خطى مستدامة

ما الأمن الغذائي؟

الأمن الغذائي

ما الأمن الغذائي؟

يُنظر إلى الأمنِ الغذائيّ باعتباره محورًا رئيسيًّا من محاور التنمية والبيئة، حيث إنه المصطلح الذي يعمل العالم من خلاله علَى ضمان توفير الطعام للسكان بأسلوب مستدام وآمن في جميع الأوقات. وإذا كان الأمنُ الغذائيّ مفهومًا مرتبطًا -بشكل وثيق- بالتنمية المستدامة فإنه يتعين على المجتمعات الاهتمام به، وتعزيز كل مشروعاته، ومن أهمها: مشروعات تحسين إنتاج الغذاء بكفاءة.

ينبغي لنا أنْ ندركَ أنه إذا لم يتحقق أمن الإنسان الغذائي تضررت صحته، وتدهورت بيئته؛ لأنَّ نقصَ التغذيةِ وانتشارَ الجوعِ يؤديانِ إلى تدهور الصحة والتعليم، وغيرهما من القطاعات. ولضمان الأمنِ الغذائيّ يجب على المجتمعات تعزيز الممارسات الزراعية المستدامة، وتحسين الإدارة البيئية، بالإضافة إلى تفعيل أساليب التوعية بأهمية التغذية الصحية، والعمل على تنفيذ خطط الاقتصاد الأخضر. ولأجل ذلك كله نسعى في هذا المقال إلى توضيح مفهوم الأمنِ الغذائيّ، وبيان ركائزه الأساسية.

مفهوم الأمن الغذائي

يشير مفهومُ الأمنِ الغذائيّ إلى توفير الغذاء للأفراد دون أيّ نقص. ويتحقق الأمن الغذائي عندما لا يعاني الفردُ الجوعَ ولا نقصَ الطعام. ويُستخدم هذا المفهومُ باعتباره معيارًا لتقييم سلاسل الإمداد الغذائية، التي قد تَضعف بسبب عوامل عديدة خطيرة، ومنها: الجفاف – الحروب – تدهور التربة – التغيُّرات المناخية.

ويمكن تقسيم الأمن الغذائي إلى مستويينِ: المطلق، والنسبيّ. أمَّا الأمن الغذائي المطلق، فهو قدرة الدولة على إنتاج الطعام بمعدل يفوق الطلب المحليّ. وأمَّا الأمن الغذائي النسبيّ، فهو قدرة الدولة على تلبية احتياجات شعبها جزئيًّا.

ومن الجدير بالذِّكْرِ، هو أنَّ للأمن الغذائي -وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية- أركانًا أربعة، هي: الوفرة، والإمكانية، والاستهلاك، والاستقرار. وفي هذا الجزء من المقال سنشرح هذه الأركان بشكل أكثر تفصيلًا.

أولًا- الوفرة الغذائية

تعني وفرةُ الغذاء توفيرَ الإمدادات الغذائية من خلال الإنتاج والتوزيع والتبادل، ويعتمد إنتاج الغذاء على عوامل متنوعة، منها: حيازة الأراضي، وطريقة استخدامها، وإدارة التربة، واختيار وزراعة المحاصيل ورعايتها، وكذلك تنفيذ مشروعات الثروة الحيوانية بأسلوب مستدام، وفي النهاية: طريقة جمع المحاصيل. ويُعدُّ -أيضًا- تأثيرُ تغيُّرات منسوب الأمطار في إنتاج المحاصيل عاملًا من عوامل إنتاج الغذاء.

ثانيًا: إمكانية الحصول على الطعام

ترتبط إمكانية الحصول على الطعام بقدرة الأفراد على تحمل أعباء تكاليفه وتوزيعه، بالإضافة إلى تفضيلاتهم الشخصية وتفضيلات أُسَرِهم. وينبغي أنْ ندركَ هنا أنَّ الجوعَ وسوءَ التغذية لا يكونانِ -وفقًا لتقرير لجنة الأمم المتحدة المَعنية بالحقوق الاقتصادية- بسبب ندرة الطعام، وإنما بسبب صعوبة الوصول -ماديًّا- إلى الأطعمة المتاحة، وهذا الأمر عادةً ما يعود إلى الفقر.

لكن كيف يُقيد الفقرُ قدرةَ الإنسانِ علَى توفير طعامه؟ إنَّ الفقرَ يتسبب في هشاشة الأفراد أو الأُسَرِ أمام ارتفاع أسعار الطعام. بالإضافة إلى أنَّ الحصولَ على الطعام متوقفٌ على وجود دَخْلٍ كافٍ يسمح للإنسان بشراء الطعام، وهذا وفقًا للأسعار السائدة.

ثالثًا: استهلاك الطعام

إنَّ استهلاكَ الطعامِ مرتبطٌ بعملية الهضم، ويتأثر نوعه وكميته حينئذٍ بمجموعة متنوعة من العوامل؛ لذا يجب أنْ يكون الطعامُ الذي يُستهلك آمنًا وملبيًا لاحتياجات الإنسان الغذائية، وهذا لأنَّ سلامةَ الغذاءِ تؤثر -بشدة- في كيفية استهلاكه. وقد تتأثر هذه السلامة بعوامل متعددة، مثل عمليات تحضير وتجهيز الطعام؛ لهذا يجب تحسين طرق التغذية.

رابعًا: استقرار الغذاء

المقصود باستقرار الغذاء، هو قدرة الوصول إليه طوال الوقت. وقد ينعدم هذا الاستقرار الغذائي مؤقتًا أو موسميًّا، ومتى كان استقرارُ الأمن الغذائي مضطربًا وغيرَ مأمونٍ ندرك على الفور أنَّ هناك كوارثَ طبيعيةً أو فتراتِ جفافٍ. كما تَتَسبب النزاعاتُ المحليةُ في انعدام استقرار الغذاء، وكذلك تؤدي تذبذباتُ الأسواقِ وارتفاعُ أسعارِ الطعام -بشكل مفرط- إلى عدم استقرار الأمن الغذائيّ.

ما تأثيرات اضطراب الأمن الغذائي؟

يمكن أنْ يكون لنقص الأمن الغذائي تأثيراتٌ سلبيةٌ شديدةٌ في الفرد والمجتمع كله، فإنَّ اضطرابَ الأمن الغذائي طريقٌ سريعٌ إلى تجويع الناس؛ مما يؤثر -سلبًا- في صحتهم وقدرتهم على العمل والتعلم، وحينئذٍ تزداد فرص انتشار الأمراض والأوبئة بينهم، بخاصة في المجتمعات التي تعاني نقصًا ملحوظًا في الأمن الغذائي.

أيضًا، قد يتسبب نقص الأمن الغذائي في زيادة حدة الصراعات والاضطرابات الاجتماعية في تلك المجتمعات المتأثرة به؛ لأنَّ التنافسَ على الموارد الغذائية المحدودة بين أفراد هذه المجتمعات قاسَمٌ مشترَكٌ بين الفقر والحروب.

استراتيجيات تحقيق الأمن الغذائي

تعتمد استراتيجيات تحقيق الأمن الغذائي على محاورَ خمسة.

المحور الأول– زيادة الإنتاج الزراعيّ، وتحسين كفاءته، ودعم مشروعات الثروة الحيوانية.

المحور الثاني– الاهتمام بأنشطة التجارة الدولية الخاصة بالغذاء وأنظمته، وتنويع مصادر استيراده.

المحور الثالث– تحسين إدارة الموارد المائية، وتطوير تقنيات الريّ الحديثة، وتعزيز سبل الزراعة المستدامة.

المحور الرابع– دعم البحث العلميّ القادرِ على تطوير سلالات المحاصيل المقاوِمة للأمراض والظروف البيئية القاسية.

المحور الأخير– تبصير وتوعية الناس وتثقيفهم حول أهمية تناول أطعمة صحية ومتوازنة غذائيًّا.

في الختام يمكننا القول: إنَّ الأمن الغذائي عنصرٌ حاسمٌ في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة ومواردها. وإنَّ توفيَر الطعام للسكان بمعدلات كافيةٍ له التأثيرُ الأشدُّ في ارتفاع مؤشرات النمو الاقتصاديّ، فضلًا عن كونه مساعِدًا على استقرار المجتمعات؛ لذلك كله كان هذا المقالُ دعمًا من مجلة حماة الأرض، حتى يكون الجميعُ على وعي بتلك المشكلة العالمية؛ كي لا نبتعدَ عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى