أخبار الاستدامة

حرائق كاليفورنيا تشعلها التغيرات المناخية

حرائق كاليفورنيا تشعلها التغيرات المناخية

يشهد العالم هذه الأيام كارثةً بيئيةً بكل المقاييس، وهي كارثة تُضاف إلى كثير من كوارث الطقس المتطرف، حتى أصبحت هذه الكوارث حالةً عامةً في كثير من دول العالم، بما يعكس حقيقة التغير المناخيّ الذي صار أقرب إلى حياة الإنسان وصحته منذ الثورة الصناعية الكبرى؛ لذا تابعوا في هذا المقال ما ستلقي عليه حماة الأرض الضوءَ حول أشهر كارثة مناخية تحدث في الولايات المتحدة الأمريكية.

تفاصيل حرائق كاليفورنيا

في الساعات القليلة الماضية شهدت ولاية كاليفورنيا –أكثر ولايات أمريكا سكانًا- حرائقَ مميتةً، وهي الحرائق التي حملتها رياحُ يوم الجمعة الماضية بسرعة تزيد عن 100 ميل في الساعة، لتكون أكثر الحرائق دمارًا في تاريخ ولاية كاليفورنيا، بخاصة المنطقة التي تمر منها رياح سانتا آنا الجافة.

وحول هذا الحادث المناخيّ المميت أعلنت السلطات الأمريكية عن ارتفاع حصيلة الخسائر البشرية والمادية، وحتى الساعات الأولى من يوم السبت كانت الجهود لا تزال مستمرةً في محاولة إيقاف هذه الحرائق بعد إجلاء عشرات الآلاف من سكان الولاية، حيث تهب الرياح الجافة بسرعة شديدة؛ ومِنَ ثَمَّ انتشرت النيران ملتهِمةً مناطقَ عديدةً -مثل مقاطعة باسيفيك- بالرغم من جهود الإطفاء.

مَن الفاعل؟

بادئ ذي بدء تُشير أصابع الاتهام إلى تلك الممارسات الخاطئة من التعدي على الأراضي الزراعية وأراضي الغابات الشجرية، ورعي الماشية، وكذلك بعض الأساليب الخاطئة في جهود رجال الإطفاء الذين يتعاملون مع هذه الكارثة؛ كارثة حرائق كاليفورنيا.

وقد يبدو هذا الاتهام للوهلة الأولى منطقيًّا، سوى أنَّ الاتهام الحقيقيّ يجب أنْ يُوجَّه في المقام الأول إلى التغير المناخي عدوِ الطبيعة الأول؛ لأنَّ سرعة الرياح الجافة تشير –بشكلٍ أو بآخرَ- إلى تلك العلاقة الواضحة بين التغير المناخي وحرائق كاليفورنيا.

وبذلك تم وصف الحريق -وفقًا لتقارير من مؤسسة AccuWeather المختصة بتنبؤات الطقس- بأنه ناتج عن واحدة من أشد أحداث الرياح التي شهدتها المنطقة في العقد الماضي. وأنَّ كاليفورنيا تكافح الرياح الشديدة المنتشرة بطول الولاية وعُرضها، حتى تسببت بشكل مباشر في انتشار حرائق الغابات بهذا الشكل.

وهذا الوصف هو ما أكده أحد أهم خبراء “AccuWeather” -كين كلارك – قائلًا بأنَّ هذا الحدث بين أكبر حدثينِ أو ثلاثة أحداث من حيث الشدة، كما أنه أشار إلى أنَّ الوضع الحاليّ أسوأ من أي حدث رياح عادي سبق أنْ شهدته منطقة سانتا آنا، المعروفة برياحها العاتية.

وبالرجوع إلى الوراء نجد أنَّ كاليفورينا ولايةً أمريكيةً ذات تاريخ حار ومحترق منذ الثمانينيات؛ فإنَّ دراسة نشرتها مجلة ساينس ديلي العلمية (Science Daily) تقول بأنَّ درجات الحرارة المرتفعة والجفاف الناتج عن ذلك منذ عام 1984 تسببَا في انتشار الحرائق في الساحل الغربيّ من الولايات المتحدة الأمريكية؛ أي المنطقة الواقعة فيها ولايةُ كاليفورينا.

ولمعرفة دور التغير المناخي في حوادث احتراق الغابات –بشكل أكثر دقةً- قارن فريقٌ بحثيّ من معهد سكريبس للأبحاث بين تاريخ الحرائق في غرب الولايات المتحدة وتوقيت ذوبان الثلوج، ودرجات الحرارة في الربيع والصيف على مدى 33 عامًا؛ أي من عام 1970 إلى عام 2003. وقد استخدم الفريق البحثيّ –أيضًا- بياناتٍ مناخيةً أخرى، ومنها ملاحظات درجات الحرارة الموسمية، ومعدلات نقص الرطوبة.

وهناك توصل الباحثون إلى أنَّ التغيرات من عامٍ إلى آخرَ في وتيرة حرائق الغابات تبدو مرتبطةً ارتباطًا وثيقًا بدرجات الحرارة السنوية في الربيع والصيف، مع الوضع في الاعتبار توقيت ذوبان الثلوج في الربيع.

إذنْ، كانت كاليفورنيا –ولا تزال- تعاني من الجفاف طيلة معظم العقد الماضي حتى شتاء 2022 – 2023، ثم شهدت الولاية بعد ذلك عامينِ من هطول الأمطار بشكل متواصل، مع نقص في الأمطار فوق سماء الجانب الغربيّ من كاليفورنيا؛ مما تسبب في جعل الجو جافًّا خلال الأشهر الأخيرة في الولاية.

وذلك الارتفاع المتزايد في درجات الحرارة يُعزى –حسب أبحاث مرصد الأرض في جامعة كولومبيا- إلى التغير المناخيّ الحاد، الذي يتسبب في حدوث ظواهر مناخية مثل حرائق الغابات. وقد بدأ العلماء والمسئولون الحكوميون في الآونة الأخيرة بإلقاء اللوم -جزئيًّا- على تغير المناخ.

شتاء كاليفورنيا الجاف

تُعزى أنماط الطقس المتطرف في فصل الشتاء بكاليفورنيا -بشكل عام- إلى تيار الهواء الشماليّ في فصل الشتاء –بخاصة بين شهرَي سبتمبر ومايو- وهو التيار المعروف باسم “سانتا آنا”؛ مما يتسبب في غرق شمال كاليفورنيا في كمية لا بأس بها من الأمطار والثلوج، وفي الوقت نفسه احتراق جنوب الولاية بالرياح الجافة.

وفضلًا عن الطقس الحار الذي يعيشه جنوب ولاية كاليفورينا في فصل الشتاء، فإنَّ البيانات تُشير إلى جفاف الغطاء النباتيّ في هذه المنطقة الجنوبية من ولاية كاليفورنيا، مثلما كان الحال تمامًا في أثناء أشهر الصيف الحارة؛ فكانت الأعشاب والأشجار الجافة موصلًا جيدًا للحرارة؛ مما أسهم في انتشار حرائق كاليفورنيا على نحوٍ سريع وخطير.

التوقعات المستقبلية

يعتقد كثير من العلماء الذين يدرسون هذه القضية –قضية حرائق كاليفورنيا- أنَّ نمو حرائق الغابات في غرب الولايات المتحدة الأمريكية سيستمر سنواتٍ طويلةً، وهو ما يجعلنا نشير بأصابع الاتهام إلى التغير المناخي باحتباسه الحراريّ الذي يقتل الإنسان وبيئته.

ختامًا، تضع حماة الأرض نُصب أعينكم هذه الحقيقة المخيفة، وهي أنَّ التغير المناخي قاتل لا يفرق بين الإنسان والبيئة؛ فهو خطر محدق بجميع أنحاء الأرض ومَن عليها، لذا علينا أنْ نعمل على مكافحته؛ من أجل حياة مستدامة لنا وللأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى