هامبورج 2025: موعد مع التنمية المستدامة

هامبورج 2025: موعد مع التنمية المستدامة
في ظل الأزمات المناخية المتفاقمة والتوترات الاقتصادية والاجتماعية، بات واضحًا أن الحلول التقليدية لم تعد كافية لمواجهة التحديات العالمية المتزايدة، ومع تزايد الضغوط على المجتمعات والدول، وتراجع الاستثمارات في التنمية المستدامة، تتعمّق الفجوة بين الطموحات والواقع؛ مما يعزز الحاجة إلى تبني مقاربات جديدة تركز على التعاون الدولي والتكامل بين الأطراف المعنية.
ومن هنا نشأت مبادرات ومؤتمرات دولية تسعى إلى تعزيز هذا النهج الجماعي وتفعيل دوره في مواجهة التحديات، ومن أبرز هذه المؤتمرات، مؤتمر الاستدامة في هامبورج (HSC) الذي سوف تتناول حماة الأرض في هذا المقال عرض تفاصيله، من حيث التنظيم، والأهداف، والجهات المشاركة فيه، وما يحمله من آمال لبناء شراكات استراتيجية قادرة على تحويل الخطط والطموحات إلى مشروعات عملية تدعم التنمية المستدامة؛ فتابعوا القراءة.
يُعقد مؤتمر الاستدامة في هامبورج (HSC) هذا العام في الفترة من 2 إلى 3 يونيو، وهو مؤتمر جديد أُطلق عام 2024 بمبادرة من وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية (BMZ) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومؤسسة مايكل أوتو ومدينة هامبورج؛ ليكون منصة دولية تجمع صانعي القرار والخبراء من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
الذكاء الاصطناعي فرصة هائلة أم خطر متفاقم؟
من أبرز المحاور التي يتناولها مؤتمر هامبورج هذا العام الذكاء الاصطناعي، باعتباره أداة قد تعيد رسم معالم التنمية البشرية؛ فتقنيات الذكاء الاصطناعي تتطوّر بوتيرة مذهلة، تشمل تحسين الإنتاجية وتعزيز الابتكار وتحليل البيانات المعقدة، وتَعِد بتغييرات جذرية في الاقتصاد والتعليم والرعاية الصحية، إلا أن هذه القوة الجديدة تحمل أيضًا تحديات كبيرة، أبرزها خطر زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتهميش المجتمعات التي لا تملك البنية التحتية أو المعرفة الكافية للاستفادة منها.
وفي هذا السياق، أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع وزارة التعاون الألمانية مجموعة من المبادئ لاستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسئول يخدم أهداف التنمية المستدامة، وقد أُجريت مشاورات موسّعة مع جهات من الحكومات والمؤسسات الدولية والشركات والمجتمع المدني لصياغة رؤية مشتركة حول كيفية تسخير هذه التكنولوجيا بإنصاف وكفاءة.
نتيجة هذه الجهود ستتمثل في إعلان هامبورج بشأن الذكاء الاصطناعي المسئول لخدمة أهداف التنمية، الذي سيُطلق خلال المؤتمر، حيث من المتوقع أن يركّز الإعلان على الاقتصادات النامية والناشئة، ويستند إلى أعمدة أجندة 2030 الخمسة: الناس، الكوكب، الازدهار، السلام، والشراكات؛ مما يعكس التزامًا عالميًّا بتوجيه التقدم التكنولوجي لصالح المجتمعات، وتكريس العدالة الرقمية بوصفها ركيزة لمستقبل أكثر استدامة.
محور الأزمات والهشاشة
ومن بين محاور المؤتمر الرئيسة، يبرز محور الأزمات والهشاشة، يهدف هذا المحور إلى تحليل المخاطر الراهنة التي تعصف بالعديد من الدول، وخاصة في المناطق التي تعاني من النزاعات المسلحة والكوارث البيئية والاقتصادية، وتحديد سبل تعزيز القدرة على الصمود في وجه الصدمات
ويقود برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هذا الأمر، استنادًا إلى خبرات ميدانية كبيرة في دعم سبل العيش وإعادة توطين المتضررين؛ ففي عام 2024 وحده، ساعد البرنامج الإنمائي على إعادة توطين ملايين الأشخاص في أكثر من 60 دولة تعاني من ظروف هشاشة شديدة، مقدّمًا دعمًا حيويًّا لسبل العيش وحماية للفئات الضعيفة.
إعادة هيكلة التمويل الدولي
ومع استمرار تزايد تعقيد هذه الأزمات، تتفاقم التحديات المالية التي تواجه الدول المتضررة، حيث تعاني كثير منها من أعباء ديون ثقيلة وصعوبات في الوصول إلى تمويل مستدام يضمن استمرارية جهود التنمية؛ لذلك يطرح مؤتمر هامبورج ملف إعادة هيكلة التمويل الدولي باعتباره أحد أبرز محاوره، جامعًا الحكومات والمنظمات الأممية وبنوك التنمية متعددة الأطراف إلى جانب القطاع الخاص والمجتمع المدني، بهدف بناء نظام مالي عالمي أكثر عدالة وشمولية يدعم جهود التنمية المستدامة ويعزز قدرة الدول على مواجهة الأزمات بشكل أفضل.
وفي ضوء ما يحمله مؤتمر هامبورج المرتقب من وعود وتحديات، ترى حماة الأرض أن أمام المجتمع الدولي فرصة حقيقية لإعادة توجيه مسار التنمية بما يرسّخ مبادئ العدالة والإنصاف على جميع الأصعدة؛ إذ لا يمكننا المضي قدمًا دون تبني رؤية مشتركة ومسئولة تجمع بين التعاون والابتكار.






