أخبار الاستدامة

أبرز الدروس المستفادة من فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي

أبرز الدروس المستفادة من فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي

في عالمٍ تُعيد فيه التكنولوجيا تشكيل الواقع، ويُكتب فيه المستقبلُ بيد الإنسان والآلة معًا، يأتي المنتدى الاقتصادي العالمي -دافوس 2025- الذي انطلقت فعالياته يوم 20 يناير وحتى 24 من الشهر نفسه؛ ليكون حدثًا استثنائيًّا يجمع قادةَ العالم وصُنَّاعَ القرار؛ لمناقشة التحديات الأكثر إلحاحًا، ورسم خريطة طريق إلى مستقبل أكثر استدامةً وابتكارًا.

من قلب جبال سويسرا المغطاة بالثلوج، انطلقت هذه القمة باعتبارها منصةً للحوار والتعاون الدوليينِ؛ لتؤكد أنَّ الذكاء الاصطناعي -أكثر موضوعات المنتدى مناقشةً هذا العام- ليس أداةً فحسبُ، فهو شريك أساسيّ في تحقيق التغيير المنشود؛ لذا سوف تتناول حماة الأرض في هذا المقال ختامَ المنتدى الاقتصادي العالمي، وأبرز ما ناقشه مشاركوه.. فتابعوا القراءة.

المنتدى الاقتصادي العالمي

بدا عام 2025 عامًا مفصليًّا في تحديد ملامح المستقبل العالميّ، حيث اجتمع أكثر من 50 من رؤساء الدول والحكومات في مدينة دافوس السويسرية؛ لمناقشة موضوع “التعاون من أجل عصر الذكاء”. وكانت الأجواء هناك مشحونةً بالتحديات والفرص؛ مما جعل أيام المنتدى الخمسة رحلةً نحو الفهم المشترك لقضايا العصر.

ومِن الجدير بالذِّكْرِ، هو انطلاق فعاليات المنتدى في وقت حرج، حيث جاء بعد وقف إطلاق نار مبدئيّ في غزة، كما تزامن مع تنصيب الرئيس الأمريكيّ الجديد دونالد ترامب. وعلى الرغم من الاختلافات الكبيرة في وجهات النظر، فإنَّ النقاشات كانت بنَّاءةً، وركَّزتْ على كيفية تحقيق التقدم مع الحفاظ على الاستدامة والسلام العالميّ.

عصر الذكاء الاصطناعي

لقد شكَّل الذكاء الاصطناعي محورًا رئيسيًّا في المنتدى هذا العام، ومع تطور استخداماته في مجالات مثل الصحة، التصنيع، والعمل المناخيّ أصبح الذكاء الاصطناعي أداةً حيويةً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ لذا ناقش المنتدى -على سبيل المثال- كيفيةَ استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ من أجل تحسين كفاءة استهلاك الطاقة، والحد من الانبعاثات الكربونية؛ مما يدعم الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة: طاقة نظيفة وبأسعار معقولة، وكذلك الهدف الثالث عشر: العمل المناخيّ.

والأمر المدهش هنا، هو التحول الكبير في طريقة التفكير حول موضوعات الذكاء الاصطناعي، مقارنةً بالسنوات الماضية، حيث أصبحت النقاشات أكثر تركيزًا على التطبيقات العملية بدلًا من النظريات المستقبلية؛ لذا أكد المشاركون أنَّ تسخير الذكاء الاصطناعي في التحليل البيئيّ، وتطوير تقنيات الطاقة المتجددة يمكن أنْ يُحدث تغييرًا جوهريًّا في مواجهة التحديات العالمية.

الاقتصاد العالمي هدف أساسيّ

شهد المنتدى الاقتصادي العالمي طرحَ عدد من الأفكار التي تهدف إلى دعم الاقتصادات الناشئة في ظل هذه التحديات، مثل تطوير النظم المالية المستدامة، التي تسهم في تقليل الأخطار المالية المستقبلية، وتشجيع الاستثمارات في مشروعات البنية التحتية الخضراء، التي تواكب احتياجات التنمية المستدامة.

علاوةً على ذلك، أكدت جلسات المنتدى أنَّ تعزيز العدالة الاجتماعية يجب أنْ يكون في قلب أيّ استراتيجية اقتصادية، وأنه من الضروريّ تقليص الفجوات الاقتصادية بين الطبقات الاجتماعية المختلفة؛ من أجل ضمان تحقيق تنمية شاملة ومستدامة بين فئات المجتمع الواحد.

وفي هذا السياق، تناولت الجلسات النقاشية التحديات الاقتصادية، التي يواجهها العالم، وعلى رأسها أزمة الديون المتزايدة، والفجوات الاقتصادية بين الدول المتقدمة والدول النامية. كما تم تأكيد ضرورة تعزيز الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة: العمل اللائق ونمو الاقتصاد، والهدف العاشر: الحد من أوجه عدم المساواة.

تحديات المناخ

جاء انعقاد منتدى دافوس 2025 في وقت حساس، عقب الإعلان عن أنَّ عام 2024 كان الأكثر حرارةً في تاريخ السجلات المناخية، مما يعكس تفاقم أزمة التغير المناخي التي تهدد كوكب الأرض. وقد خصص المنتدى جزءًا كبيرًا من جلساته لمناقشة الحلول الممكنة للتعامل مع هذا التحدي العالمي، حيث شدد الخبراء على ضرورة التعاون الفعال بين الحكومات والقطاع الخاص؛ من أجل تحقيق التغيير المستدام في مواجهة أزمة المناخ.

ومن أبرز التصريحات التي لاقت اهتمامًا كبيرًا في المنتدى هو ما أدلى به نائب الرئيس الأمريكيّ السابق، الذي أشار إلى أنَّ البشرية تطلق نحو 175 مليون طن من الغازات الدفيئة يوميًّا؛ مما يشكل تهديدًا مباشرًا للمستقبل البيئيّ فوق كوكب الأرض. وقد دعا إلى تحرك عاجل وفعال للحد من هذه الانبعاثات، مؤكدًا أنَّ الوقت قد حان لاتخاذ إجراءات جادة تتضمن استراتيجيات يمكنها الحد من تأثيرات التغير المناخي.

كما تناول المنتدى موضوع التعاون الدولي لمواجهة تحديات فقدان التنوع البيولوجي، وأكد الخبراء أهميةَ إعادة تأهيل الغابات المتدهورة باعتبارها أحدَ الحلول الفعالة لمكافحة التغير المناخي، ولما لها من دور بالغ في تعزيز التنوع البيولوجي. وقد تم التأكيد على أهمية أنَّ تتضافر جهود الدول في هذا الاتجاه، بما في ذلك تمويل مشروعات إعادة التشجير، ومبادرات الحفاظ على النظم البيئية.

مِن جانبٍ آخرَ، تم الاهتمام بموضوع الاستثمار في البنية التحتية الصديقة للبيئة، من حيث كونها خطوةً ضروريةً ليس للحفاظ على كوكب الأرض فقط، وإنما لتحفيز الاقتصاد العالميّ. وقد أشار المشاركون في المنتدى إلى أن هذه الاستثمارات سوف تسهم إسهامًا كبيرًا في خلق فرص عمل جديدة، فضلًا عن أنها ستوفر عوائدَ اقتصاديةً طويلة الأمد، وهو ما يساعد على تحسين جودة الحياة على الصعيدين البيئيّ والاقتصاديّ.

المرأة والتنمية مفتاح النمو العالمي

ناقش المنتدى الاقتصادي العالمي في فعالياته لعام 2025 دورَ المرأة في الاقتصاد العالميّ بشكل موسع، حيث أظهرت الدراسات الحديثة أنَّ زيادة مشاركة النساء في سوق العمل قد تؤدي إلى رفع الناتج المحليّ الإجماليّ العالميّ بنسبة تصل إلى 20%. وهذا التقدير يعكس الإمكانات الاقتصادية الهائلة، التي يمكن أنْ تتحقق من خلال إشراك النساء بشكل أكبر في النشاطات الاقتصادية.

لذلك كانت المساواة بين الجنسين أكثر الموضوعات اهتمامًا في جلسات دافوس 2025، حيث دعا الخبراء إلى اتخاذ إجراءات ملموسة؛ لتعزيز المساواة بين الرجال والنساء. وأشاروا إلى أنَّ تعزيز المساواة في الفرص يمكن أنْ تؤدي إلى تحسين الأداء الاقتصاديّ والاجتماعيّ على مستوى العالم.

كما ناقشت الجلسات المتخصصة في دافوس 2025 كيفيةَ تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة: المساواة بين الجنسين، وهذا من خلال تسهيل مشاركة النساء في القطاعات الاقتصادية والسياسية. وأكد المشاركون في المنتدى أنَّ تمكين النساء والشباب لا يتوقف عند مجرد توفير فرص العمل، بل يشمل -أيضًا- توفيرَ بيئات عمل عادلة ومتساوية، وزيادة فرصهنَّ في المراكز القيادية واتخاذ القرارات.

في الختام، على الرغم من استمرار التحديات المترتبة على تغير المناخ، والصراعات الجيوسياسية، والفجوات الاقتصادية المتسعة بين الدول؛ يبقى الأمل معقودًا على إرادة الدول والمؤسسات؛ من أجل العمل معًا لتحقيق التغيير المطلوب؛ لذا تدعو حماة الأرض إلى مثل هذا التعاون الدولي، بما يسهم في تعزيز القدرة على التكيف مع التحديات البيئية والاقتصادية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى