اليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء
اليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء
تحتفل الأمم المتحدة -إلى جانب مؤسسات عالمية عديدة- في السابع من سبتمبر كل عامٍ بـ”اليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء”؛ وهذا لزيادة الوعي وتعزيز العمل العالمي في مواجهة تلوث الهواء، وهو التلوث الذي وصفه الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” مؤخرًا بـ”حالة طوارئ عالمية”.
تاريخ بداية الاحتفال بهذا اليوم يرجع إلى الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي أصدرتْ في عام 2019 قرارًا بتعيين يوم 7 سبتمبر من كل عامٍ باعتباره “اليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء”.
مما لا شك فيه، هو أنَّ ملوِّثاتِ الهواء الخطرُ الأشدُّ الذي يُهدد صحتَنَا وصحةَ جميع الأنظمة البيئية من حولنا، حيث تشير التقاريرُ إلى أنَّ 99% من سكان العالم يتنفسون هواءً غير آمنٍ، وأنَّ التعرضَ للهواء الملوَّثِ لوقت طويل يؤدي إلى العديد من الأمراض الخطيرة، كالسكتة الدماغية وأمراض القلب والرئة وحتى السرطان؛ لذا لنْ يكون مستغرَبًا أنْ نَعْلَمَ أنَّ تلوثَ الهواءِ يتسبب في أكثر من 6.7 مليون وفاة مبكرة سنويًّا.
يتنفس أغلبُ سكان العالم هواءً ملوَّثًا، وتتفاوتُ نسبةُ هذا التلوث حسب العوامل الجغرافية والاقتصادية والديموجرافية في كل بيئة. والمشترَكُ هنا، هو أنَّ للتعرضِ المستمرِّ للهواءِ الملوَّثِ -طوال الوقت- تداعياتٍ خطيرةً على الصحة وجودة الحياة؛ مما يؤثر -بالضرورة- في ارتفاع ميزانية الصحة بين جميع البلدان.
تقليل تلوث الهواء أمرٌ حاسمٌ في تحسين صحة البشر، وحاسمٌ -أيضًا- في مواجهة الأزمات الثلاثة الأبرز التي تواجه عالَمَنَا اليوم، وهي: التغيُّر المناخي، وفقدان التنوع البيولوجي، والتلوث بالنفايات؛ فضلًا عن مساعدتنا على تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة.
لذا، يعزز الاحتفالُ باليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء الوعي بالتأثيرات الخطيرة لتلوث الهواء، كما يعمل على زيادة التعاون بين الباحثينَ والشركات والحكومات والأفراد على التعامل -بشكل فوري وجاد- مع هذه الأزمة التي تهدد حياتنا.
التعاون والشراكة لمواجهة تلوث الهواء
لدينا -بكل تأكيد- حلول للتصدي لمشكلة تلوث الهواء، وحتى نتمكن من تنفيذها على نطاق واسع يجب علينا جميعًا التعاون والعمل عبر القطاعات المختلفة وفي جميع المجالات؛ للحد من هذا التلوث. وإذا كان تلوثُ الهواءِ مؤثرًا -بشكل أكبر- في المناطق المجاورة لمصادره، فإنَّ تأثيراتِه الضارةَ عابرةٌ للحدود الجغرافية، ويمكن أنْ تسافرَ آلاف الكيلومترات في الغلاف الجوي.
لن نتمكن -بالطبع- مِن التحكم في حركة الرياح، وإنما بمقدورنا أنْ نَعملَ معًا على تطوير حلول مسبقة؛ لمواجهة التحديات المتعلقة بتلوث الهواء. يمكن أنْ يتحول القطاعانِ الصناعي والخدمي -على سبيل المثال- إلى الاعتماد على بدائل الطاقة المتجددة تدريجيًّا؛ وبالتالي تقليل احتراق الوقود. أمرٌ آخرُ، هو إقامة اتفاقيات إقليمية تسهل تبادل الخبرات والمعرفة بين المناطق المتباعدة في كل ما يتعلق بمواجهة تلوث الهواء.
وبناءً على ما تَقدَّمَ، يركز احتفالُ هذا العام على ضرورة تعزيز الشراكات القوية، وزيادة الاستثمارات، وتحمل المسئولية المشتركة بين مختلف الأطراف.
تلوث الهواء الطبيعي والبشري
صحيح أنَّ المصادرَ الطبيعيةَ -مثل ثوران البراكين وهبوب العواصف الترابية- تؤدي إلى تلوث الهواء، إلا إنَّ تلوثَ الهواءِ الناتج عن الأنشطة البشرية أشد وطأةً وأعمق تأثيرًا. المصدر البشري الرئيسي لتلوث الهواء هو حرق الوقود، والذي يُوجدُ -عادةً- في تطبيقات توليد الطاقة، والنقل، والقطاعات الصناعية، وأغراض التدفئة والطهي في المنازل، وكذلك الزراعة، وحرق النفايات.
العديد من هذه التطبيقات سابقة الذكر هي -أيضًا- مصادر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، حيث تُسبب تلوَّثَ الهواءِ وتغيُّرَ المناخِ علَى المدى القريب والبعيد؛ مما يؤدي بدوره إلى ظواهرَ بيئيةٍ، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، وحرائق الغابات، والفيضانات، إلى غير ذلك.
ويُعَدُّ تلوثُ الهواءِ -بشكل عامٍّ- مصدرَ قلقٍ لصحة الإنسان، وتحديدًا الجسيمات الدقيقة العالقة (PM2.5)، وهي جزيئات غير مرئية للعين البشرية، التي يبلغ قطرها 2,5 ميكرون أو أقل. هذه الجسيمات تتصاعد وتُحْمَلُ في الهواء نتيجةً للأنشطة البشرية والطبيعية، ويتنفسها الإنسان ومختلف الكائنات الأخرى، وتؤدي إلى مشكلات صحية كثيرة، وتشمل الجهازَ التنفسيَّ، والعيونَ، والجلدَ؛ لذا يتم قياسها باستمرار لتحديد جودة الهواء، طبقًا للحدود القانونية المُنَظِّمَةِ.
وهذا يؤثر -بالطبع- في الصحة علَى المدى الطويل، مثل الأمراض القلبية والسرطان والسكتات الدماغية، ويؤثر -أيضًا- علَى المدى القريب؛ مسببًا تهيج العينينِ والأنف والحَلْقِ، وضيق التنفس، والسعال، ونوبات الربو.
كيف نشارك في الاحتفال بهذا اليوم؟
يقع على عاتق كل منَّا دور مهم في نشر الوعي بهذه القضية المهمة بين أهله وأصدقائه وزملائه في العمل، مع حثهم على انتهاج السلوكيات السليمة التي تعمل على تقليل البصمة البيئية لكل فرد، مثل التسوق بشكل مسئول، واللجوء إلى الخيارات المستدامة البديلة للبلاستيك، والتخلص من النفايات بالطريقة المناسبة، وزيادة إعادة التدوير والاستخدام لمختلف المنتجات.
أمَّا على الجانب المؤسسي والحكومي، فلا بُدَّ مِن إدراك أنَّ تلوثَ الهواءِ قاتلٌ صامتٌ! ويؤثر فينا جميعًا بشكل مباشر أو غير مباشر؛ لذا علينا تبني سياسات التحول -بشكل تدريجي- إلى بدائلِ الطاقةِ المتجددةِ، وتيسير الإجراءات، وإصدار التراخيص اللازمة لمشروعات الطاقة المتجددة، ووضع الأطر التشريعية المناسبة التي تُحفز على الاستثمار في هذا القطاع الواعد.
ختامًا، نؤكد أنَّ الاحتفالَ باليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء يهدف إلى زيادة الوعي على المستوى الفردي والمؤسسي، ويلقي الضوء على التأثيرات المدمرة لتلوث الهواء في صحتنا العامة، وكذلك أنظمتنا البيئية، وهي تأثيرات تتسبب في وفاة الملايين كل عامٍ، بالإضافة إلى الفاتورة الاقتصادية الضخمة التي يتوجب على الحكومات التعامل معها نتيجةً لهذا.