مصر محور التجارة العالمية.. خطة شاملة للصناعة والنقل والتنمية بحلول 2030

مصر محور التجارة العالمية.. خطة شاملة للصناعة والنقل والتنمية بحلول 2030
انطلقت بالأمس فعاليات الدورة الثانية لمنتدى القاهرة بحضور نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل الفريق كامل الوزير، وألقى كلمةً خلال الجلسة الافتتاحية أعرب فيها عن امتنانه بالمشاركة في المؤتمر للمرة الثانية على التوالي في المنتدى الذي يعكس إصرار مصر على أن تكون ركيزةً أساسيةً في صياغة مستقبل اقتصادي جديد، شاركت كذلك في الجلسة الافتتاحية كوكبة من المفكرين والمسؤولين والخبراء من 27 دولة لمناقشة أهم القضايا الاقتصادية والسياسية العالمية.
كما أكد أن “منتدى القاهرة” صار مجتمعًا لنخبة من العقول والخبرات لبحث سبل مواجهة العالم الذي يتغير بوتيرة سريعة، لافتًا إلى أنَّ النسخة الحاليَّة تكتسب بعدًا خاصًّا إذ إنها تتناول مستقبل التجارة العالمية في ظل التحديات الراهنة التي تحتم إعادة تشكيل الممرات الاقتصادية بين الشرق والغرب، كما أكَّد ضرورة وجود نظام اقتصادي عالمي جديد أكثر توازنًا وعدلًا يقوم على نقل وتداول التكنولوجيا لا على احتكارها، كما شدد على أن رؤية الدولة شاملة في الصناعة والنقل والبنية التحتية والتدريب والتحول الرقمي، وأنها كانت ردًّا عمليًّا على الاضطرابات الخارجية التي يعانيها العالم.
جهود مصر في مواجهة الاضطراب العالمي
كما أشار إلى أنَّ انعقاد هذا المنتدى في القاهرة دليلٌ واضحٌ على إيمان مصر بأهمية الحوار والتكاتف وتبادل الخبرات بين المؤسسات والدول إزاء التحديات الاقتصادية الراهنة، وتوجه سيادته بالشكر إلى المركز المصري للدراسات الاقتصادية على تنظيم هذا المنتدى المتميز.
ويرى الوزير أن العصر الراهن هو عصر “الاضطراب العالمي” بصورته الشاملة، فإنه اضطرابٌ في منظومة التجارة والطاقة وقواعد التكنولوجيا والمعرفة وكذلك في مفهوم التنمية ذاته، ولا يقتصر على السياسة فحسب، فقد أثبت عام 2025 أن التحديات صارت عالمية الطابع محلية الأثر لا فرق بين اقتصادٍ متقدم ونامٍ، وأن المستقبل بيد من يملك القدرة على التنظيم والرؤية ويتمتع بالمرونة الكافية للتغلب على التقلبات المحيطة، وفي خضم هذه التقلبات اختارت مصرُ سبيل العمل والإنتاج وأن تجعل التنميةَ المستدامة وسيلةً لتعزيز الاستقرار والسلم لا سلاحًا للتنافس والصراع.
افتتاح المتحف المصري الكبير
وتطرق الوزير إلى الحديث عن الحدث الاستثنائي الأبرز وهو افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يعد أكبر متحف أثري في العالم يتسع لحضارة واحدة، واصفًا إياه بأنه من أهم الإنجازات الثقافية في القرن الحادي والعشرين، إن هذا المشروع لم يكن مجرد مشروع هندسي عادي، ولكنه رسالة من مصر إلى العالم فحواها أن مقياس الأمم العريقة يقوم على قدرتها على الربط بين ماضيها العميق ومستقبلها الحديث.
خطة مصر للتطوير والتنمية
وبالحديث عن خطط التطوير والتنمية المستدامة فقد صرح سيادته أن الدولة المصرية انطلقت في تنفيذ مشروع شامل لإعادة تشكيل البنية الاقتصادية والإنتاجية ومن قبلها البنية التحتية، فقد وضعت الحكومة هدفًا استراتيجيًّا واضحًا وهو تحويل مصر إلى قِبلة صناعية ولوجستية إقليميًّا ودوليًّا، وترسيخ قاعدة إنتاجية قادرة على تلبية احتياجات السوق المحلية وتصدير الفائض إلى الأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن النهج الوطني للصناعة يرتكز على مبادئ الاستدامة والتنافسية، كما تهدف إلى رفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي إلى 20% بحلول عام 2030، ومضاعفة فرص العمل في القطاع الصناعي، والتوسع في الصناعات الخضراء لتشكل 5% من الناتج المحلي.
إن أهم محاور هذه الخطة الشاملة هو التوسع في الصناعة المحلية وتشغيل المصانع المتوقفة وتأهيل العمالة لتتناسب مع الثورة الصناعية الرابعة، وفي سبيل تحقيق التنمية المستدامة أطلقت مصر 28 صناعةً واعدة، على رأسها الصناعات الهندسية والإلكترونيات والصناعات الغذائية والدوائية وغيرها، ما يجعل مصر قادرةً على المنافسة إقليميًّا ودوليًّا.
وكذلك تعمل مصر على التكامل القاري؛ إذ إنها تعدُّ قلب القارة السمراء، وذلك من خلال منظمة التجارة الإفريقية والاستفادة منها باعتبارها بوابةَ عبور رئيسية نحو أسواق تضم أكثر من مليار نسمة.
تطوير شبكة النقل والبنية التحتية لتحقيق التنمية
وفي الوقت نفسه عملت الدولة على تطوير منظومة البنية التحتية والنقل كونها عنصرًا أساسيًّا للتنمية الصناعية والاستثمارية، فقد أشار إلى أنه في 10 سنوات نجحت مصر في تنفيذ مشروعات تجاوزت قيمتُها تريليوني جنيه مصري، شملت تطوير طرق تصل إلى أكثر من 17 ألف كيلومتر، وإنشاء 35 محورًا جديدًا وتحديث منظومة السكة الحديدية، ومد شبكات النقل السريع كالقطار السريع والمونوريل.
بالإضافة إلى ممرات دولية تنموية متكاملة تدعم تحول مصر إلى مركز إقليمي للتجارة واللوجستيات، تربط مناطق الإنتاج بالموانئ البحرية، عبر وسائل نقل آمنة وسريعة، وتشمل هذه الممرات: (ممر العريش/ طابا – ممر السخنة/ الإسكندرية – ممر سفاجا/ قنا/ أبو طرطور – ممر القاهرة/ الإسكندرية – ممر طنطا/ المنصورة/ دمياط – ممر جرجوب/ السلوم – ممر القاهرة/ أسوان/ أبو سمبل).
مؤكدًا أن مصر تمتلك رغبةً قويةً لتعزيز كونها محورًا عالميًّا لحركة التجارة والنقل، تعمل على ربط الممرات اللوجستية الوطنية بالممرات الإقليمية والدولية الكبرى، خاصةً الممر الاقتصادي الرابط بين الهند والخليج وأوروبا (IMEC)؛ إذ يُمكن- بالانتهاء من تنفيذ الممرات اللوجستية الثلاثة: طابا/ العريش – السخنة/ الإسكندرية – سفاجا/ قنا/ الإسكندرية- أن تكون مصر جزءًا محوريًا من هذا الممر الاقتصادي العالمي، فقد يفتح انضمام مصر إلى هذا الممر آفاقًا جديدة للتكامل الاقتصادي الممتد من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي، رابطًا بين قارتي آسيا وأوروبا، ومعززًا مكانةَ قناة السويس، أقصر وأكفأ طريقٍ للتجارة الدولية، وهو ما أكده الرئيس الفرنسي مؤخرًا من ضرورة ربط مصر على ممر IMEC.
وترى مؤسسة حماة الأرض أن التعاون في مجالات الاستثمار والبنية التحتية والتكنولوجيا والطاقة خير وسيلة لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة، كما ترى أنَّ بناء الإنسان وزيادة الإنتاج عوامل أساسية لا غنى عنها إلى جانب العمل الاقتصادي والاستثمار والمشروعات، وأنَّ مصر لا تزال مؤمنةً أنه لا بديل عن حركة البناء والتنمية لتحقيق الاستقرار، وكانت وما زالت جسرًا للتواصل بين الشرق والغرب وبين الماضي والمستقبل.






