشباب؛ لأنَّهم قادرون على قيادة التغيرات المستدامة في المجتمعات.

إنَّ التنمية الحقيقية لا تُبنى فقط بالمباني أو الموارد المادية، وإنما عبر تمكين الأفراد وتعزيز مهاراتهم في ميادين الابتكار والتكنولوجيا والاقتصاد الرقمي، وهذا ما تؤكده حماة الأرض من خلال التزامها الراسخ بدعم المبادرات التي تركز على إعداد الشباب ليكونوا أبطال المرحلة القادمة؛ لأنَّ الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الأطول أثرًا والأكثر استدامةً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى