مشروع قانون حوافز الهيدروجين الأخضر
مشروع قانون حوافز الهيدروجين الأخضر
كان عام 2023 خطوةً مصريةً واسعةً نحو مزيدٍ من الاهتمام بمجال الطاقة وسبل التحول الأخضر في هذا القطاع الحيويّ. وقبله كان عام 2022 مرآةً تعكس التوجهات المصرية في مجال تغيُّر المناخ محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا، حيث كان الطموحُ المصريّ في COP27 ناظرًا بعين الاعتبار إلى التحول ناحية الهيدروجين الأخضر ومستقبله الاستثماريّ، بل ناحية مستقبل كل أشكال الطاقة الجديدة والمتجددة.
إنَّ العامينِ الماضيينِ لم يكونَا سوى تأسيسٍ لسوقٍ واعدٍ في مجال استثمار الطاقة النظيفة. وبين هذينِ العامينِ رُكِّزَتِ الجهودُ علَى الهيدروجين الأخضر، ذلك الغاز القادر علَى مواجهة التغيُّرات المناخية، ليس في إفريقيا فحسب، وإنما في كل قارات العالم.
إنَّ ذلك التحول الأخضر في الطاقة ومنتجاتها يتطلب حزمةَ إجراءاتٍ، وعددًا من القوانين المساعِدة علَى تذليل صِعابه وتحسين موارده، كما يتطلب التحول الأخضر تعاونًا شاملًا بين الحكومة والقطاع الخاصّ علَى تنفيذ المبادرات والاستراتيجيات ذات الصلة.
بناءً علَى ما سبق، وافق مجلس النواب علَى مشروع قانون بشأن حوافز تُقدمها الحكومةُ إلى مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.
وفضلًا عن أنَّ هذا القانونَ الواعدَ يستهدف تحويل مصر إلى مركز إقليميّ وعالميّ للطاقة النظيفة، فإنَّ جذبَ الاستثمارات الأجنبية هدفٌ أساسيّ من أهدافه، كما أنَّ إقرارَ حوافز مشروعات الهيدروجين الأخضر ومشتقاته فرصةٌ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخطوةٌ نحو زيادة فرص العمل في سوق الطاقة المصريّ.
ليس ذلك فحسب، وإنما سيكون القانون موجِّهًا من موجهات القطاع الخاص، الذي بات أقرب إلى تحقيق مسئولياته الاجتماعية، وهذا سيتزايد بعدما أُقِرَّتْ هذه الحوافزُ رسميًّا، حيث يمكنها مساعدة القطاع الخاص علَى دعم الاقتصاد الوطنيّ بما يتماشى مع الاستراتيجيات والخطط المرحلية.
ولم تكن تلك الحوافز إلَّا استجابة حكومية، بل استجابة حكومية سريعة لتلبية احتياجات القطاع الخاص؛ لأجل دعم استثماراته التي تعمل علَى تنمية الاقتصاد المصريّ، حيث كان علَى الدولة تقديم هذه الحوافز للمشروعات الخضراء في مجال الطاقة. ولكن كان هذا في حاجَةٍ ماسةٍ إلى هيئة تقوم علَى الأمر، فكان إنشاءُ المجلس الوطنيّ للهيدروجين الأخضرِ؛ حتى يكون مسئولًا عن إقرار الأساليب التي تناسب تشريعات ونظم وقواعد العمل في مجال الهيدروجين الأخضر ومشتقاته؛ لتواكب الحِراكَ العالميّ.
لذا، كان إنشاء المجلس الوطنيّ للهيدروجين الأخضر مقدمةً ضروريةً لإقرار تلك الحوافز التي تتمثل في عدد من الإعفاءات الضريبية التي بلغت 33%. وبهذا المجلس أجابت مصر عن سؤال: مَن الذي ستؤول إليه مسئولية تنظيم قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر، وإصدار شهاداته؟
وقبل ذلك اتخذتِ الحكومةُ المصريةُ عددًا من الإجراءات التي تساعد علَى الوصول إلى هذه المرحلة، مثل أنها أصدرت الرخصة الذهبية لمشروع إنتاج الأمونيا الخضراء، بتكلفة 5.5 مليار دولار. وعملتِ الحكومةُ -أيضًا- علَى إنشاء مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر في مدينة العين السخنة، بقدرة 100 ميجاوات. وذلك كله كان تفعيلًا للاستراتيجيات المصرية ذات الصلة، مثل الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر.
وأمَّا عن مضمون تلك الحوافز -بالإضافة إلى الإعفاءات الضريبية والجمركية- فهي عبارة عن إعفاء المعدات والأدوات والمواد الخام ووسائل النقل -عدا سيارات الركوب- من ضريبة القيمة المضافة. كما تضمنتِ الحوافزُ أنْ تلتزمَ وزارةُ المالية بتحمل قيمة ضريبة العقارات عن مباني مشروعات الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.
وستتحمل وزارة المالية -أيضًا- قيمةَ ضريبة الدمغة ورسومَ التوثيق المستحقة علَى عقود إنشاء الشركات العاملة في مجال الهيدروجين الأخضر، وتسهيلات أخرى مثل: السماح للشركات التي ستعمل في هذا المجال الأخضر بأنْ تستوردَ بذاتها -أو عن طريق آخرينَ- ما تحتاج إليه لإنشاء مشروعها وتشغيله وتطويره، مع السماح بإنشاء منافذ جمركية لصادرات المشروع.
ومن الحوافز غير الضريبية التي تضمنها هذا القرار: تخفيض قيمة رسوم الانتفاع بالموانئ البحرية والنقل البحريّ ورسوم خدمات السفن، وهذا بنسبة 30%، كما خُفِّضتْ قيمةُ حق الانتفاع بالأراضي الصناعية المخصصة لإقامة مصنع إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته بنسبة 25%.
ومن الجدير بالذِّكْرِ، هو دخول الهيدروجين في صناعات كثيرة؛ فيُستعمل في معامل تكرير النفط ومصانع البتروكيماويات، بالإضافة إلى إنتاجِ الأسمدةِ ودورهِ المهمِّ في بعض الأعمال المعدنية، وقدرته علَى أنْ يكون وقودًا مستدامًا صديقًا للبيئة، وقادرًا علَى تحقيق أهداف التنمية المستدامة -خاصةً الهدف السابع: طاقة نظيفة وبأسعار معقولة- وهو ما تناولناه بالبحث والتحليل في مقال: الهيدروجين الأخضر.. استثمار رئيسيّ للانتقال إلى الطاقة النظيفة.