ما الوقود الأحفوري؟
ما الوقود الأحفوري؟
يُعدُّ الوقودُ الأحفوريّ -خاصةً في البلدان النامية- أحدَ ركائز التقدم والتنمية الاقتصادية، وذا دورٍ حيويٍّ في الحياة اليومية، حيث تُعتبر مواد كالفحم والغاز الطبيعيّ -المعروفة بالوقودِ الأحفوريّ- مصادرَ طاقة ذات قِيمة، تعمل علَى تغذية الصناعات، وتشغيل المَركبات، وإنتاج الكهرباء. وهذه الأهمية تُشير إليها التقديراتُ العالميةُ، حيث يُتوقع أنْ يُغطي الوقودُ الأحفوريّ حوالي 90% من احتياجات الطاقة العالمية بحلول عام 2030، مقارنةً بنسبة 81% في عام 2005، وعلَى الرغم مِن هذا فإنَّ مصادرَ الطاقة الجديدة تزداد انتشارًا.
نتيجة لذلك، لا يمكننا أنْ ننكر أنَّ الوقود الأحفوري صار عقبةً كبرى في طريق الانتقال إلى عالَمٍ أخضرَ ومستدامٍ، حيث أدَّى الإفراطُ في استعمال أنواع الوقود الأحفوري إلى تأثر المحيط الحيويّ والنظام البيئيّ، لتَتَسبب هذه الأنواعُ التقليديةُ مِن الطاقةِ في حدوث مشكلة كبيرة هي الاحترار العالميّ. وقد بَحَثَ العِلمُ الآثارَ الناتجةَ عن استخدام هذه الأنواع الأحفورية باعتبارها مصادرَ طاقةٍ؛ فأدرك العالَمُ تأثيراتها السلبية في البيئة؛ ولذا ظهرتْ دعواتٌ عالميةٌ -خصوصًا في الأعوام الأخيرة- إلى ما يُعرف بـ”تحول الطاقة – Energy Transition“.
وفي هذا المقال سوف نتحدث حول دور الوقود الأحفوري في إمداد الصناعات -وغيرها مِن الأنشطة- بالطاقة، منذ تطور المجال الصناعيّ في بداية العصر الحديث حتى الآن، مع تعريفه بأسلوب مبسط، وذِكر استخداماته المتعددة، وقياس مدَى تأثيراته في مستقبلنا.
تعريف الوقود الأحفوري
إنَّ الوقود الأحفوري مصدرُ طاقةٍ يُستخرج من المواد الأحفورية، مثل: الفحم الحجريّ، والغاز الطبيعيّ، وهي مواد تُستخرج من باطن الأرض، وحينئذٍ يتم حرقها مع الأكسجين لإنتاج الحرارة التي تُستخدم في مختلف المجالات. ويعتمد استخدام الوقود الأحفوري علَى دورة الكربون في الطبيعة، التي بها يتم تخزين أشعة الشمس لعصور زمنية طويلة، حتى تكون متاحةً اليوم في صورة طاقة يستعملها الإنسان في أنشطة كثيرة.
بعض أنواع الوقود الأحفوري
أولًا- الفحم الحجريّ
الفحم الحجريّ صخور رسوبية ذات لون أسود أو بنيّ داكن، ويتكون -بشكل رئيسيّ- مِن الكربون، بالإضافة إلى نِسَبٍ متباينةٍ مِن الهيدروجين، والكبريت، والأكسجين، والنيتروجين، وغيرها من العناصر. وحينما يتم حرق الفحم الحجريّ يُصدِرُ نوعًا مِن الطاقةِ التي تُعتبر غير متجددة.
يُستخدم الفحم الحجريّ في مجالات عديدة، ومنها:
- توليد الكهرباء.
- صناعة الفولاذ، والأسمنت، وألياف الكربون، والأدوية، والقطران، والوقود الصناعيّ.
- التدفئة في المنازل والمنشآت التجارية.
ثانيًا- الغاز الطبيعيّ
أما بالنسبة إلى الغاز الطبيعيّ، فهو يتميز بانعدام لونه ورائحته، ويتكون -أساسًا- من غاز الميثان، الذي يتكون من ذرة كربون وأربع ذرات هيدروجين (CH4)، بالإضافة إلى بعض السوائل والغازات الهيدروكربونية الأخرى، مثل ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء.
تتنوع استخدامات الغاز الطبيعيّ، وتشمل:
- توليد الكهرباء باستخدام توربينات تعمل بالغاز الطبيعيّ.
- التدفئة المنزلية.
- إنتاج المواد الكيميائية والأسمدة.
- تشغيل أجهزة التبريد والتكييف.
آخرًا- البترول
وأما البترول، الذي يُعتبر مصدرًا رئيسيًّا للطاقة العالمية؛ فهو وقود أحفوري يتكون من مواد عضوية، مثل الكربون والهيدروجين. وقد يختلف تركيبه اعتمادًا علَى مصدره، والظروف التي تساهم في تشكيله.
استخدامات البترول:
- إنتاج وقود المَركبات والتدفئة، وتوليد الكهرباء.
- صناعة البلاستيك.
- صناعة الملابس، حيث يُعدُّ البترولُ مكونًا أساسيًّا في صناعة الألياف الصناعية.
- صناعة مستحضرات التجميل ومنتجات النظافة، مثل: الصابون، ومعجون الأسنان، والشامبو.
ومِن هنا، تضعنا المقالةُ أمام سؤال مهمٍّ، هو: ما إيجابيات الوقود الأحفوري وسلبياته؟
سلبيات الوقود الأحفوري
عرفنا منذ قليل كيف أنَّ الوقود الأحفوري أشهر مصادر الطاقة التقليدية؛ وبالتالي إذا لم نُقلل من استهلاكه فسوف ينفد بسرعة كبيرة، وفي هذه الحالة سينفد النفط -وفقًا للمؤشرات العالمية- في غضون 47 عامًا، وسينفد الغاز الطبيعيّ -أيضًا- في غضون 52 عامًا، والفحم في غضون 133 عامًا.
الوقود الأحفوري ملوِّث بيئيّ
يُعتبر الوقود الأحفوري أحد المسببات الرئيسية في الاحتباس الحراريّ، وهو عيب خطير؛ لأنه يشكل تهديدًا كبيرًا للبشرية كلها، فضلًا عن تلويث الهواء؛ ولهذا له سمعة سيئة في مجال الطاقة.
الوقود الأحفوري قنبلة
في حالة استخدام الوقود الأحفوري دون اتباع معايير الاستخدام الصحيح، وإجراءات السلامة المهنية، فإنه قد يتسبب في حوادثَ خطيرةٍ؛ فإنَّ الغاز الطبيعيّ -علَى سبيل المثال- مصدرُ طاقةٍ قابل للاشتعال، وهو ميزة وعيب في الوقت نفسه؛ لأنه قابل للانفجار في أي وقت، مع هذا يتمتع بكفاءة احتراق عالية عند استخدامه في توليد الطاقة.
إيجابيات الوقود الأحفوري
إنَّ سهولةَ التخزينِ والنقل عن طريق أنابيب الغاز المحلية والدولية إحدى مَيزات الوقود الأحفوري؛ وهذا لأنه يظل مُخَزَّنًا بين طبقات الأرض لقرون عديدة، لتكون لدينا بنية تحتية متطورة لهذا النوع من الوقود، وحينئذٍ يمكننا استخدامه بكفاءةٍ عالية.
أيضًا، مِن مُميزات استخدام الوقود الأحفوري إتاحته في أي وقت، حيث يُعتمد عليه أكثر من الطاقة المتجددة، فهذه الأخيرة تعتمد علَى التغيرات في البيئة؛ أي إذا هبَّتِ الرياحُ أو أشرقتِ الشمسُ فإنَّ عملَ الألواح الشمسية أو محركات الرياح حينها يكون فعَّالًا. ولكن، إذا لم تكن الظروفُ أو الطقس مثاليينِ، فإنها تُنتج نصف طاقتها فقط.
وفي ختام المقال، ترى مجلة حماة الأرض أنَّ للوقود الأحفوري أهميةً، بخاصة في أيام الثورات الصناعية الكبرى، وبالرغم من هذا فسوف يُحتم علينا المستقبلُ التحولَ إلى الطاقة المتجددة والنظيفة، باعتباره تحولًا أخضرَ مواكِبًا الدعواتِ العالميةَ إلى الحفاظ علَى البيئة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.