أخبار الاستدامة

تحويلات المصريين بالخارج: قفزة تاريخية تدعم التنمية والاقتصاد المصري

تحويلات المصريين بالخارج

تحويلات المصريين بالخارج: قفزة تاريخية تدعم التنمية والاقتصاد المصري

في إنجازٍ اقتصاديٍّ لافت أعلن البنك المركزي المصري عن تسجيل تحويلات المصريين بالخارج قفزةً تاريخيةً، وهو ما يُعَدّ مؤشرًا على تزايد الثقة في استقرار الاقتصاد الوطني، ومحركًا فعّالًا لدعم أهداف التنمية المستدامة، التي تسعى مصر إلى تحقيقها ضمن رؤيتها الطموحة؛ رؤية مصر 2030.

ومن هذا المنطلق، تُسلِّط منصة حماة الأرض الضوء على الدور التنموي الكبير الذي تمثله تحويلات المصريين بالخارج، باعتبارها أحد مصادر التمويل المستدام التي تُسهِم في تحقيق النمو الشامل، وتُعزّز من قدرة الدولة على تحقيق أهداف أجندة 2030 بشكلٍ متوازنٍ وشامل، بما يضمن العدالة الاقتصادية والتمكين الاجتماعي في آنٍ واحد.

تأثيرات تحويلات المصريين بالخارج

بحسب أحدث بيانات البنك المركزي، فإنَّ تحويلات المصريين بالخارج خلال الأشهر العشرة الأولى من السنة المالية 2024/2025 قد ارتفعت بنسبة 77.1%، لتُسجّل نحو 29.4 مليار دولار. وهذا التدفق القوي للعملة الأجنبية لا يُؤثِّر تأثيرًا إيجابيًّا في المؤشرات الاقتصادية الكبرى فحسبُ، وإنما يسهم بشكل ملموس في تحسين حياة المصريين، ودعم أولويات التنمية الشاملة.

تأثيرات تحويلات المصريين بالخارج في نمو الاقتصاد المصري

وترتبط هذه القفزة النوعية في التحويلات مباشرةً بالإجراءات الإصلاحية الجريئة، وعلى رأسها قرار تحرير سعر الصرف، الذي قضى على السوق الموازية، وأسهم في تعزيز شفافية النظام المالي. وهو ما يتناغم مع الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة، المعنيّ بتحقيق السلام والعدل وبناء مؤسساتٍ فعّالةٍ وخاضعةٍ للمساءلة.

مسار مباشر لأهداف التنمية المستدامة

ولا يقف تأثير تحويلات المصريين بالخارج عند دعم الاقتصاد الكلي فقط، بل يتغلغل عميقًا في البنية الاجتماعية والتنموية للدولة، حيث تُشكّل هذه التحويلات أحد الأدوات غير التقليدية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في الواقع المصري.

فعلى أرض الواقع تتجه نسبة كبيرة من هذه الأموال إلى الإنفاق على التعليم، والصحة، والسكن، وهي قطاعات تُعَدّ حجر الزاوية في تحقيق الهدف الأول (القضاء على الفقر)، والثالث (الصحة الجيدة والرفاه)، والرابع (التعليم الجيد).

ومن خلال هذا الإنفاق تُسهم تحويلات العاملين بالخارج في رفع مستوى معيشة الأسر المصرية، لاسيّما في الريف والمناطق الطرفية، وتُقلل من معدلات التسرب المدرسي، وتدعم حصول الأسر على رعاية طبية أفضل.

أما على مستوى التحفيز الاقتصادي المحلي، فإن جزءًا من هذه التحويلات يُوظَّف في إنشاء مشروعات صغيرة ومتوسطة، وهو ما يتقاطع مع الهدف الثامن (العمل اللائق والنمو الاقتصادي)، عبر خلق فرص عمل وتعزيز الشمول المالي. كما تُسهم هذه الأموال -بشكل غير مباشر- في تقليص الفجوة التنموية بين المحافظات؛ مما يُعزّز التقدم نحو تحقيق الهدف العاشر (الحد من أوجه عدم المساواة).

إسهام مباشر في تعزيز الاقتصاد المصري

على الصعيد الكلي تؤدي تحويلات المصريين بالخارج دورًا مركزيًّا في دعم الاقتصاد المصري من خلال:

  • تعزيز احتياطي النقد الأجنبي، مما يساهم في استقرار سعر صرف الجنيه، وخفض معدلات التضخم، والقدرة على تمويل الواردات الأساسية مثل الغذاء والوقود.
  • تقليص العجز في ميزان المدفوعات، خاصة في ظل الضغوط العالمية التي تشهدها الأسواق الناشئة.
  • دعم القدرة التمويلية للموازنة العامة، سواء من خلال الضرائب غير المباشرة على الاستهلاك أو من خلال خفض الحاجة للاقتراض الخارجي.

سعر صرف الجنيه

ويُعد هذا التدفق النقدي المستدام أحد البدائل الآمنة لتأمين السيولة المالية بعيدًا عن التقلّبات السياسية والاستثمارية العالمية؛ مما يمنح صانعي السياسات مجالًا أوسع للتخطيط بعيد المدى.

نظرة مستقبلية

إنَّ الارتفاع التاريخي في تحويلات المصريين بالخارج يُجسِّد نجاح السياسات النقدية والمالية المتبعة، كما يؤكّد الدور المحوري الذي يضطلع به المصريون في الخارج في دعم مسيرة التنمية الوطنية. ومع استمرار هذا الزخم، تُصبِح مصر أكثر قدرةً على تمويل أولوياتها الاستراتيجية، وبناء نموذجٍ تنمويٍّ شاملٍ يستند إلى الاستقرار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.

السيولة المالية

وختامًا، فإنَّ هذه القفزة التاريخية في تحويلات المصريين بالخارج تشير إلى ما هو أعمق من مجرد تحسُّن رقميّ في ميزان المدفوعات، إذ تمثل هذه التحويلات مظهرًا حيويًّا من مظاهر “الاقتصاد التشاركي“، الذي يتجاوز الأطر التقليدية للعلاقة بين الدولة ومواطنيها، ليؤسِّس منظورًا جديدًا تتكامل فيه قوى الداخل والخارج لبناء نموذج تنموي متكامل ومستدام.

وذلك كله يجسد مفهوم التنمية المرتكزة على الناس، الذي تدعو إليه أجندة التنمية المستدامة 2030؛ فحين تذهب هذه التحويلات إلى التعليم، أو تُموّل مشروعًا صغيرًا، أو تُؤمِّن علاجًا لأحد أفراد الأسرة، فإنها تسهم في تفكيك حلقات الفقر، وتُمهِّد الطريق أمام التنمية المستدامة الشاملة القائمة على العدالة والتمكين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى