تكنولوجيا المعلومات المستدامة تبني مستقبل الأرض
تكنولوجيا المعلومات المستدامة تبني مستقبل الأرض
في عالمنا الذي يتسارع فيه التحول الرقمي بشكل غير مسبوق، أصبحت الحاجة إلى تكنولوجيا المعلومات أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. لكنها في الوقت نفسه، تستهلك كميات هائلة من الطاقة والموارد الطبيعية؛ لذا تبرز أهمية الربط بين تكنولوجيا المعلومات والاستدامة لتحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والحفاظ على البيئة والموارد للأجيال القادمة.
هذا الدمج بين التوجهين الكبيرين أنتج لنا مصطلحًا جديدًا جامعًا بينهما، هو: تكنولوجيا المعلومات المستدامة، وحول هذا ستأخذكم حماة الأرض في رحلة ماتعة داخل عالم تكنولوجيا المعلومات المستدامة؛ لنكتشف معًا كيف يمكن لهذه التقنيات أنْ تغير المستقبل؛ لذا تابعوا القراءة.
ما تكنولوجيا المعلومات المستدامة؟
يقصد بتكنولوجيا المعلومات المستدامة -وفقًا للاتحاد الدولي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات العالمية والخضراء- تحليل وإدارة استهلاك الطاقة داخل قسم تكنولوجيا المعلومات في أي مؤسسة، وهي ممارسات تهدف إلى تقليل الأثر البيئي الناتج عن العمليات الرقمية، بدءًا من تصميم وتصنيع الأجهزة الإلكترونية، وصولًا إلى التخلص منها.
لا تكنولوجيا بلا بيئة
يتزايد تأثير تكنولوجيا المعلومات في البيئة بشكل لافت للنظر؛ إذ إن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هو أحد أكبر المسئولين عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، حيث تقدر حصة هذا القطاع بما بين 1.8% و3.9% من الإجمالي العالمي.
وعلى الرغم من ذلك فإنه ليس كل ما له علاقة بالتكنولوجيا ضار بالبيئة! إذ يمكن تقليل هذا التأثير بشكل ملحوظ عند تبني ممارسات الاستدامة؛ لذلك علينا التفكير في كيفية تحسين استدامة عمليات تكنولوجيا المعلومات في المؤسسات، وتنفيذ ممارسات مبتكرة تهدف إلى تقليل الانبعاثات وتقليل استهلاك الطاقة، وتحسين إدارة العمليات التكنولوجية بشكل عام.
حلول الطاقة المتجددة
في سبيل التحول إلى تكنولوجيا معلومات مستدامة تواجهنا بعض التحديات، ومن أكبر التحديات استهلاك الطاقة الهائل الذي يتطلبه تشغيل مراكز البيانات التي تخزن فيها مزودات الخدمات الإلكترونية؛ إذ أصدرت الوكالة الدولية للطاقة “International Energy Agency” في يناير 2024 تقريرًا عن استهلاك مراكز البيانات من الطاقة الكهربائية، حيث بلغت 460 تيـراوات/ ساعة، بما تعادل 2% من إجماليّ الاستهلاك العالميّ من الكهرباء، وهي نسبة قابلة للزيادة بحلول عام 2026.
ولمواجهة هذا التحدي علينا تحسين كفاءة استخدام الطاقة عن طريق استخدام تقنيات مبتكرة مثل الأجهزة الموفرة للطاقة، التي يمكن أن تقلل استهلاك الكهرباء بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك يمكننا تحسين أنظمة التبريد لتقليل استهلاك الطاقة وتوفير بيئة مستدامة ذات كفاءة عالية.
وتجدر الإشارة إلى أن دورنا في تحقيق الاستدامة لا يقتصر على تقنيات التوفير فقط، وإنما يمتد إلى استخدام مصادر الطاقة المتجددة؛ إذ يمكن للطاقة الشمسية وطاقة الرياح أن يكون لهما دور محوري في تحويل مراكز البيانات إلى أماكن مستدامة، مما يقلل من اعتماد الشركات على الوقود الأحفوري، ويسهم في تقليل انبعاثات الكربون، والتكاليف التشغيلية، فما الذي يمكن أن يكون أفضل من هذا التوازن بين تقليل الأثر البيئي الضار وحفظ المال؟
المستقبل الرقمي المحتمل
ومع تطور التكنولوجيا من جهة وزيادة الوعي بأهمية الاستدامة من جهة أخرى تبرز الحوسبة السحابية بوصفها أداة قوية لتسريع التحول نحو الاستدامة في تكنولوجيا المعلومات؛ إذ تسهم الحوسبة السحابية في تقليل الحاجة إلى مراكز البيانات الضخمة التي تستهلك الطاقة بشكل كبير، بسبب قدرتها على نقل البيانات والعمليات إلى السحابة.
وعلاوة على ذلك تتسم الحوسبة السحابية بمرونة غير محدودة؛ إذ يمكن من خلالها تقليص البنية التحتية بسهولة دون الحاجة إلى استثمارات ضخمة في الأجهزة الجديدة؛ ومِن ثَمَّ فإنَّ هذه القدرة على التكيف تجعلها الخيار الأمثل للمؤسسات التي تسعى إلى تحقيق استدامة طويلة الأمد في العمليات الرقمية. فزيادة الاعتماد على التطبيقات السحابية، تقلل الحاجة إلى الإنتاج الفعلي للأجهزة، مما يقلل من التلوث الناتج عن التصنيع والتخلص من الأجهزة القديمة.
البرمجيات المستدامة
تُعد البرمجيات المستدامة عنصرًا رئيسيًّا في تحقيق الاستدامة في تكنولوجيا المعلومات، فالأكواد البرمجية لها دور كبير -بصفتها قلب أي نظام رقمي- في تحديد مدى استدامة ذلك النظام. ومن خلال تحسين كفاءة الأكواد وتقليل استهلاك الموارد، يمكننا تقليل الأثر البيئي للأنظمة، وبهذا نفتح آفاقًا جديدة لبناء أنظمة رقمية أكثر استدامة.
مزايا تكنولوجيا المعلومات المستدامة
تتميز تكنولوجيا المعلومات المُستدامة بفوائد اقتصادية وبيئية متعددة؛ إذ تسهم في خفض التكاليف التشغيلية للشركات وتحسين سمعتها البيئية، مما يؤدي إلى زيادة جاذبيتها للعملاء وتعزيز علامتها التجارية. علاوة على ذلك، فإن ممارسات تكنولوجيا المعلومات المُستدامة تسهم في ضمان استدامة سلسلة التوريد، مما يعزز الشفافية والكفاءة التشغيلية؛ وبالتالي فإن الابتكارات المستدامة لا تقتصر على حماية البيئة فحسب، وإنما تساعد على تحقيق نمو اقتصادي مستدام.
في الختام، تؤدي حماة الأرض دورًا محوريًّا في تعزيز مفهوم تكنولوجيا المعلومات المُستدامة، من خلال تبني رسالة توعوية تعمل على تعزيز الاستدامة في العالم الرقمي؛ لذا تدعو الجميع إلى استخدام التكنولوجيا بطرق تقلل من الآثار البيئية وتحقق الاستدامة.