خطى مستدامة

الهجرة المناخية.. حين يصبح الكوكب موطنا للفرار

الهجرة المناخية

الهجرة المناخية.. حين يصبح الكوكب موطنا للفرار

مع تزايد آثار التغيُّرات المناخية أصبحت الهجرة المناخية تهديدًا كبيرًا يؤثر في حياة ملايين البشر؛ فبسبب الارتفاع المفرط في درجات الحرارة والظواهر الجوية المتطرفة، يضطر كثيرٌ من الناس إلى ترك بلادهم؛ محاولةً منهم للبحث عن أماكن أكثر أمانًا، ورغبةً في حياة أفضل.

 مِن هنا سوف تتناول حماة الأرض في هذا المقال قضية الهجرة المناخية، وتستعرض تأثيراتها المدمرة في الأفراد والمجتمعات، وكذلك سوف تجيب عن سؤال: كيف يمكن للتعاون العالميّ أنْ يساهم في معالجة هذه الأزمة المتفاقمة؟ فتابعوا القراءة.

الهجرة المناخية واقع مدمر

تواجه مجتمعات كثيرة تهديداتٍ خطيرةً بسبب تغيُّرات المناخ المتسارعة، مثل الظروف الجوية القاسية، وارتفاع درجات الحرارة، وتدهور الأنظمة البيئية. وهذه التهديدات تتسبب في معاناة الملايين من الناس، الذين اضطروا إلى ترك منازلهم بسبب الفيضانات والجفاف، أو بسبب زيادة مستوى البحار. وهؤلاء أصبحوا يُعرفون باللاجئين المناخيين، وهم الذين أُبعِدوا عن مناطقهم الأصلية بسبب التغيُّرات المناخية.

في المدة بين 2008 و2016 تم تهجير حوالي 21.5 مليون إنسان سنويًّا -حسبما أفاد المركز الدوليّ لرصد النزوح- بسبب الأحداث الجوية القاسية كالفيضانات، والعواصف، وحرائق الغابات، والجفاف. وفي عام 2022 وصلت هذه الأرقام إلى مستوى غير مسبوق بلغ 32.6 مليون إنسان، وتتوقع مؤسساتٌ دوليةٌ أنْ يتضاعف هذا العدد تضاعفًا ملحوظًا في السنوات القادمة، حيث يُحتمل أنْ يتعرض 1.2 مليار إنسان للنزوح بحلول عام 2050؛ بسبب التغيُّرات المناخية والكوارث الطبيعية.

تعريف اللاجئين المناخيين

تعود فكرة اللاجئين المناخيين إلى عام 1985 عندما عرَّفها الخبير في برنامج الأمم المتحدة للبيئة -عصام الحناوي- بأنهم الذين اضطروا إلى ترك موطنهم التقليديّ -مؤقتًا أو دائمًا- بسبب اضطرابات بيئية كبيرة.

وبالرغم من أنَّ التعريف قد شهد قبولًا في بعض الأوساط فإنَّ نطاقه لا يزال يثير بعض الالتباس؛ فبينما تُعدُّ الفيضانات والعواصف الشديدة مثالًا واضحًا علَى الهجرة المناخية، يمكن أنْ يشمل هذا التعريف -أيضًا- التأثيرات الطويلة الأمد، مثل ارتفاع منسوب المياه، وانعدام المياه الصالحة للشرب.

تأثيرات المناخ اقتصاديا واجتماعيا

تُظهر تلك الأمثلة الواقعية كيفية تأثير التغيُّر المناخيّ في تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية؛ ففي بنجلاديش -علَى سبيل المثال- أدت الفيضانات الناتجة عن الأعاصير إلى زيادة ملوحة الأراضي الزراعية بنسبة 53٪؛ مما جعل من المستحيل زراعة المحاصيل التقليدية.

مع ذلك فإنَّ هذا التحدي تم التعامل معه عبر مشروع أبحاث هولنديّ اسمه: “حلول الملح”، وهو الذي يساعد الفلاحين علَى زراعة محاصيل مقاومة للملوحة، مثل البطاطا والجزر. وبفضل هذا المشروع استطاع حوالي 10,000 مزارع زيادة إنتاجهم السنويّ بمعدل حصادين إضافيين.

وفي بعض الحالات تساهم الهجرة المناخية في تفاقم بعض الأزمات؛ ففي سوريا -علَى سبيل المثال- أدى التصحر وتدهور الأراضي الزراعية بين 2006 و2010 إلى أنْ فَقَدَ 800,000 إنسان مصادر دَخْلِهم. وقد ساهم هذا التدهور البيئيّ في زيادة أسعار الغذاء؛ ومِن ثَمَّ كان هذا سببًا في هجرة 1.5 مليون عامل ريفيّ إلى المدن.

الجهود الدولية

مع تزايد الوعي العالميّ بهذه القضية بدأ المجتمع الدوليّ في اتخاذ خطوات للتصدي للهجرة المناخية؛ ففي نوفمبر 2021 اعترف تقريرٌ صادر عن البيت الأبيض لأول مرَّة بوجود رابط بين التغيُّرات المناخية والهجرة؛ ولهذا حث التقريرُ علَى تطوير استراتيجيات تساعد علَى إدارة الهجرة المناخية بشكل إنسانيّ وآمن، مع الاعتراف بتأثيرها في الأمن الدوليّ والسياسة الجغرافية.

في الختام تعي حماة الأرض جيدًا أنَّ الهجرة المناخية أزمةٌ شديدة الخطورة، ولها نتائج عصيبة؛ ولهذا تؤكد ضرورةَ العمل الجماعيّ، لأجل مواجهة التحديات التي تتسبب فيها التغيُّرات المناخية، من خلال تقليل انبعاثات الكربون ودعم المجتمعات المتضررة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى