خطى مستدامة

مُبادرَات «طيران الاتحاد» تُعطِي لَمحةً عَنِ المُستقبلِ المُستدامِ للطَّيرانِ التِّجَارِي

مُبادرَات «طيران الاتحاد» تُعطِي لَمحةً عَنِ المُستقبلِ المُستدامِ للطَّيرانِ التِّجَارِي

مُبادرَات «طيران الاتحاد» تُعطِي لَمحةً عَنِ المُستقبلِ المُستدامِ للطَّيرانِ التِّجَارِي

ليسَ هُناكَ حَلٌّ سِحريٌّ لتحقيقِ مستقبلٍ مستدامٍ للطيرانِ التِّجَاري، لكنْ بكُلِّ تأكيدٍ التحوُّلُ إلى الاستدامةِ في مجالِ الطيرانِ لا بدَّ أنْ يَحدُثَ بطريقةٍ أو بِأُخرَى.

إنَّ خلْقَ مُستقبلٍ مستدامٍ للطيرانِ التجاريِّ يمثِّلُ تَحدِّيًا كبيرًا ولكنَّه قابلٌ للتحقيق، إنَّه يتطلَّبُ حُلولًا عديدةً ومُتنوِّعة، قد يكونُ بعضُها موجودًا بالفعل، بينما لا يُمكنُنا تخيُّلُ البعضِ الآخرِ حتى الآن. عَملَ المستشارُ الاستراتيجيُّ لشركة «طيران الاتحاد» الإماراتيَّة، والرئيسُ التنفيذيُّ السابقُ للمجموعةِ على مدَى السنواتِ الخمسِ الماضيَة «توني دوغلاس» في صناعةِ الطيرانِ لأكثرَ من ثلاثةِ عُقود، وفيمَا يتعلَّقُ بالاستدامة، يقولُ دوغلاس: إنَّه َشهدَ تغيُّرًا في السنواتِ الخمسِ الماضيةِ أكثرَ مِنَ السنواتِ الخمسِ والعشرينَ السابقةِ مُجتمعَة.

التَّحدِّياتُ أمامَ شركاتِ الطيرانِ التِّجارِي

سيَتوجَّبُ على شركاتِ الطيرانِ خلالَ السنواتِ القادمةِ أنْ تكونَ في طَليعةِ القِطَاعاتِ التي تُطبِّقُ مَفاهيمَ الاستدامة، لكن هذَا التَّحدِّي لنْ يتمَّ حلُّه إلَّا منْ خلالِ المُساهماتِ الفعَّالةِ من جميعِ أصحابِ المصلحةِ ليسَ فقطْ شركاتُ الطيرانِ والتي تُعتبرُ جُزءًا واحدًا من المَنظومَة، يجبُ أن يكونَ هناكَ تكاملٌ معَ الحكوماتِ ووَاضعِي السياساتِ والمنظمِينَ وشركاتِ الوَقودِ ومُصنعي مَحطاتِ الطاقةِ ومؤسسي البِنيةِ التحتيةِ ومُصنعي الطائرات، لذا فمِنَ الواضحِ أنَّ التعاوُنَ هو المِفتاحُ لتأمينِ مستقبلٍ مستدامٍ للطيران.

إنَّ مسؤوليةَ ضمانِ مستقبلٍ مستدامٍ للطيرانِ لا يمكنُ أن تقعَ حصريًّا على عاتقِ شركاتِ الطيران، على الرغمِ من الدَّورِ الكبيرِ لهذهِ الشركاتِ لإيجادِ البدائلِ التي تُقلِّلُ مِنَ الآثارِ البِيئيةِ للطيرانِ التجاري، حيثُ يَنبعثُ عنْ هذا القطاعِ ما يقرُبُ منْ 2.1٪ من إجمالي الناتجِ الكربونيِّ العالمي.

ولعلَّ منْ أبرزِ الشركاتِ في مجالِ الطيرانِ التي عَملَتْ على خَفضِ الانبعاثاتِ هي شَركة «طيران الاتحاد»، فالشركةُ الرَّائدةُ في مجالِ الطيرانِ التجاريِّ أَعلنَتِ التزامَها ببِصمةٍ كربونيةٍ صِفريةٍ بحُلولِ عام 2050، معَ تخفيضِها بنسبة 50٪ بحلولِ عام 2035.

وتعملُ طيران الاتحاد بنشاطٍ في تطويرِ وَقودِ الطائراتِ المُستدام، منْ خلالِ بَرْنَامَجيها «جرين لاينر» و«مستدام 50»، كما أدخلَتْ أيضًا العديدَ منْ مُمارساتِ الأعمالِ المستدامةِ في الجَوِّ وعلى الأرضِ وأنشأتْ برامجَ استهلاكيَّةً واعيةً بالبِيئة، ومنْ خلالِ هذهِ المُبادراتِ وغيرِها، أَظهرَت «الاتحاد» لقطاعِ الطيرانِ والعالمِ كيفَ يُمكنُ للطيرانِ التجاريِّ التحرُّكُ نحوَ مُستقبلٍ مُستدَام.

التهديدُ الوجُودِي

لقد أدَّتِ التطوراتُ الهامَّةُ في تقنياتِ الطيرانِ إلى تطوُّرِ هذِه الصناعةِ بشكلٍ كبيرٍ في السنواتِ الأخيرة، كمَا تَتجِهُ الشركاتُ إلى شراءِ أكثرِ الطائراتِ المتاحةِ كفاءة؛ بهدفِ خفضِ التكاليفِ معَ الحفاظِ على البِيئة. تَعملُ المشاركةُ معَ الحكوماتِ والهيئاتِ التنظيميَّةِ على تَحسينِ طريقةِ تشغيلِ هذهِ الصناعةِ الهامَّة، ومعَ ذلك، لا تزالُ هناكَ تحدياتٌ كبيرةٌ يجبُ التغلُّبُ عليها؛ للوصولِ بهذَا القطاعِ الحيويِّ إلى صافي انبعاثاتٍ صفريةٍ بحلولِ عام 2050.

وبصرفِ النظرِ عنْ حَقائقِ فيزياءِ الطيران، سيرغُبُ الناسُ دائمًا في التحرُّكِ والسَّفر، وسيَستمرُ الطلبُ على السفرِ الجوِّيِّ للنموِّ في المُستقبل؛ وذلكَ وَفقًا لاتحادِ النقلِ الجويِّ الدولي، والذي تَظهرُ أرقامُه الأخيرةُ أنَّهُ مِنَ المتوقعِ أنْ يصلَ الطلبُ إلى 94٪ منْ مُستويات 2019 في عامِ 2023 وسيَرتفعُ إلى 103٪ في عامِ 2024 و111٪ في عام 2025، وهو الأمرُ الذي سيَزيدُ مِنَ الحِملِ البِيئي النَّاتج.

وبكلِّ تأكيدٍ فإنَّ الزيادةَ في الطلبِ على الطيرانِ تَعني بالضَّرورةِ أحمالًا بِيئيَّةً مُتزايدَة، فعِندَما تَحرقُ الطائرةُ الوَقود، فإنَّها لا تَطلقُ فقطْ ثاني أكسيد الكربون، ولكنَّها تنتجُ أيضًا منتجاتٍ ثانويةً أخرى، بمَا في ذلكَ أكاسيدُ النيتروجين، وبخارُ الماء، وغيرُهُمَا، والتي تَتفاعلُ جميعًا معَ الغلافِ الجويِّ وتُساهمُ بشكلٍ كبيرٍ في ظاهرةِ الاحتباسِ الحراري.

الانفتاحُ والابتكَار

أدَّتِ التطوراتُ التكنولوجيَّةُ الهامَّةُ في مجالِ الطيرانِ إلى زيادةِ كفاءةِ الطائراتِ مُؤخرًا بشكلٍ كبير، وتُعتبرُ طائرةُ «بوينج دريملاينر» أكثرَ الطائراتِ كفاءةً في العالم، حيثُ إنَّها أكثرُ كفاءةً في استهلاكِ الوَقودِ بنسبةِ 22٪ مقارنةً بطائرةِ إيرباص A330 مِنَ الجيلِ السابق، وبكلِّ تأكيدٍ هُناكَ تحسُّنٌ كبيرٌ في كفاءةِ الطائراتِ مِنَ الأجيالِ الجديدةِ تَفوقُ التوقُّعَات.

تَشغلُ طيران الاتحاد طائراتٍ منْ طراز دريملاينر 10-787، وإيرباص 1000-A350، وهي تَمتلكُ بالفعلِ الأسطولُ الأكثرُ كفاءةً في العالم، لكنَّ شركةَ الطيرانِ ذَهبَتْ إلى أبعدَ مِنْ ذلك، حيثُ يتمُّ استخدامُ برنامجيها «جرين لاينر» و«مستدام 50» كقاعدةِ اختبارِ طيران؛ لتقييمِ المُبادراتِ والإجراءاتِ والتِّقنيَّاتِ الجديدةِ الهادِفةِ للحدِّ من انبعاثاتِ الكربونِ في الطيرانِ التِّجاري.

يَستخدمُ برنامج «جرين لاينر» طائرات «بوينج دريملاينر» كقاعدةٍ لتجربةِ المزيدِ مِنَ المُمارساتِ الصديقةِ للبِيئةِ في كلٍّ مِنَ المَقصورةِ والجناح، سواءً للتخلُّصِ مِنَ الموادِّ البلاستيكيَّةِ ذاتِ الاستخدامِ الواحد، أوِ استخدامِ نسبةٍ مئويةٍ مُعينةٍ منْ وَقودِ الطيرانِ المستدامِ في بعضِ رِحلاتِها.

وبِناءً على الدُّروسِ المُستفادةِ من برنامج «جرين لاينر»، تمَّ إطلاقُ مبادرة «مستدام 50» والخاصَّةُ بطائراتِ إير باص A350، وقد تمَّ استخدامُ هذَا الاسمِ للمُبادرةِ تقديرًا للذكرَى الخمسينَ لتأسيسِ دولةِ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ والتزامِ شركةِ طيران الاتحادِ بصافي انبعاثاتِ الكربونِ بحلولِ عام 2050، المبادرةُ تَستخدِمُ طائراتِ إير باص 1000-A350، والتي تمَّ تطويرُها بالتعاوُنِ معَ «طيران الاتحاد»؛ وذلكَ لدمجِ وَقودِ الطيرانِ المُستدام، وتحسينِ إدارةِ النُّفاياتِ والوزنِ وتحسينِ التحليلِ القائمِ على البيانات.

طيران الاتحاد لمْ تَكتفِ بذلك، حيثُ دخلَتْ في شَرَاكةِ معَ SATAVIA، وهي شركةُ طيرانٍ صديقةٌ للبيئةِ مَقرُّها في المَملكةِ المتحدة، لتطويرِ تِقنيةٍ ثَوريةٍ للوَقايةِ مِنَ الانبعاثاتِ تَهدفُ إلى تقليلِ تأثيرِ الكربونِ في كلِّ رِحلةٍ بنسبةٍ تصلُ إلى 60٪.

وفي النهايةِ يجبُ أنْ نُؤكدَ على أنَّ المِفتاحَ لتحقيقِ طيرانٍ أكثرَ صداقةً للبيئةِ هوَ التعاوُنُ منْ قِبلِ الجميع، معًا يُمكنُنا القِيامُ بعملٍ أفضل، فالاستدامةُ ليسَتْ مَجالًا للمُنافسَة، ولكنَّها أرضٌ مُشتركةٌ للتعاوُن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى