أخبار الاستدامة

تقرير يكشف أرقامًا صادمة حول كارثة مناخية تهز أوروبا

تقرير يكشف أرقامًا صادمة حول كارثة مناخية تهز أوروبا

بالصور والأرقام رسم تقرير المناخ الأوروبي لعام 2024 مشهدًا مقلقًا لما تواجهه القارة الأوروبية من تحديات مناخية متزايدة؛ ففي التقرير الصادر في 15 إبريل عن برنامج “كوبرنيكوس” الأوروبي بالتعاون مع منظمة الأرصاد الجوية العالمية، تم توثيق سلسلة من الخسائر الفادحة والكوارث المناخية التي عصفت بالقارة خلال العام الماضي.

وانطلاقًا من اهتمام حماة الأرض بتسليط الضوء على التحديات البيئية الراهنة وتعزيز الوعي العام بقضايا المناخ، نستعرض في هذا المقال أبرز ما ورد في تقرير المناخ الأوروبي لعام 2024، وكيف يعكس الواقع المناخي الراهن اتجاهات خطيرة تتطلب تحركًا عاجلًا، ليس فقط على مستوى السياسات، وإنما أيضًا على مستوى الفرد والمجتمع، للمضي قدمًا نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وقد جاء التقرير محمّلًا بأرقام صادمة ترسم صورة مقلقة لما شهدته أوروبا من كوارث طبيعية خلال العام الماضي، وعلى رأسها الفيضانات العنيفة التي اجتاحت عدة دول، متسببة في وفاة 335 شخصًا وتضرر أكثر من 413 ألفًا آخرين. وكانت الكارثة الأشد في إسبانيا، وتحديدًا في منطقة فالنسيا، حيث سُجلت معدلات أمطار غير مسبوقة خلال ساعات قليلة، أدّت إلى مقتل 232 شخصًا في أسبوع واحد فقط (من 28 أكتوبر إلى 4 نوفمبر)؛ لتُصبح هذه الحادثة الأكثر دموية في أوروبا هذا العام بسبب الظواهر الجوية.

وامتدت تأثيرات الظواهر المناخية لتشمل مناطق أخرى، حيث تسببت العاصفة “بوريس” في هطول أمطار غزيرة أثّرت في ثماني دول أوروبية، من بينها النمسا والتشيك. وقد رفعت الفيضانات الناتجة عن العاصفة منسوب المياه في عدد كبير من الأنهار، فتجاوزت 12% منها مستوى “الفيضان الشديد”، في حين تخطّى أكثر من 30% حدّ “الفيضان القوي”، وهو ما يعكس بوضوح هشاشة البنية المائية في أوروبا أمام التغيرات المناخية المتسارعة.

ومن جهة أخرى، لم تقتصر تداعيات هذه الظواهر على الجانب البيئي فحسب، وإنما امتدت لتطال الاقتصاد أيضًا؛ فقد بلغت قيمة الأضرار الناجمة عن الظواهر الجوية نحو 18.2 مليار يورو، مع تسجيل 85% من هذه الأضرار بسبب الفيضانات. وشملت الخسائر تدمير المنازل، والبنى التحتية، والطرقات، والمحاصيل الزراعية، في حين تأثر أكثر من 42 ألف شخص بحرائق الغابات، التي أصبحت أكثر شيوعًا ودمارًا في السنوات الأخيرة نتيجة لارتفاع درجات الحرارة وجفاف الأراضي.

إضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن القارة الأوروبية شهدت ارتفاعًا في درجات حرارتها بما يعادل ضعف المتوسط العالمي منذ ثمانينيات القرن الماضي، وقد أسفر هذا الارتفاع في درجات الحرارة عن موجات حر شديدة ومتكررة، بجانب فصول رطبة للغاية أسفرت عن فيضانات قوية. كما ذكر التقرير أن عام 2024 كان من أكثر الأعوام رطوبة في أوروبا الغربية منذ عام 1950؛ مما يعكس شدة التأثيرات المناخية الحالية.

ويتوقع التقرير تصاعد المخاطر في السنوات القادمة إذا لم تُتخذ خطوات عاجلة للحد من الانبعاثات الكربونية والتكيف مع التغيرات المناخية، كما يبرز الحاجة إلى تطوير سياسات بيئية مرنة قادرة على مواجهة التحديات المناخية المستمرة، مع وضع استراتيجيات واضحة للتعامل مع الكوارث الطبيعية. تشمل هذه الاستراتيجيات تحسين البنية التحتية، وتعزيز الوعي المجتمعي، وإنشاء أنظمة إنذار مبكر للحد من الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن هذه الكوارث المتزايدة.

إلى جانب دور الحكومات، يؤدي الأفراد والشركات دورًا أساسيًّا في التكيف مع التغيرات المناخية؛ فمواجهة الواقع المناخي الجديد تتطلب تعاونًا جماعيًا من الجميع، كما أنه من الضروري أن يدرك الجميع أن التغير المناخي لا يعد أزمة بيئية فقط، وإنما هو أزمة إنسانية واقتصادية تمس حياة الملايين حول العالم.

كما يشير التقرير إلى أن عام 2024 كان الأشد حرارة في التاريخ، حيث تجاوزت درجة الحرارة العالمية لأول مرة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وهو الحد الذي حدده العلماء لتجنب أسوأ آثار التغير المناخي، وتجاوزه يعني أننا دخلنا مرحلة أكثر خطورة.

ويوفر التقرير في الوقت نفسه فرصة لفهم جذور المشكلة بشكل أعمق، حيث لا يقتصر على عرض حجم الكارثة فقط، وإنما يحفزنا على التفكير في حلول عملية وفعّالة لمواجهتها، وقد أصبح تبني تقنيات الزراعة المستدامة، وتحسين إدارة المياه، والتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة أمرًا أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

ومن هنا، تدعو حماة الأرض إلى إعادة تقييم تعاملنا مع كوكبنا، فالتقرير لا يمثل مجرد تحذير علمي، وإنما هو نداء عاجل للعمل؛ فالأرقام والإحصائيات التي نواجهها اليوم تبرز واقعًا يهدد الحياة فوق سطح الأرض بشكل مباشر، وإذا استمر التباطؤ في التحرك فإن الأجيال القادمة ستدفع ثمن هذا التأخير، وستواجه عواقب بيئية واقتصادية قد تكون أكثر تعقيدًا وصعوبة في التعامل معها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى