خطى مستدامة

النقل المستدام يجمع مصر والسويد في شراكة استراتيجية

النقل المستدام يجمع مصر والسويد في شراكة استراتيجية

تعمل مصر مثل كثير من دول العالم المتحضر على تلبية احتياجات مواطنيها بما لا يضر بموارد البيئة من حولهم، وهذه الصورة المشرقة يحققها مجال مهم ألَا وهو مجال النقل المستدام، بما له من بنية تحتية تعتمد على الطاقة المتجددة؛ وبهذا يسهم النقل الحضري المستدام في دفع عجلة التنمية المستدامة، وتحقيق طفرة اجتماعية لجميع فئات المجتمع، والارتقاء بمفاهيم السلامة البيئية وتحقيقها في أرض الواقع.

وذلك النهج المستدام يستلزم تضافر الجهود المحلية والإقليمية والدولية، وعلى ذلك تسعى مصر في هذه الأيام -بما تمتلكه من قدرات وموارد- إلى بناء شراكات فعَّالة بينها وبين الأطراف الدوليين؛ ولذا تسلط حماة الأرض الضوء في هذا المقال على ما قامت به وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي -الدكتورة رانيا المشاط- من توقيع خطاب نوايا مع مؤسسة تمويل التنمية السويدية (Swed Fund)؛ من أجل تعزيز التعاون في مجالَي الطاقة الكهربائية والنقل المستدام؛ فتابعوا القراءة.

النقل المستدام أولًا

جاء توقيع هذه الوثيقة في أثناء فعاليات منتدى الأعمال المصري السويدي الثاني، حيث كان هناك حضور رفيع المستوى يجسِّد أهمية الحدث وأبعاده التنموية في مجال النقل المستدام. وتمثل هذه الوثيقة أساسًا جديدًا لتعاون يتجاوز الحدود السياسية ليصنع تأثيرًا حقيقيًّا في أرض الواقع، حيث اتفق الطرفان على أنْ مؤسسة تمويل التنمية السويدية ستموِّلُ دراسات جدوى لتطوير كفاءة واستقرار شبكة الكهرباء المصرية، إلى جانب دعم مشروع الأوتوبيس الترددي BRT؛ حتى تعمل مصر على استكمال جهودها في تعزيز أنظمة نقل أكثر استدامة وكفاءة.

دعم مشروع الأوتوبيس الترددي BRT

وتأتي هذه الشراكة باعتبارها امتدادًا تاريخًّا من التعاون الثنائي الناجح بين البلدين، وهو تعاون قائم على التفاهم والثقة المتبادلة؛ إذْ إنَّ ما يميز هذا الاتفاق -تحديدًا- هو أنه يُترجم أهداف التنمية المستدامة إلى خطوات عملية ملموسة، خاصةً الهدف (7) المتعلق بالطاقة النظيفة، والهدف (11) الخاص بالمدن والمجتمعات المحلية المستدامة.

الطاقة قلب التحول التنموي

وانطلاقًا من ضرورة تحسين البنية التحتية الخاصة بمشروعات الطاقة المتجددة سوف تمول مؤسسة تمويل التنمية السويدية الدراساتِ المعنيةَ بتحسين شبكة الكهرباء؛ رغبةً في تقليل معدلات الانبعاثات الكربونية، باعتبار أنَّ ذلك التوجه يعزز من قدرة الدولة على تحقيق نمو اقتصادي يلبي احتياجات المواطنين.

وعلى ذلك يحمل هذا التعاون بُعدًا استراتيجيًّا يتعلق بتقوية منظومة الطاقة كلها، بما يشمل التكامل بين مصادر الطاقة المتجددة والتقليدية؛ مما يفتح الباب أمام استثمارات أكثر استدامة، ويقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري تدريجيًّا.

النقل الحضري

في المدن الكبيرة أصبح النقل ضمن أكبر التحديات البيئية والاقتصادية؛ ولهذا تبرز أهمية الدعم الذي سيوجَّه إلى مشروع الأوتوبيس الترددي، باعتباره نموذجًا متطورًا للنقل الجماعي الصديق للبيئة؛ من أجل إعادة صياغة المشهد الحضري بشكل يتيح تقليل الازدحام والتلوث، ويشجع على أنماط حياة أكثر استدامة. وذلك في صميم أهداف التنمية المستدامة، لا سيما ما يتعلق بالهدف (13) المتعلق بالعمل المناخي.

ويعكس هذا التعاون بين مصر والسويد التزامًا جادًّا من الطرفين لتبني أنظمة نقل ذكية ومُستدامة، تعزز من جودة الحياة في المدن، وتقلل من البصمة الكربونية. كما يمثل المشروع فرصة لنقل التكنولوجيا والخبرات بين الجانبين؛ وهو ما يسهم بشكل أو بآخر في بناء قدرات محلية قوية قادرة على إدارة هذه المشروعات وتشغيلها بصورة تحقق الأهداف المنشودة.

دبلوماسية التنمية

ما يميز هذا التفاهم هو رمزيته السياسية والتنموية؛ لأنه يعزز نموذجًا متقدمًا من “دبلوماسية التنمية”، التي تتجاوز المفاهيم التقليدية للمساعدات والشراكات، وتُعيد تعريف العلاقات الإقليمية والدولية باعتبارها شراكات لزيادة جهود أهداف التحول العالمي، التي تعكسها أهداف التنمية المستدامة على نحوٍ شاملٍ وعادلٍ.

وإذنْ، تقدم العلاقات المصرية السويدية في هذا السياق مثالًا ملهمًا ونموذجًا رائدًا على كيفية دفع الدول إلى التحرك نحو حلول جماعية لتحديات التنمية على مستوى العالم؛ فبدلًا من الخطابات النمطية نرى هنا مشروعات فعلية تمس حياة المواطن، وتبني قدراته، وتحقق له نمط حياة أكثر كرامة واستدامة.

وفي الختام، تُؤكد حماة الأرض أنَّ الطريق نحو بناء أنظمة نقل مستدامة يبدأ من مثل هذه الخطوات، التي تمزج بين الطموح والسياسة، وبين التمويل والمعرفة، وبين العدل البيئي والتعاون الدولي. ومع كل شراكة جديدة تُولد نقترب أكثر من المستقبل الذي نستحقه جميعًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى