بنك الكساء المصري… نَموذجٌ لعطاءٍ مُشرِّف
لمحاتٌ منْ جناحِ البنكِ بمُؤتمرِ المناخ
بنك الكساء المصري … نَموذجٌ لعطاءٍ مُشرِّف
في إطارِ تَغطيةِ حُماةِ الأرضِ لفَعالياتِ المنطقةِ الخضراءِ بمُؤتمرِ المناخ COP27، تَوَاجَدْنَا بالجناحِ الخاصِّ ببنكِ الكساءِ المِصريِّ لنَلتقيَ معَ المهندسةِ منال صالح، المديرُ التنفيذيُّ، والتي أَطلعتنا بشكلٍ مُوجزٍ على دَورِ بنكِ الكساءِ وأهمِّ المبادراتِ الي أطلقَها، وكيفَ تعملُ هذهِ المبادراتُ على تحقيقِ أهدافِ التنميةِ المُستدامة، وذلكَ في ضَوءِ رؤيةِ مصر 2030.
عَرضَ جناحُ بنكِ الكساءِ المصريِّ بالمنطقةِ الخضراءِ لمؤتمرِ المناخِ لَمحاتٍ على أهمِّ مشاريعه، حيثُ أطلعتنا المهندسةُ «منال» على أهمِّ المراحلِ التي تمرُّ بها التبرعاتُ بدايةً منْ مصادرِ التبرُّعِ وحتى أماكنِ التلقِّي، وكيفَ يُراعي عندَ توزيعِ الملابسِ الطبيعةَ الاجتماعيةَ لكلِّ منطقةٍ -نظرًا لاختلافِ طبيعةِ اللباسِ باختلافِ الجغرافيا- ومدَى حرصه على تقديمِ الملابسِ بالقياسِ المناسِبِ ومُراعاةِ المَوسمِ (صيف، شتاء) عندَ التوزيعِ لضمانِ أقصَى استفادة.
مَا بنك الكساء المصري؟
الكِساءِ المصريِّ مؤسسةٌ مصريةٌ خَيريةٌ غيرُ هادفةٍ للرِّبح، تَأسَّسَ منذُ 10 سنواتٍ تقريبًا، ويُغطِّي جميعَ محافظاتِ مصر؛ وذلكَ لهدفٍ ومُهمةٍ أساسيَّةٍ وهيَ توفيرُ الملابسِ كأداةٍ تنمويةٍ للمُستحقينَ منْ أطفالٍ وطُلابٍ وأُسرٍ فقيرةٍ وحتى الكِبارِ المُقبلينَ على الدخولِ إلى سُوق العمل، حيثُ تُمثِّلُ المَلابسُ عُنصرًا أساسيًّا حتى يتمكَّنَ الإنسانُ أنْ يعيشَ حياتَهُ بشكلٍ طبيعيٍّ مُناسِب.
على سبيلِ المثال، رُبَّمَا يُرفَضُ مُوظفٌ في وظيفةٍ جديدةٍ بسببِ مَظهرِهِ أوْ عدمِ مُناسبةِ نوْعِ ملابسِة لطبيعةِ العَمل، أوْ طالبٌ يتمُّ التنمُّرُ عليهِ بسببِ ملابسِه، إلى غيرِ ذلك، وهنَا يأتِي دَورُ مؤسسة الكساء المصري في تجميعِ الملابسِ منْ عددٍ كبيرٍ مِنَ المصادرِ على هيئةِ تبرُّعاتٍ سواءً مِنَ الأفرادِ عنْ طريقِ المَلابسِ المُستعملةِ أوْ مِنَ الشركاتِ في صورةِ ملابسَ مَعيبةٍ أوْ مسترجعةٍ أوْ راكدةٍ أو حتى شحناتٍ في الميناءِ تَمَّ التحفُّظُ عليها، حيثُ تتعاونَ الحكومةُ معَ البنكِ لتسهيلِ كلِّ الإجراءات.
الدَّورُ الهامُّ لبنكِ الكِساء
يقومُ بتوزيعِ الملابسِ طبقًا لكشوفٍ دقيقةٍ جدًّا سواءً تلكَ الموجودةُ في وزارةِ التضامُنِ أوِ الجامعاتِ الحكوميةِ وحتى المؤسساتِ المختلفةِ التي تَرعَى الحالاتِ الإنسانية. العملُ في تجميعِ الملابسِ حَوَّلَ بنك الكساء المصري بشكلٍ تدريجيٍّ إلى مؤسسةٍ تدويريةٍ لا تهدرُ أيَّ شيء، حيثُ إنَّ الملابسَ والأقمشةَ هيَ واحدةٌ مِنَ المنتجاتِ التي لا يُوجدُ لهَا تاريخُ انتهاءٍ للصلاحيَّة، لذا فمِنَ الممكنِ إعادةُ تدويرِها أكثرَ منْ مرَّة، حتى أصغرُ قطعِ القُماشِ يمكنُ إعادةُ نَسجِها في هيئةِ ملابسَ لطفلٍ على سبيلِ المثال.
دَورُ البنكِ في توزيعِ الملابسِ لا يَقتصرُ -كمَا هوَ مُعتاد- على الأغطيةِ والملابسِ الخارجيةِ الشتوية، بل يَشملُ أيضًا الملابسَ الداخليةَ والملابسَ الصيفيةَ وملابسَ النومِ ومَلابسَ المناسبات، وذلكَ لإدراكٍ كبيرٍ مِنَ البنكِ إلى أنَّ الأُسرَ الفقيرةَ تحتاجُ إلى مُختلفِ هذِه الأنواعِ في حياتِها اليوميَّة، وليسَ فقطْ ملابسُ للتدفئةِ في فصلِ الشتاء.
ومنْ خلالِ عملِ بنك الكساء المصري عبرَ السنينَ المُتعاقبة، تَبيَّنَ أنَّ هناكَ عددًا منْ أصنافِ الملابسِ تحتاجُ إلى أنْ يقومَ البنكُ عليها بعملياتٍ تشغيليَّةٍ مُركبةٍ حتى تصلُحَ للاستخدام، فمثلًا الأحذيةُ التي لا تصلحُ للتوزيعِ يُمكنُ فرمُهما وعملُ قوالبَ جديدةٍ تصلحُ للاستخدامِ كأرضيةٍ للملاعبِ في مراكزِ الشبابِ في المناطقِ الفقيرة، وكذا الملابسُ التي لا تصلحُ فيتمُّ أيضًا فرمُها لتُستخدَمَ بعدَ ذلكَ كحَشوٍ للبطاطينَ والألحفةِ لتُوزَّعَ في الشتاء.
المُساهمةُ في تحقيقِ أهدافِ التنميةِ المُستدامة
الدَّورُ التدويريُّ لبنكِ الكساءِ المِصريِّ وسياستُه الداخليةُ التي تَتبنَّى مبدأَ «صفر نُفايات»، أضِفْ إلى ذلكَ دوره في تَلبيةِ احتياجاتِ المُستحقينَ مِنَ الكِساء، يُحقِّقُ العديدَ منْ أهدافِ التنميةِ المستدامة، بِما يصلُ إلى 12 هدفًا، أولُهم بكلِّ تأكيدٍ «لا فقر»؛ وذلكَ لِمَا تُوفِّرُه المؤسسةُ منِ احتياجاتٍ للأسرِ الفقيرة، والعملُ على الارتقاءِ بمُستوى ملابسِهم.
يحققُ البنكُ عددًا مِنَ الأهدافِ المستدامةِ بشكلٍ غيرِ مباشر، مِنها على سبيلِ المِثال الهدفُ الرابع «التعليمُ الجيِّد» حيثُ يوفرُ ملابسَ الدراسةِ للطلاب، والهدفُ الثالث «الصحةُ الجيدة»؛ وذلكَ بتوفيرِ الأغطيةِ الصحيةِ المضادةِ للبكتيريا واحتياجاتِ حديثي الولادة، والهدفُ الحادي عشر «مجتمعاتٌ مستدامة» حيثُ يقومُ البنكُ بتدويرِ الملابسِ والأقمشةِ ومنعِ تحوُّلِها إلى كمياتٍ كبيرةٍ مِنَ النُّفاياتِ يتمُّ حرقُها أو رميُها، وهوَ مَا يَخدمُ أيضًا عددًا مِنَ الأهدافِ البيئيةِ الأخرى.
يتميزُ البنكُ بقدرتِه على الوصولِ إلى المتبرِّعِ حتى منزلِه، وكذلكَ إلى المُتلقي حتى منزلِه، وهو ما مكَّنَه مِن أنْ يتحوَّلَ إلى أداةٍ توعويةٍ لمصادرِ التبرعِ وجهاتِ التلقي، وذلكَ بالتحفيزِ على التبرعِ حتى بالأشياءِ التي قد لا يَرى المتبرعُ أنَّ هناك جدوى مِنَ التبرعِ بها مثلَ لباسِ البحرِ أوْ رابطاتِ العُنقِ وغيرِها، حيثُ يمكنُ للبنكِ تحويلُ هذِه الأشياءِ إلى ملابسَ أخرى جديدة. الدَّورُ التوعويُّ للمتلقِي يَشملُ التوجيهَ بكيفيةِ استخدامِ الملابسِ بالشكلِ الأمثل، وكيفَ يقومُ بتنسيقِ ملابسِه واختيارِ الألوانِ وغيرِها.
مشاريعُ تدويريةٌ مُختلفة
يَتلقَّى البنكُ التبرعاتِ منْ مختلفِ الأصناف، والتي يتمُّ بعدَ ذلكَ تصنيفُها وتحديدُ أوجُهِ الاستخدامِ المناسِبة، فعلى سبيلِ المثالِ لا تَحتاجُ بعضُ التبرعاتِ سِوى عمليةِ غسيلٍ وتغليفٍ قبلَ توزيعِها، في حينٍ أنَّ بعضَ الملابسِ لا تَصلحُ للاستخدام، ليتمَّ توجيهُها بعدَ ذلكَ إلى أحدِ مساراتِ إعادةِ التدويرِ لدَىه.
له خمسةُ مشاريعَ تدويريةٍ مختلفة، مِنها مشروع Shoddy والذي يقومُ بفَرْمِ الملابسِ غيرِ النافعةِ ليَتمَّ تحويلُها إلى حشواتٍ للأغطيةِ التي يقومُ بتصنيعِها، حيثُ يقومُ بتصنيعِ ما يصلُ إلى «50 ألف» غطاءٍ سنويًّا منْ هذَا المَشروع، المشروعُ الآخرُ هوَ مشروع الـ Fluff والذي يقومُ بتحويلِ الأحذيةِ غيرِ القابلةِ للتوزيعِ إلى مُنتَجٍ يتمُّ كبسُه وعملُ لعبِ الأطفالِ منه للتوزيعِ في الأعياد، أو عملُ أرضيَّةِ الملاعبِ في مراكزِ الشباب.
على جانبٍ آخر، فقد تَشملُ التبرُّعاتُ بعضَ الأشياءِ القَيِّمةِ جدًّا، مثلًا ستارةُ أنتيكة فخمة، عِندها يقومُ البنكُ بمشروعِ تصميمِ الأزياءِ بِتفصيلِ مِثْلِ هذِهِ القِطعِ على هيئةِ فساتينِ ومعاطفَ قيمةٍ تُباعُ بمُقابِلٍ مناسِب، ليتمَّ بعدَ ذلكَ استغلالُ هذَا المقابلِ في شراءِ الأصنافِ التي عادةً لا يتمُّ التبرعُ بِها للبنكِ مثلَ الملابسِ الداخلية، وبذلكَ يكونُ قدْ تَمكَّنَ منْ إيجادِ مصدرٍ إضافيٍّ للتمويلِ يُساعدُهُ في تحقيقِ أهدافِه.
يُمثِّلُ بنك الكساء المصري أحدَ النقاطِ المُضيئةِ للمؤسساتِ التي تَعملُ على خدمةِ المجتمعِ منْ ناحية، والحفاظِ على البِيئةِ منْ ناحيةٍ أخرى، مُحقِّقًا بذلكَ العديدَ منْ أهدافِ التنميةِ المُستدامة.