خطى مستدامة

اليوم العالمي للأحياء البرية يدعو إلى الحفاظ على الحياة في البر

اليوم العالمي للأحياء البرية يدعو إلى الحفاظ على الحياة في البر 

تُعد الأحياء البرية عنصرًا أساسيًّا في استقرار الأنظمة البيئية، التي يعتمد عليها الإنسان في حياته اليومية؛ فهي تسهم في تنقية الهواء، وتوفير المياه العذبة، والحفاظ على خصوبة التربة، فضلًا عن إمدادنا بالموارد الطبيعية الضرورية لاستدامة الحياة. ومع ذلك، تؤدي التغيرات البيئية والتدخلات البشرية إلى اختلال هذه التوازنات الدقيقة بشكل كبير.

انطلاقًا من هذا الواقع، يأتي اليوم العالمي للأحياء البرية ليؤكد أهمية حماية الحياة في البر؛ حفاظًا على التنوع البيولوجي، باعتباره ركيزة من ركائز التنمية المستدامة التي تسعى حماة الأرض إلى تعزيزها من خلال دعم الجهود البيئية العالمية، وزيادة الوعي بضرورة الحفاظ على الكائنات الحية التي تشاركنا هذا الكوكب؛ لذا تسلط حماة الأرض في هذا المقال الضوء على هذا اليوم الذي يعكس إدراكًا عالميًّا بقيمة التنوع البيولوجي، ودوره الحيوي في استدامة الحياة في البر؛ فتابعوا القراءة.

ما اليوم العالمي للأحياء البرية؟

يحتفي العالم سنويًّا في 3 مارس باليوم العالمي للأحياء البرية، وهو مناسبة تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية التنوع البيولوجي وحماية الكائنات الحية، وقد حددت الأمم المتحدة هذا اليوم عام 2013 ليكون فرصة لتسليط الضوء على الجهود المبذولة للحفاظ على الحياة البرية، وهو يوافق ذكرى توقيع معاهدة التجارة العالمية لأصناف الحيوان والنبات البري المهدد بالانقراض (CITES) عام 1973.

أهمية الأحياء البرية في حياة الإنسان

تؤدي الأحياء البرية دورًا أساسيًّا في حياة الإنسان؛ إذ يعتمد ملايين الأشخاص في العالم على الموارد الطبيعية للحصول على الغذاء والدواء ومصادر الدخل؛  مما يجعل الحفاظ على هذه الموارد إسهامًا رئيسيًّا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الهدفين (1) القضاء على الفقر و(2) القضاء على الجوع؛ فالأنظمة البيئية كالغابات والمحيطات تحتضن تنوعًا بيولوجيًّا هائلًا؛ فعلى سبيل المثال تعد الغابات موطنًا لما يقرب من 80٪ من البرمائيات و75٪ من الطيور في العالم، كما يعتمد عليها أكثر من 1.6 مليار شخص لكسب عيشهم؛ مما يجعل الحفاظ عليها -هي وغيرها من الموائل الطبيعية- ضرورة بيئية واقتصادية في آنٍ واحد.

التحديات التي تواجه الحياة البرية

تواجه هذه الأنظمة تهديدات متزايدة نتيجة للأنشطة البشرية المتسارعة، مثل إزالة الغابات، والتغيرات المناخية، والتوسع العمراني غير المستدام؛ مما يؤدي إلى فقدان الموائل الطبيعية وتراجع أعداد العديد من الكائنات الحية؛ إذ تشير التقارير إلى أن هناك أكثر من مليون نوع مهدد بالانقراض نتيجة للتغيرات المناخية والتدخلات البشرية الجائرة.

هذا الانحسار في التنوع البيولوجي لا يؤثر في استقرار النظم البيئية فقط، وإنما ينعكس أيضًا على جودة الحياة البشرية؛ إذ يرتبط التوازن البيئي ارتباطًا وثيقًا بتوافر الموارد الطبيعية واستدامتها؛ كما يعتمد الاقتصاد العالمي بشكل كبير على الطبيعة، حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي يعتمد عليها، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة؛ مما يجعل حماية هذه الأنظمة ضرورة عالمية.

أزمة التمويل البيئي

وعلى الرغم من الجهود الدولية لحماية التنوع البيولوجي، فلا تزال هناك فجوة تمويلية كبيرة، حيث تقدر الاحتياجات السنوية لحماية الحياة البرية بنحو 824 مليار دولار، في حين لا يتجاوز التمويل الحالي 143 مليار دولار، وتمثل هذه الفجوة عائقًا رئيسيًّا أمام تنفيذ خطط الحماية البيئية.

في ظل الفجوة التمويلية الكبيرة لحماية التنوع البيولوجي، أصبح البحث عن حلول مستدامة أمرًا ضروريًّا، وهو ما يتوافق مع الهدف (15) من أهداف التنمية المستدامة: الحياة في البر، الذي يركز على استعادة النظم البيئية المتدهورة، وضمان الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية.

وقد ظهرت حلول تمويلية مبتكرة تسعى إلى تحويل الديون الوطنية إلى صناديق لحماية الطبيعة، ومن بين هذه الآليات مبادلات الديون مقابل إقامة مشروعات بيئية، وإطلاق سندات خضراء لتمويل مشروعات حماية الأحياء البرية، توفر هذه الأدوات موارد مالية جديدة تدعم جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي، وتقلل من المخاطر البيئية التي تهدد الحياة البرية.

شراكة عالمية لإنقاذ التنوع البيولوجي

وعلى ذلك سيكون الاحتفال باليوم العالمي للأحياء البرية هذا العام -عام 2025- استثنائيًّا، حيث من المقرر أن يشهد هذا الحدث مشاركة العديد من المنظمات الدولية، مثل اتفاقية (CITES)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، ومبادرة (WILDLABS)، ومؤسسة (Jackson Wild)، والصندوق الدولي لرعاية الحيوان (IFAW)، وذلك من خلال أحداث تفاعلية تُسلط الضوء على الحلول المالية المبتكرة لحماية التنوع البيولوجي، وسوف يقام هذا الاحتفال رفيع المستوى في قصر الأمم المتحدة في جنيف بسويسرا يوم الاثنين الموافق 3 مارس 2025، وسيبث مباشرة على قناة اليوم العالمي للأحياء البرية على يوتيوب، مما يضمن وصول الحدث إلى الجمهور على نطاق عالمي.

وختامًا، فإنَّ الجهود الدولية نموذج للتعاون العالمي، بما توافق مع الهدف (10) الحياة في البر، والهدف (17) عقد الشراكات لتحقيق الأهداف. وترى حماة الأرض أنَّ الاهتمام بحماية الأحياء البرية ينبغي ألا يقتصر على هذا اليوم فقط، وإنما يجب أن يكون التزامًا مستدامًا يعكس وعيًا عالميًّا بأهمية التنوع البيولوجي؛ فإن كل خطوة نحو حماية البيئة هي استثمار في مستقبل أكثر استدامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى