أخبار الاستدامة

النمو الاقتصادي ومؤشراته في مؤتمر دولي يدق ناقوس الخطر

النمو الاقتصادي ومؤشراته في مؤتمر دولي يدق ناقوس الخطر

في مواجهة تصاعد الديون وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وجَّهت الدول المتوسطة الدخل نداءً دوليًّا لإصلاح النظام المالي، وتعزيز الاستثمارات المستدامة في كل البلدان، ووضع خارطة طريق للخروج مما يُعرف بـ”فخ الدخل المتوسط“.

وكان ذلك في اليومين الماضيين -28 و29 إبريل الجاري- حينما عُقِدَ “المؤتمر الرفيع المستوى للدول المتوسطة الدخل”The High-Level Conference of Middle-Income Countries (MICs)” ؛ ففي العاصمة الفلبينية “مانيلا” شارك كبار ممثلي 24 دولة متوسطة الدخل، وهي الدول التي تعاني كثيرًا من مستويات مقلقة من الديون العامة؛ مما يقلِّص هامش التحرك المالي اللازم لدفع عجلة التنمية في هذه الدول خاصةً، وذلك وسط تحديات اقتصادية متزايدة، وديون تثقل كاهل اقتصاداتها واقتصادات الدول الناشئة.

وتأتي أهمية هذا المؤتمر بالنظر إلى أنَّ 27 دولة قد نجحت منذ عام 2000 في الانتقال من فئة الدخل المتوسط إلى فئة الدخل المرتفع، وهذا على الرغم من أنَّ دولًا أخرى كثيرة عانت انتكاسات في هذا المسار. وكذلك تكمن أهمية “المؤتمر الرفيع المستوى للدول المتوسطة الدخل” في أنَّ 60% من فقراء العالم موجودون -تقريبًا- في الدول المتوسطة الدخل؛ أي أنَّ التحدي الأكبر سيكون في محاربة الفقر والقضاء عليه إذا ما اقتصر تركيزنا على الدول المنخفضة الدخل دون غيرها.

وحول ذلك قالت “أرميدا سالسياه أليسيجبانا” -الأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة لآسيا والمحيط الهادئ ESCAP-: «إنَّ انتقال الدول المتوسطة الدخل نحو اقتصادات أكثر نموًّا -مع التزامها بمسار التنمية المستدامة- يتطلب تعزيز أدوات تمويل التنمية، وتوسيع نطاقها بما يلبي احتياجات هذه المرحلة المفصلية».

وأضافت قائلة: «هذا يستدعي إصلاحات سياسية داخلية تركز على توسيع الحيز المالي، والحفاظ على ما يُسمَّى بـ”استدامة القدرة على تحمل الديون”، وتوجيه الموارد نحو استثمارات خضراء منتجة».

مخرجات إعلان ماكاتي

وقد خلص المؤتمر إلى إصدار “إعلان ماكاتي حول الدول المتوسطة الدخل – Makati Declaration on Middle-Income Countries”، والذي دعا الأمم المتحدة إلى تقديم دعم أوسع لهذه الدول؛ من أجل الوصول إلى مصادر وآليات تمويل تنموية مبتكرة، بالإضافة إلى المساعدة على عدد من المجالات الحيوية، مثل التحول الرقمي، وبناء القدرة على الصمود أمام الأزمات العالمية.

وفي هذا السياق، سلَّط “إعلان ماكاتي” -الصادر عن المؤتمر- الضوءَ على التحديات الجوهرية التي تعيق تقدم الدول المتوسطة الدخل، محذرًا من خطر الوقوع في ما يُعرف بـ”فخ الدخل المتوسط”، حيث تتباطأ وتيرة النمو الاقتصادي، وتفقد الدول ديناميكيتها التنموية إذا لم تُعالِج الاختلالات البنيوية في الوقت المناسب.

وجاء في نص الإعلان: «ندرك أنَّ الدول المتوسطة الدخل تمر -غالبًا- بتباطؤ متكرر في النمو، وإذا لم يُعالَج فسوف ينكمش الاقتصاد العالمي على المدى الطويل؛ وبالتالي لا تستطيع الدول بلوغ مستويات الدخل المرتفع».

تحديات النمو الاقتصادي

كما أشار الإعلان إلى مجموعة واسعة من التحديات التي لا تزال تواجه هذه الدول، من بينها اتساع الفجوات الاجتماعية، والفقر المزمن، والبطالة، وفقدان التنوع البيولوجي، وفجوات التحول الرقمي بين الدول والمجتمعات المتقدمة والنامية.

وفي ظل تراجع الدعم التنموي من الشركاء التقليديين في الشمال العالمي، شددت الدول المشاركة على أهمية تعزيز التعاون في ما بينها، خصوصًا عبر آليات التعاون الفني مع دول الجنوب، التي باتت تأخذ حيزًا متزايدًا من السياسات الإنمائية الجديدة.

ومِن هنا صرَّح “إنريكي مانالو” -وزير الخارجية الفلبيني- قائلًا: «نشهد إعادة تشكيل لشراكات التنمية التقليدية، مع اتجاه عدد متزايد من الدول المتوسطة الدخل منها الفلبين إلى تخصيص موارد أكثر لدعم التعاون بين بلدان الجنوب والشمال».

وكذلك تضمن “إعلان ماكاتي” حول الدول المتوسطة الدخل مجموعةً من الإجراءات والسياسات المقترحة؛ من أبرزها: تنمية القدرات الإنتاجية، وتعزيز التنمية البشرية والاجتماعية، إلى جانب دعم الابتكار والتحول الرقمي في القطاعات جميعها، فضلًا عن اعتماد مؤشرات تنموية تتجاوز قياس الناتج المحلي الإجمالي، وتقوية قدرة هذه الدول على الصمود في وجه الأزمات المتعددة الأبعاد.

ومن جهة أخرى تعكس مخرجات “إعلان ماكاتي” إدراكًا متزايدًا بأنَّ جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة -خصوصًا الهدف الثامن المعنيّ بتعزيز النمو الاقتصادي- تتطلب مقاربة مختلفة بالنسبة إلى الدول المتوسطة الدخل.

في الختام، ترى حماة الأرض -بالنظر إلى إعلان ماكاتي- أنَّ دعم الدول المتوسطة الدخل مفتاحُ تحقيق تنمية عالمية أكثر عدلًا واستدامة؛ ولذلك تواصل عبر منصاتها المختلفة التزامها بتسليط الضوء على قضايا التنمية العادلة، وجهود توفير العمل اللائق؛ حتى يمكننا بناء مستقبل اقتصادي وإنساني أكثر توازنًا وشمولًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى