أخبار الاستدامة

مصر تقود حوار التنمية المستدامة في منتدى دافوس الصيفي 2025

دافوس

مصر تقود حوار التنمية المستدامة في منتدى دافوس الصيفي 2025

في مدينة تيانجين الصينية، انعقدت في الفترة من 23 إلى 26 يونيو الجاري فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي المعروف بـ”منتدى دافوس الصيفي”، وسط حضور رفيع المستوى من قادة العالم وصنّاع القرار من أكثر من 90 دولة، في لحظة عالمية تتطلب إعادة التفكير في سُبل تحقيق التنمية المستدامة ومواجهة التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية المعقدة.

وقد شاركت مصر بتمثيل بارز في المنتدى، حيث ترأست وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الدكتورة/ رانيا المشاط، الاجتماعات بصفتها رئيسًا مشاركًا لهذا الحدث العالمي، الذي يُعقد هذا العام تحت شعار: “السياسات الاقتصادية المرنة لمواكبة التغييرات العالمية”.

وسوف تتناول حماة الأرض في هذا المقال أبرز محاور منتدى دافوس الصيفي ومدى تأثيره في مستقبل التنمية المستدامة عالميًّا، مع تسليط الضوء على المشاركة المصرية الفعالة، وما تحمله من دلالات استراتيجية على موقع مصر في خارطة الاقتصاد الأخضر العالمي، وأثرها على مستوى صنع السياسات وجذب الشراكات الدولية؛ فتابعوا القراءة.

المنتدى في سياق عالمي بالغ التعقيد

تأتي أعمال المنتدى هذا العام في ظل تحولات جيواقتصادية معقدة وصراعات جيوسياسية متصاعدة، وصفها الرئيس الجديد للمنتدى، “بورجه برنده” بأنها “الأكثر تعقيدًا منذ عقود”، وهذا السياق العالمي المتوتر، الذي يشهد حروبًا تجارية وتحولات في أنماط العولمة، يُبرز الحاجة الملحّة إلى بلورة سياسات اقتصادية أكثر مرونة، تُواكب التحديات الراهنة وتضمن استدامة النماذج التنموية في مواجهة الأزمات الممتدة، بدءًا من اضطرابات سلاسل التوريد، وصولًا إلى تبعات التغير المناخي.

ويمثل المنتدى منصة حوار بنّاء بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين والحكوميين، ما يجعله مساحة ضرورية لإعادة النظر في أدوات الحوكمة الاقتصادية التقليدية، واستبدالها بنماذج أكثر شمولًا تُدمج الاعتبارات الاجتماعية والبيئية في صلب السياسات الاقتصادية؛ فلم تعد مؤشرات النمو أو العائد على الاستثمار كافية لتقييم فعالية النماذج التنموية، وإنما بات من الضروري إدماج معايير الإنصاف البيئي، وتقليص الفجوات الاجتماعية، وضمان استدامة الموارد في المدى الطويل.

محاور المنتدى ودعمها لأولويات التنمية

يرتكز منتدى دافوس الصيفي على أربعة محاور رئيسية، تتقاطع بشكل مباشر مع أولويات التنمية المستدامة، أبرزها: دفع التحول في قطاعي الطاقة والتصنيع من خلال تعزيز تبنّي التكنولوجيا النظيفة والحلول المبتكرة، وهو مسار محوري في الانتقال نحو اقتصادات منخفضة الكربون، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات التجارية والاستثمارية العالمية، خاصة في ظل إعادة تشكل مراكز النفوذ الاقتصادي على ضوء التوترات الدولية.

كما يُولي المنتدى اهتمامًا بتفعيل التعاون الإقليمي والدولي عبر المنصات متعددة الأطراف، في محاولة لإعادة الثقة في النظام الاقتصادي العالمي، لا سيّما فيما يخص العلاقات بين الصين ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومن الجوانب اللافتة أيضًا، التركيز على دعم السياسات الاقتصادية المستجيبة لتغيرات السوق، بما يشمل دعم مشاركة المرأة في قيادة التنمية، والتمويل العادل لمشروعات التحول الأخضر.

وفي هذا السياق، يُعدّ منتدى دافوس الصيفي فرصة حيوية لتعزيز صوت الدول النامية في صناعة القرار العالمي، وإعادة التوازن بين مصالح الشمال والجنوب العالميين في قضايا التمويل، والعدالة المناخية، وتقاسم التكنولوجيا؛ فالعالم اليوم بحاجة إلى شراكات تعترف باختلاف الإمكانات بين الدول، وتسعى إلى تقليل الفجوات بدلًا من تعميقها.

دلالات المشاركة المصرية في المنتدى

وتحمل مشاركة مصر هذا العام أهمية مزدوجة؛ إذ تأتي في وقت تعمل فيه الدولة على تنفيذ استراتيجيات متقدمة للتحول الاقتصادي المستدام، وتعزيز التمكين الرقمي والابتكار الصناعي، وتأتي مشاركة الدكتورة/ رانيا المشاط -باعتبارها رئيسًا مشاركًا- لتكون اعترافًا دوليًّا بدور مصر المتنامي في الإسهام في تشكيل السياسات الاقتصادية العالمية، خاصة في مجالات تمويل التنمية، والتعاون مع الشركاء الدوليين، والترويج لنماذج تنموية أكثر شمولًا واستدامة.

وتضمن جدول أعمال الوزيرة عددًا من الجلسات رفيعة المستوى التي تناقش ملفات الطاقة والتصنيع المتقدم، إضافة إلى جلسة مخصصة لمبادرة “الحزام والطريق” الصينية، التي تُعد إحدى المبادرات الدولية ذات الأثر العابر للحدود في مجال البنية التحتية المستدامة والربط الاقتصادي العالمي.

وإلى جانب الجلسات العامة، عقدت الوزيرة سلسلة من اللقاءات الثنائية مع ممثلي القطاع الخاص وشركاء التنمية والحكومات، بهدف توسيع نطاق التعاون الاستثماري مع مصر، خاصة في مجالات الاقتصاد الأخضر، والتكنولوجيا النظيفة، والتعليم الفني المرتبط بسوق العمل البيئي.

وتعكس هذه اللقاءات والحوارات الرفيعة المستوى إدراكًا متزايدًا لأهمية دمج البعد الاجتماعي والبيئي في السياسات الاقتصادية، وهو ما تعتبره حماة الأرض مؤشرًا على تحوّل نوعي في موقع مصر على خريطة الاستثمارات المستدامة؛ فمع مشاركتها في منتدى دافوس الصيفي، تقدم رؤية أكثر وضوحًا تجعل من التنمية المستدامة خيارًا استراتيجيًّا يعكس توازنًا مطلوبًا بين الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى