العالم يناقش التنوع البيولوجي في كولومبيا
العالم يناقش التنوع البيولوجي في كولومبيا
علَى الرغم من الحِراك العالميّ نحو مكافحة التغيرات المناخية المتعددة فإننا نشهد أزمةً مناخيةً غير مسبوقة؛ لأنَّ الموائل الطبيعية أصبحت أكثر تضررًا، حيث تواصل ملايين الأنواع من الكائنات الحية طريقها نحو الانقراض؛ مما يهدد حياة وأرزاق مليارات البشر المعتمدين عليها.
هذا هو الواقع الذي دفع بدول العالَم في عام 2022 إلى النظر بعين الاعتبار ناحية المشكلات التي تهدد التنوع البيولوجي، حيث اجتمعت الأطراف العالَمية في الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف الخاص باتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، الذي يشار إليه باسم إطار كونمينج – مونتريال.
إطار كونمينج
بالاستناد إلى مؤتمر “COP15” سوف تُعقد فعاليات الاجتماع السادس عشر لمؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي بدءًا من اليوم -21 أكتوبر- حتى الأول من نوفمبر، وهذا في مدينة “كالي” الكولومبية، ثالث أكبر دولة من حيث التنوع البيولوجي، حيث سيجتمع ممثلو 196 دولةً؛ لأجل أنْ يتابعوا حالة تنفيذ إطار كونمينج – مونتريال العالَمي للتنوع البيولوجي. وفي هذا المؤتمر أيضًا سوف تناقش الأطراف الدولية نظام الرصد والإبلاغ والتقييم لإطار كونمينج – مونتريال؛ لأجل تحقيق أهداف الإطار.
وسيكون مؤتمر الأطراف السادس عشر أول مؤتمر للأطراف بشأن التنوع البيولوجي منذ اعتماد هذا الإطار، ومن المتوقع أنْ يعمل المؤتمر علَى وضع اللمسات النهائية للآلية المعنية بالتقاسم العادل للمنافع الناشئة عن استخدام معلومات التسلسل الرقميّ بشأن الموارد الجينية. وسيكون لتمويل الطبيعة حضور قويّ في هذا المؤتمر العالميّ، وهو الأمر الذي أكدته رئيسة المؤتمر سوزانا محمد، حيث سترسل أمريكا اللاتينية إلى العالَم كله رسائلَ حول أهمية العمل المناخيّ وأهمية حماية الحياة في البر والبحر.
الاستثمار في الطبيعة
أكدت وزيرة البيئة الكولومبية -سوزانا محمد- أنَّ COP16 سيشهد نقاشات حول تعزيز المواءمة المالية العالَمية مع أهداف التنوع البيولوجي والمناخ، وتعزيز الاستثمارات الإيجابية للطبيعة ونمو الاقتصاد الحيويّ والأدوات المالية المبتكرة. ويُتوقع أنْ يُعقد علَى هامش المؤتمر يومُ المحيطات، وهو فعالية مهمة في البرنامج الرسميّ، وسيتضمن جلسات حول التخطيط والحفظ والاستخدام المستدام للمحيطات علَى جميع المستويات العالَمية والإقليمية والوطنية.
السلام مع الطبيعة
سوف يُعقد COP16 المعنيّ باتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجيّ تحت شعار”السلام مع الطبيعة”، مع رؤية عالمية مستوحاة من زهرة إينيريدا، التي تمثل رسالةَ سلامٍ مع الطبيعة، وفي هذا إشارة إلى القضايا الفريدة، التي تجلب التنوع البيولوجي من خلال زهرة لا تموت أبدًا، حيث يجب أنْ ينتبه العالم إلى أنَّ اقتصادات الوقود الأحفوريّ تولد ممارساتٍ تنتهك حقوق الإنسان؛ لذا يجب علَى العالم أنْ يصنع السلام مع الطبيعة.
ومِن الجدير بالذِّكْرِ، هو أنَّ تحقيق الأهداف المالية التي يمكن أنْ نعالج بها مشكلات التنوع البيولوجي أمر ضروريّ للوصول إلى أيّ من الأهداف الأخرى، وعلَى الرغم من أنَّ العالم قد قطع خطوات مذهلة في تطوير حلول مبتكرة لتمويل الطبيعة، فإننا لا نزال نكافح من أجل إيصال الأموال إلى البلدان التي هي في أمسِّ الحاجَةِ إليها؛ لذا سيتاح لقادة العالم في مؤتمر الأطراف السادس عشر الخاص بالتنوع البيولوجي فرصةً لتسهيل الوصول إلى الموارد المالية للبلدان النامية والشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية؛ مما يضمن استثمارًا عالميًّا حقيقيًّا في الطبيعة، حيث يمكن للجميع تحقيق أهداف الحفاظ علَى البيئة، لا سيما ما يتعلق بالتنوع البيولوجي.
ختامًا، فإنَّ مؤتمر الأطراف السادس عشر المعنيّ بالتنوع البيولوجي يشكل فرصةً حاسمةً لتوحيد الجهود الدولية في مواجهة تحديات التنوع البيولوجي، وإنَّ نجاح هذه الجهود يتطلب التزامًا جماعيًّا؛ لأجل تأمين مستقبل أفضل للأجيال الحالية والقادمة، ليصبح الإنسانُ في تناغمٍ واستدامةٍ مع الطبيعة.