خطة البنك الأوروبي لتحويل القاهرة إلى مدينة خضراء

خطة البنك الأوروبي لتحويل القاهرة إلى مدينة خضراء
تشهد مصر في السنوات الأخيرة تحولات مهمة على صعيد التنمية المستدامة، حيث وضعت الدولة خطة طموحة لتعزيز الاقتصاد الأخضر وحماية البيئة، وذلك ضمن رؤية مصر 2030، تأتي هذه التحولات نتيجة التحديات البيئية المتزايدة التي تواجه المدن الكبرى، خاصة القاهرة، باعتبارها عاصمة حيوية ومركزًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا رئيسيًّا.
وفي هذا السياق، أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بالتعاون مع البنك، عن إطلاق خطة طموحة لتحويل القَاهرة إلى مدينة خضراء، بهدف تعزيز التنمية المستدامة والارتقاء بجودة الحياة، وفي السطور التالية، تستعرض حماة الأرض أبرز ملامح هذه الخطة، وأهميتها في دفع عجلة التنمية المستدامة، إضافة إلى دور الشراكات الدولية في دعم هذا التحول الحيوي؛ فتابعوا القراءة.
مشروعات متعددة لتعزيز التنمية المستدامة
أصبحت مصر في السنوات الأخيرة محطة رئيسية للمنظمات الدولية المعنية بالمناخ، من خلال استضافتها لفعاليات كبرى مثل مؤتمر (COP27)، وإطلاقها مبادرات وطنية رائدة أبرزها «نُوَفِّي» والمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية، ويشكل مشروع تحويل القاهرة إلى مدينة خضراء نقطة محورية في جهود مصر لمواجهة تحديات التغير المناخي، حيث تتضمن الخطة تنفيذ 13 مشروعًا في مجالات النقل والمواصلات وكفاءة الطاقة وإدارة المخلفات.
وتأتي هذه المبادرات في سياق برنامج المدن الخضراء الذي يهدف إلى تعزيز استدامة المدن ورفع كفاءتها البيئية؛ فمن خلال تبني تقنيات النقل المستدام مثل الحافلات الكهربائية، وتسريع إعادة تدوير المخلفات، تسعى القَاهرة إلى تحسين جودة الهواء وتقليل الضغط على الموارد الطبيعية، بما يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة، ورؤية مصر 2030.
وتحتوي خطة عمل تحويل القَاهرة إلى مدينة خضراء على مشروعات متنوعة تستهدف تحسين البنية التحتية البيئية، حيث تشمل مشروع إعادة تدوير مخلفات البناء والهدم، الذي يهدف إلى تحويل نحو 80% من هذه المخلفات إلى مواد خام قابلة للاستعمال في مشروعات الطرق والبنية التحتية.
بالإضافة إلى تطوير موقف بدر للحافلات الكهربائية، وتحديث الأحياء السكنية بحلوان، وتحسين كفاءة الطاقة في مباني المحليات، من خلال تركيب أنظمة طاقة شمسية ووحدات إنارة LED، ما يؤدي إلى خفض فاتورة الطاقة بنسبة تصل إلى 40%، وغيرها من المبادرات تسهم في خفض الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة حياة المواطنين، بما يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة، ورؤية مصر 2030.
ومن هنا، تؤكد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الدكتورة/ رانيا المشاط، أن هذه المشروعات تعكس التزام مصر بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، وتعزيز التوجه الوطني نحو اقتصاد أخضر شامل ومستدام، كما تسهم في دفع عملية التحول الأخضر في القاهرة؛ مما يعزز قدرة المدينة على مواجهة تحديات التغير المناخي وتحقيق نمو اقتصادي متوازن، كما تستهدف زيادة نسبة المشروعات الخضراء لتصل إلى 55% من إجمالي الاستثمارات العامة في خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2025/2026؛ مما يؤكد توجه الدولة لتعزيز الاستدامة في مختلف القطاعات.
التعاون الدولي يعزز جهود الحكومة
يمثل التعاون بين الحكومة المصرية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية محورًا أساسيًّا في دعم تنفيذ خطة تحويل القاهرة إلى مدينة خضراء، ويؤكد هذا التعاون أهمية التنسيق بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى المجتمع المدني والمنظمات الدولية، لتوفير الموارد ونقل التكنولوجيا الخضراء.
ويعتبر برنامج المدن الخضراء الذي أطلقه البنك الأوروبي عام 2016 رافدًا مهمًا لدعم المدن في مساعيها لتقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز مرونتها، ومن خلال انضمام القَاهرة إلى هذا البرنامج إلى جانب مدن أخرى مثل 6 أكتوبر والإسكندرية، تتعزز مكانة مصر باعتبارها مركزًا إقليميًّا للتحول نحو اقتصاد أخضر يحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.
وبحسب البيانات الرسمية، فإن خطة العمل الخاصة بالقاهرة ترتكز على أولويات واضحة تشمل تحسين خدمات النقل العام عبر استخدام الحافلات الكهربائية، وتطوير منظومة إدارة المخلفات، وتحديث شبكات المياه والصرف الصحي، إلى جانب تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المرافق الحكومية والمدارس والمستشفيات.
مستقبل القاهرة الخضراء
إن انضمام القَاهرة بعد مدينتي الإسكندرية و6 أكتوبر إلى برنامج المدن الخضراء يعد تحولًا نوعيًّا في سياسات التنمية الحضرية بمصر، وفي المرحلة المقبلة، تتجه الدولة إلى توسيع نطاق المشروعات الخضراء لتشمل نطاقات عمرانية جديدة في العاصمة، بالتوازي مع تحديث آليات المتابعة البيئية.
وسيجري الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لرصد جودة الهواء، واستهلاك الطاقة والمياه، وتعزيز كفاءة المشروعات بشكل لحظي، ومن المرتقب كذلك إطلاق منصة رقمية وطنية لبرنامج المدن الخضراء بحلول عام 2025؛ لتكون بمثابة منظومة بيانات متكاملة لرصد الأداء وقياس الأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي للمشروعات الخضراء في المدن المصرية كافة.
وترى حماة الأرض أن الخطوات التي تتخذها مصر لتحويل القاهرة إلى مدينة خضراء تعكس التزامًا استراتيجيًّا بالتحول الأخضر؛ فاختيار العاصمة -بما تحمله من تحديات سكانية وبيئية معقدة- يبرهن على جدية الدولة في تحويل رؤيتها الخضراء إلى واقع مدعوم بشراكات دولية، وتمويلات مستدامة، وتقنيات متقدمة، وهو ما يمهد الطريق أمام مدن مصرية أخرى لتتبنى مسارًا مشابهًا.




