أخبار الاستدامة

إلغاء الرسوم الجمركية عن واردات صربيا خطوة لتحقيق التنمية المستدامة

صربيا

إلغاء الرسوم الجمركية عن واردات صربيا خطوة لتحقيق التنمية المستدامة

تُعد العلاقات الدولية القوية والشراكات الاقتصادية الفعالة ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار الشامل للدول، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والبيئية الراهنة. وفي هذا السياق، يمثل منتدى الأعمال المصري – الصربي، الذي انعقد في الثلاثاء 17 يونيو الجاري، بالعاصمة الإدارية الجديدة، خطوة مهمة نحو تعزيز هذه الروابط، مؤكدًا الإرادة المشتركة لدفع عجلة التنمية في البلدين.

في هذا المقال، تتناول حماة الأرض أبرز ما جاء في منتدى الأعمال المصري الصربي، مسلطة الضوء على الآثار الإيجابية المتوقعة لهذه الشراكة على جميع المستويات، كما تستكشف كيف يمكن أن تسهم هذه الشراكة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للبلدين، وتذليل العقبات المتعلقة بـالرسوم الجمركية؛ مما يفتح آفاقًا واسعة أمام شراكات واستثمارات جديدة؛ فتابعوا القراءة.

العلاقات المصرية الصربية

على مدار أكثر من قرن بَنَتْ مصرُ وصربيا علاقات وطيدة تعكس تاريخًا مشتركًا، وتشمل أبعادًا ثنائية ومتعددة الأطراف، وقد شهدت هذه العلاقات دفعة قوية وملحوظة بعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى “بلجراد” في عام 2022، هذه الزيارة الاستراتيجية التي كانت نقطة تحول أثمرت عن اتفاقيات بالغة الأهمية، كان من أبرزها تأسيس اللجنة العليا المشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي والفني، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية للتجارة الحرة ومذكرات تفاهم في القطاعات الحيوية المختلفة.

وفي سياق هذه التطورات الإيجابية، ازدادت وتيرة التنامي في العلاقات بين البلدين بشكل لافت للنظر مع زيارة الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش إلى القاهرة في يوليو الماضي، التي تزامنت مع افتتاح منتدى الأعمال المشترك، وقد أشار الدكتور/ مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال كلمته في منتدى الأعمال المصري الصربي، إلى أن هذه الزيارات المتبادلة أثمرت عن تضاعف حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى أكثر من ثلاثة أضعاف من 94 مليون دولار في عام 2022؛ ليصل إلى نحو 300 مليون دولار خلال عام 2024، وهذا النمو يؤكد التزام الطرفين بتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال التعاون الاقتصادي.

إلغاء الرسوم الجمركية

هذا التوسع في حجم التبادل التجاري يمهد الطريق لتعاون اقتصادي أعمق، خاصة مع قرب تفعيل اتفاقية التجارة الحرة التي تعد حجر الزاوية في هذه المرحلة الجديدة من الشراكة، حيث وافق مجلس النواب المصري في 26 مايو الماضي على اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وصربيا التي تعد نقطة انطلاق جديدة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين.

تهدف هذه الاتفاقية الطموحة إلى الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية والقيود الكمية على الواردات والصادرات من السلع، مما سيفتح آفاقًا واسعة أمام حركة التجارة ويحفز النمو الاقتصادي في كلا البلدين، هذا الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية لا يقتصر تأثيره على زيادة حجم التبادل التجاري فحسب، وإنما يمتد ليشجع على التكامل الاقتصادي، ويخفض تكاليف الإنتاج، ويزيد من القدرة التنافسية للمنتجات المصرية والصربية في الأسواق العالمية؛ مما يسهم بشكل مباشر في تحقيق الهدف (8) من أهداف التنمية المستدامة، المتعلق بالعمل اللائق ونمو الاقتصاد، من خلال توفير فرص عمل وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين.

علاوة على ذلك، أشار رئيس الوزراء في كلمته إلى أن الاتفاقية تشمل أحكامًا لتعزيز التعاون في مجالات الخدمات والاستثمار، بما في ذلك تشجيع المشروعات المشتركة ونقل التكنولوجيا وفض المنازعات التجارية؛ مما سيوفر بيئة مواتية لجذب الاستثمارات المشتركة وتعزيز الشراكة الاقتصادية، ويدعم بشكل كبير أجندة التنمية المستدامة.

هذه القوانين ستعمل على تبسيط الإجراءات، وتوفير الحماية القانونية للمستثمرين؛ مما يقلل من المخاطر ويزيد من جاذبية البلدين باعتبارهما وجهتين للاستثمار، وقد أوضح رئيس مجلس الوزراء إلى أن هذا الأمر سيتكامل مع تنامى حجم السوق المصرية من خلال اتفاقيات تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبية، والدول العربية، والقارة الإفريقية، والمملكة المتحدة، وتركيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وعدد من التجمعات الأخرى ليصل إلى أكثر من 3 مليارات مستهلك، بدون جمارك، وهذه الشبكة الواسعة من الاتفاقيات تضع مصر في موقع محوري باعتبارها بوابة للأسواق العالمية، وتقدم لصربيا فرصة فريدة للوصول إلى هذه الأسواق الكبيرة بكفاءة وفعالية.

البنية التحتية ركيزة لدعم التنمية

ولكي تتحقق هذه الرؤية الطموحة للشراكة الاقتصادية، ينبغي وجود بنية تحتية لوجستية متطورة تدعم هذا التوسع وتسهل حركة التجارة والاستثمار، وهذا ما توفره مصر اليوم بشكل مميز، حيث تتمتع مصر ببنية تحتية لوجستية حديثة ومتطورة، بما في ذلك الموانئ المحورية، ومحور قناة السويس، وشبكات الطرق والسكك الحديدية المتطورة، التي تمكنها من الوصول بفعالية إلى تلك الأسواق الواسعة.

من خلال هذه البنية التحتية المتكاملة، يمكن للشركات المصرية والصربية أن تتعاون في التصنيع المشترك، سواء في مصانع قائمة أو من خلال استثمارات جديدة، ثم تقوم بتصدير هذه المنتجات إلى الأسواق المستهدفة دون رسوم جمركية وبتكاليف نقل أقل؛ مما يعزز من تنافسية المنتجات ويسهم في تحقيق الأهداف الاقتصادية المشتركة، ويدعم أهداف التنمية المستدامة.

ويمتد التعاون المشترك بين مصر وصربيا إلى الخدمات واللوجستيات والسياحة، إلى جانب عقد تحالفات في مجالات البنية التحتية المختلفة خاصة في إفريقيا وإعادة إعمار دول الجوار. وقد أشار رئيس مجلس الوزراء في كلمته إلى أهمية نقل تجربة مصر في الخطط العاجلة للبنية التحتية وإنشاء مدن الجيل الرابع، لمعاونة صربيا في الاستعدادات لاستقبال معرض الإكسبو في بلجراد عام 2027. هذا النقل للخبرات والمعرفة يعد مثالًا حيًّا على كيفية تحقيق الهدف (17) من أهداف التنمية المستدامة، المتعلق بالشراكات من أجل تحقيق الأهداف، حيث يتم تبادل المعرفة والتقنيات لدعم التنمية المستدامة في البلدين.

مصر تسعى إلى توفير بيئة استثمارية

وقد سعت الدولة المصرية جاهدة لتهيئة بيئة استثمارية جاذبة ومحفزة لاستقبال المزيد من الاستثمارات العالمية، بما في ذلك الاستثمارات الصربية، وقد تجلى هذا السعي في تنفيذ حزمة من الإصلاحات التشريعية والإجرائية التي تهدف إلى تيسير مناخ أداء الأعمال، ومن أبرز هذه الإصلاحات إطلاق الرخصة الذهبية التي تهدف إلى تبسيط الإجراءات على المستثمرين وتخفيض الأعباء البيروقراطية، ووثيقة سياسة ملكية الدولة التي تسعى إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية.

هذه المبادرات، وغيرها من الإصلاحات الداعمة للقطاع الخاص، تعكس التزام الحكومة المصرية بتعزيز دور القطاع الخاص باعتباره شريكًا أساسيًّا في مسيرة التنمية. كما وفرت مصر عشرات المناطق الصناعية والتجارية واللوجيستية المرفقة في جميع أنحاء البلاد، وهي مناطق مجهزة بجميع المرافق والبنية التحتية اللازمة لاستيعاب المشروعات الاستثمارية الكبرى؛ مما يقلل من التكاليف الأولية للمستثمرين ويسهل عليهم بدء أعمالهم.

وفي ظل هذه التطورات، يشهد الاقتصاد المصري اليوم استقبالًا متزايدًا للاستثمارات الجديدة، بالإضافة إلى تدفق الوفود السياحية، ونمو ملحوظ في الصادرات، وهذه المؤشرات الإيجابية تعكس نجاح الإصلاحات الاقتصادية والإجرائية التي تم تنفيذها، وتؤكد على أن مصر تسير على الطريق الصحيح نحو تحقيق النمو المستدام.

وفي هذا السياق، ترى حماة الأرض أن القطاع الخاص من الجانبين المصري والصربي يقع على عاتقه مسئولية كبرى في بناء شراكات واستثمارات جديدة، وأن هذه الدعوة تستهدف استغلال الفرص الهائلة في القطاعات المختلفة، بدعم من الإرادة السياسية القوية والموقع الاستراتيجي لمصر؛ مما يجعل هذه الشراكة فرصة لا تقدر بثمن لتحقيق الازدهار المتبادل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى